في ضوء اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بحضور المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي ، بدأت بعض معالم صورة ومستقبل الوضع في سورية تتوضح، خصوصاً بعد سلسلة من الإشارات حول بداية تحول في الموقف الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، مما يجري من إرهاب دولي يستهدف الدولة الوطنية السورية، كنظام وشعب ومؤسسات، حيث كانت الإشارة الأولى لهذا التحول حسب المراقبين، وضع لائحة جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة على لائحة الإرهاب، وإن كانت بعض الأوساط الدبلوماسية رأت أن هذه الخطوة جاءت على خلفية الوضع الداخلي الأميركي كي لا تظهر الإدارة الأميركية أمام الرأي العام الأميركي بأنها تحارب الإرهاب في مناطق معينة من العالم، وتغض النظر عن الإرهاب الذي يطال سورية، وهذا ما تحدثت عنه أخيراً بعض الصحف الأميركية.

وتقول مصادر دبلوماسية، إن القيادة الروسية تسعى جاهدة لاستقطاب المزيد من المواقف الدولية، من أجل تكريس مبدأ الحل السياسي للأزمة في سورية، انطلاقاً من مقررات مؤتمر جنيف وهذا ما جاء في بيان وزارة الخارجية الروسية، حول لقاء لافروف وكلينتون والإبراهيمي في "دبلن" والذي اتفق خلاله على ضرورة تواصل الجانبين الروسي والأميركي مع الإبراهيمي، من أجل التحضير والعمل الهادف لوضع آلية حقيقية وجدية لمقررات مؤتمر جنيف، وتنفيذها على أرض الواقع.

ويبدو أن القيادة الروسية نجحت إلى حد ما، في جعل الموقف الأميركي أكثر واقعية، ومن هنا جاءت تصريحات كلينتون الأخيرة حول دعوة كل الأطراف التي تؤثر على الحكومة السورية، وعلى المعارضة، لمساعدة ودعم مهمة المبعوث الأممي، مع الإشارة هنا وحسب المصادر الدبلوماسية، إلى أن الإدارة الأميركية ليست بحاجة إلى مثل هذه الدعوة من الوزيرة الأميركية، باعتبار أن الولايات المتحدة هي صاحبة القرار وما تبقى من عملائها في أوروبا والعالم العربي وتركيا عليهم التنفيذ، وهذا ما أثبتته الوقائع في أكثر من أزمة عالمية، سواء في العراق أو أفغانستان أو اليمن، وحتى في مصر وليبيا وتونس.

وتشير المصادر الدبلوماسية إلى أن الموقف الروسي ثابت على جميع المستويات بخصوص الوضع في سورية، وتمسكه بقرارات جنيف لكي تكون أساساً للحل في سورية، وأن روسيا لم ولن تقدم أي تنازلات ولكن البحث يتم لإيجاد صيغ وافكار جديدة عنوانها مقررات جنيف كما أن روسيا تعتبر أهم شيء بالنسبة إليها هو وحدة سورية وقوة الجيش السوري الذي يضم كل مكونات هذا الشعب، وأن أي حل من دون الرئيس بشار الأسد، يعني دعوة إلى مزيد من الاقتتال لن تؤدي إلى أي نتيجة، بل على العكس، فإن وجود الرئيس الأسد، هو الذي يساعد على الحل بوجود جميع الأطراف.

كما أن روسيا تحاول مع الآخرين التأكيد على أن استمرار التسليح والتدريب والرعاية للإرهابيين وللمسلحين لن يؤدي إلى النتيجة التي يتوهمون أنهم قادرون من خلالها على إسقاط النظام في سورية، بل إن الإصرار من قبل دول وجهات أصبحت معروفة على عسكرة الصراع في سورية، لن يؤدي فقط إلى خراب ودمار سورية، بل سيكون سبباً في حصول انفجار في المنطقة كلها.

وكشفت المصادر الدبلوماسية عن الدول المتورطة في الحرب على سورية، وأن ما يسمى "بالمعارضات السورية" ما زالت توهم الأميركيين حتى اللحظة بأنها في صدد إسقاط دمشق، مع العلم أن الذي يحصل في ريف دمشق هو العكس تماماً، فالجيش السوري يضرب وبقوة التنظيمات الإرهابية، والكلام عن معركة دمشق الحاسمة أو معركة حلب الفاصلة، ما هي إلا أوهام لدى تلك الدول والجهات التي تحاول من خلالها استمرار نزيف الدم في سورية، مع علمها أن المجموعات الإرهابية غير قادرة على الوجود في منطقة معينة من سورية، نتيجة الضربات الموجعة التي يوجهها الجيش السوري إليها، في كل المحافظات.

وأوضحت المصادر الدبلوماسية، أن القيادة الروسية على علم بكل هذه الحقائق. وهي لذلك مطمئنة إلى قوة النظام وتماسك الجيش السوري، ومن أجل ذلك تسعى روسيا إلى عقد مؤتمر جنيف ثان يكون مكملاً للمؤتمر الأول عبر توسيع إطار المشاركين فيه، لكي يضم كلاً من إيران والسعودية وتركيا، في محاولة لترجمة مقررات المؤتمر السابق. كما أن روسيا تطرح نفسها في هذه المرحلة على قاعدة وجود نظام عالمي جديد، وهي لذلك لديها ثوابت في مواقفها

الاستراتيجية، وأنها تتعامل مع الأزمة السورية على أساس هذه الثوابت، لأنه إذا تراجعت عن مواقفها من سورية، فإن صورتها تشوش ومصداقيتها تهتز، ولهذا ليس هناك أي تراجع في الموقف الروسي من الأزمة السورية.

ومن خلال هذه المعطيات والتطورات الحاصلة، ترى المصادر الدبلوماسية أنه قبل شهري شباط وآذار المقبلين، لن تكون صورة الحل السياسي في سورية واضحة، بمعنى أن الإدارة الأميركية وبعد تسلم الرئيس أوباما مهامه لفترة ثانية. ستشهد تغييرات دبلوماسية وعسكرية سيتحدد في نتيجتها مسار الوضع في سورية والمنطقة مع قناعة المصادر أن اتفاقاً روسياً ـ أميركياً كفيل بإيجاد الحلول اللازمة للوضع في سورية مع ملفات أخرى في العالم ليس أقلها وأهمها الملف النووي الإيراني، وعملية السلام في الشرق الأوسط.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2012-12-10
  • 9098
  • من الأرشيف

روسيا... وجنيف (2)

في ضوء اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بحضور المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي ، بدأت بعض معالم صورة ومستقبل الوضع في سورية تتوضح، خصوصاً بعد سلسلة من الإشارات حول بداية تحول في الموقف الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، مما يجري من إرهاب دولي يستهدف الدولة الوطنية السورية، كنظام وشعب ومؤسسات، حيث كانت الإشارة الأولى لهذا التحول حسب المراقبين، وضع لائحة جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة على لائحة الإرهاب، وإن كانت بعض الأوساط الدبلوماسية رأت أن هذه الخطوة جاءت على خلفية الوضع الداخلي الأميركي كي لا تظهر الإدارة الأميركية أمام الرأي العام الأميركي بأنها تحارب الإرهاب في مناطق معينة من العالم، وتغض النظر عن الإرهاب الذي يطال سورية، وهذا ما تحدثت عنه أخيراً بعض الصحف الأميركية. وتقول مصادر دبلوماسية، إن القيادة الروسية تسعى جاهدة لاستقطاب المزيد من المواقف الدولية، من أجل تكريس مبدأ الحل السياسي للأزمة في سورية، انطلاقاً من مقررات مؤتمر جنيف وهذا ما جاء في بيان وزارة الخارجية الروسية، حول لقاء لافروف وكلينتون والإبراهيمي في "دبلن" والذي اتفق خلاله على ضرورة تواصل الجانبين الروسي والأميركي مع الإبراهيمي، من أجل التحضير والعمل الهادف لوضع آلية حقيقية وجدية لمقررات مؤتمر جنيف، وتنفيذها على أرض الواقع. ويبدو أن القيادة الروسية نجحت إلى حد ما، في جعل الموقف الأميركي أكثر واقعية، ومن هنا جاءت تصريحات كلينتون الأخيرة حول دعوة كل الأطراف التي تؤثر على الحكومة السورية، وعلى المعارضة، لمساعدة ودعم مهمة المبعوث الأممي، مع الإشارة هنا وحسب المصادر الدبلوماسية، إلى أن الإدارة الأميركية ليست بحاجة إلى مثل هذه الدعوة من الوزيرة الأميركية، باعتبار أن الولايات المتحدة هي صاحبة القرار وما تبقى من عملائها في أوروبا والعالم العربي وتركيا عليهم التنفيذ، وهذا ما أثبتته الوقائع في أكثر من أزمة عالمية، سواء في العراق أو أفغانستان أو اليمن، وحتى في مصر وليبيا وتونس. وتشير المصادر الدبلوماسية إلى أن الموقف الروسي ثابت على جميع المستويات بخصوص الوضع في سورية، وتمسكه بقرارات جنيف لكي تكون أساساً للحل في سورية، وأن روسيا لم ولن تقدم أي تنازلات ولكن البحث يتم لإيجاد صيغ وافكار جديدة عنوانها مقررات جنيف كما أن روسيا تعتبر أهم شيء بالنسبة إليها هو وحدة سورية وقوة الجيش السوري الذي يضم كل مكونات هذا الشعب، وأن أي حل من دون الرئيس بشار الأسد، يعني دعوة إلى مزيد من الاقتتال لن تؤدي إلى أي نتيجة، بل على العكس، فإن وجود الرئيس الأسد، هو الذي يساعد على الحل بوجود جميع الأطراف. كما أن روسيا تحاول مع الآخرين التأكيد على أن استمرار التسليح والتدريب والرعاية للإرهابيين وللمسلحين لن يؤدي إلى النتيجة التي يتوهمون أنهم قادرون من خلالها على إسقاط النظام في سورية، بل إن الإصرار من قبل دول وجهات أصبحت معروفة على عسكرة الصراع في سورية، لن يؤدي فقط إلى خراب ودمار سورية، بل سيكون سبباً في حصول انفجار في المنطقة كلها. وكشفت المصادر الدبلوماسية عن الدول المتورطة في الحرب على سورية، وأن ما يسمى "بالمعارضات السورية" ما زالت توهم الأميركيين حتى اللحظة بأنها في صدد إسقاط دمشق، مع العلم أن الذي يحصل في ريف دمشق هو العكس تماماً، فالجيش السوري يضرب وبقوة التنظيمات الإرهابية، والكلام عن معركة دمشق الحاسمة أو معركة حلب الفاصلة، ما هي إلا أوهام لدى تلك الدول والجهات التي تحاول من خلالها استمرار نزيف الدم في سورية، مع علمها أن المجموعات الإرهابية غير قادرة على الوجود في منطقة معينة من سورية، نتيجة الضربات الموجعة التي يوجهها الجيش السوري إليها، في كل المحافظات. وأوضحت المصادر الدبلوماسية، أن القيادة الروسية على علم بكل هذه الحقائق. وهي لذلك مطمئنة إلى قوة النظام وتماسك الجيش السوري، ومن أجل ذلك تسعى روسيا إلى عقد مؤتمر جنيف ثان يكون مكملاً للمؤتمر الأول عبر توسيع إطار المشاركين فيه، لكي يضم كلاً من إيران والسعودية وتركيا، في محاولة لترجمة مقررات المؤتمر السابق. كما أن روسيا تطرح نفسها في هذه المرحلة على قاعدة وجود نظام عالمي جديد، وهي لذلك لديها ثوابت في مواقفها الاستراتيجية، وأنها تتعامل مع الأزمة السورية على أساس هذه الثوابت، لأنه إذا تراجعت عن مواقفها من سورية، فإن صورتها تشوش ومصداقيتها تهتز، ولهذا ليس هناك أي تراجع في الموقف الروسي من الأزمة السورية. ومن خلال هذه المعطيات والتطورات الحاصلة، ترى المصادر الدبلوماسية أنه قبل شهري شباط وآذار المقبلين، لن تكون صورة الحل السياسي في سورية واضحة، بمعنى أن الإدارة الأميركية وبعد تسلم الرئيس أوباما مهامه لفترة ثانية. ستشهد تغييرات دبلوماسية وعسكرية سيتحدد في نتيجتها مسار الوضع في سورية والمنطقة مع قناعة المصادر أن اتفاقاً روسياً ـ أميركياً كفيل بإيجاد الحلول اللازمة للوضع في سورية مع ملفات أخرى في العالم ليس أقلها وأهمها الملف النووي الإيراني، وعملية السلام في الشرق الأوسط.    

المصدر : نور الدين الجمال\ البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة