دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أبدت تل أبيب ارتياحاً تجاه ترشيح السيناتور جون كيري لخلافة هيلاري كلينتون في المنصب الديبلوماسي الأميركي الأول كوزير للخارجية. ولكن هذا الارتياح لم يخف نوعاً من القلق المستتر الناجم عن مواقف سابقة للسيناتور الذي برغم وصفه بالصديق إلا أنه يقع ضمن السياق الجديد للعلاقات المتوترة بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الثانية والحكومة الأشد يمينية في تاريخ إسرائيل.
ومن المؤكد أن تعيين كيري يندرج أيضاً في إطار الرؤية الشاملة لـ«خلية العمل» التي ستدير السياسة الأميركية في العالم عموماً وفي الشرق الأوسط خصوصاً في السنوات الأربع المقبلة. ولا يقل أهمية عن هذا التعيين ترجيح تعيين السيناتور الجمهوري تشاك هايغل الذي تتعامل معه الأوساط الإسرائيلية واليهودية الأميركية بدرجة عالية من الريبة والشك، في منصب وزير الدفاع.
وأعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن «كيري يطفح بالخبرة ومؤيد مشهور لأمن إسرائيل. ونحن أصدقاء من سنوات طويلة»، مضيفاً «قدرت جدا واقع أنه قبل نصف عام، بعد وفاة والدي، وصل لزيارتي أثناء أسبوع الحداد. وأتوقع عملاً مشتركاً معه».
أما نائب وزير الخارجية داني إيلون الذي خدم في الماضي سفيراً لإسرائيل في واشنطن فأرسل برقية تهنئة لكيري جاء فيها: «تبريكات حارة لتعيينك الجدير. في كل حواراتنا ولقاءاتنا قدرت حكمتك ورؤيتك. وأتمنى لك نجاحا كبيراً، خصوصاً في ضوء التحديات المعقدة التي تواجهنا».
وجاء الترحيب الإسرائيلي بترشيح كيري في الوقت الذي تم فيه الإعلان عن أن السيناتور والمرشح الرئاسي الديموقراطي قبل ثمانية أعوام هو من المؤيدين الواضحين لإسرائيل. ولكن الحكومة الإسرائيلية الحالية، برئاسة نتنياهو، لا ترى في كل مؤيد لإسرائيل بالضرورة مؤيداً لسياستها. وربما أن ما ينطبق على أوباما ينطبق بشكل لا يقل على جون كيري نفسه الذي سبق وأطلق انتقادات ضد السياسة الإسرائيلية. ومن المقرر أن يصادق الكونغرس قريباً على تعيين كيري من دون عراقيل خصوصاً أن الجمهوريين أعلنوا أنهم لن يعترضوا على تعيينه.
وطوال سنوات عمله في الكونغرس وأثناء ترشحه لمنصب الرئاسة، عمل كيري على تأييد إسرائيل في حربها ضد حماس وبرر لها إنشاء الجدار الفاصل في الضفة الغربية. لكن المطلعين على مواقفه يؤكدون أنه في كل ما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي ليست هناك فوارق جدية بين موقفه وموقف أوباما. وبكلمات أخرى فإن الأخير لن يمنح تأييداً تلقائياً لإسرائيل وسيضع مواقفها على المحك وضمن الرؤية الأميركية العامة.
ومن المواقف التي تسجلها إسرائيل ضد كيري أنه كثيراً ما دعا الإدارة الأميركية، قبل الأحداث في سوريا، إلى إعادة فتح حوار مع القيادة السورية وطالب بتخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على دمشق. وفضلاً عن ذلك، اشتهر كيري بمعارضته الحادة لسياسة الاستيطان الإسرائيلية التي شكلت على مدى السنوات الماضية مركز الخلاف الجوهري بين واشنطن وتل أبيب. ومن تصريحات كيري التي رفضتها إسرائيل أن «هضبة الجولان يجب إعادتها إلى سوريا»، و«عاصمة فلسطين يجب أن تكون القدس الشرقية مع السيطرة على الأقصى». كما أعلن أن «البناء في المستوطنات يضع العقبات في طريق السلام»، وقال بوجوب إزالة إسرائيل الحصار عن غزة.
وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن كيري في مواقفه السياسية يقترب من اليسار الإسرائيلي، «فهو يؤمن بحل الدولتين للشعبين على أن يكون شرقي القدس عاصمة فلسطين»، وهو حل، بالنسبة إليه، يتحقق من خلال المفاوضات وليس بخطوات احادية الجانب. كما أعرب كيري في الماضي عن معارضته للبناء الإسرائيلي في المستوطنات واختيار الحل العسكري بدل الديبلوماسي في معالجة مسألة النووي الايراني. من هذه النواحي، يشكل تعيينه وزيرا للخارجية مشكلة لحكومة نتنياهو ليبرمان.
وأشارت مصادر مؤيدة لإسرائيل إلى مخاوف من أن كيري، مثل وزراء خارجية سابقين، قد يحاول في أيامه الأولى إظهار تحركات غير مرغوب فيها من جانب إسرائيل تتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي. وقالت هذه المصادر لوسائل إعلام إسرائيلية إن كلينتون تميزت عملياً بموقف سلبي تجاه هذا الصراع ولم تعرض أي مبادرات ذات شأن. ومن الجائز أن مكانة كيري الشعبية كعسكري سابق وكمناضل ضد الحرب أكسبته مكانة أبقته 27 عاماً في مجلس الشيوخ، كما أكسبته ثقة حزبه به بترشيحه للرئاسة (2004)، فضلاً عن أنه طوال السنوات الأربع الأخيرة ترأس لجـــنة الخارجية في مجلـــس الشيوخ وجميعها مناصب أكسبته خبرة تساعده جــداً في منصبه الجديد كرئيس للخارجية الأميركية.
على كل حال تترقب إسرائيل بفارغ الصبر انتهاء التعيينات في إدارة أوباما الثانية. ومن المقرر أن ينتهي الرئيس الأميركي من إتمام إشغال كل المناصب العليا في إدارته خلال الأسابيع القريبة. وبديهي أن أرفع منصبين في الإدارة بعد الخارجية هما وزارة الدفاع ورئاسة الاستخبارات المركزية. ومعلوم أن وزير الدفاع الحالي ليون بانيتا أعرب عن رغبته في عدم الاستمرار في منصبه، وكذلك حال مدير الاستخبارات المركزية الجنرال دايفيد بتراوس الذي اضطر لتقديم استقالته على خلفية فضيحة غرامية.
وبرزت انتقادات وشكوك إسرائيلية كبيرة إزاء أقوى المرشحين لوزارة الدفاع وهو السيناتور الجمهوري السابق تشاك هايغل. وتــوجهت هذه الانتقــادات أساساً لمواقف هايغل «المتسامحة» من وجهة نــظر إسرائيلية تجاه إيــران وحركة حماس و«حزب الله».
وفي المقابل فإن المرشحين الأكثر ترجيحاً لمنصب مدير الاستخبارات المركزية هما نائب بتراوس، مايكل مورال، ومساعد وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات مايكل فيكرز. ويلي ذلك في الأهمية منصب وزير المالية حيث يمكن أن يستبدل برئيس طاقم البيت الأبيض جاك لو. وكذلك أعرب النائب العام أريك هولدر عن رغبته في ترك منصبه وعلى الأغلب ستحل مكانه وزيرة الأمن الداخلي، جانيت نابوليتانو.
المصدر :
السفير/حلمي موسى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة