على طرفي الحدود اللبنانية السورية في بلدة القصر في الهرمل ثمة مشهدان متناقضان في صميم تداعيات الأزمة السورية .

في البقاع مثلا يولي حزب الله اهتماما خاصا بعشرات العائلات السورية التي هربت من النيران المتنقلة بين المناطق السورية بحكم الاشتباكات السورية بين المسلحين والجيش السوري. لم يقبل حزب الله أن تنام العائلات السورية في المدارس بل يعمل على استضافة أكثر من ثمانين عائلة في منازل تم استئجارها لهذه العائلات. لا يكتفي حزب الله بهذا القدر بل يخصص مساعدات مالية شهرية لهذه العائلات وتتولى فرق منظمة متابعة الاحتياجات الأخرى من صحية وتربوية واجتماعية. منذ اليوم الاول للنزوح كانت هناك تعليمات باستضافة أي عائلة نازحة سورية مهما كان انتماؤها السياسي أو الطائفي . المعاملة متساوية بين جميع العائلات من دون أي تمييز على الرغم من أن بعض العائلات النازحة تفضّل غالبا الانتقال الى بيئة حاضنة لها. ربما يعتبر البعض أن هذه الاستضافة المميزة للنازحين نوع من ردّ الجميل لاستضافة القرى السورية ومدنها لآلاف النازحين اللبنانيين في حرب تموز 2006 . لكن الأكيد أن البقاع يردّ الجميل وأكثر في جعل النازحين السوريين يشعرون أنهم في منزلهم اللبناني.

في المقلب الآخر من الحدود وبالتحديد في القرى السورية الحدودية في ريف القصير حيث يسكنها آلاف اللبنانيين يبدو المشهد مغايرا تماما. مسلحون متشددون من مختلف الجنسيات العربية وغير العربية يسيطرون على بعض القرى ويمارسون سياسات الخطف والقتل والاعتداء على كل من يختلف معهم بالانتماء الطائفي أو حتى لا يتحرك لتأييدمايسمى " الثورة" السورية .

 ثلاثون ألف لبناني من مختلف الانتماءات الطائفية من سنة وشيعة ومسيحيين يمتد انتشارهم حتى قرى وادي خالد الحدودية . معظمهم يتعرض لممارسات المسلحين المتفلتة من اي ضوابط وقد وجدوا أنفسهم اليوم معزولين عن أي نجدة لأن السلطة في سورية تخوض معركتها ضد هؤلاء المسلحين لكنها تعطي الأولوية حاليا لحلب ودمشق وغيرها .

أما السلطة في لبنان فهي بدورها عاجزة عن تقديم اي نوع من الحماية للّبنانيين هناك. لا يفهم هؤلاء اي "ثورة " هذه التي انطلقت منذ ثمانية أشهر وأي ربيع عربي يقوم على خطف المسيحي في ربلة ومحاولة تهجيره أو على تكفير الشيعي وتحليل دمه أو حتى على قتل السني اذا لم يتحرك لمساندة" الثورة "السورية . يقول بعض اللبنانيين في سورية أن" الثورة" تقوم عادة للتخلص من واقع سيىء واحلال البديل الأفضل للشعب.. وبالتالي هل الخطف والقتل والتهجير والطائفية والتحريض والاعتداءات وسرقة أرزاق الآخرين ثوابت في الثورة السورية؟ هل الثورة تمر حكما بخطف المئات من ابناء ربلة المسيحية أو قتل كاهن يقوم بوساطة انسانية أو بتفجير كنيسة أو حي تسكنه أغلبية مسيحية رفضت الانخراط في "الثورة" السورية.  الاسوأ في هذه الحرب أن الكثير من عديد وعدة" الثورة" هو من خارج سورية وبالتحديد من جيل التكفيريين الذي تجول بين أفغانستان وليبيا والشيشان جيل يحلل دم كل من يختلف معه باسم" ثورة "لا يمكن أن تزهر في أيّ ربيع.

  • فريق ماسة
  • 2012-11-01
  • 11719
  • من الأرشيف

"الثورة" في سورية : تكفير وضلال عن الهدف

على طرفي الحدود اللبنانية السورية في بلدة القصر في الهرمل ثمة مشهدان متناقضان في صميم تداعيات الأزمة السورية . في البقاع مثلا يولي حزب الله اهتماما خاصا بعشرات العائلات السورية التي هربت من النيران المتنقلة بين المناطق السورية بحكم الاشتباكات السورية بين المسلحين والجيش السوري. لم يقبل حزب الله أن تنام العائلات السورية في المدارس بل يعمل على استضافة أكثر من ثمانين عائلة في منازل تم استئجارها لهذه العائلات. لا يكتفي حزب الله بهذا القدر بل يخصص مساعدات مالية شهرية لهذه العائلات وتتولى فرق منظمة متابعة الاحتياجات الأخرى من صحية وتربوية واجتماعية. منذ اليوم الاول للنزوح كانت هناك تعليمات باستضافة أي عائلة نازحة سورية مهما كان انتماؤها السياسي أو الطائفي . المعاملة متساوية بين جميع العائلات من دون أي تمييز على الرغم من أن بعض العائلات النازحة تفضّل غالبا الانتقال الى بيئة حاضنة لها. ربما يعتبر البعض أن هذه الاستضافة المميزة للنازحين نوع من ردّ الجميل لاستضافة القرى السورية ومدنها لآلاف النازحين اللبنانيين في حرب تموز 2006 . لكن الأكيد أن البقاع يردّ الجميل وأكثر في جعل النازحين السوريين يشعرون أنهم في منزلهم اللبناني. في المقلب الآخر من الحدود وبالتحديد في القرى السورية الحدودية في ريف القصير حيث يسكنها آلاف اللبنانيين يبدو المشهد مغايرا تماما. مسلحون متشددون من مختلف الجنسيات العربية وغير العربية يسيطرون على بعض القرى ويمارسون سياسات الخطف والقتل والاعتداء على كل من يختلف معهم بالانتماء الطائفي أو حتى لا يتحرك لتأييدمايسمى " الثورة" السورية .  ثلاثون ألف لبناني من مختلف الانتماءات الطائفية من سنة وشيعة ومسيحيين يمتد انتشارهم حتى قرى وادي خالد الحدودية . معظمهم يتعرض لممارسات المسلحين المتفلتة من اي ضوابط وقد وجدوا أنفسهم اليوم معزولين عن أي نجدة لأن السلطة في سورية تخوض معركتها ضد هؤلاء المسلحين لكنها تعطي الأولوية حاليا لحلب ودمشق وغيرها . أما السلطة في لبنان فهي بدورها عاجزة عن تقديم اي نوع من الحماية للّبنانيين هناك. لا يفهم هؤلاء اي "ثورة " هذه التي انطلقت منذ ثمانية أشهر وأي ربيع عربي يقوم على خطف المسيحي في ربلة ومحاولة تهجيره أو على تكفير الشيعي وتحليل دمه أو حتى على قتل السني اذا لم يتحرك لمساندة" الثورة "السورية . يقول بعض اللبنانيين في سورية أن" الثورة" تقوم عادة للتخلص من واقع سيىء واحلال البديل الأفضل للشعب.. وبالتالي هل الخطف والقتل والتهجير والطائفية والتحريض والاعتداءات وسرقة أرزاق الآخرين ثوابت في الثورة السورية؟ هل الثورة تمر حكما بخطف المئات من ابناء ربلة المسيحية أو قتل كاهن يقوم بوساطة انسانية أو بتفجير كنيسة أو حي تسكنه أغلبية مسيحية رفضت الانخراط في "الثورة" السورية.  الاسوأ في هذه الحرب أن الكثير من عديد وعدة" الثورة" هو من خارج سورية وبالتحديد من جيل التكفيريين الذي تجول بين أفغانستان وليبيا والشيشان جيل يحلل دم كل من يختلف معه باسم" ثورة "لا يمكن أن تزهر في أيّ ربيع.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة