نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية على صفحات الرأي والتحليل مقالا بعنوان "الانجرار إلى المستنقع"!، في خلاصة رؤية للمخاطر التي ينطوي عليها الموقف التركي حيال الأزمة الراهنة في سورية، ورأى المقال أن تركيا "تخاطر بالانجرار إلى أتون صراع هي لا تستطيع الهروب منه، وذلك على عكس الولايات المتحدة والسعودية". اضافت ان "تركيا تواجه خطر الانجرار عميقا إلى المستنقع السوري".

وتتابع الصحيفة في وصف متشائم كئيب لما آلت إليه الأوضاع في تركيا بُعيد سقوط قذيفة أُطلقت من داخل الأراضي السورية على بلدة أكاكالي التركية يوم الأربعاء الماضي، واوضحت ان "المزاج في البلاد كئيب وحزين بعد عبور تلك القذيفة للحدود وفقدان أرواح على الجانبين بسببها. فخلال الأشهر القليلة المنصرمة، استبدل تدريجيا ذلك الحماس الذي قارب ذات يوم حد الإجماع للدعم الذي قدمته تركيا للمعارضة السورية وحلَّ مكانه مزاج أقرب إلى حالة التأمل. فالعواقب الوخيمة للتورط قد باتت الآن جلية على نحو متزايد".

ورأت أن "الدعم التركي للمعارضة السورية جمع بين المثالية والواقعية في آن واحد. فحسابات حقل حزب "العدالة والتنمية"، بزعامة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، لم تتطابق مع حسابات بيدر حكام أنقرة الذين قدموا كل ما أمكنهم من دعم سياسي وغيره لتلك المعارضة". ورأت إن "أردوغان كان يأمل بتمكن الانتفاضة السورية بتحقيق نصر سريع على نظام حليفه السابق، الرئيس السوري بشار الأسد، الذي لم يكن يتوقعه أن يبدي وجيشه وأنصاره هذا الحد من الصمود في وجه خصومه العتاة".

ولفتت "الغارديان" الى إن "أردوغان كان يأمل بتحقيق هدفين رئيسيين بضربة واحدة: كسب حكام سورية الجدد إلى جانبه وتوجيه رسالة إيجابية إلى الولايات المتحدة بدعمه للتحول الديمقراطي في الجارة الجنوبية لتركيا. إلا أن عدم سقوط نظام الأسد وتحول الصراع في سورية من "حراك سلمي" إلى "مواجهة مسلحة دامية" بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المختلفة، ودخول جماعات كثيرة، من جهاديين سلفيين وغيرهم، على خط الصراع، وبدعم من السعودية وقطر، قد أوقع تركيا بين طرفين يخوضان حربا باردة بالوكالة هما الرياض وطهران، الأمر الذي بدأ يهدد علاقة الأخيرة بأنقرة التي تعتمد على الإيرانيين كمصدر رئيسي للطاقة".

اضافت "أما الخطر الأكبر الذي ألقت تركيا نفسها فيه جرَّاء دعمها للمعارضة السورية، بحسب الصحيفة البريطانية، فهو الشرخ الكبير الذي أحدثه هذا الدعم داخل المجتمع التركي ذاته، ما بين أغلبية سنية تقف إلى جانب المعارضة السورية وأقلية علوية تؤيد نظام الرئيس السوري بشار الأسد". ورأت ان "وما زاد الطين بلَّة هو إسهام أنقرة بخلق بيئة مثالية حاضنة لخصمها الأبرز، حزب العمال الكردستاني، الذي انتقل مؤخرا الكثير من عناصره من العراق إلى شمال شرق سورية بعد أن تراجعت سلطة الدولة على تلك المنطقة".

واعتبرت الصحيفة البريطانية ان "المفارقة أن الدعم التركي هو من مكَّن خصوم أنقرة الذين حاربتهم عقودا من الزمن من التخندق في المناطق السورية المتاخمة للحدود مع تركيا، إذ يستعد عناصر حزب العمال الكردستاني للانقضاض من هناك على الداخل التركي حيث يسعون منذ عقود لإنشاء كيانهم الانفصالي في جنوب شرق تركيا ذات الأغلبية الكردية. ورأت أن "حادثة إطلاق القذيفة يوم الأربعاء الماضي على البلدة التركية المذكورة وردَّ البرلمان التركي بتفويض الحكومة بشن عمل عسكري داخل سورية يدفعان بأنقرة خطوة إضافية باتجاه "المستنقع السوري".

واشارت الى انه "بإمكان السعودية والولايات المتحدة ترك سورية تواجه مصيرها في حال قررا ذلك عندما يريان أن البلاد انزلقت إلى فوضى عارمة. لكن، ولسوء الحظ، ليس لدى تركيا مثل هكذا خيار، وذلك بحكم كونها جارة لسورية".

ووجهت الصحيفة نصيحة للحكومة التركية ولصناع القرار وأصحاب الشأن في تركيا، بالقول: "لذلك، فقد بات الأمر لزاما على أنقرة أن تعيد تقييم ورطتها، وإلا باتت الفوضى السورية فوضى تركية".

  • فريق ماسة
  • 2012-10-04
  • 8932
  • من الأرشيف

الغارديان: على أنقرة أن تعيد تقييم ورطتها وإلا باتت الفوضى السورية فوضى تركية

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية على صفحات الرأي والتحليل مقالا بعنوان "الانجرار إلى المستنقع"!، في خلاصة رؤية للمخاطر التي ينطوي عليها الموقف التركي حيال الأزمة الراهنة في سورية، ورأى المقال أن تركيا "تخاطر بالانجرار إلى أتون صراع هي لا تستطيع الهروب منه، وذلك على عكس الولايات المتحدة والسعودية". اضافت ان "تركيا تواجه خطر الانجرار عميقا إلى المستنقع السوري". وتتابع الصحيفة في وصف متشائم كئيب لما آلت إليه الأوضاع في تركيا بُعيد سقوط قذيفة أُطلقت من داخل الأراضي السورية على بلدة أكاكالي التركية يوم الأربعاء الماضي، واوضحت ان "المزاج في البلاد كئيب وحزين بعد عبور تلك القذيفة للحدود وفقدان أرواح على الجانبين بسببها. فخلال الأشهر القليلة المنصرمة، استبدل تدريجيا ذلك الحماس الذي قارب ذات يوم حد الإجماع للدعم الذي قدمته تركيا للمعارضة السورية وحلَّ مكانه مزاج أقرب إلى حالة التأمل. فالعواقب الوخيمة للتورط قد باتت الآن جلية على نحو متزايد". ورأت أن "الدعم التركي للمعارضة السورية جمع بين المثالية والواقعية في آن واحد. فحسابات حقل حزب "العدالة والتنمية"، بزعامة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، لم تتطابق مع حسابات بيدر حكام أنقرة الذين قدموا كل ما أمكنهم من دعم سياسي وغيره لتلك المعارضة". ورأت إن "أردوغان كان يأمل بتمكن الانتفاضة السورية بتحقيق نصر سريع على نظام حليفه السابق، الرئيس السوري بشار الأسد، الذي لم يكن يتوقعه أن يبدي وجيشه وأنصاره هذا الحد من الصمود في وجه خصومه العتاة". ولفتت "الغارديان" الى إن "أردوغان كان يأمل بتحقيق هدفين رئيسيين بضربة واحدة: كسب حكام سورية الجدد إلى جانبه وتوجيه رسالة إيجابية إلى الولايات المتحدة بدعمه للتحول الديمقراطي في الجارة الجنوبية لتركيا. إلا أن عدم سقوط نظام الأسد وتحول الصراع في سورية من "حراك سلمي" إلى "مواجهة مسلحة دامية" بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المختلفة، ودخول جماعات كثيرة، من جهاديين سلفيين وغيرهم، على خط الصراع، وبدعم من السعودية وقطر، قد أوقع تركيا بين طرفين يخوضان حربا باردة بالوكالة هما الرياض وطهران، الأمر الذي بدأ يهدد علاقة الأخيرة بأنقرة التي تعتمد على الإيرانيين كمصدر رئيسي للطاقة". اضافت "أما الخطر الأكبر الذي ألقت تركيا نفسها فيه جرَّاء دعمها للمعارضة السورية، بحسب الصحيفة البريطانية، فهو الشرخ الكبير الذي أحدثه هذا الدعم داخل المجتمع التركي ذاته، ما بين أغلبية سنية تقف إلى جانب المعارضة السورية وأقلية علوية تؤيد نظام الرئيس السوري بشار الأسد". ورأت ان "وما زاد الطين بلَّة هو إسهام أنقرة بخلق بيئة مثالية حاضنة لخصمها الأبرز، حزب العمال الكردستاني، الذي انتقل مؤخرا الكثير من عناصره من العراق إلى شمال شرق سورية بعد أن تراجعت سلطة الدولة على تلك المنطقة". واعتبرت الصحيفة البريطانية ان "المفارقة أن الدعم التركي هو من مكَّن خصوم أنقرة الذين حاربتهم عقودا من الزمن من التخندق في المناطق السورية المتاخمة للحدود مع تركيا، إذ يستعد عناصر حزب العمال الكردستاني للانقضاض من هناك على الداخل التركي حيث يسعون منذ عقود لإنشاء كيانهم الانفصالي في جنوب شرق تركيا ذات الأغلبية الكردية. ورأت أن "حادثة إطلاق القذيفة يوم الأربعاء الماضي على البلدة التركية المذكورة وردَّ البرلمان التركي بتفويض الحكومة بشن عمل عسكري داخل سورية يدفعان بأنقرة خطوة إضافية باتجاه "المستنقع السوري". واشارت الى انه "بإمكان السعودية والولايات المتحدة ترك سورية تواجه مصيرها في حال قررا ذلك عندما يريان أن البلاد انزلقت إلى فوضى عارمة. لكن، ولسوء الحظ، ليس لدى تركيا مثل هكذا خيار، وذلك بحكم كونها جارة لسورية". ووجهت الصحيفة نصيحة للحكومة التركية ولصناع القرار وأصحاب الشأن في تركيا، بالقول: "لذلك، فقد بات الأمر لزاما على أنقرة أن تعيد تقييم ورطتها، وإلا باتت الفوضى السورية فوضى تركية".

المصدر : الماسة السورية/ الغارديان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة