ثمة كثير من الكلام عن لقاءات سورية - سعودية بعيدة عن الأضواء والعيون، كما يؤكد قيادي لبناني، كان آخرها لقاء في العاصمة الأردنية عمان، جمع نجل الملك السعودي عبد العزيز مع أحد المسؤولين السوريين.

وإذ يؤكد هذا القيادي أن اللقاء لم يتطرق إلى قضايا سياسية، إنما انحصر في ملفات أمنية فقط، خصوصاً لجهة عمل عناصر سعودية من "القاعدة" في المعارك التي تجري على الأرض السورية بين القوات المسلحة السورية والمجموعات الإرهابية التفكيرية، حيث تبين أن هناك أكثر من مئة سعودي تضعهم الرياض في خانة أخطر الإرهابيين، وسبق لهم أن قاموا بأعمال تخريبية في السعودية، اعتقلتهم القوات المسلحة السورية في ريف دمشق، وأدلوا باعترافات بالغة الخطورة، من ضمنها اعترافات بأعمال إرهابية ستنفَّذ في مملكة الذهب الأسود.

هذه المعلومات تتقاطع مع ما ذكرته مصادر خليجية وصلت إلى دبلوماسي لبناني مرموق، تفيد بأن هوة الصراع بين المسؤولين السعوديين تتسع، خصوصاً بين جناح سعود الفيصل وصهره وابن عمه بندر بن سلطان من جهة، ونجل الملك السعودي وعدد من الأمراء الآخرين من جهة أخرى.

وطبقاً لهذه المعلومات، فإن الجناح الثاني صار يفضّل سياسة التراجع عن دعم الإرهابيين في بلاد الأمويين، وضرورة الوقوف على مسافة واحد من الأزمة السورية، وبالتالي فإن ما يجمعه هذا الطرف من معلومات ووقائع عن الإرهابيين السعوديين في سورية، بدأ يستخدمه في وجه فريق الفيصل - بندر، الذي يصر على نهجه الخطير في مواصلة دعم الإرهاب وتسليحه، وعدم مغادرة الحلف الشيطاني ضد سورية في هذه المرحلة.

ومن الواضح أنه أمام اعتلال صحة الملك السعودي، فإن الجناح المعادي لسورية بقيادة بندر بن سلطان، ما زال قادراً على التأثير على صناعة القرار السعودي، لكنه لم يعد بالقوة التي كان عليها، خصوصاً أمام الصمود السوري الأسطوري، وإنزال ضربات قاسية بالمجموعات المسلحة، كما أن جزءاً من القيادة السعودية ضاق ذرعاً بالسير خلف الدبلوماسية القطرية، والانزلاق في شرورها، علماً أن اتجاهات فاعلة في دول مجلس التعاون الخليجي أخذت تتذمر علناً من السطوة القطرية، وتهديداتها المستمرة لكل من لا يوافقها الرأي في انخراطها بالمشروع التآمري، ليس ضد سورية فحسب، بل ضد مجمل المنطقة العربية، على قاعدة تشكيل أنظمة جديدة، وربما حتى بعث دويلات جديدة تكون لها الفاعلية فيها.

الدبلوماسي اللبناني المخضرم هنا يستعيد شريط نشأة مشيخة قطر، ليرى أن وظيفة خطها لها المستعمر الإنكليزي سابقاً، ثم الأميركي من بعده، والآن هي تستقوي بـ"الإسرائيلي"، فيشدد على أنه كان مقدراً لدولة الإمارات العربية المتحدة في نهاية سبعنيات القرن الماضي أن تضم أيضاً مشيختيْ قطر والبحرين، لكن آل ثاني في قطر انقلبوا على الدولة الموعودة قبل أن تعلَن عام 1971، وأعطتهم بريطانيا الاستقلال في 3 أيلول، ليتبعهم آل خليفة في البحرين فوراً، وبالتالي فإن وظيفة قطر هي أن تعمل دائماً لتمزيق الصفوف، لأنها المهمة الأساسية التي وُجدت من أجلها، مذكّراً هنا بشريط العداء مع السعودية، والذي وصل أحياناً إلى حد اشتعال الحرب بين الدولتين، لكن سيد الطرفين الأميركي كان يمنع اندلاع شرارتها.

أما بشأن مزاعمها عن العروبة والتضامن، فآخر إبداعاتها هو ما كشفته الصديقة السابقة لحمديْ قطر، وهي وزيرة الخارجية "الإسرائيلية" السابقة تسيبي ليفني، عن تمويل قطر لحملة بنيامين نتنياهو الانتخابية بمبلغ 3 ملايين دولار أميركي ومليونين لليبرمان.

ويستغرب هذا الدبلوماسي الذي عمل في عدد من العواصم الكبرى، كيف أن كثيراً من الأنظمة العربية لا تجد بُداً من إرضاء السيد الأميركي، فينخرطون مع جامعة نبيل العربي حتى أذنيهم في المؤامرة على أعرق الدول العربية سورية، علماً أن الأميركي والغربي لا يتعاملان مع العرب إلا كونهم فتاة؛ استراتيجياً واقتصادياً وسياسياً، حتى أن واشنطن عندما لاحظت خليفة لمن أطلق على نفسه في مصر يوماً "الرئيس المؤمن" محمد أنور السادات، وهو محمد مرسي، يميل إلى نوع من تفاهم جزئي مع طهران ليحصل على هامش من التحرك، استخرجت من ملفه خطاباً ألقاه قبل نحو ثلاث سنوات وصف فيه "الإسرائيليين" بمصاصي الدماء.. فكان أن جدّ واجتهد وعمل مع مستشاريه ليبرر هذا الخطاب، إكراماً لهبة قطرية بمقدار 5 مليار دولار، تريد من خلالها دولة الغاز الهيمنة على قناة السويس، و4 مليارات دولار كقرض من البنك الدولي، وفق شروط هذا البنك الخاضع كلياً للإملاءات الأميركية.

ثمة حقيقة ساطعة هنا، وهي أن للهستيريا "العربية" والتركية ضد سورية وجهاً واحداً، هي البلاهة التي أغرقتهم في حرب تدمير سورية لحساب العدو "الإسرائيلي"، الذي تفيد كل المعلومات أنه يقدّم السلاح والخبرات، وحتى الحماية للمجموعات المسلحة، التي أخذت معظم أطرافها لا تنكر هذا الدعم.

التاريخ أثبت أن الأوهام لا تصنع أبطالاً أو قادة، والأوهام المعششة في الرؤوس الأميركية والغربية الحامية، وفي الحلف الرجعي العربي – التركي – المتخلف المنخرط في الحرب على سورية، تؤكد أن المقاومة السورية للمشروع الاستعماري – الصهيوني – الرجعي تتقدم، مهما حاول الإعلام المضلل بإمكانياته وملياراته أن يشوّه ويقلب الحقائق، ويختلق الأكاذيب والمزاعم.. وإن غداً لناظره قريب.

  • فريق ماسة
  • 2013-01-23
  • 10247
  • من الأرشيف

المواجهة السورية تفتح الصراع على السلطة في السعودية

 ثمة كثير من الكلام عن لقاءات سورية - سعودية بعيدة عن الأضواء والعيون، كما يؤكد قيادي لبناني، كان آخرها لقاء في العاصمة الأردنية عمان، جمع نجل الملك السعودي عبد العزيز مع أحد المسؤولين السوريين. وإذ يؤكد هذا القيادي أن اللقاء لم يتطرق إلى قضايا سياسية، إنما انحصر في ملفات أمنية فقط، خصوصاً لجهة عمل عناصر سعودية من "القاعدة" في المعارك التي تجري على الأرض السورية بين القوات المسلحة السورية والمجموعات الإرهابية التفكيرية، حيث تبين أن هناك أكثر من مئة سعودي تضعهم الرياض في خانة أخطر الإرهابيين، وسبق لهم أن قاموا بأعمال تخريبية في السعودية، اعتقلتهم القوات المسلحة السورية في ريف دمشق، وأدلوا باعترافات بالغة الخطورة، من ضمنها اعترافات بأعمال إرهابية ستنفَّذ في مملكة الذهب الأسود. هذه المعلومات تتقاطع مع ما ذكرته مصادر خليجية وصلت إلى دبلوماسي لبناني مرموق، تفيد بأن هوة الصراع بين المسؤولين السعوديين تتسع، خصوصاً بين جناح سعود الفيصل وصهره وابن عمه بندر بن سلطان من جهة، ونجل الملك السعودي وعدد من الأمراء الآخرين من جهة أخرى. وطبقاً لهذه المعلومات، فإن الجناح الثاني صار يفضّل سياسة التراجع عن دعم الإرهابيين في بلاد الأمويين، وضرورة الوقوف على مسافة واحد من الأزمة السورية، وبالتالي فإن ما يجمعه هذا الطرف من معلومات ووقائع عن الإرهابيين السعوديين في سورية، بدأ يستخدمه في وجه فريق الفيصل - بندر، الذي يصر على نهجه الخطير في مواصلة دعم الإرهاب وتسليحه، وعدم مغادرة الحلف الشيطاني ضد سورية في هذه المرحلة. ومن الواضح أنه أمام اعتلال صحة الملك السعودي، فإن الجناح المعادي لسورية بقيادة بندر بن سلطان، ما زال قادراً على التأثير على صناعة القرار السعودي، لكنه لم يعد بالقوة التي كان عليها، خصوصاً أمام الصمود السوري الأسطوري، وإنزال ضربات قاسية بالمجموعات المسلحة، كما أن جزءاً من القيادة السعودية ضاق ذرعاً بالسير خلف الدبلوماسية القطرية، والانزلاق في شرورها، علماً أن اتجاهات فاعلة في دول مجلس التعاون الخليجي أخذت تتذمر علناً من السطوة القطرية، وتهديداتها المستمرة لكل من لا يوافقها الرأي في انخراطها بالمشروع التآمري، ليس ضد سورية فحسب، بل ضد مجمل المنطقة العربية، على قاعدة تشكيل أنظمة جديدة، وربما حتى بعث دويلات جديدة تكون لها الفاعلية فيها. الدبلوماسي اللبناني المخضرم هنا يستعيد شريط نشأة مشيخة قطر، ليرى أن وظيفة خطها لها المستعمر الإنكليزي سابقاً، ثم الأميركي من بعده، والآن هي تستقوي بـ"الإسرائيلي"، فيشدد على أنه كان مقدراً لدولة الإمارات العربية المتحدة في نهاية سبعنيات القرن الماضي أن تضم أيضاً مشيختيْ قطر والبحرين، لكن آل ثاني في قطر انقلبوا على الدولة الموعودة قبل أن تعلَن عام 1971، وأعطتهم بريطانيا الاستقلال في 3 أيلول، ليتبعهم آل خليفة في البحرين فوراً، وبالتالي فإن وظيفة قطر هي أن تعمل دائماً لتمزيق الصفوف، لأنها المهمة الأساسية التي وُجدت من أجلها، مذكّراً هنا بشريط العداء مع السعودية، والذي وصل أحياناً إلى حد اشتعال الحرب بين الدولتين، لكن سيد الطرفين الأميركي كان يمنع اندلاع شرارتها. أما بشأن مزاعمها عن العروبة والتضامن، فآخر إبداعاتها هو ما كشفته الصديقة السابقة لحمديْ قطر، وهي وزيرة الخارجية "الإسرائيلية" السابقة تسيبي ليفني، عن تمويل قطر لحملة بنيامين نتنياهو الانتخابية بمبلغ 3 ملايين دولار أميركي ومليونين لليبرمان. ويستغرب هذا الدبلوماسي الذي عمل في عدد من العواصم الكبرى، كيف أن كثيراً من الأنظمة العربية لا تجد بُداً من إرضاء السيد الأميركي، فينخرطون مع جامعة نبيل العربي حتى أذنيهم في المؤامرة على أعرق الدول العربية سورية، علماً أن الأميركي والغربي لا يتعاملان مع العرب إلا كونهم فتاة؛ استراتيجياً واقتصادياً وسياسياً، حتى أن واشنطن عندما لاحظت خليفة لمن أطلق على نفسه في مصر يوماً "الرئيس المؤمن" محمد أنور السادات، وهو محمد مرسي، يميل إلى نوع من تفاهم جزئي مع طهران ليحصل على هامش من التحرك، استخرجت من ملفه خطاباً ألقاه قبل نحو ثلاث سنوات وصف فيه "الإسرائيليين" بمصاصي الدماء.. فكان أن جدّ واجتهد وعمل مع مستشاريه ليبرر هذا الخطاب، إكراماً لهبة قطرية بمقدار 5 مليار دولار، تريد من خلالها دولة الغاز الهيمنة على قناة السويس، و4 مليارات دولار كقرض من البنك الدولي، وفق شروط هذا البنك الخاضع كلياً للإملاءات الأميركية. ثمة حقيقة ساطعة هنا، وهي أن للهستيريا "العربية" والتركية ضد سورية وجهاً واحداً، هي البلاهة التي أغرقتهم في حرب تدمير سورية لحساب العدو "الإسرائيلي"، الذي تفيد كل المعلومات أنه يقدّم السلاح والخبرات، وحتى الحماية للمجموعات المسلحة، التي أخذت معظم أطرافها لا تنكر هذا الدعم. التاريخ أثبت أن الأوهام لا تصنع أبطالاً أو قادة، والأوهام المعششة في الرؤوس الأميركية والغربية الحامية، وفي الحلف الرجعي العربي – التركي – المتخلف المنخرط في الحرب على سورية، تؤكد أن المقاومة السورية للمشروع الاستعماري – الصهيوني – الرجعي تتقدم، مهما حاول الإعلام المضلل بإمكانياته وملياراته أن يشوّه ويقلب الحقائق، ويختلق الأكاذيب والمزاعم.. وإن غداً لناظره قريب.

المصدر : ألثبات / أحمد زين الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة