غاب الحدث المحلي في عطلة الميلاد مفسحاً في المجال أمام التطورات السورية بالتقدم على ما عداها من اهتمامات، خصوصاً أن القيادات المحلية تسعى جاهدة لمعرفة نتائج زيارة المبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي إلى دمشق، في ظل مؤشر يبدو غريباً بالنسبة للمراقبين وهو قدوم الابراهيمي عبر مطار بيروت الدولي مروراً بالمصنع في وقت يعلن فيه النظام أن مطار دمشق الدولي يعمل كالمعتاد أمام الملاحة الجوية، بما يعني أنه أراد توجيه رسالة إلى النظام غير مفهومة المضمون بالنسبة للقيادات المحلية، والا لكان الابراهيمي سلك جرياً على عادته طريق مطار دمشق الدولي إلا اذا كانت هناك قطبة مخفية بالنسبة لسلامة الطريق المؤدية من مطار دمشق إلى العاصمة.

المتصلون بالعاصمة السورية يعربون عن اعتقادهم بأن "الزيارة الإبراهيمية"، بحسب تعبيرهم، لم تكن منسقة بما فيه الكفاية، إنما جاءت على عجل تلبية لرغبة روسية واضحة باعتبارها معنية باعادة تنشيط مقررات مؤتمر جنيف بعد أن وصلت الاتصالات بينها وبين واشنطن إلى أكثر من قاسم مشترك، ما يؤسس إلى تقدم ما على صعيد الملف السوري بالرغم من العراقيل القائمة ونقاط الخلاف التي تحتاج للمزيد من البحث لبلورة صياغة حلولها.

ولا ينفي هؤلاء بأن الابراهيمي جاء بعرض جديد طرحه على الرئيس الأسد، وهو لم يلق القبول المطلوب، لاسيما أنه يحمل بصمات عربية واضحة. وذلك في ظل معلومات عن توافق الحد الأدنى بين موسكو وواشنطن، غير أن الطروحات المقبولة من العاصمتين لقيت رفضاً عربياً وخليجياً مطلقاً، لاسيما أن التوافق الذي تم تسريب بعض نقاطه  يلحظ بمجمله بقاء الرئيس الأسد في سدة الرئاسة، وهذا ما رفضته الدول الخليجية بسبب قناعتها الراسخة بأن بقاء الأسد يعني انتصاراً لنظامه كما يعني زوال الأنظمة العربية والخليجية الدينية المتشددة.

ويكشف المتصلون بعض النقاط التي حملها الإبراهيمي وهي ترتكز على بقاء الأسد مع صلاحيات محدودة بعد تجيير باقي الصلاحيات لرئيس الحكومة، وذلك بعد تشكيل حكومة جديدة تضم معارضين وتؤول رئاستها إلى معارض واسع الصلاحيات، مع الاشارة إلى أن طرح الابراهيمي يلحظ عدم امكانية ترشح الأسد مرة جديدة في العام 2014، بل الاستمرار فقط في قيادة المرحلة الإنتقالية.

غير أن الأوساط تنقل عن الأسد رفضه القاطع لطروحات الابراهيمي، لاسيما فيما يتعلق بشكل الحكومة المقترحة، كما لنزع صلاحيات الرئيس وتجييرها لرئيس الحكومة، فضلاً عن اصراره على الترشح لرئاسة ثانية وفق الدستور السوري الجديد الذي تم الاستفتاء عليه منذ أكثر من سنة. وبالتالي فإن ارادة الشعب هي التي تقرر شكل الحكم من خلال انتخابات شفافة ونزيهة وليفز فيها من يحصل على أعلى نسبة من ناخبي الشعب السوري وفق تعبير الأوساط، كما يشترط أيضاً عدم مشاركة أي معارض كان قد طالب بالتدخل الاجنبي بالحكومة ولا بالحوار، كذلك طالب باستبعاد قيادة "الاخوان المسلمين" من أي حوار مقبل، بما يعني اقتصار المشاركة على معارضة الداخل، فضلا عن طلبه إلى الابراهيمي سحب جميع المقاتلين من غير التابعية السورية، ووقف تمويل سائر المسلحين ومدهم بالسلاح والعتاد.

  • فريق ماسة
  • 2012-12-25
  • 12749
  • من الأرشيف

زيارة الإبراهيمي مؤشر على تقدم بالملف السوري رغم العراقيل

غاب الحدث المحلي في عطلة الميلاد مفسحاً في المجال أمام التطورات السورية بالتقدم على ما عداها من اهتمامات، خصوصاً أن القيادات المحلية تسعى جاهدة لمعرفة نتائج زيارة المبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي إلى دمشق، في ظل مؤشر يبدو غريباً بالنسبة للمراقبين وهو قدوم الابراهيمي عبر مطار بيروت الدولي مروراً بالمصنع في وقت يعلن فيه النظام أن مطار دمشق الدولي يعمل كالمعتاد أمام الملاحة الجوية، بما يعني أنه أراد توجيه رسالة إلى النظام غير مفهومة المضمون بالنسبة للقيادات المحلية، والا لكان الابراهيمي سلك جرياً على عادته طريق مطار دمشق الدولي إلا اذا كانت هناك قطبة مخفية بالنسبة لسلامة الطريق المؤدية من مطار دمشق إلى العاصمة. المتصلون بالعاصمة السورية يعربون عن اعتقادهم بأن "الزيارة الإبراهيمية"، بحسب تعبيرهم، لم تكن منسقة بما فيه الكفاية، إنما جاءت على عجل تلبية لرغبة روسية واضحة باعتبارها معنية باعادة تنشيط مقررات مؤتمر جنيف بعد أن وصلت الاتصالات بينها وبين واشنطن إلى أكثر من قاسم مشترك، ما يؤسس إلى تقدم ما على صعيد الملف السوري بالرغم من العراقيل القائمة ونقاط الخلاف التي تحتاج للمزيد من البحث لبلورة صياغة حلولها. ولا ينفي هؤلاء بأن الابراهيمي جاء بعرض جديد طرحه على الرئيس الأسد، وهو لم يلق القبول المطلوب، لاسيما أنه يحمل بصمات عربية واضحة. وذلك في ظل معلومات عن توافق الحد الأدنى بين موسكو وواشنطن، غير أن الطروحات المقبولة من العاصمتين لقيت رفضاً عربياً وخليجياً مطلقاً، لاسيما أن التوافق الذي تم تسريب بعض نقاطه  يلحظ بمجمله بقاء الرئيس الأسد في سدة الرئاسة، وهذا ما رفضته الدول الخليجية بسبب قناعتها الراسخة بأن بقاء الأسد يعني انتصاراً لنظامه كما يعني زوال الأنظمة العربية والخليجية الدينية المتشددة. ويكشف المتصلون بعض النقاط التي حملها الإبراهيمي وهي ترتكز على بقاء الأسد مع صلاحيات محدودة بعد تجيير باقي الصلاحيات لرئيس الحكومة، وذلك بعد تشكيل حكومة جديدة تضم معارضين وتؤول رئاستها إلى معارض واسع الصلاحيات، مع الاشارة إلى أن طرح الابراهيمي يلحظ عدم امكانية ترشح الأسد مرة جديدة في العام 2014، بل الاستمرار فقط في قيادة المرحلة الإنتقالية. غير أن الأوساط تنقل عن الأسد رفضه القاطع لطروحات الابراهيمي، لاسيما فيما يتعلق بشكل الحكومة المقترحة، كما لنزع صلاحيات الرئيس وتجييرها لرئيس الحكومة، فضلاً عن اصراره على الترشح لرئاسة ثانية وفق الدستور السوري الجديد الذي تم الاستفتاء عليه منذ أكثر من سنة. وبالتالي فإن ارادة الشعب هي التي تقرر شكل الحكم من خلال انتخابات شفافة ونزيهة وليفز فيها من يحصل على أعلى نسبة من ناخبي الشعب السوري وفق تعبير الأوساط، كما يشترط أيضاً عدم مشاركة أي معارض كان قد طالب بالتدخل الاجنبي بالحكومة ولا بالحوار، كذلك طالب باستبعاد قيادة "الاخوان المسلمين" من أي حوار مقبل، بما يعني اقتصار المشاركة على معارضة الداخل، فضلا عن طلبه إلى الابراهيمي سحب جميع المقاتلين من غير التابعية السورية، ووقف تمويل سائر المسلحين ومدهم بالسلاح والعتاد.

المصدر : أنطوان الحايك - مقالات النشرة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة