عادت الصين إلى واجهة الأزمة السورية بمبادرة الأربع نقاط التي طرحتها، أمس الأول، حول رؤيتها الجديدة للحل السياسي في البلاد، وذلك إثر جولة قام بها مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي إلى بكين وموسكو بحثاً عن أفق جديد للحل.

وكانت المبادرة عرضت على الإبراهيمي من قبل وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي، وتضمنت في بندها الأول وقف إطلاق النار في منطقة بعد منطقة ومرحلة تلو مرحلة، وفي بندها الثاني انتداب الأطراف ذات الصلة ممثلين مفوضين عنها يقومون بمساعدة الإبراهيمي والمجتمع الدولي على صياغة خريطة طريق للانتقال السياسي عبر المشاورات وتشكيل جهاز حكومي انتقالي. أما البند الثالث فيشير إلى ضرورة أن يدعم المجتمع الدولي جهود الإبراهيمي من أجل تحقيق تقدم حقيقي في تنفيذ اتفاق جنيف وخطة كوفي أنان، والرابع يدعو إلى التحرك بإصرار وزيادة المساعدات الإنسانية لسوريا من دون أن يتم تسييسها.

وتطرح البنود الأربعة أسئلة حول إمكانية تحقيقها والقدرة على الالتزام بها كنقطة مفصلية في الصراع وعن الدور الصيني في هذا المجال وعودة بكين إلى لعب دور متقدم في سوريا بعدما بدا أنها تسير في الصف الخلفي وراء روسيا.

وفيما تحيّد المبادرة الصينية أي ذكر لرحيل الأسد من السلطة، خرجت بعض الأصوات الغربية التي اعتبرت أنها تتضمن «الخطأ القاتل» ذاته للمبادرات السابقة التي لم تتمكن من الضغط على دمشق لوقف القتل. ومع ذلك احتفظت المبادرة بالكثير من المؤشرات الإيجابية التي جعلت الأطراف المعنيّة تعوّل عليها.

وتذكر مجلة «فورين بوليسي» بأن الصين حاولت منذ بداية الأزمة ألا تلفت الانتباه، مقدمة أفكاراً بسيطة لحلّ الأزمة في الجلسات المغلقة لمجلس الأمن. ولكن الصين عمدت في بعض المناسبات إلى تعزيز موقفها حيث أرسلت بعثة رفيعة المستوى إلى الشرق الأوسط لتشرح وتدافع عن موقفها باستخدام حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن، وذلك لأجل الحفاظ على مصالحها في الشرق الأوسط.

هنا تشير المجلة إلى أهمية دعم بكين لوساطة الإبراهيمي، لا سيما في ما يتعلق بوقف إطلاق النار الذي ورد في البند الأول للمبادرة الصينية وفي التأكيد على إحياء اتفاق جنيف وخطة المبعوث السابق كوفي أنان.

من جهته، يرى الخبير والأكاديمي فو زي منغ، وهو أستاذ في جامعة الدراسات الأجنبية الصينية في بكين، أن المقترحات الصينية الجديدة تتلاءم مع الواقع الحالي لضرورة الحل السلمي كما أنها تعطي الفرصة للسوريين لحل مشكلاتهم بأنفسهم وليس عبر التدخلات الخارجية التي تعقد الأمور.

وأضاف فو، في لقاء مع «وكالة أنباء الشرق الأوسط»، أن مقترحات الصين، تحث قيام الأطراف المعنية في سوريا ببذل كافة الجهود الممكنة لوقف القتال وأعمال العنف والتعاون بنشاط مع جهود الوساطة التي يقوم بها الإبراهيمي، مع تنفيذ خطوات فعالة تجاه وقف إطلاق النار على مراحل، وتوسيع مناطق وقف إطلاق النار وتحقيق فك الاشتباك والوصول إلى إنهاء كافة أشكال النزاع المسلح.

من جانبه، قال الباحث الصيني في شؤون الشرق الأوسط هيو مينغ إن المقترحات الصينية الجديدة تتميز بالإنصاف والواقعية لإيجاد تسوية نهائية للأزمة السورية، حيث تطالب المجتمع الدولي بالعمل بسرعة ملحة ومسؤولية أكبر للتعاون الكامل مع وساطة الإبراهيمي.

وأوضح الباحث الصيني أن وقف التعنت المستمر لطرفي النزاع في سوريا، وتخلي الغرب عن نيته التدخل عسكريا في سوريا، سيجعل المقترحات الصينية تتجه بالقضية نحو التسوية السلمية بحيث توضع في الحسبان أثناء صياغة الخطة الجديدة بشأن سوريا التي يعتزم الإبراهيمي تقديمها إلى الأمم المتحدة الشهر الحالي.

وعما يتردد من التوافق على إدارة انتقالية جديدة في سوريا، قال الباحث في معهد الدراسات الدولية في الصين آن هوي هو إن «تشكيل هذه الإدارة يمثل أرضية دولية مشتركة شاملة شريطة ألا تستبعد أي طرف، كما ينبغي أن تضم ممثلين عن مختلف أطياف المعارضة بالإضافة إلى ممثلين عن النظام السوري».

وأضح الباحث الصيني أن انتشار الأزمة السورية خارج الحدود أمر لا يصب في مصالح الغرب أيضا، لذا على القوى الغربية تغيير نهجها ليتجه إلى طريق الحل السياسي، وعدم فرض أمر واقع على طرف على حساب آخر.

  • فريق ماسة
  • 2012-11-02
  • 12613
  • من الأرشيف

المبادرة الصينية: هل تعبر في زمن فشل المبادرات؟

عادت الصين إلى واجهة الأزمة السورية بمبادرة الأربع نقاط التي طرحتها، أمس الأول، حول رؤيتها الجديدة للحل السياسي في البلاد، وذلك إثر جولة قام بها مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي إلى بكين وموسكو بحثاً عن أفق جديد للحل. وكانت المبادرة عرضت على الإبراهيمي من قبل وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي، وتضمنت في بندها الأول وقف إطلاق النار في منطقة بعد منطقة ومرحلة تلو مرحلة، وفي بندها الثاني انتداب الأطراف ذات الصلة ممثلين مفوضين عنها يقومون بمساعدة الإبراهيمي والمجتمع الدولي على صياغة خريطة طريق للانتقال السياسي عبر المشاورات وتشكيل جهاز حكومي انتقالي. أما البند الثالث فيشير إلى ضرورة أن يدعم المجتمع الدولي جهود الإبراهيمي من أجل تحقيق تقدم حقيقي في تنفيذ اتفاق جنيف وخطة كوفي أنان، والرابع يدعو إلى التحرك بإصرار وزيادة المساعدات الإنسانية لسوريا من دون أن يتم تسييسها. وتطرح البنود الأربعة أسئلة حول إمكانية تحقيقها والقدرة على الالتزام بها كنقطة مفصلية في الصراع وعن الدور الصيني في هذا المجال وعودة بكين إلى لعب دور متقدم في سوريا بعدما بدا أنها تسير في الصف الخلفي وراء روسيا. وفيما تحيّد المبادرة الصينية أي ذكر لرحيل الأسد من السلطة، خرجت بعض الأصوات الغربية التي اعتبرت أنها تتضمن «الخطأ القاتل» ذاته للمبادرات السابقة التي لم تتمكن من الضغط على دمشق لوقف القتل. ومع ذلك احتفظت المبادرة بالكثير من المؤشرات الإيجابية التي جعلت الأطراف المعنيّة تعوّل عليها. وتذكر مجلة «فورين بوليسي» بأن الصين حاولت منذ بداية الأزمة ألا تلفت الانتباه، مقدمة أفكاراً بسيطة لحلّ الأزمة في الجلسات المغلقة لمجلس الأمن. ولكن الصين عمدت في بعض المناسبات إلى تعزيز موقفها حيث أرسلت بعثة رفيعة المستوى إلى الشرق الأوسط لتشرح وتدافع عن موقفها باستخدام حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن، وذلك لأجل الحفاظ على مصالحها في الشرق الأوسط. هنا تشير المجلة إلى أهمية دعم بكين لوساطة الإبراهيمي، لا سيما في ما يتعلق بوقف إطلاق النار الذي ورد في البند الأول للمبادرة الصينية وفي التأكيد على إحياء اتفاق جنيف وخطة المبعوث السابق كوفي أنان. من جهته، يرى الخبير والأكاديمي فو زي منغ، وهو أستاذ في جامعة الدراسات الأجنبية الصينية في بكين، أن المقترحات الصينية الجديدة تتلاءم مع الواقع الحالي لضرورة الحل السلمي كما أنها تعطي الفرصة للسوريين لحل مشكلاتهم بأنفسهم وليس عبر التدخلات الخارجية التي تعقد الأمور. وأضاف فو، في لقاء مع «وكالة أنباء الشرق الأوسط»، أن مقترحات الصين، تحث قيام الأطراف المعنية في سوريا ببذل كافة الجهود الممكنة لوقف القتال وأعمال العنف والتعاون بنشاط مع جهود الوساطة التي يقوم بها الإبراهيمي، مع تنفيذ خطوات فعالة تجاه وقف إطلاق النار على مراحل، وتوسيع مناطق وقف إطلاق النار وتحقيق فك الاشتباك والوصول إلى إنهاء كافة أشكال النزاع المسلح. من جانبه، قال الباحث الصيني في شؤون الشرق الأوسط هيو مينغ إن المقترحات الصينية الجديدة تتميز بالإنصاف والواقعية لإيجاد تسوية نهائية للأزمة السورية، حيث تطالب المجتمع الدولي بالعمل بسرعة ملحة ومسؤولية أكبر للتعاون الكامل مع وساطة الإبراهيمي. وأوضح الباحث الصيني أن وقف التعنت المستمر لطرفي النزاع في سوريا، وتخلي الغرب عن نيته التدخل عسكريا في سوريا، سيجعل المقترحات الصينية تتجه بالقضية نحو التسوية السلمية بحيث توضع في الحسبان أثناء صياغة الخطة الجديدة بشأن سوريا التي يعتزم الإبراهيمي تقديمها إلى الأمم المتحدة الشهر الحالي. وعما يتردد من التوافق على إدارة انتقالية جديدة في سوريا، قال الباحث في معهد الدراسات الدولية في الصين آن هوي هو إن «تشكيل هذه الإدارة يمثل أرضية دولية مشتركة شاملة شريطة ألا تستبعد أي طرف، كما ينبغي أن تضم ممثلين عن مختلف أطياف المعارضة بالإضافة إلى ممثلين عن النظام السوري». وأضح الباحث الصيني أن انتشار الأزمة السورية خارج الحدود أمر لا يصب في مصالح الغرب أيضا، لذا على القوى الغربية تغيير نهجها ليتجه إلى طريق الحل السياسي، وعدم فرض أمر واقع على طرف على حساب آخر.

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة