تظهر المملكة السعودية في تصرفاتها درجة عالية من التوتر أمام تمادي الفشل في الحرب على سورية و حيث تورطت مباشرة في إنفاق مليارات الدولارات لتمويل الحملات السياسية و الإعلامية و لتغذية جماعات المعارضة السياسية و العسكرية داخل سورية و خارجها و مدها بالقدرة على الاستمرار و قد بلغ الأمر مؤخرا تحويل شحنات سلاح بريطانية و أميركية مستوردة للحرس الوطني و للجيش السعودي لصالح العصابات الإرهابية التكفيرية التي تعمل المخابرات السعودية على حشدها و دعمها في سورية .

أولا تسعى القيادة السعودية بكل قدراتها منذ عقود و بجميع الوسائل لترويض الموقف السوري الرافض لتصفية قضية فلسطين و المتمرد على مضمون التسوية الإقليمية الذي طرحته الولايات المتحدة في المنطقة و الذي يقوم على تكوين نظام إقليمي بقيادة إسرائيل امنيا و اقتصاديا و حيث تكتفي السعودية بحصتها من الشراكة مع إسرائيل و أوروبا و الولايات المتحدة في تأمين خطوط نقل عملاقة للنفط و الغاز إلى أوروبا تشطب موقع روسيا ودورها الحاسم في سوق الطاقة العالمي و التورط السعودي في خطة تدمير سورية هو نتيجة لاستعصاء الرئيس بشار الأسد على جميع محاولات الترويض بالغواية حينا و بالتهديد حينا آخر و السعودية كانت المحور الرئيسي في كل تلك المحاولات طيلة الأعوام التي أعقبت هزيمة إسرائيل في لبنان عام 2000 و احتلال العراق عام 2003 ، انتصار الرئيس بشار الأسد سيسدد ضربة قاتلة لجميع الحسابات و المشاريع الإقليمية التي تورطت بها القيادة السعودية مع الولايات المتحدة و مع إسرائيل

ثانيا نظرا لواقع منطقة شبه الجزيرة العربية الإقليمي و ما يحيط بالخليج كنطاق استراتيجي تنظر المملكة السعودية إلى الدور الإيراني في احتضان خيار المقاومة و في الشراكة مع سورية منذ انتصار الثورة الإيرانية على انه مصدر قلق خطير يطال مواقع نفوذها التي بنيت على خطط الهيمنة الأميركية بالشراكة مع نظام الشاه و حيث انتقلت القوة الإيرانية إلى الخندق الآخر منذ قيام الجمهورية الإسلامية التي تكونت فاعليتها في الصراع العربي الإسرائيلي من خلال الشراكة مع سورية و قد بات معلوما أن التحالف مع إيران هو أحد محاور الصراع و الناقض الجوهري مع الدولة الوطنية السورية و مشروعها القومي العربي و هويتها المقاومة التي شكلت بها حاضنا لفصائل المقاومة في لبنان وفلسطين و العراق و لأن الانتصار السوري سيكون تعبيرا عن معادلات وتوازنات جديدة دولية و إقليمية فإن إيران ستكون احد الرابحين الكبار و التوازن الدولي الجديد سيفرض على الولايات المتحدة الاعتراف صراحة بدور إيران و بنفوذها في الخليج و المنطقة عموما .

ثالثا يتشابك المأزق الداخلي للنظام السعودي و الناتج عن تخلف البنية الاستبدادية الأوتوقراطية في نظر شعب الحجاز و شبه الجزيرة العربية مع انحسار نفوذه الإقليمي و تحول حدائقه الخلفية لساحات استنزاف خطيرة و حيث يترسخ تأثير سورية و إيران معا على قوس يمتد من العراق إلى البحرين فاليمن حيث تتهاوى مرتكزات النفوذ التقليدي للنظام السعودي و تصعد قوى و تكتلات تتصل بعلاقات تحالف وثيقة مع دمشق و طهران بينما يجابه النفوذ السعودي في لبنان خطرا جديا مع تخبط و فشل تيار المستقبل و تورطه في الحرب الفاشلة على سورية و حيث سيكون انتصار سورية نذيرا بتحولات كبرى في المعادلات اللبنانية الداخلية لا تناسب الحسابات السعودية التي قامت تقليديا على اعتبار لبنان نطاق حضور و نفوذ و خصوصا في مرحلتي ما بعد الطائف و إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري .

المملكة السعودية المنشغلة بخلافات العائلة الحاكمة و باضطرابات داخلية متصاعدة تواجه خطر انحدار الدور الإقليمي في العديد من الساحات و هي تعتبر بحق أن مفتاح الخطر الداهم هو الاعتراف الأميركي المحتمل بانتصار الرئيس بشار الأسد على الحرب العالمية الهادفة لتدمير القوة السورية ، و لهذا تسود حالة من الهستيريا مواقع القرار السعودية المتعاطية بشؤون الملف السوري و المتورطة في الحرب على سورية

  • فريق ماسة
  • 2012-11-05
  • 9702
  • من الأرشيف

لماذا تخشى الرياض انتصار الأسد ؟

تظهر المملكة السعودية في تصرفاتها درجة عالية من التوتر أمام تمادي الفشل في الحرب على سورية و حيث تورطت مباشرة في إنفاق مليارات الدولارات لتمويل الحملات السياسية و الإعلامية و لتغذية جماعات المعارضة السياسية و العسكرية داخل سورية و خارجها و مدها بالقدرة على الاستمرار و قد بلغ الأمر مؤخرا تحويل شحنات سلاح بريطانية و أميركية مستوردة للحرس الوطني و للجيش السعودي لصالح العصابات الإرهابية التكفيرية التي تعمل المخابرات السعودية على حشدها و دعمها في سورية . أولا تسعى القيادة السعودية بكل قدراتها منذ عقود و بجميع الوسائل لترويض الموقف السوري الرافض لتصفية قضية فلسطين و المتمرد على مضمون التسوية الإقليمية الذي طرحته الولايات المتحدة في المنطقة و الذي يقوم على تكوين نظام إقليمي بقيادة إسرائيل امنيا و اقتصاديا و حيث تكتفي السعودية بحصتها من الشراكة مع إسرائيل و أوروبا و الولايات المتحدة في تأمين خطوط نقل عملاقة للنفط و الغاز إلى أوروبا تشطب موقع روسيا ودورها الحاسم في سوق الطاقة العالمي و التورط السعودي في خطة تدمير سورية هو نتيجة لاستعصاء الرئيس بشار الأسد على جميع محاولات الترويض بالغواية حينا و بالتهديد حينا آخر و السعودية كانت المحور الرئيسي في كل تلك المحاولات طيلة الأعوام التي أعقبت هزيمة إسرائيل في لبنان عام 2000 و احتلال العراق عام 2003 ، انتصار الرئيس بشار الأسد سيسدد ضربة قاتلة لجميع الحسابات و المشاريع الإقليمية التي تورطت بها القيادة السعودية مع الولايات المتحدة و مع إسرائيل ثانيا نظرا لواقع منطقة شبه الجزيرة العربية الإقليمي و ما يحيط بالخليج كنطاق استراتيجي تنظر المملكة السعودية إلى الدور الإيراني في احتضان خيار المقاومة و في الشراكة مع سورية منذ انتصار الثورة الإيرانية على انه مصدر قلق خطير يطال مواقع نفوذها التي بنيت على خطط الهيمنة الأميركية بالشراكة مع نظام الشاه و حيث انتقلت القوة الإيرانية إلى الخندق الآخر منذ قيام الجمهورية الإسلامية التي تكونت فاعليتها في الصراع العربي الإسرائيلي من خلال الشراكة مع سورية و قد بات معلوما أن التحالف مع إيران هو أحد محاور الصراع و الناقض الجوهري مع الدولة الوطنية السورية و مشروعها القومي العربي و هويتها المقاومة التي شكلت بها حاضنا لفصائل المقاومة في لبنان وفلسطين و العراق و لأن الانتصار السوري سيكون تعبيرا عن معادلات وتوازنات جديدة دولية و إقليمية فإن إيران ستكون احد الرابحين الكبار و التوازن الدولي الجديد سيفرض على الولايات المتحدة الاعتراف صراحة بدور إيران و بنفوذها في الخليج و المنطقة عموما . ثالثا يتشابك المأزق الداخلي للنظام السعودي و الناتج عن تخلف البنية الاستبدادية الأوتوقراطية في نظر شعب الحجاز و شبه الجزيرة العربية مع انحسار نفوذه الإقليمي و تحول حدائقه الخلفية لساحات استنزاف خطيرة و حيث يترسخ تأثير سورية و إيران معا على قوس يمتد من العراق إلى البحرين فاليمن حيث تتهاوى مرتكزات النفوذ التقليدي للنظام السعودي و تصعد قوى و تكتلات تتصل بعلاقات تحالف وثيقة مع دمشق و طهران بينما يجابه النفوذ السعودي في لبنان خطرا جديا مع تخبط و فشل تيار المستقبل و تورطه في الحرب الفاشلة على سورية و حيث سيكون انتصار سورية نذيرا بتحولات كبرى في المعادلات اللبنانية الداخلية لا تناسب الحسابات السعودية التي قامت تقليديا على اعتبار لبنان نطاق حضور و نفوذ و خصوصا في مرحلتي ما بعد الطائف و إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري . المملكة السعودية المنشغلة بخلافات العائلة الحاكمة و باضطرابات داخلية متصاعدة تواجه خطر انحدار الدور الإقليمي في العديد من الساحات و هي تعتبر بحق أن مفتاح الخطر الداهم هو الاعتراف الأميركي المحتمل بانتصار الرئيس بشار الأسد على الحرب العالمية الهادفة لتدمير القوة السورية ، و لهذا تسود حالة من الهستيريا مواقع القرار السعودية المتعاطية بشؤون الملف السوري و المتورطة في الحرب على سورية

المصدر : غالب قنديل


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة