دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
سيسعد السوريون كثيرا بـ«أبي أنس الصحابة»، كما ابتهج العراقيون قبلهم بـ«أبي مصعب الزرقاوي» الذي أدمى ملايين القلوب وهو يسير على دربه الطويل الى ... الجنة.
لكن الكتاب غالباً ما يُقرأ من العنوان. والعنوان للمنجزات السورية لهؤلاء، كان شاقا ودمويا.
وغالب الظن، سيكون «أبو أنس الصحابة» على خطى زعيم «جبهة النصرة» في سوريا «أبو جيلبيب الطوباسي»، صهر الزرقاوي، الذي يتردد أنه سار هو الآخر على درب الجنة نفسها قبل أيام. لكن الخطى هذه أمنية بحتة... هناك غياب واضح لأي فكر (إن صحت كلمة فكر) سياسي أو برنامج عمل، باستثناء ما تتناقله مشاهد «اليوتيوب» عن واجب التفجير والذبح وحرق دور عبادة... أي ما يندرج في سياق أعمال «جهاد» ونصرة... ولكن نصرة من؟! لم يعد الابتلاء السوري محصوراً بمعاناة الحرب السائرة نحو عامها الثالث، وتفاصيلها التي توجع القلوب، ليس أقلها الترويج منذ أيامها الأولى لمقولة قرب سقوط النظام، وتجديدها كل بضعة شهور، بما يعني ذلك من تمديد للغة السلاح من الطرفين، ولمنطقها.
تُترك مشيئة الاختيار للسوريين، في زمن عزت فيه القدرة على الاختيار. لكن «أبو أنس الصحابة» وهو يعتلي إمارة التنظيم، ليس ما يشتهيه السوريون عموماً، وهو ليس حلماً سورياً بالتأكيد، لكن الأكثر مدعاة للاستهجان أن يتبنى أحمد معاذ الخطيب، وهو يقدم «ائتلافه» بديلا للنظام السوري، «جبهة النصرة» ويدافع عنها وعن «إسلامها».
منذ أن جرى تعيينه في الدوحة، ومعاذ الخطيب يحاول أن يطرح صورة مغايرة عن تلك التي رسخها رموز «المجلس الوطني» طوال نحو عام من التخبط السياسي وصراع النفوذ بين القوى المختلفة نفسها وبين الأطراف الاقليمية، التي جاء هو كنتاج للتسوية بينها.
ويكاد لا يمر يوم إلا ويدلي معاذ الخطيب بمواقف في سياق ما يراه نهجا معتدلا في الأداء، يبدد ما تراكم من شوائب، وهي كثيرة، على ثوب «المجلس»، المحاك في أكثر من عاصمة عربية وغربية وجهاز أمني.
لكن معاذ الخطيب، وهو يخطو خطواته الأولى في «فنون» القيادة، بعدما قدم على إتقانه فنون الخطابة الدينية، تراه كمن يتحبب لصورة «ابو أنس الصحابة»، مخالفاً من يفترض أنها أجنحته العسكرية في «الجيش السوري الحر»، المتململة بغالبيتها من «جبهة النصرة» وطغيان حضورها.
هذه ليست حنكة قيادية. اذ لا يمكن تصور أن «أبو أنس» سيستأنس بدفاع معاذ عنه، ولا بادعائه النطق باسم المسلحين في أنحاء سوريا.
يضيف معاذ بذلك الى رصيده القيادي سقطات إضافية: تبنيه في الدوحة ومن منظوره الديني تحريم الحوار بعدما كان يراه مشروعا، والتماثل بالتالي مع «ابو أنس» في الخيار العسكري، والاقتناع بتفكيك الأجهزة الأمنية والعسكرية (أسوة بما جرى في العراق)... قبول «ائتلافه» بقوات حفظ سلام دولية ثم التراجع عنها لان غزوة تدمير دمشق يجرى الإعداد لها. ثم أضاف معاذ لمسة مبهرة: انتظار تقديم الأسد الاستقالة له!
ما هكذا يكون «الاعتدال». وهي يفترض أنها ميزته التي سوّق لها مع اختياره في قطر. هذه أشبه بـ«زرقاوية» أبو مصعب.، أو «نصرة» أبو أنس. وفي أحسن الأحوال، بلاهة سياسية، ويا لوجعنا، كم هي كثيرة حول سوريا والسوريين.
المصدر :
خليل حرب \ السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة