تنشغل الساحة السياسية اللبنانية في هذه الأيام بالتهديدات التي يطلقها "الجيش السوري الحر" ضد "حزب الله"، على خلفية الإتهامات التي يطلقها بحق الحزب منذ بدء الأحداث السورية، لا سيما في ما يتعلق بالقرى التي تقع داخل الأراضي السورية ويقطنها لبنانيون منذ عشرات السنوات.

يبلغ عدد هذه القرى 12، وهي: "الفاضلية وجرماش ولفتاية ودبين والناعم والقرينة وخربة حمام والذيابية وحويك والصفصافة والحمام وزيتا والسماقيات الشرقية وخربة التين"، وسكانها ينتمون إلى طوائف مختلفة من الشيعة والمسيحيين، لكنهم ليسوا جميعاً من المنتسبين إلى "حزب الله"، والواقع في هذه القرى يبدو مختلفاً عمّا يجري الحديث عنه في وسائل الإعلام.

 

القصة ليست بجديدة

الحديث عن تورط "حزب الله" في معارك كبيرة داخل هذه القرى أمر مضخم إلى حد بعيد من وجهة نظر مصادر واسعة الإطلاع على واقعها، حيث توضح أن هذه القرى لا ينتمي جميع سكانها إلى الطائفة الشيعية، وتشير إلى أن هناك مواطنين من الطائفتين المسيحية والسنية وعلويين من أبنائها، كما أن هؤلاء لا ينتمون إلى الحزب بشكل كبير، فهناك تواجد لأحزاب لبنانية أخرى، أبرزها حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب السوري القومي الإجتماعي، بالإضافة إلى تبعية معظمهم إلى العشائر ذات الإمتداد الكبير داخل الأراضي اللبنانية.

وتلفت المصادر إلى أن هذه القضية تعود إلى ما يقارب العام تقريباً عندما أقدمت مجموعات المعارضة السورية على إختطاف مواطنين لبنانيين من آل جعفر، مما دفع أقارب هؤلاء إلى الرد على هذه العملية عبر خطف معارضين سوريين بهدف إطلاق سراحهم، وتكشف أن الذي دفع أبناء هذه القرى إلى حمل السلاح بشكل أساسي هو إستهدافهم من قبل هذه المجموعات بعد سيطرتها على مناطق محاذية.

وتشدد المصادر نفسها على أن هذه القرى لم تكن تشهد معارك في الفترة السابقة بالقدر الذي يجري الحديث عنه في وسائل الإعلام، حيث تشير إلى أنه منذ عملية الخطف التي حصلت لم تحصل إشتباكات كبيرة، لكنها تربط بين الإجراءات التي اتخذها الجيش اللبناني في منطقة مشاريع القاع بعد حادثة عرسال، وعودة المجموعات المعارضة السورية إلى تسليط الضوء على هذه القرى بشكل كبير.

 

 

 

هدف إستراتجي

على صعيد متصل، توضح المصادر نفسها أن الربط بين حادثة عرسال وما يجري في هذه الأيام من إستهداف لهذه القرى، لا علاقة له بالسعي إلى التوظيف السياسي عبر القول أن هناك تدخلاً مقابلاً للتدخل الحاصل من قبل أفرقاء سياسيين آخرين فقط، بل تشير إلى أن هذه القرى باتت هدفاً إستراتيجياً لمجموعات المعارضة السورية المسلحة لتأمين الإمدادات إلى منطقة القصير المحاصرة من قبل الجيش السوري.

وتلفت إلى أن القصير تعتبر معقلاً مهماً جداً لهذه المجموعات، لكنه أصبح محاصراً بشكل كامل تقريباً بعد الإجراءات الأمنية التي إتخذها الجيش اللبناني في منطقة مشاريع القاع بعد حادثة عرسال وسيطرة الجيش السوري على معبر الجوسة، وتشير إلى أنها كانت تسلك طريق القصير- الجوسة - مشاريع القاع - عرسال لتأمين الإمدادات ونقل الجرحى، وتعتبر أنها تريد في هذه المرحلة تأمين هذا الأمر عبر ربط القصير بمنطقة وادي خالد في شمال لبنان، الذي يعتبر بيئة حاضنة لها، من خلال السيطرة على هذه القرى حيث تصبح على مشارف بلدة أكروم التي تقع في أعالي الوادي.

ومن جهة ثانية، تعتبر مصادر أخرى أن الهدف الآخر من هذا الأمر هو السعي إلى فتح جبهة مع "حزب الله" الذي يتمتع بحضور قوي في القرى المقابلة التي تقع في الجانب اللبناني، لكنها تسخر من هذا الموضوع حيث تؤكد أن الحزب لو أراد الدخول في هذه المعركة لكان وصل إلى القصير خلال ساعتين من الزمن، كما تؤكد أن هذه المجموعات لا تستطيع السيطرة على هذه المنطقة لأسباب عديدة.

وترى المصادر أن ما كانت تريد القيام به في الأيام الأخيرة هو عبارة عن عملية "جس نبض" لمعرفة مدى إمكانية تحقيق هذا الهدف، لكنها تشير إلى أن الوقائع أثبتت أنها ليست قادرة على ذلك، بسبب النقص الكبير في الذخيرة لديها، حيث توضح أنه، من الناحية العسكرية، فإنّ من هو محاصر لا يقدم على فتح معركة غير مضمونة النتائج، خصوصاً إذا كان لديه نقص في الذخيرة، لكنها تشدد على أن هذا لا يعني سقوط المشروع من حسابها بل تجميده على الأقل في هذه الفترة.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2013-02-22
  • 11028
  • من الأرشيف

ما بين القصير والقرى اللبنانية في سورية هدف إستراتيجي صعب التحقيق

تنشغل الساحة السياسية اللبنانية في هذه الأيام بالتهديدات التي يطلقها "الجيش السوري الحر" ضد "حزب الله"، على خلفية الإتهامات التي يطلقها بحق الحزب منذ بدء الأحداث السورية، لا سيما في ما يتعلق بالقرى التي تقع داخل الأراضي السورية ويقطنها لبنانيون منذ عشرات السنوات. يبلغ عدد هذه القرى 12، وهي: "الفاضلية وجرماش ولفتاية ودبين والناعم والقرينة وخربة حمام والذيابية وحويك والصفصافة والحمام وزيتا والسماقيات الشرقية وخربة التين"، وسكانها ينتمون إلى طوائف مختلفة من الشيعة والمسيحيين، لكنهم ليسوا جميعاً من المنتسبين إلى "حزب الله"، والواقع في هذه القرى يبدو مختلفاً عمّا يجري الحديث عنه في وسائل الإعلام.   القصة ليست بجديدة الحديث عن تورط "حزب الله" في معارك كبيرة داخل هذه القرى أمر مضخم إلى حد بعيد من وجهة نظر مصادر واسعة الإطلاع على واقعها، حيث توضح أن هذه القرى لا ينتمي جميع سكانها إلى الطائفة الشيعية، وتشير إلى أن هناك مواطنين من الطائفتين المسيحية والسنية وعلويين من أبنائها، كما أن هؤلاء لا ينتمون إلى الحزب بشكل كبير، فهناك تواجد لأحزاب لبنانية أخرى، أبرزها حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب السوري القومي الإجتماعي، بالإضافة إلى تبعية معظمهم إلى العشائر ذات الإمتداد الكبير داخل الأراضي اللبنانية. وتلفت المصادر إلى أن هذه القضية تعود إلى ما يقارب العام تقريباً عندما أقدمت مجموعات المعارضة السورية على إختطاف مواطنين لبنانيين من آل جعفر، مما دفع أقارب هؤلاء إلى الرد على هذه العملية عبر خطف معارضين سوريين بهدف إطلاق سراحهم، وتكشف أن الذي دفع أبناء هذه القرى إلى حمل السلاح بشكل أساسي هو إستهدافهم من قبل هذه المجموعات بعد سيطرتها على مناطق محاذية. وتشدد المصادر نفسها على أن هذه القرى لم تكن تشهد معارك في الفترة السابقة بالقدر الذي يجري الحديث عنه في وسائل الإعلام، حيث تشير إلى أنه منذ عملية الخطف التي حصلت لم تحصل إشتباكات كبيرة، لكنها تربط بين الإجراءات التي اتخذها الجيش اللبناني في منطقة مشاريع القاع بعد حادثة عرسال، وعودة المجموعات المعارضة السورية إلى تسليط الضوء على هذه القرى بشكل كبير.       هدف إستراتجي على صعيد متصل، توضح المصادر نفسها أن الربط بين حادثة عرسال وما يجري في هذه الأيام من إستهداف لهذه القرى، لا علاقة له بالسعي إلى التوظيف السياسي عبر القول أن هناك تدخلاً مقابلاً للتدخل الحاصل من قبل أفرقاء سياسيين آخرين فقط، بل تشير إلى أن هذه القرى باتت هدفاً إستراتيجياً لمجموعات المعارضة السورية المسلحة لتأمين الإمدادات إلى منطقة القصير المحاصرة من قبل الجيش السوري. وتلفت إلى أن القصير تعتبر معقلاً مهماً جداً لهذه المجموعات، لكنه أصبح محاصراً بشكل كامل تقريباً بعد الإجراءات الأمنية التي إتخذها الجيش اللبناني في منطقة مشاريع القاع بعد حادثة عرسال وسيطرة الجيش السوري على معبر الجوسة، وتشير إلى أنها كانت تسلك طريق القصير- الجوسة - مشاريع القاع - عرسال لتأمين الإمدادات ونقل الجرحى، وتعتبر أنها تريد في هذه المرحلة تأمين هذا الأمر عبر ربط القصير بمنطقة وادي خالد في شمال لبنان، الذي يعتبر بيئة حاضنة لها، من خلال السيطرة على هذه القرى حيث تصبح على مشارف بلدة أكروم التي تقع في أعالي الوادي. ومن جهة ثانية، تعتبر مصادر أخرى أن الهدف الآخر من هذا الأمر هو السعي إلى فتح جبهة مع "حزب الله" الذي يتمتع بحضور قوي في القرى المقابلة التي تقع في الجانب اللبناني، لكنها تسخر من هذا الموضوع حيث تؤكد أن الحزب لو أراد الدخول في هذه المعركة لكان وصل إلى القصير خلال ساعتين من الزمن، كما تؤكد أن هذه المجموعات لا تستطيع السيطرة على هذه المنطقة لأسباب عديدة. وترى المصادر أن ما كانت تريد القيام به في الأيام الأخيرة هو عبارة عن عملية "جس نبض" لمعرفة مدى إمكانية تحقيق هذا الهدف، لكنها تشير إلى أن الوقائع أثبتت أنها ليست قادرة على ذلك، بسبب النقص الكبير في الذخيرة لديها، حيث توضح أنه، من الناحية العسكرية، فإنّ من هو محاصر لا يقدم على فتح معركة غير مضمونة النتائج، خصوصاً إذا كان لديه نقص في الذخيرة، لكنها تشدد على أن هذا لا يعني سقوط المشروع من حسابها بل تجميده على الأقل في هذه الفترة.    

المصدر : ماهر الخطيب - النشرة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة