رجب طيب اردوغان، الخليفة المنتظر لدولة الاسلام، وكعثماني عتيق يسعى الى استعادة لقب «خادم الحرمين الشريفين»،  نشر صواريخ باتريوت على الحدود مع سورية، وحيث انتشر ايضاً «الاخوان الاطلسيون»، وبنيامين نتنياهو، الملك المنتظر لدولة اليهود، يعتزم نشر صواريخ باتريوت على الحدود مع سوريا ولبنان..

هل ان سوريا المحطمة مخيفة الى ذلك الحد؟ وهل ان لبنان الذي حولته الطبقة السياسية الى شظايا مذهبية، شظايا ضائعة بكل معنى الكلمة، يفكر بأن يستعيد قراه السبع في الجليل. ويا للمصادفة حين نعلم انه عندما عجز الملك سليمان عن اداء ثمن الخشب الذي بنى به الهيكل لاحيرام، ملك صور، اقتطع له سبع قرى في الجليل…

 

كثيرون عتبوا علينا، وكثيرون شتمونا بكل الوسائل وبكل الالفاظ، بما فيها الالفاظ التي تحلل دمنا تحت راية «الله اكبر»، لاننا تحدثنا عن كوندومينيوم بين اورشليم واسطنبول لادارة المنطقة، او على الاقل لبنان وسوريا والاردن والعراق، اذا ما استوحينا كلام الجنرال انطوني زيني عن «ورثة اميركا في الشرق الاوسط»…

انه الكوندومينيوم اذاً، وضيف الشرف هو الباتريوت، دون ان نغفل الدرع الصاروخية التي شاركت اسرائيل في تصنيع بعض تقنياته الحساسة في اطار الاتفاقية التي وقعها عام 1981 في تل ابيب المدير التنفيذي لبرنامج «حرب النجوم» الجنرال جيمس ابرامز..

الباتريوت هنا وهناك لماذا؟ وهل يمكن ان توصف بالكاذبة او المضللة تلك التقارير، ومصدر بعضها او اكثرها اوروبي، حول لقاءات تنسيقية بين ضباط اتراك وضباط اسرائيليين، وبحجة القيام بعمليات عسكرية صاعقة للاستيلاء على صوامع الصواريخ التي تحمل رؤوساً كيميائية او بيولوجية، وهي الصواريخ التي قالت مصادر اميركية، من سنوات، ان عددها يربو عن الستمائة وقد تكون تضاعفت بحسب تكهنات اخيرة في هذا المجال…

بالحجة إياها، يغزو الاتراك، ودون الحاجة الى مرج دابق اخرى، حلب و ادلب والقامشلي واللاذقية وصولاً الى طرطوس، ويجتاح الاسرائيليون دمشق وريفها من ادناه الى اقصاه لاحكام الطوق على لبنان عبر سلسلة الجبال والمرتفعات، وبالتالي احداث ذلك الوضع الذي يتيح للجنرالات الذين ما زالت تحكمهم صيحات الثأر ان يضربوا الترسانة الصاروخية لـ«حزب الله» من الخلف، وليس مجرد تفكيك العمق الاستراتيجي او ما تبقى من هذا العمق الاستراتيجي..

فقط نوضح ان الكلام الايراني الاخير والقائل بأن اي حرب ضد سوريا هي حرب ضد ايران، يندرج في هذا السياق تحديداً، او في اي سياق قريب او مماثل، فهل يمكن لاي ساذج، مع اننا كعرب نعيش سذاجتنا الكبرى، ان يصدق ان بطاريات الصواريخ نصبت هكذا لغرض الدفاع عن النفس. الدفاع في وجه من اذا كانت السيناريوات إياها قد مزقت سوريا إرباً إرباً، فيما تابعنا في باريس مشهدا آخر من مشاهد « مسرح العرائس» او الرسوم المتحركة…

لا يعنينا اي نظام في سوريا، بل تعنينا سوريا التي يجري الاعداد للانقضاض عليها، وتحت عناوين نبيلة (تركية واسرائيلية وفرنسية واميركية بطبيعة الحال)، ومنها الحيلولة دون تقسيم سوريا (اقتسامها افضل) ودون وقوع الترسانة الكيميائية في ايدي رجال «جبهة النصرة» التي يدرك القاصي والداني اي دور اضطلعت به انقرة، وربما بالتنسيق العملاني مع الاستخبارات الاسرائيلية، لتدريبهم ولنقلهم الى نقاط محورية وحساسة على الارض السورية.

 

نسأل فقط عن الجهة التي عمدت الى زرع عناصر «النصرة» في نقاط حساسة حول دمشق، على اساس تزويدها بالصواريخ المتطورة التي تمكنها من السيطرة على الشارع الرئيسي في منطقة المزة وصولاً الى ساحة الامويين، على ان يتزامن ذلك مع «احتلال» مطار دمشق. بالطبع كان نجاح هذه الخطة مستحيلاً، ولكن اي دولة تدخلت، في اللحظة الاخيرة، لوقف المحاولة ونقل المهمة الى «الجيش الحر» الذي اعترف معارضون في باريس بأنه تحول الى مجموعات متناثرة من قطاع الطرق باستثناء كتائب محدودة تدار من قبل ضباط غير سوريين وتتمتع بملاءة مادية كما بكفاءة عسكرية لا بأس بها؟

اجل، في اللحظة الاخيرة، «جبهة النصرة» استبقيت في امكنة محددة في ريف دمشق، لتتراجع، تدريجياً، الى خطوط خلفية لاعادة ترتيب اوضاعها، ان بسبب الضربات التي تلقتها من الجيش النظامي، وكانت عنيفة جداً، او لانها اخذت علماً بأن هناك قوى كبرى لا تسمح بدخولها دمشق وتنصيب ابو محمد الجولاني اميراً عليها…

بالطبع التناقضات الروسية تثير الدهشة. من نصدق فلاديمير بوتين ام ديمتري مدفيديف؟ سيرغي لافروف ام ميخائيل بوغدانوف؟ في الغرب يتحدثون عن صفقة ما مع موسكو. ولكن بمنأى عن هذه التصورات او التأويلات، فالثابت ان ايران جادة في تهديدها. الاتراك والاسرائيليون يريدون الدخول الى سوريا على سجادة حمراء، والايرانيون يؤكدون انهم سيتدخلون عسكرياً، وحتماً، فهل يستطيع اردوغان ونتنياهو تحمل حرب لا تبقي ولا تذر، وتستخدم فيها حتماً الاسلحة غير التقليدية؟

حتى اشعار اخر، الباتريوت ضيف ثقيل الظل، لكنه لن يغيّر في الامر شيئاً، وليس صحيحاً ان الروس سيغسلون ايديهم من وحول (او نيران) الشرق الاوسط. خاصرتهم الجنوبية رخوة جداً. استراتيجياً لا تبعد موسكو عن دمشق اكثر من رمية حجر!

  • فريق ماسة
  • 2013-01-29
  • 11949
  • من الأرشيف

الى سورية على سجادة حمراء

رجب طيب اردوغان، الخليفة المنتظر لدولة الاسلام، وكعثماني عتيق يسعى الى استعادة لقب «خادم الحرمين الشريفين»،  نشر صواريخ باتريوت على الحدود مع سورية، وحيث انتشر ايضاً «الاخوان الاطلسيون»، وبنيامين نتنياهو، الملك المنتظر لدولة اليهود، يعتزم نشر صواريخ باتريوت على الحدود مع سوريا ولبنان.. هل ان سوريا المحطمة مخيفة الى ذلك الحد؟ وهل ان لبنان الذي حولته الطبقة السياسية الى شظايا مذهبية، شظايا ضائعة بكل معنى الكلمة، يفكر بأن يستعيد قراه السبع في الجليل. ويا للمصادفة حين نعلم انه عندما عجز الملك سليمان عن اداء ثمن الخشب الذي بنى به الهيكل لاحيرام، ملك صور، اقتطع له سبع قرى في الجليل…   كثيرون عتبوا علينا، وكثيرون شتمونا بكل الوسائل وبكل الالفاظ، بما فيها الالفاظ التي تحلل دمنا تحت راية «الله اكبر»، لاننا تحدثنا عن كوندومينيوم بين اورشليم واسطنبول لادارة المنطقة، او على الاقل لبنان وسوريا والاردن والعراق، اذا ما استوحينا كلام الجنرال انطوني زيني عن «ورثة اميركا في الشرق الاوسط»… انه الكوندومينيوم اذاً، وضيف الشرف هو الباتريوت، دون ان نغفل الدرع الصاروخية التي شاركت اسرائيل في تصنيع بعض تقنياته الحساسة في اطار الاتفاقية التي وقعها عام 1981 في تل ابيب المدير التنفيذي لبرنامج «حرب النجوم» الجنرال جيمس ابرامز.. الباتريوت هنا وهناك لماذا؟ وهل يمكن ان توصف بالكاذبة او المضللة تلك التقارير، ومصدر بعضها او اكثرها اوروبي، حول لقاءات تنسيقية بين ضباط اتراك وضباط اسرائيليين، وبحجة القيام بعمليات عسكرية صاعقة للاستيلاء على صوامع الصواريخ التي تحمل رؤوساً كيميائية او بيولوجية، وهي الصواريخ التي قالت مصادر اميركية، من سنوات، ان عددها يربو عن الستمائة وقد تكون تضاعفت بحسب تكهنات اخيرة في هذا المجال… بالحجة إياها، يغزو الاتراك، ودون الحاجة الى مرج دابق اخرى، حلب و ادلب والقامشلي واللاذقية وصولاً الى طرطوس، ويجتاح الاسرائيليون دمشق وريفها من ادناه الى اقصاه لاحكام الطوق على لبنان عبر سلسلة الجبال والمرتفعات، وبالتالي احداث ذلك الوضع الذي يتيح للجنرالات الذين ما زالت تحكمهم صيحات الثأر ان يضربوا الترسانة الصاروخية لـ«حزب الله» من الخلف، وليس مجرد تفكيك العمق الاستراتيجي او ما تبقى من هذا العمق الاستراتيجي.. فقط نوضح ان الكلام الايراني الاخير والقائل بأن اي حرب ضد سوريا هي حرب ضد ايران، يندرج في هذا السياق تحديداً، او في اي سياق قريب او مماثل، فهل يمكن لاي ساذج، مع اننا كعرب نعيش سذاجتنا الكبرى، ان يصدق ان بطاريات الصواريخ نصبت هكذا لغرض الدفاع عن النفس. الدفاع في وجه من اذا كانت السيناريوات إياها قد مزقت سوريا إرباً إرباً، فيما تابعنا في باريس مشهدا آخر من مشاهد « مسرح العرائس» او الرسوم المتحركة… لا يعنينا اي نظام في سوريا، بل تعنينا سوريا التي يجري الاعداد للانقضاض عليها، وتحت عناوين نبيلة (تركية واسرائيلية وفرنسية واميركية بطبيعة الحال)، ومنها الحيلولة دون تقسيم سوريا (اقتسامها افضل) ودون وقوع الترسانة الكيميائية في ايدي رجال «جبهة النصرة» التي يدرك القاصي والداني اي دور اضطلعت به انقرة، وربما بالتنسيق العملاني مع الاستخبارات الاسرائيلية، لتدريبهم ولنقلهم الى نقاط محورية وحساسة على الارض السورية.   نسأل فقط عن الجهة التي عمدت الى زرع عناصر «النصرة» في نقاط حساسة حول دمشق، على اساس تزويدها بالصواريخ المتطورة التي تمكنها من السيطرة على الشارع الرئيسي في منطقة المزة وصولاً الى ساحة الامويين، على ان يتزامن ذلك مع «احتلال» مطار دمشق. بالطبع كان نجاح هذه الخطة مستحيلاً، ولكن اي دولة تدخلت، في اللحظة الاخيرة، لوقف المحاولة ونقل المهمة الى «الجيش الحر» الذي اعترف معارضون في باريس بأنه تحول الى مجموعات متناثرة من قطاع الطرق باستثناء كتائب محدودة تدار من قبل ضباط غير سوريين وتتمتع بملاءة مادية كما بكفاءة عسكرية لا بأس بها؟ اجل، في اللحظة الاخيرة، «جبهة النصرة» استبقيت في امكنة محددة في ريف دمشق، لتتراجع، تدريجياً، الى خطوط خلفية لاعادة ترتيب اوضاعها، ان بسبب الضربات التي تلقتها من الجيش النظامي، وكانت عنيفة جداً، او لانها اخذت علماً بأن هناك قوى كبرى لا تسمح بدخولها دمشق وتنصيب ابو محمد الجولاني اميراً عليها… بالطبع التناقضات الروسية تثير الدهشة. من نصدق فلاديمير بوتين ام ديمتري مدفيديف؟ سيرغي لافروف ام ميخائيل بوغدانوف؟ في الغرب يتحدثون عن صفقة ما مع موسكو. ولكن بمنأى عن هذه التصورات او التأويلات، فالثابت ان ايران جادة في تهديدها. الاتراك والاسرائيليون يريدون الدخول الى سوريا على سجادة حمراء، والايرانيون يؤكدون انهم سيتدخلون عسكرياً، وحتماً، فهل يستطيع اردوغان ونتنياهو تحمل حرب لا تبقي ولا تذر، وتستخدم فيها حتماً الاسلحة غير التقليدية؟ حتى اشعار اخر، الباتريوت ضيف ثقيل الظل، لكنه لن يغيّر في الامر شيئاً، وليس صحيحاً ان الروس سيغسلون ايديهم من وحول (او نيران) الشرق الاوسط. خاصرتهم الجنوبية رخوة جداً. استراتيجياً لا تبعد موسكو عن دمشق اكثر من رمية حجر!

المصدر : نبيه برجي\ الديار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة