تتسارع التطورات المتصلة بالمسألة الكردية في الشرق الأوسط. ففي تركيا بدأت عملية مفاوضات أطلق عليها اسم "عملية ايمرالي" بين الدولة التركية وزعيم "حزب العمال الكردستاني" عبدالله أوجلان، وفي العراق تتسع دائرة التكهنات حول اتفاق سري بين أنقرة وأربيل حول النفط كان وراء التوترات التي نشأت بين إقليم كردستان وحكومة نوري المالكي.

وفي سوريا يواصل مقاتلو الجبهة الكردية الواسعة تصديهم لهجمات المعارضة السورية المسلحة المدعومة مباشرة من تركيا في بلدة رأس العين، فيما تخترق هذه التطورات عملية اغتيال ثلاث من قياديات "الكردستاني" في باريس.

فبعد التفاؤل الذي ساد معظم الأوساط التركية والكردية من بدء المفاوضات، فقد جاء اغتيال الكرديات في باريس لينقص من نسبة التفاؤل مع عدم بروز خيوط جدية في عملية التحقيق الفرنسية سوى اعتقال شخص قيل انه منتم إلى "حزب العمال الكردستاني" بتهمة الاغتيال، مع تأكيد قيادة الحزب أن الشاب المذكور ليس عضواً في الحزب. وتقول أوساط كردية مطلعة إن الحزب يرجّح أن تكون الاستخبارات التركية نفسها وراء عملية الاغتيال، مستفيدة من عملية بدء المفاوضات لكي تضع الأكراد أمام أمر واقع، وهو البقاء حول طاولة المفاوضات حتى لا يتحملوا مسؤولية إفشالها. وتكون الدولة التركية تخلصت من قيادية لها دور كبير في تنظيم جمع المال للحزب من أوروبا.

وترى هذه الأوساط أن حزب العمال الكردستاني نفسه لا يتوقع أن تنتهي المفاوضات إلى نتيجة، لأنها تجري في ظل شروط غير متكافئة، حيث أوجلان معتقل ومعزول عن الجميع، فيما الطرف التركي حر بالكامل. ولذلك يرى الحزب انه إذا كان من أمل للتقدم في المفاوضات فهو إطلاق سراح أوجلان، وتمكينه من التواصل مع الجميع. وتقول هذه الأوساط إن أوجلان، في الأساس، لم يفصح بعد عن موقفه من المفاوضات التي تجري معه لكي تبنى تقديرات متفائلة. كما أن الحكومة التركية لا تذهب إلى المفاوضات بنية سليمة، بدليل أن أردوغان نفسه أعلن في ذروة المفاوضات عن رفضه الاعتراف بوجود قضية كردية في تركيا، كما انه في الوقت الذي تلتقي فيه الدولة مع زعيم "الكردستاني" تقصف الطائرات التركية مواقع الحزب في جبال قنديل، وتتحكم بمن يريد الذهاب من قادة "حزب السلام والديموقراطية" للقاء أوجلان وتغتال قياديات كرديات في باريس، ويعلن أردوغان أنه لن يفرج عن أوجلان أو حتى يوضع في الإقامة الجبرية، ولن يصدر عفو عام يستفيد منه آلاف المعتقلين من الأكراد.

لذلك فإن الحكومة التركية لا تهدف من إطلاق هذا المناخ من المفاوضات والتفاؤل سوى تسكين "حزب العمال الكردستاني" كي لا يقوم بعمليات عسكرية مكثفة، ولكي تتفرغ أنقرة لضرب الوجود الكردي في سوريا. كذلك فإن محاولة "رشوة" أنقرة "حزب العمال الكردستاني" ببعض المطالب الهامشية تأتي في سياق ما كشف عنه النائب في "حزب الشعب الجمهوري" آيتون تشيراي من أن أنقرة وقّعت اتفاقا سريا مع اربيل لتصدير النفط "الكردي" عبر تركيا، وهذا يتطلب ممرات جغرافية آمنة يوفرها التفاهم مع "الكردستاني" بهدف التخلي عن السلاح.

وتسخر هذه الأوساط من قول الدولة التركية إن القرار النهائي لـ"حزب العمال الكردستاني" لدى أوجلان، ولذلك قررت التفاوض معه. وتقول هذه الأوساط إن أوجلان، زعيم الحزب الفعلي ورمزه ورمز الحركة القومية الكردية، وإذا أصدر تعليمات حاسمة فالجميع ينفذونها، لكن أوجلان يدرك الظروف التي هو فيها، حيث لا يسمح له سوى بالسماع إلى الإذاعة، فيما لم يوضع جهاز تلفزيون إلا قبل أيام قليلة بأمر من أردوغان، واوجلان نفسه لم يطلب ذلك في الأساس. واوجلان منذ سنوات لم يعط أي تعليمات مباشرة وحاسمة إلى قيادة الحزب في قنديل في أي موضوع، ولكن كان يرسل وجهات نظر يتم التداول بها ومناقشتها، بحيث لا يمكن للحزب أن يتخذ أي قرار إلا بتطابق تام بين قيادة قنديل وأوجلان.

مع ذلك فإن الحزب لا يقف أي موقف مسبق رافض لأي مقترح للحل من جانب الدولة، فإذا لمس تجاوبا في نقطة ما فإنه يتقدم بالقدر ذاته. وحتى الآن لم يلمس الحزب أي تغيير جذري في الموقف التركي، لذا أعلن أحد قادته مراد قره يلان أن الحزب لن يترك السلاح وسيطبق الخطط الموضوعة للعام 2013 من دون أي تعديل.

وتقول الأوساط الكردية إن خطط الحزب كانت تتفاوت بين تحركات شعبية في فترة وعمليات عسكرية في فترة أخرى، وليس صحيحا أن الأكراد لم يقوموا حتى الآن بـ"ربيع كردي" عبر تظاهرات واعتصامات مفتوحة، على غرار ميدان التحرير في القاهرة. ولقد كان الإضراب المفتوح عن الطعام لأكثر من 700 سجين كردي مثالا على التحرك إلى النهاية، وقد نجح الأكراد بهذا الإضراب في تحقيق مطلب الدفاع عن أنفسهم باللغة الكردية الذي أقره البرلمان التركي لاحقا، وهو ليس منّة من الحكومة بل مطلب انتزع بالقوة. فالأكراد يتحركون دائما وهم يقدّرون الموقف بما لا يعرّض الأكراد لخسائر، وهم يراهنون على تغيّر تدريجي في مزاج الرأي العام والنخب التركية. ولا تستبعد هذه الأوساط أن تكون التحركات الكردية المقبلة تجمع بين التحركات الشعبية والعمليات العسكرية بصورة متزامنة.

وتشير هذه الأوساط إلى أن أكراد تركيا لا يريدون الانفصال ولا الدولة المستقلة ولا الفدرالية، بل جمهورية تركية ديموقراطية لها أقاليم ذات حكم ذاتي واعتراف بالهوية الكردية في الدستور، وهو المطلب الذي يريده أكراد سوريا.

وهنا تقول هذه الأوساط إن أكراد سوريا لم يكن موقفهم ملتبسا من الوضع في سوريا، إذ انهم يؤيدون التغيير الديموقراطي السلمي من جهة ويريدون الاعتراف بهويتهم في الدستور مع حكم ذاتي. ولكن عندما تحولت حركة الاحتجاجات إلى حركة مسلحة وتدخلت الدول الأجنبية، ولا سيما تركيا، فإن أكراد سوريا وقفوا ضد المعارضة السورية المسلحة، لكن طبيعة علاقتهم مع هياكل المعارضات السورية، ولا سيما "المجلس الوطني السوري" كما "الائتلاف الوطني" الذي تأسس في الدوحة لم تكن مشجعة أبدا، حيث رفضت المعارضة الاعتراف بالهوية الكردية في سوريا الغد، واكتفت بالقول انه سيكون للأكراد كل حقوق المواطنة.

وترى هذه الأوساط أن رفض المعارضة للمطالب الكردية سببه الأساسي تركيا التي شكلت "المجلس الوطني" ولا تريد نشوء واقع كردي في سوريا. وهنا تشير هذه الأوساط إلى أن حكومة "حزب العدالة والتنمية" تحاول أن تغري "رئيس" إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني بالدخول إلى شمال سوريا، ليكون أكراد سوريا تحت سيطرته وزعامته، حتى لا يقع تحت السيطرة المباشرة لـ"حزب الاتحاد الديموقراطي" الذي يعتبر تابعا لـ"حزب العمال الكردستاني".

وفي هذا السياق، يأتي جانب من تقارب أنقرة مع اربيل، غير أن هذه الرغبة التركية لم تتحقق، واتفق الأكراد جميعا على تشكيل الهيئة الكردية العليا التي تضم مختلف الفئات الكردية السورية، والتي تدير الوضع الكردي في سوريا سياسيا وعسكريا، وفي هذا المجال فإن عددا كبيرا من المقاتلين الأكراد السوريين يتدربون في شمال العراق ويأتون إلى سوريا، كما أن العديد منهم يتدرب في سوريا ويتفق الجميع، بمن فيهم المؤيدون للبرزاني، على ضرورة التصدي للمعارضة السورية التي تهاجم بلدة رأس العين السورية بدعم تركي مباشر من مدينة جيلان بينار المقابلة في الجانب التركي من حيث يأتي مسلّحو المعارضة، كما أن سيارات الإسعاف التركي تدخل محملة بالأسلحة وتعود محملة بالقتلى والجرحى من المعارضة.

وتقول الأوساط الكردية انه لا صدامات مع الجيش السوري ما لم يشكل وجوده هنا أو هناك ذريعة للمعارضة لمهاجمة المناطق الكردية. وفي المشهد العام فإن الأكراد يسيّرون الآن الشؤون الحياتية والخدماتية للسكان في المناطق الكردية، مع وجود لقوات سورية في الثكنات أو بعض المواقع، وفي مناطق محدودة من المناطق الكردية.

وإذ تعترف هذه الأوساط بأن حرية الحركة الكردية في سوريا أكبر من قبل، تسخر من الاتهام التركي بأن هناك اتفاقا سريا بين "حزب العمال الكردستاني" وكل من سوريا وإيران. إذ ان إيران تلاحق عناصر الحزب وتهاجم مواقع لهم على الحدود معها، كما أن النظام في سوريا لم يتجاوب مع مطلب الأكراد الاعتراف بالهوية الكردية في الدستور الذي صدر بعد بدء الأزمة. كذلك يطالب الأكراد بإعطاء حوالي مئة ألف كردي سوري الجنسية التي لم تطلهم حين أعطيت لأكثر من 200 ألف بعد بدء الأزمة.

  • فريق ماسة
  • 2013-01-29
  • 4917
  • من الأرشيف

الأكراد في اللعبة الإقليمية: "ورقة" أم عامل ضغط على الجميع؟

تتسارع التطورات المتصلة بالمسألة الكردية في الشرق الأوسط. ففي تركيا بدأت عملية مفاوضات أطلق عليها اسم "عملية ايمرالي" بين الدولة التركية وزعيم "حزب العمال الكردستاني" عبدالله أوجلان، وفي العراق تتسع دائرة التكهنات حول اتفاق سري بين أنقرة وأربيل حول النفط كان وراء التوترات التي نشأت بين إقليم كردستان وحكومة نوري المالكي. وفي سوريا يواصل مقاتلو الجبهة الكردية الواسعة تصديهم لهجمات المعارضة السورية المسلحة المدعومة مباشرة من تركيا في بلدة رأس العين، فيما تخترق هذه التطورات عملية اغتيال ثلاث من قياديات "الكردستاني" في باريس. فبعد التفاؤل الذي ساد معظم الأوساط التركية والكردية من بدء المفاوضات، فقد جاء اغتيال الكرديات في باريس لينقص من نسبة التفاؤل مع عدم بروز خيوط جدية في عملية التحقيق الفرنسية سوى اعتقال شخص قيل انه منتم إلى "حزب العمال الكردستاني" بتهمة الاغتيال، مع تأكيد قيادة الحزب أن الشاب المذكور ليس عضواً في الحزب. وتقول أوساط كردية مطلعة إن الحزب يرجّح أن تكون الاستخبارات التركية نفسها وراء عملية الاغتيال، مستفيدة من عملية بدء المفاوضات لكي تضع الأكراد أمام أمر واقع، وهو البقاء حول طاولة المفاوضات حتى لا يتحملوا مسؤولية إفشالها. وتكون الدولة التركية تخلصت من قيادية لها دور كبير في تنظيم جمع المال للحزب من أوروبا. وترى هذه الأوساط أن حزب العمال الكردستاني نفسه لا يتوقع أن تنتهي المفاوضات إلى نتيجة، لأنها تجري في ظل شروط غير متكافئة، حيث أوجلان معتقل ومعزول عن الجميع، فيما الطرف التركي حر بالكامل. ولذلك يرى الحزب انه إذا كان من أمل للتقدم في المفاوضات فهو إطلاق سراح أوجلان، وتمكينه من التواصل مع الجميع. وتقول هذه الأوساط إن أوجلان، في الأساس، لم يفصح بعد عن موقفه من المفاوضات التي تجري معه لكي تبنى تقديرات متفائلة. كما أن الحكومة التركية لا تذهب إلى المفاوضات بنية سليمة، بدليل أن أردوغان نفسه أعلن في ذروة المفاوضات عن رفضه الاعتراف بوجود قضية كردية في تركيا، كما انه في الوقت الذي تلتقي فيه الدولة مع زعيم "الكردستاني" تقصف الطائرات التركية مواقع الحزب في جبال قنديل، وتتحكم بمن يريد الذهاب من قادة "حزب السلام والديموقراطية" للقاء أوجلان وتغتال قياديات كرديات في باريس، ويعلن أردوغان أنه لن يفرج عن أوجلان أو حتى يوضع في الإقامة الجبرية، ولن يصدر عفو عام يستفيد منه آلاف المعتقلين من الأكراد. لذلك فإن الحكومة التركية لا تهدف من إطلاق هذا المناخ من المفاوضات والتفاؤل سوى تسكين "حزب العمال الكردستاني" كي لا يقوم بعمليات عسكرية مكثفة، ولكي تتفرغ أنقرة لضرب الوجود الكردي في سوريا. كذلك فإن محاولة "رشوة" أنقرة "حزب العمال الكردستاني" ببعض المطالب الهامشية تأتي في سياق ما كشف عنه النائب في "حزب الشعب الجمهوري" آيتون تشيراي من أن أنقرة وقّعت اتفاقا سريا مع اربيل لتصدير النفط "الكردي" عبر تركيا، وهذا يتطلب ممرات جغرافية آمنة يوفرها التفاهم مع "الكردستاني" بهدف التخلي عن السلاح. وتسخر هذه الأوساط من قول الدولة التركية إن القرار النهائي لـ"حزب العمال الكردستاني" لدى أوجلان، ولذلك قررت التفاوض معه. وتقول هذه الأوساط إن أوجلان، زعيم الحزب الفعلي ورمزه ورمز الحركة القومية الكردية، وإذا أصدر تعليمات حاسمة فالجميع ينفذونها، لكن أوجلان يدرك الظروف التي هو فيها، حيث لا يسمح له سوى بالسماع إلى الإذاعة، فيما لم يوضع جهاز تلفزيون إلا قبل أيام قليلة بأمر من أردوغان، واوجلان نفسه لم يطلب ذلك في الأساس. واوجلان منذ سنوات لم يعط أي تعليمات مباشرة وحاسمة إلى قيادة الحزب في قنديل في أي موضوع، ولكن كان يرسل وجهات نظر يتم التداول بها ومناقشتها، بحيث لا يمكن للحزب أن يتخذ أي قرار إلا بتطابق تام بين قيادة قنديل وأوجلان. مع ذلك فإن الحزب لا يقف أي موقف مسبق رافض لأي مقترح للحل من جانب الدولة، فإذا لمس تجاوبا في نقطة ما فإنه يتقدم بالقدر ذاته. وحتى الآن لم يلمس الحزب أي تغيير جذري في الموقف التركي، لذا أعلن أحد قادته مراد قره يلان أن الحزب لن يترك السلاح وسيطبق الخطط الموضوعة للعام 2013 من دون أي تعديل. وتقول الأوساط الكردية إن خطط الحزب كانت تتفاوت بين تحركات شعبية في فترة وعمليات عسكرية في فترة أخرى، وليس صحيحا أن الأكراد لم يقوموا حتى الآن بـ"ربيع كردي" عبر تظاهرات واعتصامات مفتوحة، على غرار ميدان التحرير في القاهرة. ولقد كان الإضراب المفتوح عن الطعام لأكثر من 700 سجين كردي مثالا على التحرك إلى النهاية، وقد نجح الأكراد بهذا الإضراب في تحقيق مطلب الدفاع عن أنفسهم باللغة الكردية الذي أقره البرلمان التركي لاحقا، وهو ليس منّة من الحكومة بل مطلب انتزع بالقوة. فالأكراد يتحركون دائما وهم يقدّرون الموقف بما لا يعرّض الأكراد لخسائر، وهم يراهنون على تغيّر تدريجي في مزاج الرأي العام والنخب التركية. ولا تستبعد هذه الأوساط أن تكون التحركات الكردية المقبلة تجمع بين التحركات الشعبية والعمليات العسكرية بصورة متزامنة. وتشير هذه الأوساط إلى أن أكراد تركيا لا يريدون الانفصال ولا الدولة المستقلة ولا الفدرالية، بل جمهورية تركية ديموقراطية لها أقاليم ذات حكم ذاتي واعتراف بالهوية الكردية في الدستور، وهو المطلب الذي يريده أكراد سوريا. وهنا تقول هذه الأوساط إن أكراد سوريا لم يكن موقفهم ملتبسا من الوضع في سوريا، إذ انهم يؤيدون التغيير الديموقراطي السلمي من جهة ويريدون الاعتراف بهويتهم في الدستور مع حكم ذاتي. ولكن عندما تحولت حركة الاحتجاجات إلى حركة مسلحة وتدخلت الدول الأجنبية، ولا سيما تركيا، فإن أكراد سوريا وقفوا ضد المعارضة السورية المسلحة، لكن طبيعة علاقتهم مع هياكل المعارضات السورية، ولا سيما "المجلس الوطني السوري" كما "الائتلاف الوطني" الذي تأسس في الدوحة لم تكن مشجعة أبدا، حيث رفضت المعارضة الاعتراف بالهوية الكردية في سوريا الغد، واكتفت بالقول انه سيكون للأكراد كل حقوق المواطنة. وترى هذه الأوساط أن رفض المعارضة للمطالب الكردية سببه الأساسي تركيا التي شكلت "المجلس الوطني" ولا تريد نشوء واقع كردي في سوريا. وهنا تشير هذه الأوساط إلى أن حكومة "حزب العدالة والتنمية" تحاول أن تغري "رئيس" إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني بالدخول إلى شمال سوريا، ليكون أكراد سوريا تحت سيطرته وزعامته، حتى لا يقع تحت السيطرة المباشرة لـ"حزب الاتحاد الديموقراطي" الذي يعتبر تابعا لـ"حزب العمال الكردستاني". وفي هذا السياق، يأتي جانب من تقارب أنقرة مع اربيل، غير أن هذه الرغبة التركية لم تتحقق، واتفق الأكراد جميعا على تشكيل الهيئة الكردية العليا التي تضم مختلف الفئات الكردية السورية، والتي تدير الوضع الكردي في سوريا سياسيا وعسكريا، وفي هذا المجال فإن عددا كبيرا من المقاتلين الأكراد السوريين يتدربون في شمال العراق ويأتون إلى سوريا، كما أن العديد منهم يتدرب في سوريا ويتفق الجميع، بمن فيهم المؤيدون للبرزاني، على ضرورة التصدي للمعارضة السورية التي تهاجم بلدة رأس العين السورية بدعم تركي مباشر من مدينة جيلان بينار المقابلة في الجانب التركي من حيث يأتي مسلّحو المعارضة، كما أن سيارات الإسعاف التركي تدخل محملة بالأسلحة وتعود محملة بالقتلى والجرحى من المعارضة. وتقول الأوساط الكردية انه لا صدامات مع الجيش السوري ما لم يشكل وجوده هنا أو هناك ذريعة للمعارضة لمهاجمة المناطق الكردية. وفي المشهد العام فإن الأكراد يسيّرون الآن الشؤون الحياتية والخدماتية للسكان في المناطق الكردية، مع وجود لقوات سورية في الثكنات أو بعض المواقع، وفي مناطق محدودة من المناطق الكردية. وإذ تعترف هذه الأوساط بأن حرية الحركة الكردية في سوريا أكبر من قبل، تسخر من الاتهام التركي بأن هناك اتفاقا سريا بين "حزب العمال الكردستاني" وكل من سوريا وإيران. إذ ان إيران تلاحق عناصر الحزب وتهاجم مواقع لهم على الحدود معها، كما أن النظام في سوريا لم يتجاوب مع مطلب الأكراد الاعتراف بالهوية الكردية في الدستور الذي صدر بعد بدء الأزمة. كذلك يطالب الأكراد بإعطاء حوالي مئة ألف كردي سوري الجنسية التي لم تطلهم حين أعطيت لأكثر من 200 ألف بعد بدء الأزمة.

المصدر : محمد نور الدين\ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة