اي نظام بديل في سوريا رغم كل المؤشرات على ان سقوط النظام ليس بالسهولة التي يتصورها الكثيرون؟الايام المقبلة هائلة، وبكل معنى الكلمة…

من يستطيع الاجابة على ذلك السؤال: باراك اوباما ام رجب طيب اردوغان ام نبيل العربي ام… عدنان العرعور؟

ها ان احمد معاذ الخطيب ينتقل من الضفة الفرنسية الى الضفة الاميركية استعداداً لتسلم رئاسة المجلس الانتقالي، وعلى اساس انه الرجل الذي يستطيع اللعب مع «الاخوان المسلمين»، اخوان سوريا تحديداً الذين باتوا، جميعاً، في قبضة وكالة الاستخبارات المركزية، وكذلك اللعب مع «جبهة النصرة» التي اعتبرتها واشنطن منظمة ارهابية فأثارت غضب احمد معاذ الخطيب ومحمد رياض الشقفة، وان كان الاثنان يتوجسان الشر المستطير من دور هذه الجبهة عقب سقوط النظام..

…النظام الذي يرى كثيرون انه ينبغي ألا يستمر إن بسبب الواقع الذي على الارض او بسبب الواقع الاقليمي والدولي الذي يحملنا على استعادة ما قاله بول ولفوويتز من ان هذا الشرق الاوسط إما ان يكون اميركيا او لا يكون…

الروس، كما هي العادة، قد يلتفون بعباءاتهم التي لم تعد حمراء ويرحلون. يتركون وراءهم اصدقاءهم محطمين، او ضائعين، ويرحلون. ألم يقل اندريه فونتين ان الولايات المتحدة تتصرف كما لو انها نسخة بشرية عن… القضاء والقدر؟

ولا ندري الى اي مدى كان ديفيد اغناثيوس جاداً وجدياً حين قال ان الثمن الاستراتيجي الذي يمكن ان يتقاضاه الروس لقاء تسليمهم بنهاية النظام في سوريا هو بقاء فلاديمير بوتين في الكرملين. تحليل مضحك؟ ولكن ألم تعقد، ذات يوم، تلك الصفقة السرية بين ديك تشيني، وكان وزيراً للدفاع في عهد الرئيس جورج بوش الاب، وميخائيل خودوركوفسكي الذي يقبع الآن وراء القضبان من اجل بيع سيبيريا التي هي بمثابة الكوكب الآخر الى واشنطن، تماماً كما باع القيصر الكسندر الثاني الذي انهكته حرب القرم آلاسكا الى الرئيس اندرو جونسون؟

ما يعنينا الآن هو مصير سوريا، بعيداً عن العنتريات او البهلوانيات التي تظهر على الساحة اللبنانية الآن. حتماً سوريا لن تعود سوريا، ..فلن تحكم سوريا، بعد الآن، من دمشق بل من اسطنبول ومن واشنطن ومن اورشيلم، ولا ندري ما اذا كانت ستحكم من قندهار بعدما بدأ العرب الاشاوس بمد اليد، اليد المرصعة بالذهب بطبيعة الحال، الى «طالبان» التي عليها ان تتخلى عن الافيون، وعن الايديولوجيا ( التي لا تختلف هنا عن الافيون) في مقابل المال الذي يدفع نقداً وعداً…

 

وقد يكتشف الملاّ عمر، اطال الله بعمره، ان مفاتن الدنيا في لاس فيغاس اكثر إثارة بكثير من مفاتن الآخرة في قندهار..

ولكن من قال ان السوريين، بأكثريتهم الساحقة، وبمنأى عن تلك القطع الاثرية الرثة التي نشاهدها داخل «الائتلاف الوطني»( من الآن و صاعدا تابعوا بدقة رقعة الشطرنج)، يقبلون بأن يكونوا رعايا عثمانيين، او ان يوضعوا تحت العباءات البالية، او ان يؤدوا رقصة الدراويش، او رقصة السكارى( ناهيك عن رقصة الروك اندرول) التي يؤديها العرب حول هيكل سليمان؟

السوريون طراز آخر، وستثبت الايام ذلك، ولا يمكن ان يكونوا من دون قضية، وهم الذين اقتطع منهم لواء الاسكندرون واغتصبت منهم مرتفعات الجولان. والمثير ان من اثار هذه المسألة هو الاميركي( اليهودي) مارتن انديك الذي اعتبر ان اهم ما يقتضي فعله في سوريا، بعد سقوط النظام السوري ، هو غسل ادمغة السوريين، فلا ضرورة البتة لاي صراع مع تركيا ولاي صراع مع اسرائيل. الصراع الحقيقي ينبغي ان يتمحور حول الديمقراطية والحداثة…

لمصلحة من ان تكون سوريا ديمقراطية؟ وهل هو احمد معاذ الخطيب بشخصيته الهشة التي تشبه شخصية الليبي مصطفى عبد الجليل؟ وهل هو محمد رياض الشقفة بتقاطيعه الباهتة وعقدته الشهيرة بأن يكون الواحد الاحد على رأس سوريا؟ وهل هو عدنان العرعور، بماضيه الاخلاقي المرهف، والملطخ بكل انواع الموبقات، والذي يهدد يومياً بقطع الروؤس؟

هل هؤلاء الذين يتلقون مخصصات شهرية من هذا الديناصور او ذاك هم من سيقيمون الديمقراطية..

وحتى عربياً، من يستطيع ان يتحمل الديمقراطية، والحداثة بأبعادها التفاعلية والخلاقة، في سوريا، فالرياح السورية لا تبقى عادة في مكانها. ولكن اي سوريا الآن وقد تحوّلت الى ركام، ويريدها الاميركيون والاسرائيليون والاتراك ان تبقى كذلك، وأمامنا تجربة مصر حيث لاذ المال العربي الصاخب بالصمت ليستقبل الرئيس محمد مرسي بالاحضان كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، من اجل حفنة من الدولارات، وبشروط مصاصي الدماء…

في هذه اللحظة، باقة من الياسمين الاسود.اجل الياسمين الاسود، على ضريح يوسف العظمة!

 

 

  • فريق ماسة
  • 2012-12-14
  • 11184
  • من الأرشيف

الياسمين الأسود

اي نظام بديل في سوريا رغم كل المؤشرات على ان سقوط النظام ليس بالسهولة التي يتصورها الكثيرون؟الايام المقبلة هائلة، وبكل معنى الكلمة… من يستطيع الاجابة على ذلك السؤال: باراك اوباما ام رجب طيب اردوغان ام نبيل العربي ام… عدنان العرعور؟ ها ان احمد معاذ الخطيب ينتقل من الضفة الفرنسية الى الضفة الاميركية استعداداً لتسلم رئاسة المجلس الانتقالي، وعلى اساس انه الرجل الذي يستطيع اللعب مع «الاخوان المسلمين»، اخوان سوريا تحديداً الذين باتوا، جميعاً، في قبضة وكالة الاستخبارات المركزية، وكذلك اللعب مع «جبهة النصرة» التي اعتبرتها واشنطن منظمة ارهابية فأثارت غضب احمد معاذ الخطيب ومحمد رياض الشقفة، وان كان الاثنان يتوجسان الشر المستطير من دور هذه الجبهة عقب سقوط النظام.. …النظام الذي يرى كثيرون انه ينبغي ألا يستمر إن بسبب الواقع الذي على الارض او بسبب الواقع الاقليمي والدولي الذي يحملنا على استعادة ما قاله بول ولفوويتز من ان هذا الشرق الاوسط إما ان يكون اميركيا او لا يكون… الروس، كما هي العادة، قد يلتفون بعباءاتهم التي لم تعد حمراء ويرحلون. يتركون وراءهم اصدقاءهم محطمين، او ضائعين، ويرحلون. ألم يقل اندريه فونتين ان الولايات المتحدة تتصرف كما لو انها نسخة بشرية عن… القضاء والقدر؟ ولا ندري الى اي مدى كان ديفيد اغناثيوس جاداً وجدياً حين قال ان الثمن الاستراتيجي الذي يمكن ان يتقاضاه الروس لقاء تسليمهم بنهاية النظام في سوريا هو بقاء فلاديمير بوتين في الكرملين. تحليل مضحك؟ ولكن ألم تعقد، ذات يوم، تلك الصفقة السرية بين ديك تشيني، وكان وزيراً للدفاع في عهد الرئيس جورج بوش الاب، وميخائيل خودوركوفسكي الذي يقبع الآن وراء القضبان من اجل بيع سيبيريا التي هي بمثابة الكوكب الآخر الى واشنطن، تماماً كما باع القيصر الكسندر الثاني الذي انهكته حرب القرم آلاسكا الى الرئيس اندرو جونسون؟ ما يعنينا الآن هو مصير سوريا، بعيداً عن العنتريات او البهلوانيات التي تظهر على الساحة اللبنانية الآن. حتماً سوريا لن تعود سوريا، ..فلن تحكم سوريا، بعد الآن، من دمشق بل من اسطنبول ومن واشنطن ومن اورشيلم، ولا ندري ما اذا كانت ستحكم من قندهار بعدما بدأ العرب الاشاوس بمد اليد، اليد المرصعة بالذهب بطبيعة الحال، الى «طالبان» التي عليها ان تتخلى عن الافيون، وعن الايديولوجيا ( التي لا تختلف هنا عن الافيون) في مقابل المال الذي يدفع نقداً وعداً…   وقد يكتشف الملاّ عمر، اطال الله بعمره، ان مفاتن الدنيا في لاس فيغاس اكثر إثارة بكثير من مفاتن الآخرة في قندهار.. ولكن من قال ان السوريين، بأكثريتهم الساحقة، وبمنأى عن تلك القطع الاثرية الرثة التي نشاهدها داخل «الائتلاف الوطني»( من الآن و صاعدا تابعوا بدقة رقعة الشطرنج)، يقبلون بأن يكونوا رعايا عثمانيين، او ان يوضعوا تحت العباءات البالية، او ان يؤدوا رقصة الدراويش، او رقصة السكارى( ناهيك عن رقصة الروك اندرول) التي يؤديها العرب حول هيكل سليمان؟ السوريون طراز آخر، وستثبت الايام ذلك، ولا يمكن ان يكونوا من دون قضية، وهم الذين اقتطع منهم لواء الاسكندرون واغتصبت منهم مرتفعات الجولان. والمثير ان من اثار هذه المسألة هو الاميركي( اليهودي) مارتن انديك الذي اعتبر ان اهم ما يقتضي فعله في سوريا، بعد سقوط النظام السوري ، هو غسل ادمغة السوريين، فلا ضرورة البتة لاي صراع مع تركيا ولاي صراع مع اسرائيل. الصراع الحقيقي ينبغي ان يتمحور حول الديمقراطية والحداثة… لمصلحة من ان تكون سوريا ديمقراطية؟ وهل هو احمد معاذ الخطيب بشخصيته الهشة التي تشبه شخصية الليبي مصطفى عبد الجليل؟ وهل هو محمد رياض الشقفة بتقاطيعه الباهتة وعقدته الشهيرة بأن يكون الواحد الاحد على رأس سوريا؟ وهل هو عدنان العرعور، بماضيه الاخلاقي المرهف، والملطخ بكل انواع الموبقات، والذي يهدد يومياً بقطع الروؤس؟ هل هؤلاء الذين يتلقون مخصصات شهرية من هذا الديناصور او ذاك هم من سيقيمون الديمقراطية.. وحتى عربياً، من يستطيع ان يتحمل الديمقراطية، والحداثة بأبعادها التفاعلية والخلاقة، في سوريا، فالرياح السورية لا تبقى عادة في مكانها. ولكن اي سوريا الآن وقد تحوّلت الى ركام، ويريدها الاميركيون والاسرائيليون والاتراك ان تبقى كذلك، وأمامنا تجربة مصر حيث لاذ المال العربي الصاخب بالصمت ليستقبل الرئيس محمد مرسي بالاحضان كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، من اجل حفنة من الدولارات، وبشروط مصاصي الدماء… في هذه اللحظة، باقة من الياسمين الاسود.اجل الياسمين الاسود، على ضريح يوسف العظمة!    

المصدر : نبيه برجي \ الديار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة