مع تسلم وزارة العدل اللبنانية مذكرة من وزارة العدل البلغارية مقرونة بالملف الكامل لتفجير بورغاس، تدخل هذه القضية مرحلة جديدة من تجسيد الخلفيات المضمرة أميركيا واسرائيليا من ورائها للنيل من حزب الله.

وبحسب مصادر دبلوماسية مواكبة للملف اطلعت على مضمون لقاء وزير الخارجية البلغاري بالسفراء العرب في بلده قبل حوالى اسبوع لإطلاعهم على ما سماه «جوانب معلوماتية» في قضية التفجير، فإن الملف سيتطور خلال الايام المقبلة تحت العنوانين الآتيين:

الأول، مطالبة لبنان بتسليم بلغاريا الرجلين المنتميين إلى «الجناح العسكري في حزب الله»، المتهمين بحسب التحقيق الذي أجرته اللجنة الوطنية البلغارية للامن بالضلوع بالتفجير الى جانب منفذ ثالث قتل خلاله.

الثاني، تكثيف النقاش في الاتحاد الاوروبي من اجل إدراج الحزب في لائحة الإرهاب.

وكشفت المصادر لـ«الأخبار» عن معطيات جديدة حول تفاعلات الاتهام البلغاري، وأشارت إلى أنه جرى خلال الايام الماضية تبادل معلومات بين كل من بلغاريا والولايات المتحدة وكندا وإسرائيل وبعض الدول الاوروبية، خصوصاً فرنسا وبريطانيا. وتتركز هذه المعطيات على قضيتين. الأولى بروز اتجاه لفبركة متهم جديد في قضية بورغاس، لا تزال طبختها غير ناضجة، اضافة إلى تعزيز التنسيق الامني للتوصل الى تحديد مكان اقامة العنصرين اللذين تدعي بلغاريا انهما فرا الى لبنان عبر دولة أوروبية.

القضية الثانية، تكثيف النقاش حول الموقف الواجب على الاتحاد الاوروبي اتخاذه من حزب الله على خلفية «ضلوع جناحه العسكري» بتفجير بورغاس.

تسريبات لنفي ضلوع القاعدة

ورغم ان ملف التحقيق الذي خلصت اليه لجنة الأمن البلغارية دمغ غلافه بعبارة «سري ــــ دفاع»، الا ان جريدة «لو فيغارو» الفرنسية نشرت ما سمي «معلومات» عن ان المنفذين ثلاثة، أحدهم كان يحمل القنبلة وقتل نتيجة خطأ في تعامله معها، وهو يحمل الجنسية الكندية. والآخران وهما كندي واسترالي أصلهما لبناني، نجحا في الفرار من كندا الى لبنان.

وتذكّر هذه التسريبات بالأساليب التي استخدمت في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والتي تلتها، فورا، عملية تسييس لسير التحقيق الدولي بواسطة وسائل الاعلام لخلق رأي عام يسبق المحكمة في اطلاق اتهامه لسوريا ومن ثم لحزب الله بالمسؤولية عن الجريمة.

ويبدو واضحا ان المعلومات التي تم انتقاؤها من جانب بلغاريا ومجموعة التعاون الاستخبارية الغربية معها في هذه القضية، تريد التركيز على ان المنفذ ليس انتحارياً، وأن سبب مقتله هو انه أخطأ في معالجة القنبلة المعدة للتفجير التي كان يحملها داخل حقيبة حملها على ظهره. والهدف من ذلك ابعاد احتمال ان تكون «القاعدة» التي غالبا ما تستخدم الانتحاريين، هي المسؤولة عن التفجير، وحصر المسؤولية بحزب الله.

وبموازاة ذلك تستعد كندا للقيام بمهام نوعية في الخطة الأميركية ــــ الاسرائيلية لحصد أكبر استثمار سياسي وإعلامي ممكن في قضية بورغاس. وبالمناسبة فان كندا وبتكليف من الولايات المتحدة تؤدي دور رأس الحربة في خوض المعركة الدولية الهادفة إلى الترويج بأن ايران وحزب الله يقفان وراء أنشطة ارهابية في أنحاء عدة من العالم.

فبركة متهم جديد

وفي فصل آخر من الدور الكندي عينه، كشفت مصادر مطلعة انه خلال الايام الماضية جرت اتصالات استخبارية اميركية بلغارية كندية، لتخريج سيناريو يظهر ان المتهم اللبناني الثاني من اصل كندي في تفجير بورغاس، هو ذاته الشخص الذي كان سجينا في اسرائيل ورومانيا قبل سنوات بسبب اتهامه بالتخطيط لتفجيرات واختطاف طائرة لمصلحة حزب الله. وتجدر الاشارة الى انه رغم اطلاق اسرائيل سراح هذا الشخص (ف. أ.)، فإن الولايات المتحدة لا تزال تطالب به حتى الآن.

ورجحت المصادر عينها لـ«الأخبار» اقحام اسم ف. أ. بهذه القضية رغم ضعف مستندها المادي بحسب اعترافات جهات بلغارية بذلك. ولكن يبدو ان المطلوب هو ايجاد متهم تملك الاستخبارات الاسرائيلية أرشيفا امنيا عنه، يدل على انتمائه لحزب الله، ما يساعد على تعزيز القناعة العالمية بأن الأخير وراء تفجير الحافلة السياحية البلغارية في تموز العام الماضي.

وكان وزير الخارجية البلغاري مهد خلال لقائه بسفراء عرب لإمكان استخدام سيناريو ف. ا. عندما كشف عما سماه احتمال تورط شخص كندي في التفجير، وان الاستخبارات الكندية تتعاون مع نظيرتها البلغارية وأخرى ذات صلة بهذه القضية، لجلاء الحقيقة. وأضاف إن الشخص المشار اليه يحمل جنسيتين، وهو حاليا مقيم في لبنان.

وكشفت المصادر عن الخطوات التصعيدية التالية التي تتجه كندا للقيام بها في اطار حملة تكثيف مناخ الاستثمار السياسي والامني للقضية ضد حزب الله. وهي: أولاً، تسطير لائحة بأسماء اشخاص يحملون جنسية كندية بالاضافة إلى جنسياتهم الأصلية هناك شكوك بأنهم على صلة بحزب الله او بإيران والحرس الثوري، كمقدمة لاسقاط جنسيتهم الكندية المكتسبة. الخطوة الثانية هي مطالبة كندا الاتحاد الاوروبي بأن يحذو حذوها بإدراج حزب الله على قائمة الإرهاب.

كندا رأس الحربة

في ايلول 2012، بادرت كندا إلى إدراج فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني على لائحة المنظمات الإرهابية. وبحسب معلومات لـ«الأخبار» فان كندا بدأت فعليا حملة الضغوطات المبرمجة أميركيا على لبنان في اطار هذه القضية، وفق عدة مستويات. بداية اعتمدت نسقاً تهويلياً دبلوماسياً مرشحاً للتصاعد خلال الايام المقبلة. وفي هذا الاطار تفيد المعلومات ان كندا عمدت اخيرا الى تشديد الإجراءات الامنية المتعلقة بدبلوماسييها ومواطنيها ووفودها المتوجهة الى لبنان. وقد تعمدت إعلام بيروت بها بأساليب شبه مباشرة واحيانا ملتوية، لجعل الدولة اللبنانية أكثر طواعية لجهة تقبل مطالب على صلة بقضية بورغاس، سترفعها اليها خلال الفترة المقبلة.

واستتبعت كندا اجراءها الاول بقرار جديد قضى بتأجيل زيارة كان يعتزم القيام بها الى لبنان الاسبوع الفائت رئيس وزراء مقاطعة الامير ادوارد. وبررت كندا ذلك بـ «عدم اطمئنانها للوضع الامني في لبنان على خلفية صلة حزب الله بتفجير بورغاس، وايضا لانها لا تضمن امكانية ان يجد الزائر حماية موثوقاً بها خلال تنقلاته في مناطق لبنانية تقع خارج بيروت». وواضح ان التبريرات الكندية تنطوي على تلميح بأن دول العالم تتملكها ريبة امنية من وجود حزب الله في مناطق لبنانية، وان على الدولة ان تصحح هذا الوضع من خلال اثبات قدرتها على سوق المتهمين في قضية بورغاس الى العدالة البلغارية، علما بأن منطق إبداء الخوف الكندي المستجد على رعاياها في حال قدومهم الى لبنان، لا يستقيم مع واقع ان الالاف من مواطنيها يقيمون فيه منذ زمن طويل. ويظهر هذا التناقض مدى الافتعال الامني والدبلوماسي الذي تمارسه كندا في هذه المرحلة والهادف الى توظيفه في المهمة الاميركية الخاصة باستثمار ملف بورغاس إلى اقصى حد لخلق حالة تحريض دولية ومحلية على حزب الله.

  • فريق ماسة
  • 2013-02-12
  • 10620
  • من الأرشيف

تفجير بورغاس طبخة دوليّة لفبركة متهم

مع تسلم وزارة العدل اللبنانية مذكرة من وزارة العدل البلغارية مقرونة بالملف الكامل لتفجير بورغاس، تدخل هذه القضية مرحلة جديدة من تجسيد الخلفيات المضمرة أميركيا واسرائيليا من ورائها للنيل من حزب الله. وبحسب مصادر دبلوماسية مواكبة للملف اطلعت على مضمون لقاء وزير الخارجية البلغاري بالسفراء العرب في بلده قبل حوالى اسبوع لإطلاعهم على ما سماه «جوانب معلوماتية» في قضية التفجير، فإن الملف سيتطور خلال الايام المقبلة تحت العنوانين الآتيين: الأول، مطالبة لبنان بتسليم بلغاريا الرجلين المنتميين إلى «الجناح العسكري في حزب الله»، المتهمين بحسب التحقيق الذي أجرته اللجنة الوطنية البلغارية للامن بالضلوع بالتفجير الى جانب منفذ ثالث قتل خلاله. الثاني، تكثيف النقاش في الاتحاد الاوروبي من اجل إدراج الحزب في لائحة الإرهاب. وكشفت المصادر لـ«الأخبار» عن معطيات جديدة حول تفاعلات الاتهام البلغاري، وأشارت إلى أنه جرى خلال الايام الماضية تبادل معلومات بين كل من بلغاريا والولايات المتحدة وكندا وإسرائيل وبعض الدول الاوروبية، خصوصاً فرنسا وبريطانيا. وتتركز هذه المعطيات على قضيتين. الأولى بروز اتجاه لفبركة متهم جديد في قضية بورغاس، لا تزال طبختها غير ناضجة، اضافة إلى تعزيز التنسيق الامني للتوصل الى تحديد مكان اقامة العنصرين اللذين تدعي بلغاريا انهما فرا الى لبنان عبر دولة أوروبية. القضية الثانية، تكثيف النقاش حول الموقف الواجب على الاتحاد الاوروبي اتخاذه من حزب الله على خلفية «ضلوع جناحه العسكري» بتفجير بورغاس. تسريبات لنفي ضلوع القاعدة ورغم ان ملف التحقيق الذي خلصت اليه لجنة الأمن البلغارية دمغ غلافه بعبارة «سري ــــ دفاع»، الا ان جريدة «لو فيغارو» الفرنسية نشرت ما سمي «معلومات» عن ان المنفذين ثلاثة، أحدهم كان يحمل القنبلة وقتل نتيجة خطأ في تعامله معها، وهو يحمل الجنسية الكندية. والآخران وهما كندي واسترالي أصلهما لبناني، نجحا في الفرار من كندا الى لبنان. وتذكّر هذه التسريبات بالأساليب التي استخدمت في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والتي تلتها، فورا، عملية تسييس لسير التحقيق الدولي بواسطة وسائل الاعلام لخلق رأي عام يسبق المحكمة في اطلاق اتهامه لسوريا ومن ثم لحزب الله بالمسؤولية عن الجريمة. ويبدو واضحا ان المعلومات التي تم انتقاؤها من جانب بلغاريا ومجموعة التعاون الاستخبارية الغربية معها في هذه القضية، تريد التركيز على ان المنفذ ليس انتحارياً، وأن سبب مقتله هو انه أخطأ في معالجة القنبلة المعدة للتفجير التي كان يحملها داخل حقيبة حملها على ظهره. والهدف من ذلك ابعاد احتمال ان تكون «القاعدة» التي غالبا ما تستخدم الانتحاريين، هي المسؤولة عن التفجير، وحصر المسؤولية بحزب الله. وبموازاة ذلك تستعد كندا للقيام بمهام نوعية في الخطة الأميركية ــــ الاسرائيلية لحصد أكبر استثمار سياسي وإعلامي ممكن في قضية بورغاس. وبالمناسبة فان كندا وبتكليف من الولايات المتحدة تؤدي دور رأس الحربة في خوض المعركة الدولية الهادفة إلى الترويج بأن ايران وحزب الله يقفان وراء أنشطة ارهابية في أنحاء عدة من العالم. فبركة متهم جديد وفي فصل آخر من الدور الكندي عينه، كشفت مصادر مطلعة انه خلال الايام الماضية جرت اتصالات استخبارية اميركية بلغارية كندية، لتخريج سيناريو يظهر ان المتهم اللبناني الثاني من اصل كندي في تفجير بورغاس، هو ذاته الشخص الذي كان سجينا في اسرائيل ورومانيا قبل سنوات بسبب اتهامه بالتخطيط لتفجيرات واختطاف طائرة لمصلحة حزب الله. وتجدر الاشارة الى انه رغم اطلاق اسرائيل سراح هذا الشخص (ف. أ.)، فإن الولايات المتحدة لا تزال تطالب به حتى الآن. ورجحت المصادر عينها لـ«الأخبار» اقحام اسم ف. أ. بهذه القضية رغم ضعف مستندها المادي بحسب اعترافات جهات بلغارية بذلك. ولكن يبدو ان المطلوب هو ايجاد متهم تملك الاستخبارات الاسرائيلية أرشيفا امنيا عنه، يدل على انتمائه لحزب الله، ما يساعد على تعزيز القناعة العالمية بأن الأخير وراء تفجير الحافلة السياحية البلغارية في تموز العام الماضي. وكان وزير الخارجية البلغاري مهد خلال لقائه بسفراء عرب لإمكان استخدام سيناريو ف. ا. عندما كشف عما سماه احتمال تورط شخص كندي في التفجير، وان الاستخبارات الكندية تتعاون مع نظيرتها البلغارية وأخرى ذات صلة بهذه القضية، لجلاء الحقيقة. وأضاف إن الشخص المشار اليه يحمل جنسيتين، وهو حاليا مقيم في لبنان. وكشفت المصادر عن الخطوات التصعيدية التالية التي تتجه كندا للقيام بها في اطار حملة تكثيف مناخ الاستثمار السياسي والامني للقضية ضد حزب الله. وهي: أولاً، تسطير لائحة بأسماء اشخاص يحملون جنسية كندية بالاضافة إلى جنسياتهم الأصلية هناك شكوك بأنهم على صلة بحزب الله او بإيران والحرس الثوري، كمقدمة لاسقاط جنسيتهم الكندية المكتسبة. الخطوة الثانية هي مطالبة كندا الاتحاد الاوروبي بأن يحذو حذوها بإدراج حزب الله على قائمة الإرهاب. كندا رأس الحربة في ايلول 2012، بادرت كندا إلى إدراج فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني على لائحة المنظمات الإرهابية. وبحسب معلومات لـ«الأخبار» فان كندا بدأت فعليا حملة الضغوطات المبرمجة أميركيا على لبنان في اطار هذه القضية، وفق عدة مستويات. بداية اعتمدت نسقاً تهويلياً دبلوماسياً مرشحاً للتصاعد خلال الايام المقبلة. وفي هذا الاطار تفيد المعلومات ان كندا عمدت اخيرا الى تشديد الإجراءات الامنية المتعلقة بدبلوماسييها ومواطنيها ووفودها المتوجهة الى لبنان. وقد تعمدت إعلام بيروت بها بأساليب شبه مباشرة واحيانا ملتوية، لجعل الدولة اللبنانية أكثر طواعية لجهة تقبل مطالب على صلة بقضية بورغاس، سترفعها اليها خلال الفترة المقبلة. واستتبعت كندا اجراءها الاول بقرار جديد قضى بتأجيل زيارة كان يعتزم القيام بها الى لبنان الاسبوع الفائت رئيس وزراء مقاطعة الامير ادوارد. وبررت كندا ذلك بـ «عدم اطمئنانها للوضع الامني في لبنان على خلفية صلة حزب الله بتفجير بورغاس، وايضا لانها لا تضمن امكانية ان يجد الزائر حماية موثوقاً بها خلال تنقلاته في مناطق لبنانية تقع خارج بيروت». وواضح ان التبريرات الكندية تنطوي على تلميح بأن دول العالم تتملكها ريبة امنية من وجود حزب الله في مناطق لبنانية، وان على الدولة ان تصحح هذا الوضع من خلال اثبات قدرتها على سوق المتهمين في قضية بورغاس الى العدالة البلغارية، علما بأن منطق إبداء الخوف الكندي المستجد على رعاياها في حال قدومهم الى لبنان، لا يستقيم مع واقع ان الالاف من مواطنيها يقيمون فيه منذ زمن طويل. ويظهر هذا التناقض مدى الافتعال الامني والدبلوماسي الذي تمارسه كندا في هذه المرحلة والهادف الى توظيفه في المهمة الاميركية الخاصة باستثمار ملف بورغاس إلى اقصى حد لخلق حالة تحريض دولية ومحلية على حزب الله.

المصدر : ناصر شرارة\ الاخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة