تجاهل المسؤولون السوريون مبادرة رئيس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» احمد معاذ الخطيب، ورفضوا التعامل معها باعتبارها اختراقا في موقف المعارضة الرافضة للحوار السياسي مع النظام.

ورغم أن وزير المصالحة الوطنية علي حيدر علق بعد سؤاله عن المبادرة بأنه من الممكن قبولها في حال كانت جدية واستندت لمبدأ نبذ العنف، إلا أن الموقف الرسمي والذي اتفق عليه سياسيا كان بتجاهل تصريحات الخطيب، واعتبارها كأنها لم تكن. وبالفعل استمر الإعلام الرسمي الموجه بالتعاطي مع الخطيب و«الائتلاف» وجوانب الأزمة المختلفة بالطريقة ذاتها التي اعتادها من دون أثر لـ«القنبلة الاختبارية» التي ألقيت، وهو أمر قد يختلف إثر توجيه الخطيب الحديث مباشرة للقيادة السورية أمس.

وترى دمشق، وفق معلومات «السفير»، أن المبادرة التي رماها الخطيب في وجه حلفائه وخصومه معا، وفي حضن المجتمع الدولي، غير قابلة للحياة. وذلك ليس لأسباب التعاطي الخاصة بالحكومة السورية فقط. ففيما يتعلق بشرطي الخطيب، الإفراج عن 160 ألف معتقل في السجون وتجديد جوازات سفر المغتربين، يعلق مصدر واسع المعرفة لـ«السفير» بان «أعداد المعتقلين الفعليين لا تصل إلى هذا الرقم» مكررا الموقف الرسمي بانتفاء «وجود لوائح لدى الدولة بهذا العدد، وانتفاء وصول لوائح من المعارضة أيضا بهكذا رقم». وهنا جدير بالذكر أن المعارضة تشير إلى امتلاكها وثائق بأسماء ما يزيد عن 100 ألف معتقل، بل تزيد على ذلك أن معتقلين يتم ترداد أسمائهم كقتلى في مناوشات ومعارك مع الجيش في مناطق الصراع ما يزيل أثرهم.

أما في ما يتعلق بالطلب الثاني، بتمديد عمل جوازات سفر السوريين في الخارج، فقد سبق لوزارة الخارجية السورية أن أصدرت تعميما في 15 كانون الثاني الماضي لسفاراتها العاملة في العالم، منحتهم فيها صلاحيات تمديد جوازات سفر السوريين لمن تجاوزوا الثلاثين من العمر وحملوا جواز سفر نظاميا لمدة أربع سنوات جديدة على الفور. وهو إجراء بدأت سفارتا سوريا في مدريد وباريس على الأقل بتنفيذه من تاريخه بشكل فعلي.

أما في الشق السياسي، فلا تنظر دمشق لمبادرة الخطيب باعتبارها مراوغة، لأنها لا تثق بقدرته على المناورة، لا من جهة وزنه السياسي ضمن «الائتلاف»، ولا من باب تقييمها للوضع الدولي الذي يمكن أن تستند إليه أفكاره، إلا أنها رغم ذلك ستتعاطى مع الجهد الدولي المتزامن بإيجابية، مستندة لما يتم تحقيقه «ميدانيا على الأرض من نجاحات وعبر ترسيخ المزيد من الصمود السياسي». وذلك فيما يقوم نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بجولة شملت بشكل غير معلن دولا عربية بشكل «أدى لاختراق نوعي في عزلة الديبلوماسية السورية»، ليصل لاحقا إلى بكين.

أما من الناحية العامة فتبقي القيادة السورية على القناعة بأن أي حل لا يمكن أن يثمر إلا بالاستناد إلى توافق أميركي ـ روسي يهمش الأطراف الإقليمية والدولية السلبية، ويكون من وجهة نظر دمشق مزيجا سياسيا بين المبادرة الوطنية التي تقدم بها الرئيس السوري بشار الأسد للحل في خطاب دار الأوبرا، و«اتفاق جنيف» الذي تجهد روسيا وأميركا على إنجاح تبويبه، وهو حل يستدعي تفسيرا لعقدة «المرحلة الانتقالية» وفق رؤية كل طرف، والتي يصر الجانب السوري على حصولها برعايته التامة، وتحت إدارته، فيما لا يرى الروسي بديلا عمليا عن وجود تمثيل سياسي واضح المعالم والأثر للحكم فيها، وهو ما يرفضه الجانب الآخر بشكل تام حتى اللحظة.

ووفقا للاتصالات التي جرت في اليومين الأخيرين فإن المرجح أن يركز الروس والإيرانيون جهودهم نحو التأسيس لاجتماع جديد لـ«مجموعة جنيف» يأخذ بالحسبان التطورات الأخيرة، سواء ما بدر عن الخطيب، أو الوضع العسكري «المستقر» ولكن على مزيد من الدمار، وحالة القلق الناشئة عن ازدياد المجموعات الإسلامية المتطرفة في سوريا، وذلك على أمل أن يحقق الاجتماع المنشود تقدما، ربما يمكن صقله عبر مشاركة وفد حكومي فيه «كمقدمة لأي نشاط تفاوضي مستقبلي».

  • فريق ماسة
  • 2013-02-04
  • 9204
  • من الأرشيف

دمشق تنظر إلى مبادرة الخطيب وكأنها لم تكن

تجاهل المسؤولون السوريون مبادرة رئيس «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» احمد معاذ الخطيب، ورفضوا التعامل معها باعتبارها اختراقا في موقف المعارضة الرافضة للحوار السياسي مع النظام. ورغم أن وزير المصالحة الوطنية علي حيدر علق بعد سؤاله عن المبادرة بأنه من الممكن قبولها في حال كانت جدية واستندت لمبدأ نبذ العنف، إلا أن الموقف الرسمي والذي اتفق عليه سياسيا كان بتجاهل تصريحات الخطيب، واعتبارها كأنها لم تكن. وبالفعل استمر الإعلام الرسمي الموجه بالتعاطي مع الخطيب و«الائتلاف» وجوانب الأزمة المختلفة بالطريقة ذاتها التي اعتادها من دون أثر لـ«القنبلة الاختبارية» التي ألقيت، وهو أمر قد يختلف إثر توجيه الخطيب الحديث مباشرة للقيادة السورية أمس. وترى دمشق، وفق معلومات «السفير»، أن المبادرة التي رماها الخطيب في وجه حلفائه وخصومه معا، وفي حضن المجتمع الدولي، غير قابلة للحياة. وذلك ليس لأسباب التعاطي الخاصة بالحكومة السورية فقط. ففيما يتعلق بشرطي الخطيب، الإفراج عن 160 ألف معتقل في السجون وتجديد جوازات سفر المغتربين، يعلق مصدر واسع المعرفة لـ«السفير» بان «أعداد المعتقلين الفعليين لا تصل إلى هذا الرقم» مكررا الموقف الرسمي بانتفاء «وجود لوائح لدى الدولة بهذا العدد، وانتفاء وصول لوائح من المعارضة أيضا بهكذا رقم». وهنا جدير بالذكر أن المعارضة تشير إلى امتلاكها وثائق بأسماء ما يزيد عن 100 ألف معتقل، بل تزيد على ذلك أن معتقلين يتم ترداد أسمائهم كقتلى في مناوشات ومعارك مع الجيش في مناطق الصراع ما يزيل أثرهم. أما في ما يتعلق بالطلب الثاني، بتمديد عمل جوازات سفر السوريين في الخارج، فقد سبق لوزارة الخارجية السورية أن أصدرت تعميما في 15 كانون الثاني الماضي لسفاراتها العاملة في العالم، منحتهم فيها صلاحيات تمديد جوازات سفر السوريين لمن تجاوزوا الثلاثين من العمر وحملوا جواز سفر نظاميا لمدة أربع سنوات جديدة على الفور. وهو إجراء بدأت سفارتا سوريا في مدريد وباريس على الأقل بتنفيذه من تاريخه بشكل فعلي. أما في الشق السياسي، فلا تنظر دمشق لمبادرة الخطيب باعتبارها مراوغة، لأنها لا تثق بقدرته على المناورة، لا من جهة وزنه السياسي ضمن «الائتلاف»، ولا من باب تقييمها للوضع الدولي الذي يمكن أن تستند إليه أفكاره، إلا أنها رغم ذلك ستتعاطى مع الجهد الدولي المتزامن بإيجابية، مستندة لما يتم تحقيقه «ميدانيا على الأرض من نجاحات وعبر ترسيخ المزيد من الصمود السياسي». وذلك فيما يقوم نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بجولة شملت بشكل غير معلن دولا عربية بشكل «أدى لاختراق نوعي في عزلة الديبلوماسية السورية»، ليصل لاحقا إلى بكين. أما من الناحية العامة فتبقي القيادة السورية على القناعة بأن أي حل لا يمكن أن يثمر إلا بالاستناد إلى توافق أميركي ـ روسي يهمش الأطراف الإقليمية والدولية السلبية، ويكون من وجهة نظر دمشق مزيجا سياسيا بين المبادرة الوطنية التي تقدم بها الرئيس السوري بشار الأسد للحل في خطاب دار الأوبرا، و«اتفاق جنيف» الذي تجهد روسيا وأميركا على إنجاح تبويبه، وهو حل يستدعي تفسيرا لعقدة «المرحلة الانتقالية» وفق رؤية كل طرف، والتي يصر الجانب السوري على حصولها برعايته التامة، وتحت إدارته، فيما لا يرى الروسي بديلا عمليا عن وجود تمثيل سياسي واضح المعالم والأثر للحكم فيها، وهو ما يرفضه الجانب الآخر بشكل تام حتى اللحظة. ووفقا للاتصالات التي جرت في اليومين الأخيرين فإن المرجح أن يركز الروس والإيرانيون جهودهم نحو التأسيس لاجتماع جديد لـ«مجموعة جنيف» يأخذ بالحسبان التطورات الأخيرة، سواء ما بدر عن الخطيب، أو الوضع العسكري «المستقر» ولكن على مزيد من الدمار، وحالة القلق الناشئة عن ازدياد المجموعات الإسلامية المتطرفة في سوريا، وذلك على أمل أن يحقق الاجتماع المنشود تقدما، ربما يمكن صقله عبر مشاركة وفد حكومي فيه «كمقدمة لأي نشاط تفاوضي مستقبلي».

المصدر : زياد حيدر\ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة