بالتوازي مع استعار المواجهة الميدانية في سورية، تنشط الدبلوماسية الدولية على خط موسكو، في مباحثات يبدو أنها الأخيرة، في ضوء تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل أيام من تحول المشهد إلى فوضى شاملة في الشرق الأوسط، بحال فشلت المفاوضات.

وأمام الثبات الذي أبداه الجيش السوري، وفشل المعارضة في نقل المعركة إلى دمشق وإبقاء سيطرتها على المناطق التي استولت عليها، اقتنع الغرب أن لا حل في سورية إلا بالمفاوضات، وعاد إلى المربع الأول، إلى مرجعية اتفاق جنيف.

عودة الغرب والولايات المتحدة إلى اتفاق جنيف الموقع في حزيران / يونيو الماضي فسره مراقبون لموقع المنار على انه تراجع في خيارات هذا الغرب، الذي ذهب بعيداً في السعي إلى اسقاط الأسد، وضغط على المعارضة لعدم السير في خط الحوار مع الحكومة السورية، وقدم دعماً لوجستياً واستخباراتياً للمجموعات المسلحة .. دعماً يبدو أنه لم يثمر سوى ثباتا في الموقف الروسي، وإصراراً على الحل السلمي في سورية.

وشكل ثبات الدبلوماسية الروسية التي انتزعت من الأوروبيين والأميركيين اتفاق جنيف، حائطاً قوياً بوجه أي تدخل عسكري في سورية، كانت تأمله المعارضة المسلحة والدول الخليجية وتركيا، كما ان رفض موسكو البحث في مستقبل الرئيس بشار الأسد، دفع بالطرف الآخر إلى إعادة ترتيب اوراقه، بعدما أيقن ان الأسد باق حتى نهاية ولايته على أقل تقدير، وأن سوريا عصية ولا يمكن كسرها، بحسب ما قال رئيس وزراء دولة خليجية تتصدر الهجمة على سورية.

ومن جهة أخرى، لفت المراقب للشأن السوري الذي رفض الكشف عن إسمه إلى أن هذه الأزمة لم تعد حاضرة في أولويات الإدارة الأميركية، كما ان الرئيس الأميركي باراك اوباما سيعتمد في ولايته الجديدة سياسة أقل حدة من سابقتها، خصوصاً وان وزير الخارجية العتيد جون كيري هو من الأشخاص الموثوقين لدى روسيا، وتعول عليه في انجاح المفاوضات بشأن سورية.

 

مصدر خاص لموقع المنار، أكد ان الإخراج النهائي للمفاوضات حول سورية تنتظر تشكيل الإدارة الأميركية، ورجح أن تكون هذه المفاوضات جزءاً من تسوية شاملة تبدأ بسورية ولا تنتهي بالملف النووي الإيراني.

وأشار المصدر نفسه إلى أن الإبراهيمي زار دمشق موفداً غربياً، وساعياً إلى سبر غور القيادة السورية، لمعرفة مدى استعدادها لتقديم تنازلات، غير أن الإبراهيمي وبحسب المصدر، تفاجأ بصلابة موقف الرئيس بشار الأسد، الذي حمّل الإبراهيمي رسائل في اتجاهات شتى، اقلها بان الأسد لن يتخلى عن مسؤولياته وباقٍ حتى نهاية عهده في العام 2014، وسيترشح لولاية جديدة، والقرار الأخير للسوريين وليس لغيرهم.

رسالة حملها الإبراهيمي وطار بها إلى موسكو، حيث سمع كلاماً مشابهاً من الوزير سيرغي لافروف، قائلاً إن "الأسد قد أكد أنه غير عازم على الرحيل وسيبقى في منصبه ليدافع عن مصالح سورية الوطنية ولا يمكن تغيير هذا الموقف"، وبالتالي على الغرب تغيير موقفه.

وقبل الإبراهيمي، زار موسكو نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد حيث بحث مع المسؤولين الروس الجهود الهادفة إلى حل سلمي للازمة في بلاده، وفي نفس الوقت حطت طائرة مصرية حملت وزير الخارجية محمد عمرو، حيث ناقش هناك العلاقات الثنائية وطبعاً الأزمة السورية.

وليس من الواضح ما ستؤول إليه نتائج تلك المفاوضات، غير أن الثابت هو أن جميع الاطراف باستثناء تلك الرافضة لمنطق الحوار، جدية في التوصل إلى حل للأزمة السورية، بعدما شكلت عبئاً على العواصم الغربية والعربية وبعض الإقليمية .. وباتت الأزمة السورية ترتد سلباً على تركيا وعلى الدول العربية ابرزها الأردن التي حذرت من تحول النزاع في سورية إلى حرب طائفية وعرقية.

متابعون على إلمام بالمفاوضات، رأوا أنه قد يكون التحذير الروسي من فوضى شاملة، يدخل إلى إطار إرغام الاطراف على الجلوس حول طاولة الحوار، وليس استجداءاً، واللبيب من الإشارة يفهم.

  • فريق ماسة
  • 2012-12-29
  • 10034
  • من الأرشيف

ما بعد الحراك السياسي حول سورية .. الحل أو الفوضى الشاملة ؟

بالتوازي مع استعار المواجهة الميدانية في سورية، تنشط الدبلوماسية الدولية على خط موسكو، في مباحثات يبدو أنها الأخيرة، في ضوء تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل أيام من تحول المشهد إلى فوضى شاملة في الشرق الأوسط، بحال فشلت المفاوضات. وأمام الثبات الذي أبداه الجيش السوري، وفشل المعارضة في نقل المعركة إلى دمشق وإبقاء سيطرتها على المناطق التي استولت عليها، اقتنع الغرب أن لا حل في سورية إلا بالمفاوضات، وعاد إلى المربع الأول، إلى مرجعية اتفاق جنيف. عودة الغرب والولايات المتحدة إلى اتفاق جنيف الموقع في حزيران / يونيو الماضي فسره مراقبون لموقع المنار على انه تراجع في خيارات هذا الغرب، الذي ذهب بعيداً في السعي إلى اسقاط الأسد، وضغط على المعارضة لعدم السير في خط الحوار مع الحكومة السورية، وقدم دعماً لوجستياً واستخباراتياً للمجموعات المسلحة .. دعماً يبدو أنه لم يثمر سوى ثباتا في الموقف الروسي، وإصراراً على الحل السلمي في سورية. وشكل ثبات الدبلوماسية الروسية التي انتزعت من الأوروبيين والأميركيين اتفاق جنيف، حائطاً قوياً بوجه أي تدخل عسكري في سورية، كانت تأمله المعارضة المسلحة والدول الخليجية وتركيا، كما ان رفض موسكو البحث في مستقبل الرئيس بشار الأسد، دفع بالطرف الآخر إلى إعادة ترتيب اوراقه، بعدما أيقن ان الأسد باق حتى نهاية ولايته على أقل تقدير، وأن سوريا عصية ولا يمكن كسرها، بحسب ما قال رئيس وزراء دولة خليجية تتصدر الهجمة على سورية. ومن جهة أخرى، لفت المراقب للشأن السوري الذي رفض الكشف عن إسمه إلى أن هذه الأزمة لم تعد حاضرة في أولويات الإدارة الأميركية، كما ان الرئيس الأميركي باراك اوباما سيعتمد في ولايته الجديدة سياسة أقل حدة من سابقتها، خصوصاً وان وزير الخارجية العتيد جون كيري هو من الأشخاص الموثوقين لدى روسيا، وتعول عليه في انجاح المفاوضات بشأن سورية.   مصدر خاص لموقع المنار، أكد ان الإخراج النهائي للمفاوضات حول سورية تنتظر تشكيل الإدارة الأميركية، ورجح أن تكون هذه المفاوضات جزءاً من تسوية شاملة تبدأ بسورية ولا تنتهي بالملف النووي الإيراني. وأشار المصدر نفسه إلى أن الإبراهيمي زار دمشق موفداً غربياً، وساعياً إلى سبر غور القيادة السورية، لمعرفة مدى استعدادها لتقديم تنازلات، غير أن الإبراهيمي وبحسب المصدر، تفاجأ بصلابة موقف الرئيس بشار الأسد، الذي حمّل الإبراهيمي رسائل في اتجاهات شتى، اقلها بان الأسد لن يتخلى عن مسؤولياته وباقٍ حتى نهاية عهده في العام 2014، وسيترشح لولاية جديدة، والقرار الأخير للسوريين وليس لغيرهم. رسالة حملها الإبراهيمي وطار بها إلى موسكو، حيث سمع كلاماً مشابهاً من الوزير سيرغي لافروف، قائلاً إن "الأسد قد أكد أنه غير عازم على الرحيل وسيبقى في منصبه ليدافع عن مصالح سورية الوطنية ولا يمكن تغيير هذا الموقف"، وبالتالي على الغرب تغيير موقفه. وقبل الإبراهيمي، زار موسكو نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد حيث بحث مع المسؤولين الروس الجهود الهادفة إلى حل سلمي للازمة في بلاده، وفي نفس الوقت حطت طائرة مصرية حملت وزير الخارجية محمد عمرو، حيث ناقش هناك العلاقات الثنائية وطبعاً الأزمة السورية. وليس من الواضح ما ستؤول إليه نتائج تلك المفاوضات، غير أن الثابت هو أن جميع الاطراف باستثناء تلك الرافضة لمنطق الحوار، جدية في التوصل إلى حل للأزمة السورية، بعدما شكلت عبئاً على العواصم الغربية والعربية وبعض الإقليمية .. وباتت الأزمة السورية ترتد سلباً على تركيا وعلى الدول العربية ابرزها الأردن التي حذرت من تحول النزاع في سورية إلى حرب طائفية وعرقية. متابعون على إلمام بالمفاوضات، رأوا أنه قد يكون التحذير الروسي من فوضى شاملة، يدخل إلى إطار إرغام الاطراف على الجلوس حول طاولة الحوار، وليس استجداءاً، واللبيب من الإشارة يفهم.

المصدر : احمد فرحات\ المنار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة