في زمان ومكان حساسين، نفذت اسرائيل وعبر استخدامها الاجواء اللبنانية، عدوانها على مركز للبحوث العسكرية في جمرايا في الريف الدمشقي، وهو عدوان، جعل من الكيان الصهيوني، طرفا اساسيا من اطراف «ألربيع العربي» فتكون عضوا فاعلا في «نادي الربيع العربي» المنتشر من ليبيا الى تونس ومصر مرورا بـ «غزة الجديدة» «.. وصولا الى سوريا، التي جعلتها الدول الخليجية، وغير الخليجية الراعية لـ «الثورات المنادية بالديموقراطية والحريات» الى «ساحة جهاد» في سبيل الله!، فكان العدوان اول اشارة اسرائيلية لنصرة «جبهة النصرة» التي تخوض «حراكها السلمي» ضد النظام في سوريا.

يُجمع المحللون والباحثون، على وصف الضربة الاسرائيلية ضد سوريا، على انها التدخل المباشر الاول لاسرائيل، في معركة ازاحة النظام في سوريا، وهي اختارت للاعلان عن هذا الدخول، المرحلة الاكثر ملائمة، لناحية حجم المعسكر الكبير الذي يخوض معركته ضد نظام الرئيس بشار الاسد، فالمباركة الاميركية والاوروبية متوفرة لتنفيذ العدوان، وسط تطنيش عربي ورضى تركي، وشماتة من المعارضة السورية الموزعة على مجالس في انقرة والدوحة والرياض والقاهرة، وصولا الى جنيف وباريس.. وبيان رفع عتب من لبنان استنكر العدوان، من دون التحرك حيال العدوان الاسرائيلي على لبنان، الذي نُفذ قبل دقائق من اغارة طيران العدو على سوريا، والا .. فان عبور طائرات معادية فوق الاجواء اللبنانية بات «روتينيا» او امرا عاديا، فالطائرات الاسرائيلية اغارت على سوريا من خلال استخدام الاجواء اللبنانية.

 

ويرى احد المحللين العسكريين ان دخول الطائرات الاسرائيلية عبر الاراضي اللبنانية للعدوان على سوريا، يعطي الحق لسوريا، بارسال مجموعة من وحدة الصواريخ في الجيش السوري، الى داخل الاراضي اللبنانية، واطلاق وجبة «شهية» من الصواريخ الثقيلة او ارسال سرب من طائرات الميغ 32 السورية، بالتحليق فوق الاجواء اللبنانية لضرب اهداف اسرائيلية داخل عمق الاراضي الفلسطينية المحتلة، طالما ان اسرائيل تجنبت خرق المنطقة التي تنتشر فيها وحدات الامم المتحدة «أليوندوف» في منطقة الجولان، وقد تتجنب سوريا خرق تلك المنطقة.

ساعتئذ، لنتصوّر المشهد الذي يلي ذلك، ولنسمع مواقف منددة بـ «الانتهاك» السوري للسيادة اللبنانية، من خلال خرق الاجواء اللبنانية، وماذا سيكون موقف قوى 14 آذار ورئيس الجمهورية من الرد السوري على العدوان الاسرائيلي؟. ربما تقول الحقيقة، ان ما تخشى منه اسرائيل اليوم، من ان يمتلك «حزب الله» اسلحة نوعية من شأنها ان تغير قواعد الحرب في جنوب لبنان، قد تجاوزه «حزب الله» منذ زمن، فالجهوزية الكاملة والتامة لدى «حزب الله» ، في اطار استعداداته لحرب محتملة مع اسرائيل، تؤكد هذه الحقيقة .. التي تبقى غير مطلقة.

هل ان «حزب الله» بهذه الخفة والسذاجة العسكرية والاستراتيجية، يسأل المحلل نفسه، كي ينتظر مطلع العام 2013، ليقوم بتطوير ترسانته الصاروخية والعسكرية التي تمكنه من تحقيق انتصار جديد على اسرائيل، يلي انتصاره في العام 2006 ؟، ويسأل بسخرية..هل بات التحليق الجوي الاسرائيلي فوق الاجواء اللبنانية امرا عاديا، ام انه من المسلمات التي لا تستحق الوقوف عنده؟، لم يتحدث اي مسؤول لبناني عن العدوان الاسرائيلي الذي استهدف سوريا !، من خلال عبور الطائرات الاسرائيلية المغيرة على سوريا، الاجواء اللبنانية ؟، على الرغم من البلاغات العسكرية التي صدرت عن الجيش اللبناني الذي رصد واحصى الطائرات المعادية التي شاركت في العدوان على سوريا، بعد ان استخدمت الاجواء اللبنانية ممرا للعدوان؟، ويضيف.. ربما تكون الطائرات الاسرائيلية المغيرة قد نزلت الى الاجواء السورية من الفضاء الخارجي.. الخارج عن سيادة الدول.

ولاحظ المراقبون، كم احدثت الغارة الاسرائيلية على مركز الابحاث العسكرية في جمرايا في سوريا، حالا من الانعاش في صفوف المعارضة المسلحة السورية التي تنادي بتدخل «ألشيطان» ليكون الى جانبها في المعركة، وكم ادخلت من تطورات ميدانية دراماتيكية اعتقدت ان من شأنها ان تُربك النظام السوري وجيشه الذي خرج من ثكناته منذ عامين، وربما كانت الغارة رسالة اسرائيلية للمعارضة السورية، بان اسرائيل جاهزة لتكون الرافعة العسكرية والاستخباراتية للمعركة العسكرية التي يخوضها «ألربيع السوري» الاسلامي ضد سوريا رئيسا وقيادة ودورا وموقعا، وعزز ذلك، اعلانات ما تزال غير رسمية عن نوايا اسرائيل بانجاز ما عجزت عنه دول الراعية لـ «لربيع العربي»، تركيا، قطر، السعودية، بانشاء منطقة عازلة على الحدود السورةي ـ الفلسطينية المحتلة، تكون المنطلق لتدفق المساعدات العسكرية والبشرية للمجموعات المسلحة في سوريا.

 

قبل الغارة الاسرائيلية على سوريا، والتي كانت اشبه بـ «وخزة» غير موجعة داخل الجسم السوري، كانت اسرائيل تتمنى ان ينوب عنها في القيام بهذه العملية الحساسة داخل سوريا ، سلاح جو لاي نظام من انظمة «الربيع العربي» ورعاته، لكن العجز السياسي والعسكري الذي يعشش داخل هذه الانظمة، دفع باسرائيل الى ان «تنبري» لتقدم الخدمات المدفوعة الاجر لمهندسي الحرب على سوريا… لقد بات المشهد السوريالي اقرب الى ان اسرائيل طرحت نفسها كجناح عسكري لـ «الربيع العربي»!.

المحللون الصهاينة

منذ اللحظة الاولى لتسريب خبر الغارة الاسرائيلية على مركز ابحاث داخل سوريا، سعى قادة الاحتلال الى الصاق الهدف بـ«حزب الله»، حيث تم التغاضي عن استهداف مركز للبحوث العسكرية، والتركيز على استهداف نقل شحنات من الصواريخ النوعية من سوريا الى «حزب الله»، والزعم انه لو وصلت تلك الشحنات لاستطاع «حزب الله» ان يُغير من قواعد حربه مع اسرائيل، والهدف من وراء التركيز على الجانب العسكري لـ«حزب الله»، الحصول على رضى، ولو ضمني من المجتمع الدولي، علما ان اسرائيل مرتاحة سياسيا ودبلوماسيا بشأن تعاطيها العسكري مع المنطقة، وبخاصة في غزة ولبنان وسوريا، انطلاقا من ان الجهد العسكري المعادي لسوريا و«حزب الله»، هو بالنهاية ما تعمل عليه الدول المؤثرة في صناعة القرار في الشرق الاوسط.

جاهرت قادة الاحتلال الاسرائيلي مرارا، وبتناغم اميركي، بانها «لن تُسلّم بنقل منظومات اسلحة متطورة كاسرة للتوازن، الى «حزب الله»، وانها ستعمد عند الضرورة الى استخدام القوة من اجل منع ذلك»، وهذا الاعتقاد الصهيوني بان «حزب الله» لا يمتلك حتى الساعة اسلحة نوعية ومتطورة، قد يُسر «حزب الله» وامينه العام السيد حسن نصرالله الذي نجح في الـتأثير على العقل الاسرائيلي، من خلال جعله فاقدا للبصيرة حيال مدى تطور الترسانة العسكرية للمقاومة، الغنية بالاسرار التي اكدت التجارب ان العدو ما زال يجهلها، في وقت كانت اجهزة استخبارات اوروبية تحدثت عن تغلب استخباراتي لسوريا و«حزب الله» على اسرائيل، من خلال انجاز عمليات نقل للاسلحة النوعية من سوريا الى «حزب الله» منذ زمن بعيد، وان الحزب بات يمتلك صواريخ من نوع « M 600سكود» البعيدة المدى.

الغموض الذي لف المشهد الاسرائيلي في الساعات القليلة التي سبقت العدوان الجوي، عزا اسبابه خبراء ومحللون عسكريون صهاينة، الى كون العملية من العمليات «الحساسة»، وكان سبقتها عمليات امنية لم تُعلن اسرائيل عن مسؤوليتها عنها، ومنها عملية اغتيال القائد العسكري الاول في المقاومة الشهيد عماد مغنية في 12 شباط 2008، واغتيال الجنرال في الجيش العربي السوري محمد سلمان، وضرب محطة زعمت اسرائيل انها نووية او كيماوية في دير الزور. ماذا قال المحللون العسكريون .

كيف قرأت الصحافة الصهيونية العدوان؟

يُجمع المحللون العسكريون الصهاينة على ان الاسرائيليين مستعجلون لاسقاط النظام في سوريا.. بالعجلة نفسها التي تسعى اليها دول ترعى المجموعات المسلحة في سوريا، على الرغم من قناعة الاسرائيليين و«عرب الربيع» بان ضربة او ضربات جوية توجه الى سوريا.. لن تغير في موازين القوى وقواعد اللعبة في المنطقة.

واذ يرى محللون عسكريون اسرائيليون «ان اسرائيل تشارك للمرة الاولى في الحرب..في سوريا، وان «حزب الله»، كما النظام السوري، غير ملزم بالرد سريعا «، يسأل هؤلاء عن كيفية قراءة «حزب الله» للعملية العسكرية الاسرائيلية داخل سوريا، مع قناعتهم بان اسرائيل ذاقت المرارة العسكرية والسياسية من «حزب الله» في جنوب لبنان، ولم تنجح المؤسسة العسكرية حتى الساعة من الخروج منها، فيما «حزب الله» اعتمد على استراتيجية ذكية، اساسها عدم الانجرار الى حرب بتوقيت اسرائيلي، وهناك سابقة سجلها «حزب الله» في هذا المجال، في تموز 2006، حين توغلت مجموعات منه الى داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة، وضرب دورية صهيونية مؤللة واختطاف جنديين صهيونيين وسحبهما الى الداخل اللبناني، وهي عملية انجرّت فيها اسرائيل الى حرب، كان «حزب الله» في كامل جهوزيته لخوضها.. وهي استراتيجيا تناسب تركيبته وتكتيكاته العسكرية.

ويعتبر المستشار الأمني الحكومي السابق موشي ماعوز لصحيفة «لوس أنجلس تايمز» الأميركية إن العملية الاسرائيلية داخل سوريا، هي الإشارة الأولى من إسرائيل لقرارها بتصعيد الأحداث لإسقاط بشار الأسد»، ولا يستبعد ان يكون العدوان قد نفذ بالتنسيق مع تركيا التي ما تزال تنتظر «أعتذارا» سوريا على انتهاك طائراتها الحربية للاجواء السورية. وبرأي ماعوز فان سوريا لن ترد على الغارة الاسرائيلية، لان جيشها منشغل في الاحداث الداخلية.

ويُشبّه المحلل العسكري الصهيوني أليكس فيشمان، العملية العسكرية الاسرائيلية ضد سوريا بالعملية التي نفذتها اسرائيل ضد قافلة السلاح في السودان، تحت شعار «سياسة المنع»، التي تهدف الى «احباط هادىء للانشطة المعادية»، في أبعد مكان ممكن، لكن يبقى الخطر من التورط في حرب تعرض مصالحها ومصالح حلفائها من الدول الغربية والعربية للخطر. ويؤمن فيشمان بمقولة «اذا تركت وراءك بصماتك فانك تدعو الطرف الآخر الى الرد»، وهو ما ينطبق على الواقع بعد الغارة الاسرائيلية على سوريا، التي تدرس الرد، شكلا واسلوبا ومكانا وزمانا.

الرد السوري .. ملغوم ! او حرب طاحنة تحدث عنها الاسد

 

ثمة من يعتقد ان الرد االسوري على العدوان الاسرائيلي، سيكون خارج الحسابات والتوقعات، وثمة آخرون يؤكدون حصوله.. ولو جاء ملتبسا او مموها.. وان تأخر، فيما سجلت اشارات عن نصائح روسية ـ ايرانية بـتأجيل الرد، وليس عدمه، فالقرار السوري بالرد على العدوان ما زال على طاولة الرئيس بشار الاسد، الذي نُقل عنه قوله «اذا كانت اسرائيل تُخيف العرب فهي لا تُخيف سوريا، سوريا مستعدة لحرب طاحنة بينها وبين اسرائيل، ولدينا صواريخ تستطيع ضرب تل ابيب وتدميرها، وبامكاننا ان نطلق صواريخ الارض ـ ارض ضد اسرائيل على مدى اكثر من ستة اشهر..».

.. ويبقى، ان الاسرائيليين والاميركيين، سيقرأون بتمعن ، المعلومات التي تحدثت عن ان الرئيس الاسد اعطى الامر لقيادة اركان الجيش العربي السوري بقصف اهداف حيوية في عمق الكيان الاسرائيلي، واُوقف هذا القرار في اللحظة الاخيرة، بناء لـ «نصيحة» من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباشرة.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2013-02-03
  • 11890
  • من الأرشيف

بعد عدوانها على مركز للبحوث .. إسرائيل عضو فاعل في نادي «الربيع العربي» ضد سورية

في زمان ومكان حساسين، نفذت اسرائيل وعبر استخدامها الاجواء اللبنانية، عدوانها على مركز للبحوث العسكرية في جمرايا في الريف الدمشقي، وهو عدوان، جعل من الكيان الصهيوني، طرفا اساسيا من اطراف «ألربيع العربي» فتكون عضوا فاعلا في «نادي الربيع العربي» المنتشر من ليبيا الى تونس ومصر مرورا بـ «غزة الجديدة» «.. وصولا الى سوريا، التي جعلتها الدول الخليجية، وغير الخليجية الراعية لـ «الثورات المنادية بالديموقراطية والحريات» الى «ساحة جهاد» في سبيل الله!، فكان العدوان اول اشارة اسرائيلية لنصرة «جبهة النصرة» التي تخوض «حراكها السلمي» ضد النظام في سوريا. يُجمع المحللون والباحثون، على وصف الضربة الاسرائيلية ضد سوريا، على انها التدخل المباشر الاول لاسرائيل، في معركة ازاحة النظام في سوريا، وهي اختارت للاعلان عن هذا الدخول، المرحلة الاكثر ملائمة، لناحية حجم المعسكر الكبير الذي يخوض معركته ضد نظام الرئيس بشار الاسد، فالمباركة الاميركية والاوروبية متوفرة لتنفيذ العدوان، وسط تطنيش عربي ورضى تركي، وشماتة من المعارضة السورية الموزعة على مجالس في انقرة والدوحة والرياض والقاهرة، وصولا الى جنيف وباريس.. وبيان رفع عتب من لبنان استنكر العدوان، من دون التحرك حيال العدوان الاسرائيلي على لبنان، الذي نُفذ قبل دقائق من اغارة طيران العدو على سوريا، والا .. فان عبور طائرات معادية فوق الاجواء اللبنانية بات «روتينيا» او امرا عاديا، فالطائرات الاسرائيلية اغارت على سوريا من خلال استخدام الاجواء اللبنانية.   ويرى احد المحللين العسكريين ان دخول الطائرات الاسرائيلية عبر الاراضي اللبنانية للعدوان على سوريا، يعطي الحق لسوريا، بارسال مجموعة من وحدة الصواريخ في الجيش السوري، الى داخل الاراضي اللبنانية، واطلاق وجبة «شهية» من الصواريخ الثقيلة او ارسال سرب من طائرات الميغ 32 السورية، بالتحليق فوق الاجواء اللبنانية لضرب اهداف اسرائيلية داخل عمق الاراضي الفلسطينية المحتلة، طالما ان اسرائيل تجنبت خرق المنطقة التي تنتشر فيها وحدات الامم المتحدة «أليوندوف» في منطقة الجولان، وقد تتجنب سوريا خرق تلك المنطقة. ساعتئذ، لنتصوّر المشهد الذي يلي ذلك، ولنسمع مواقف منددة بـ «الانتهاك» السوري للسيادة اللبنانية، من خلال خرق الاجواء اللبنانية، وماذا سيكون موقف قوى 14 آذار ورئيس الجمهورية من الرد السوري على العدوان الاسرائيلي؟. ربما تقول الحقيقة، ان ما تخشى منه اسرائيل اليوم، من ان يمتلك «حزب الله» اسلحة نوعية من شأنها ان تغير قواعد الحرب في جنوب لبنان، قد تجاوزه «حزب الله» منذ زمن، فالجهوزية الكاملة والتامة لدى «حزب الله» ، في اطار استعداداته لحرب محتملة مع اسرائيل، تؤكد هذه الحقيقة .. التي تبقى غير مطلقة. هل ان «حزب الله» بهذه الخفة والسذاجة العسكرية والاستراتيجية، يسأل المحلل نفسه، كي ينتظر مطلع العام 2013، ليقوم بتطوير ترسانته الصاروخية والعسكرية التي تمكنه من تحقيق انتصار جديد على اسرائيل، يلي انتصاره في العام 2006 ؟، ويسأل بسخرية..هل بات التحليق الجوي الاسرائيلي فوق الاجواء اللبنانية امرا عاديا، ام انه من المسلمات التي لا تستحق الوقوف عنده؟، لم يتحدث اي مسؤول لبناني عن العدوان الاسرائيلي الذي استهدف سوريا !، من خلال عبور الطائرات الاسرائيلية المغيرة على سوريا، الاجواء اللبنانية ؟، على الرغم من البلاغات العسكرية التي صدرت عن الجيش اللبناني الذي رصد واحصى الطائرات المعادية التي شاركت في العدوان على سوريا، بعد ان استخدمت الاجواء اللبنانية ممرا للعدوان؟، ويضيف.. ربما تكون الطائرات الاسرائيلية المغيرة قد نزلت الى الاجواء السورية من الفضاء الخارجي.. الخارج عن سيادة الدول. ولاحظ المراقبون، كم احدثت الغارة الاسرائيلية على مركز الابحاث العسكرية في جمرايا في سوريا، حالا من الانعاش في صفوف المعارضة المسلحة السورية التي تنادي بتدخل «ألشيطان» ليكون الى جانبها في المعركة، وكم ادخلت من تطورات ميدانية دراماتيكية اعتقدت ان من شأنها ان تُربك النظام السوري وجيشه الذي خرج من ثكناته منذ عامين، وربما كانت الغارة رسالة اسرائيلية للمعارضة السورية، بان اسرائيل جاهزة لتكون الرافعة العسكرية والاستخباراتية للمعركة العسكرية التي يخوضها «ألربيع السوري» الاسلامي ضد سوريا رئيسا وقيادة ودورا وموقعا، وعزز ذلك، اعلانات ما تزال غير رسمية عن نوايا اسرائيل بانجاز ما عجزت عنه دول الراعية لـ «لربيع العربي»، تركيا، قطر، السعودية، بانشاء منطقة عازلة على الحدود السورةي ـ الفلسطينية المحتلة، تكون المنطلق لتدفق المساعدات العسكرية والبشرية للمجموعات المسلحة في سوريا.   قبل الغارة الاسرائيلية على سوريا، والتي كانت اشبه بـ «وخزة» غير موجعة داخل الجسم السوري، كانت اسرائيل تتمنى ان ينوب عنها في القيام بهذه العملية الحساسة داخل سوريا ، سلاح جو لاي نظام من انظمة «الربيع العربي» ورعاته، لكن العجز السياسي والعسكري الذي يعشش داخل هذه الانظمة، دفع باسرائيل الى ان «تنبري» لتقدم الخدمات المدفوعة الاجر لمهندسي الحرب على سوريا… لقد بات المشهد السوريالي اقرب الى ان اسرائيل طرحت نفسها كجناح عسكري لـ «الربيع العربي»!. المحللون الصهاينة منذ اللحظة الاولى لتسريب خبر الغارة الاسرائيلية على مركز ابحاث داخل سوريا، سعى قادة الاحتلال الى الصاق الهدف بـ«حزب الله»، حيث تم التغاضي عن استهداف مركز للبحوث العسكرية، والتركيز على استهداف نقل شحنات من الصواريخ النوعية من سوريا الى «حزب الله»، والزعم انه لو وصلت تلك الشحنات لاستطاع «حزب الله» ان يُغير من قواعد حربه مع اسرائيل، والهدف من وراء التركيز على الجانب العسكري لـ«حزب الله»، الحصول على رضى، ولو ضمني من المجتمع الدولي، علما ان اسرائيل مرتاحة سياسيا ودبلوماسيا بشأن تعاطيها العسكري مع المنطقة، وبخاصة في غزة ولبنان وسوريا، انطلاقا من ان الجهد العسكري المعادي لسوريا و«حزب الله»، هو بالنهاية ما تعمل عليه الدول المؤثرة في صناعة القرار في الشرق الاوسط. جاهرت قادة الاحتلال الاسرائيلي مرارا، وبتناغم اميركي، بانها «لن تُسلّم بنقل منظومات اسلحة متطورة كاسرة للتوازن، الى «حزب الله»، وانها ستعمد عند الضرورة الى استخدام القوة من اجل منع ذلك»، وهذا الاعتقاد الصهيوني بان «حزب الله» لا يمتلك حتى الساعة اسلحة نوعية ومتطورة، قد يُسر «حزب الله» وامينه العام السيد حسن نصرالله الذي نجح في الـتأثير على العقل الاسرائيلي، من خلال جعله فاقدا للبصيرة حيال مدى تطور الترسانة العسكرية للمقاومة، الغنية بالاسرار التي اكدت التجارب ان العدو ما زال يجهلها، في وقت كانت اجهزة استخبارات اوروبية تحدثت عن تغلب استخباراتي لسوريا و«حزب الله» على اسرائيل، من خلال انجاز عمليات نقل للاسلحة النوعية من سوريا الى «حزب الله» منذ زمن بعيد، وان الحزب بات يمتلك صواريخ من نوع « M 600سكود» البعيدة المدى. الغموض الذي لف المشهد الاسرائيلي في الساعات القليلة التي سبقت العدوان الجوي، عزا اسبابه خبراء ومحللون عسكريون صهاينة، الى كون العملية من العمليات «الحساسة»، وكان سبقتها عمليات امنية لم تُعلن اسرائيل عن مسؤوليتها عنها، ومنها عملية اغتيال القائد العسكري الاول في المقاومة الشهيد عماد مغنية في 12 شباط 2008، واغتيال الجنرال في الجيش العربي السوري محمد سلمان، وضرب محطة زعمت اسرائيل انها نووية او كيماوية في دير الزور. ماذا قال المحللون العسكريون . كيف قرأت الصحافة الصهيونية العدوان؟ يُجمع المحللون العسكريون الصهاينة على ان الاسرائيليين مستعجلون لاسقاط النظام في سوريا.. بالعجلة نفسها التي تسعى اليها دول ترعى المجموعات المسلحة في سوريا، على الرغم من قناعة الاسرائيليين و«عرب الربيع» بان ضربة او ضربات جوية توجه الى سوريا.. لن تغير في موازين القوى وقواعد اللعبة في المنطقة. واذ يرى محللون عسكريون اسرائيليون «ان اسرائيل تشارك للمرة الاولى في الحرب..في سوريا، وان «حزب الله»، كما النظام السوري، غير ملزم بالرد سريعا «، يسأل هؤلاء عن كيفية قراءة «حزب الله» للعملية العسكرية الاسرائيلية داخل سوريا، مع قناعتهم بان اسرائيل ذاقت المرارة العسكرية والسياسية من «حزب الله» في جنوب لبنان، ولم تنجح المؤسسة العسكرية حتى الساعة من الخروج منها، فيما «حزب الله» اعتمد على استراتيجية ذكية، اساسها عدم الانجرار الى حرب بتوقيت اسرائيلي، وهناك سابقة سجلها «حزب الله» في هذا المجال، في تموز 2006، حين توغلت مجموعات منه الى داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة، وضرب دورية صهيونية مؤللة واختطاف جنديين صهيونيين وسحبهما الى الداخل اللبناني، وهي عملية انجرّت فيها اسرائيل الى حرب، كان «حزب الله» في كامل جهوزيته لخوضها.. وهي استراتيجيا تناسب تركيبته وتكتيكاته العسكرية. ويعتبر المستشار الأمني الحكومي السابق موشي ماعوز لصحيفة «لوس أنجلس تايمز» الأميركية إن العملية الاسرائيلية داخل سوريا، هي الإشارة الأولى من إسرائيل لقرارها بتصعيد الأحداث لإسقاط بشار الأسد»، ولا يستبعد ان يكون العدوان قد نفذ بالتنسيق مع تركيا التي ما تزال تنتظر «أعتذارا» سوريا على انتهاك طائراتها الحربية للاجواء السورية. وبرأي ماعوز فان سوريا لن ترد على الغارة الاسرائيلية، لان جيشها منشغل في الاحداث الداخلية. ويُشبّه المحلل العسكري الصهيوني أليكس فيشمان، العملية العسكرية الاسرائيلية ضد سوريا بالعملية التي نفذتها اسرائيل ضد قافلة السلاح في السودان، تحت شعار «سياسة المنع»، التي تهدف الى «احباط هادىء للانشطة المعادية»، في أبعد مكان ممكن، لكن يبقى الخطر من التورط في حرب تعرض مصالحها ومصالح حلفائها من الدول الغربية والعربية للخطر. ويؤمن فيشمان بمقولة «اذا تركت وراءك بصماتك فانك تدعو الطرف الآخر الى الرد»، وهو ما ينطبق على الواقع بعد الغارة الاسرائيلية على سوريا، التي تدرس الرد، شكلا واسلوبا ومكانا وزمانا. الرد السوري .. ملغوم ! او حرب طاحنة تحدث عنها الاسد   ثمة من يعتقد ان الرد االسوري على العدوان الاسرائيلي، سيكون خارج الحسابات والتوقعات، وثمة آخرون يؤكدون حصوله.. ولو جاء ملتبسا او مموها.. وان تأخر، فيما سجلت اشارات عن نصائح روسية ـ ايرانية بـتأجيل الرد، وليس عدمه، فالقرار السوري بالرد على العدوان ما زال على طاولة الرئيس بشار الاسد، الذي نُقل عنه قوله «اذا كانت اسرائيل تُخيف العرب فهي لا تُخيف سوريا، سوريا مستعدة لحرب طاحنة بينها وبين اسرائيل، ولدينا صواريخ تستطيع ضرب تل ابيب وتدميرها، وبامكاننا ان نطلق صواريخ الارض ـ ارض ضد اسرائيل على مدى اكثر من ستة اشهر..». .. ويبقى، ان الاسرائيليين والاميركيين، سيقرأون بتمعن ، المعلومات التي تحدثت عن ان الرئيس الاسد اعطى الامر لقيادة اركان الجيش العربي السوري بقصف اهداف حيوية في عمق الكيان الاسرائيلي، واُوقف هذا القرار في اللحظة الاخيرة، بناء لـ «نصيحة» من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباشرة.    

المصدر : الديار - محمود زيات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة