عرب تحت الوصاية الاميركية، وعرب تحت الوصاية الاسرائيلية، وعرب تحت الوصاية التركية، وعرب تحت الوصاية الايرانية، وعرب تحت وصاية… العصر الحجري!

كوميديا بشرية وتدعى العالم العربي. لا حوار بل قطيعة، وتظاهرات وتظاهرات مضادة، حتى ان الفلسطينيين الذين لا ارض لهم، ولا هواء، يحتاجون في ما بينهم الى مصالحة كم تبدو مضحكة، وكم تبدو مبكية، وكم تبدو مستحيلة؟

ويمكن للعرب، بمن فيهم الفلسطينيون، ان يعقدوا معاهدة مع اسرائيل ويعتبرونها مقدسة، ويعكف الفقهاء الاجلاّء على البحث لها عن سند في النص القرآني، ويمكن للعرب ان يبرموا الاتفاقات والتفاهمات والصفقات مع الولايات المتحدة على انها هي التي تؤمن البقاء للدول والانظمة وللشعوب التي لا ندري ماذا ينقصها لتصبح شعوباً بكل معنى الكلمة، وليكون لها وزنها، وتأثيرها، بدلاً من ان تبقى هكذا هائمة على وجهها في سوق النخاسة، وتبحث في القبور عن الحيثيات الفلسفية، والعقائدية، والفلسفية، لوجودها!

 

لاحظوا كيف تدار ازماتنا (فضائحنا) كلها من القرن الافريقي الى القرن الآسيوي، مروراً بالقرون الوسطى. تدار من اعالي الامم، ونحن الذين " خير امة" في قاع الامم. وليقل لنا اي كان اي طراز من الانظمة هذا الذي يحكمنا إذا كانت الانظمة قد وضعتنا بين براثن القوى التي تؤمن لها طول البقاء ولو فوق ذلك الركام البشري الذي حتى اذا ثار يتم تعليب ثوراته كما تعليب اللحوم المجففة

وليقل لنا احدكم ما اذا كنا نجد في اي مكان من العالم سوى عالمنا هذه النماذج من الدول، في الصومال وليبيا، وفي العراق وسوريا، وفي لبنان واليمن، وحتى في مصر، ام الدنيا وأمنا جميعاً، هذا دون ان نذكر ما تبقى من الدول، الواحدة تلو الاخرى، وحيث جامعة الدول العربية التي قبض منها عمرو موسى 5 ملايين دولار كتعويض صرف (وتصوروا)، وهو الآن احد قادة الثورة في مصر، والتي لا نعرف ما اذا كان نبيل العربي هو امينها العام أم امين عام الانظمة فقط، وبعدما ارتأى او رأى الجنرال انطوني زيني،الاميركي المحترم، انتفاء مفهوم الدولة في القارة العربية. قال "قد نكون امام مستودعات للقبائل او مادون القبائل".

 

اذاً، ما علينا الا الاقرار بواقع الحال. الديبلوماسية الروسية اقترحت عقد مؤتمر دولي للبحث في كل ازمات الشرق الاوسط. للتو استيقظت ذاكرة البعض وقال انها البلقنة ايها السادة، وقلنا معهم ايضا انها البلقنة. الآن ننثر الورود للبلقنة اذا كانت تعيد توزيعنا جغرافياً، واذا كانت تضعنا، الى الابد، وبصورة مباشرة وغير ملتبسة، تحت وصايات الدول الكبرى وما دون الكبرى. بدل ان تقوم الانظمة، وبالوصايات الملتبسة إياها، ببلقنة المجتمعات، اي تقويضها، طائفيا او اتنيا او قبليا او طبقيا او حتى مناطقيا..

لم يعد مقبولا هذا الذي نحن فيه. تابعوا على الشاشات ما يحدث في العراق، واي شعارات واي صور ترفع، واي تصريحات تتصدر نشرات الاخبار، وتابعوا على الشاشات ايضا ما يحدث في سوريا، واي لغة خشبية حلت محل لغة بدوي الجبل ونزار قباني وادونيس ومحمد الماغوط( ترى هل سمع بهم مولانا عدنان العرعور العائد للتو من جهنم؟). تابعوا الملهاة اللبنانية حول قانون الانتخاب، وحيث لا وجود للناس إلا في دوائر النفوس. ناس من الورق وعلى الورق

 

احد الديبلوماسيين يسألنا: لماذا لا تستأجرون وزراء ونواباً لكي يحكموكم؟ في نظره ان هؤلاء الوزراء والنواب الذين يسترخون فوق ظهورنا، او فوق اكتافنا الوثيرة اذا شئتم، يتقنون صناعة الازمات، لا صناعة الدول ولا صناعة المجتمعات. اذاً، لننشر في صحف العالم اعلانات مبوبة: مطلوب وزراء ونواب لحكم دولة او لاعادة هيكلة دولة، او لاعادة تركيب دولة تدعى لبنان

هل تتصورون اننا سنعثر على انتحاريين يصلحون لهذه المهمة، ولنقل… المهمة المقدسة؟

فعلاً، في اي عالم نحن؟ العثمانيون الذين حكمونا 4 قرون وابتعدوا بنا عن كل ذلك العالم الذي كان يعيد بناء التاريخ عادوا الآن، وبلهجة الباب العالي إياها. والانكليز والفرنسيون الذين ضحكوا على الشريف حسين هم إياهم، ومعهم الاميركيون، يضحكون علينا جميعا الآن، بل ويقهقهون عندما يقرأون آخر مآثر برنارد لويس من ان خبراء البيئة يغفلون نوعا شديد الخطورة من التلوث. انه "التلوث الايديولوجي" الذي يقول ان العرب ينتجونه بكثافة. الآن اكتشفنا اننا نشبه، كأمة، ثاني اوكسيد الكربون.

 

بكرا رح يسألك عن تيابك اللي من عند قبل ان ندعو الى الثورة على الانظمة التي هي على صورتنا، والا لما كان يحدث الذي يحدث، فلتكن الثورة على الذات لاننا نحن المرضى، ولاننا نحن الذين تنفجر هياكلنا العظمية عندما ينفخ حملة الابواق في ابواقهم لان الله في خطر. اجل، تابعوا اقوال فقهاء الدين والدنيا، ألا يقولون لنا ان الله قي خطر

ولكن من اين يأتي الخطر. كل منا يجد الخطر في الاخر الذي ينتمي الى الطائفة الاخرى وربما الى الزقاق الاخر، فيما الحقيقة اننا نحن جميعا نشكل خطراً على الله لاننا وضعناه في كل تفاصيلنا، كما لو اننا لم نقرأ النص ولم نفهم النص. لا، لا، لم نفعل هذا ، بل اننا ذهبنا في الفتاوى الى حيثما لم يذهب سدنة الاوثان في الجاهلية. السنا نعيش الآن النيو-جاهلية؟

نثور على الذات، وندعو الى الخروج من الالتباس. نحن كل الوصايات، وثرواتنا وامكاناتنا وازمنتنا تذهب هباء، فلماذا لا تكون الوصاية مقوننة ومباشرة وشفافة، ولماذا لا تكون البلقنة كذلك. مرحبا ايتها… البلقنة!

 

  • فريق ماسة
  • 2013-01-15
  • 12717
  • من الأرشيف

عرب تحت وصاية … العصر الحجري

عرب تحت الوصاية الاميركية، وعرب تحت الوصاية الاسرائيلية، وعرب تحت الوصاية التركية، وعرب تحت الوصاية الايرانية، وعرب تحت وصاية… العصر الحجري! كوميديا بشرية وتدعى العالم العربي. لا حوار بل قطيعة، وتظاهرات وتظاهرات مضادة، حتى ان الفلسطينيين الذين لا ارض لهم، ولا هواء، يحتاجون في ما بينهم الى مصالحة كم تبدو مضحكة، وكم تبدو مبكية، وكم تبدو مستحيلة؟ ويمكن للعرب، بمن فيهم الفلسطينيون، ان يعقدوا معاهدة مع اسرائيل ويعتبرونها مقدسة، ويعكف الفقهاء الاجلاّء على البحث لها عن سند في النص القرآني، ويمكن للعرب ان يبرموا الاتفاقات والتفاهمات والصفقات مع الولايات المتحدة على انها هي التي تؤمن البقاء للدول والانظمة وللشعوب التي لا ندري ماذا ينقصها لتصبح شعوباً بكل معنى الكلمة، وليكون لها وزنها، وتأثيرها، بدلاً من ان تبقى هكذا هائمة على وجهها في سوق النخاسة، وتبحث في القبور عن الحيثيات الفلسفية، والعقائدية، والفلسفية، لوجودها!   لاحظوا كيف تدار ازماتنا (فضائحنا) كلها من القرن الافريقي الى القرن الآسيوي، مروراً بالقرون الوسطى. تدار من اعالي الامم، ونحن الذين " خير امة" في قاع الامم. وليقل لنا اي كان اي طراز من الانظمة هذا الذي يحكمنا إذا كانت الانظمة قد وضعتنا بين براثن القوى التي تؤمن لها طول البقاء ولو فوق ذلك الركام البشري الذي حتى اذا ثار يتم تعليب ثوراته كما تعليب اللحوم المجففة… وليقل لنا احدكم ما اذا كنا نجد في اي مكان من العالم سوى عالمنا هذه النماذج من الدول، في الصومال وليبيا، وفي العراق وسوريا، وفي لبنان واليمن، وحتى في مصر، ام الدنيا وأمنا جميعاً، هذا دون ان نذكر ما تبقى من الدول، الواحدة تلو الاخرى، وحيث جامعة الدول العربية التي قبض منها عمرو موسى 5 ملايين دولار كتعويض صرف (وتصوروا)، وهو الآن احد قادة الثورة في مصر، والتي لا نعرف ما اذا كان نبيل العربي هو امينها العام أم امين عام الانظمة فقط، وبعدما ارتأى او رأى الجنرال انطوني زيني،الاميركي المحترم، انتفاء مفهوم الدولة في القارة العربية. قال "قد نكون امام مستودعات للقبائل او مادون القبائل".   اذاً، ما علينا الا الاقرار بواقع الحال. الديبلوماسية الروسية اقترحت عقد مؤتمر دولي للبحث في كل ازمات الشرق الاوسط. للتو استيقظت ذاكرة البعض وقال انها البلقنة ايها السادة، وقلنا معهم ايضا انها البلقنة. الآن ننثر الورود للبلقنة اذا كانت تعيد توزيعنا جغرافياً، واذا كانت تضعنا، الى الابد، وبصورة مباشرة وغير ملتبسة، تحت وصايات الدول الكبرى وما دون الكبرى. بدل ان تقوم الانظمة، وبالوصايات الملتبسة إياها، ببلقنة المجتمعات، اي تقويضها، طائفيا او اتنيا او قبليا او طبقيا او حتى مناطقيا.. لم يعد مقبولا هذا الذي نحن فيه. تابعوا على الشاشات ما يحدث في العراق، واي شعارات واي صور ترفع، واي تصريحات تتصدر نشرات الاخبار، وتابعوا على الشاشات ايضا ما يحدث في سوريا، واي لغة خشبية حلت محل لغة بدوي الجبل ونزار قباني وادونيس ومحمد الماغوط( ترى هل سمع بهم مولانا عدنان العرعور العائد للتو من جهنم؟). تابعوا الملهاة اللبنانية حول قانون الانتخاب، وحيث لا وجود للناس إلا في دوائر النفوس. ناس من الورق وعلى الورق…   احد الديبلوماسيين يسألنا: لماذا لا تستأجرون وزراء ونواباً لكي يحكموكم؟ في نظره ان هؤلاء الوزراء والنواب الذين يسترخون فوق ظهورنا، او فوق اكتافنا الوثيرة اذا شئتم، يتقنون صناعة الازمات، لا صناعة الدول ولا صناعة المجتمعات. اذاً، لننشر في صحف العالم اعلانات مبوبة: مطلوب وزراء ونواب لحكم دولة او لاعادة هيكلة دولة، او لاعادة تركيب دولة تدعى لبنان… هل تتصورون اننا سنعثر على انتحاريين يصلحون لهذه المهمة، ولنقل… المهمة المقدسة؟ فعلاً، في اي عالم نحن؟ العثمانيون الذين حكمونا 4 قرون وابتعدوا بنا عن كل ذلك العالم الذي كان يعيد بناء التاريخ عادوا الآن، وبلهجة الباب العالي إياها. والانكليز والفرنسيون الذين ضحكوا على الشريف حسين هم إياهم، ومعهم الاميركيون، يضحكون علينا جميعا الآن، بل ويقهقهون عندما يقرأون آخر مآثر برنارد لويس من ان خبراء البيئة يغفلون نوعا شديد الخطورة من التلوث. انه "التلوث الايديولوجي" الذي يقول ان العرب ينتجونه بكثافة. الآن اكتشفنا اننا نشبه، كأمة، ثاني اوكسيد الكربون.   بكرا رح يسألك عن تيابك اللي من عند قبل ان ندعو الى الثورة على الانظمة التي هي على صورتنا، والا لما كان يحدث الذي يحدث، فلتكن الثورة على الذات لاننا نحن المرضى، ولاننا نحن الذين تنفجر هياكلنا العظمية عندما ينفخ حملة الابواق في ابواقهم لان الله في خطر. اجل، تابعوا اقوال فقهاء الدين والدنيا، ألا يقولون لنا ان الله قي خطر… ولكن من اين يأتي الخطر. كل منا يجد الخطر في الاخر الذي ينتمي الى الطائفة الاخرى وربما الى الزقاق الاخر، فيما الحقيقة اننا نحن جميعا نشكل خطراً على الله لاننا وضعناه في كل تفاصيلنا، كما لو اننا لم نقرأ النص ولم نفهم النص. لا، لا، لم نفعل هذا ، بل اننا ذهبنا في الفتاوى الى حيثما لم يذهب سدنة الاوثان في الجاهلية. السنا نعيش الآن النيو-جاهلية؟ نثور على الذات، وندعو الى الخروج من الالتباس. نحن كل الوصايات، وثرواتنا وامكاناتنا وازمنتنا تذهب هباء، فلماذا لا تكون الوصاية مقوننة ومباشرة وشفافة، ولماذا لا تكون البلقنة كذلك. مرحبا ايتها… البلقنة!  

المصدر : نبيه برجي\ الديار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة