دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يكاد يجزم العارفون بخفايا وتلابيب ما يجري في المشهد الاقليمي والدولي بانه لا حرب في الافق لا على ايران ولا على لبنان ولا على سوريا رغم كل الجعجعة الاسرائيلية ودق طبول الحرب الاعلامية الامريكية!
ويستشهد هؤلاء بمؤشرين لطالما اعتمدا في تقدير الموقفين الصهيوني والامريكي في هذا السياق:
الاول: وهو انه كلما رأيت الاسرائيلي يزبد ويرعد ويهدد بالحرب من على منابر الاعلام فانه انما يعبر بذلك عن اختناق داخلي وحاجة ذاتية تدفعه لمثل هذا الصراخ العلني في محاولة لتغطية عجزه عن القيام بحرب مضمونة واكيدة!
وبالتالي فهو يعوض عنها باللجوء لمثل هذه الحالة لابتزاز الغربي والامريكي بشكل خاص لاجباره على ارسال مزيد من الدعم والاسناد للكيان او للتورط بحرب يقوم بها الاخرون نيابة عنه!
الثاني: وهو ان الامريكي كلما اقترب كثيرا من خصمه الى حد التماس كلما كان يبحث عن صفقة او تسوية او خدعة ما!
والرصد الايراني المستمر وعلى مدار الساعة لتحركات الامريكي في ميادين الحرب المحتملة لاسيما في المياه الدافئة وعلى امتداد الستة اشهر الماضية يؤكد بان لا مؤشرات على الارض توحي بان ادارة اوباما بصدد القيام باي تهور حربي وان ما يصدرمن جعجعة منها هناك انما يهدف الى احكام مزيد من طوق الحصار على الخصم ظنا منها ان ذلك سيدفع بهذا الخصم الى تقديم التنازلات المطلوبة على طاولة الحوار المرجوة!
مختصون متابعون في هذا الشان يؤكدون بان قيادة الحرس الثوري الايراني ومن خلال 23 نقطة رصد ميدانية مركزية اقيمت على طول سواحل خليج فارس في مدار منظومة باتت تعرف بالنازعات تقوم بحساب عد انفاس الامريكيين على مدار اليوم وترسل تقريرا ميدانيا كل ساعتين مرة الى القيادة العليا تفيد جميعها بان الامريكي متهيب من اي صدام قد ينزلق اليه مع خصمه الايراني بسبب خطأ يرتكب هنا او هناك وان لا اشارات لوجستيكية مطلقا تفيد بانه قد نقل الى ارض المعركة ما يثبت انه بصدد القيام بعملية حربية ما!
بل ان هؤلاء المختصين يضيفون مؤكدين بان الرئيس اوباما منهمك الان بعد دخوله الثاني للبيت الابيض بتطهير ادارته من بقايا المحافظين الجدد من تركة بوش ممن اثقلوا كاهله طوال دورته الاولى وان اول الغيث في هذا المسار هو اخراج بترايوس بذريعة الفضيحة الاخلاقية فيما السر الحقيقي الذي يكمن وراء هذه الخطوة انما جاء على خلفية خلاف حاد بين الرجلين على شكل التعامل مع الملف الايراني كما يؤكد العارفون ببواطن ما يجري خلف الكواليس في هذا السياق!
ولكن هل يعني هذا بان اوباما يريد رفع يده عن ايران والتحضير لعهد التطبيع معها ؟!
بالتأكيد كلا يقول المختصون بالشأن الايراني والذين يؤكدون بالمقابل بان الوقت لم يحن بعد لمثل هكذا خطوات والسبب في ذلك هو الصد الحازم والمتكرر من جانب القيادة الايرانية العليا لكل التماسات الجانب الامريكي بهذا الخصوص والتي تم ايصالها عبر رسائل مباشرة من الرئيس اوباما والتي كان اخرها اسابيع قليلة قبل اجراء الانتخابات الامريكية الرئاسية.
ما الذي يحضر له الثنائي الامريكي الاسرائيلي لايران وحلفائها في محور المقاومة اذن؟!
يؤكد خبراء مختصون بالحرب الناعمة وتلك المختلطة بين الناعمة والصلدة بان الامريكي قد تمكن من اقناع الاسرائيلي وسائر ادواته في المنطقة بان الحل الانسب له في ظل قراره الذي لا رجعة عنه في عدم تكرار خوض حروب شبيهة بحربي افغانستان والعراق هو محاولة الدخول الى القلعة من البوابات الخلفية اي محاولة خلخلة العرين من الداخل عبر اشعال حرب داخلية في مدار كل طرف من اطراف هذا المحور الذي يبدو انه بات مستعصيا على المواجهة المباشرة.
الترجمة العملية لامر عمليات من هذا النوع تعني اشعال حروب صغيرة متنقلة بالنيابة يقوم بها اطراف من سكان هذه البيوت الداخلية مرة باسم الدفاع عن اهل السنة مقابل المد الشيعي ومرة باسم الدفاع عن الامن القومي العربي مقابل التمدد الفارسي ومرة باسم الدفاع عن نموذج الديمقراطية الغربي الليبرالي والعلماني مقابل اي صيغة محلية شوروية او اصلاحية يقررها اي طرف من اطراف المعادلة الاقليمية سواء ممن ينتمي الى فئة الحكام القدامى او فئة الحكام الجدد! فيما يخص ايران مثلا فان كل المؤشرات تفيد بان الامريكي وبمساعدة واسناد اسرائيلي ‘عربي’ رسمي سيتم التركيز على محاولة اشعال فتنة اقوى واشد واكثر تعقيدا وتشابكا من تلك التي رافقت انتخابات الرئاسة الايرانية السابقة حيث يعتقد ان الامر في هذه المرة قد لا يقتصر على الحرب الناعمة من نوعها الاعلامي والتحريضي فحسب وانما قد يصحبها ويرافقها محاولة ادخال عنصري الاغتيالات والمفخخات والفتن المذهبية والعرقية!
هذا فيما سيتم رفع مستوى التحريض على ايران في اوساط الرأي العام العربي عبر وسائط محلية ومحيطة ترفع من وتيرة الايران فوبيا والشيعة فوبيا لابقاء اسرائيل محمية ومصانة خلف الجدار!
في هذه الاثناء ستستمر الحرب الكونية التحريضية والعمليات الارهابية المنظمة ضد سوريا واشغال كل قطر عربي بصراعات حادة بين تيارات عروبية واسلام سياسي وسلفي لحساب ابعاد صناع القرار الجدد الذين ركبوا على موجة الصحوة الاسلامية المشرقية عن اي قرار جدي وحقيقي في مواجهة الاسرائيلي الذي كان يفترض ان يكون هو الطرف المنتظر دوره في السقوط في حراك تساقط الدومينو!
ومع ذلك ثمة من يتحدث عن مفاجآت قد تحملها الاسابيع والاشهر المقبلة من بينها اضطرار الامريكي لعقد تسوية كبرى في لحظة ما مع الصاعدين المنافسين له على المستويين الاقليمي والدولي اي الروسي والصيني على خلفية استقواء الاخيرين بصمود اطراف محور المقاومة والممانعة وفشل كل مخططات فك عرى التحالف بين اطرافه.
فيما يتحدث اخرون عن احتمال لجوء احد اطراف محور المقاومة الى خطوة ردعية في مكان ما ليس بالضرورة ان تكون حربية لكن من شأنها ان تقلب اصطفافات القوى وتغير من قواعد الاشتباك اكثر فاكثر لغير صالح الثنائي الامريكي الاسرائيلي!
في كل الاحوال فان القدر المتيقن من كل ما تقدم هو اننا نمر في عنق قمة الجبل في حركة صعود وهبوط الامم، وانه بقدر ما تحيط بنا الاخطار والاهوال والفتن من كل جانب بقدر ما بتنا كعالم اسلامي ووطن عربي نملك من مقومات القوة والاقتدار ما قد يجعلنا نقلب الطاولة على رأس العدو ونجتاز هذا المنعطف الجبلي الخطير بسلام ونجعل عدونا هو من يفقد توازنه وينحدر في السقوط المتسارع على المنحدر الحاد!
شرط ذلك هو امتلاك حكامنا ونخبنا من الطبقة السياسية الجديدة وحلفائها المفترضين في المعركة المصيرية في محور المقاومة التقدير السليم للموقف في معادلة صراع الارادات وذلك من خلال الثقة بقوانا الذاتية وجماهيرنا التي نجحت حتى الان في اكثر من اختبار والتي اثبتت لنا بالدليل والبرهان القاطع باننا نعيش ايام بدر وخيبر ولسنا في عصر حصار شعب ابي طالب!
انها معركة الربع ساعة الاخيرة التي لا تحتمل تجارب الهواة وضعاف النفوس من عشاق كراسي السلطة باي ثمن كان بل تنتظر قرارات محترفي مواجهة عصر الفتن واتخاذ قرارات الحرب والسلام المناسبة!
المصدر :
محمد صادق الحسيني
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة