نتمنى لو ان اسامة بن لادن يبعث حياً. هذه امنية، لكنها عند الآخرين، لا سيما في وزيرستان، حقيقة حتمية، فهم يعتقدون ان مؤسس تنظيم القاعدة سيبعث حياً،ولكن ليس في قندهار او في جلال اباد، بل في مكة، وانه هو المهدي المنتظر الذي سينقذ الامة من الضلال، وبطبيعة الحال من قيصر الروم ومن امبراطور الفرس. وهذه الدعوة تجد لها انصارا في بعض مناطق آسيا الوسطى، حيث يذهب الخيال ( الثأري) بعيدا اذ ان « الشيخ» سيبسط جناحيه على موسكو وواشنطن، اي ان الاميركيين والروس الذين يستعبدون المسلمين حاليا سيتحولون الى عبيد لدى المسلمين..

 

ما ينشر على الشبكة العنكبوتية يظهر كيف ان ثقافة تورا بورا تنتشر في الارجاء الاسلامية، فالامة تصحو، وعندما تستيقظ دمشق لا بد ان تستيقظ كل المدن العربية الاخرى. وثمة نازحون سوريون لا يمكن ان يكونوا مع النظام، لا بل ان الكثيرين منهم تظاهروا في وجهه وتعرضوا للاعتقال وللتعذيب، يلقون الضوء على ما يحدث في المناطق السورية المختلفة، وحيث يظهر «امراء» لا يمكن في حال من الاحوال ان يكونوا على صلة بالقيم السورية او بالتراث الاسلامي.

 

هؤلاء الامراء الذي يتمتعون بالملاءة المالية، فضلا عن الملاءة اللغوية، يطبقون الآن في سوريا السياسة نفسها التي طبقت في افغانستان، اي استقطاب الفتيان الذين يتم اغواؤهم بطرق شيطانية. اضافة الى المال، هناك الفتيات القاصرات اللواتي اذ يتعرضن للاغتصاب من قبل الامراء، وعلى غرار ما كان يحدث في المناطق الجزائرية التي كانت تحت سيطرة الاسلاميين المتشددين الذين يأتمرون فقهيا بتعليمات ابي قتادة، ليصبحن وبـ «عقود شرعية» بل بعقود بربرية زوجات لاولئك الفتيان

 

حدث هذا في افغانستان، وفي الجزائر، وان كان المال، اضافة الى السلاح، هو الذي يستخدم لاغواء الاجيال الجديدة للقتال ( او للجهاد) من اجل اعلاء كلمة الله

 

حالات غريبة، بل وشاذة، تشهدها سوريا التائهة ..

ولنتصور ان «انصار الشريعة» الذين فتح رجب طيب اردوغان ابواب تركيا امامهم لينقلوا تجربتهم الحضارية في ليبيا الى «الشقيقة سوريا»، هم من سيتولى، وتبعا للمفهوم الغربي لـ «الربيع العربي» صناعة الديمقراطية والحرية في سوريا. …

 

«مجاهدون» من كل الاقطار، وحتى من بنغلادش، يقاتلون، افغانيا، من اجل الديمقراطية، حتى لتحسب «الجيش السوري الحر» عبارة عن شظايا متناثرة. منهم من هم سوريون حقيقيون وعانوا الامرين ، ولكن هناك اكثر و اكثر المرتزقة الذين تم اغراؤهم ماليا او مذهبيا، فيما ظهرت العصابات على اشكالها ودون ان يقتصر التشبيح على طرف دون آخر

 

ثمة ما هو اكثر تجهما من المشهد الحالي، فالخطة تلحظ، ولاسقاط النظام، الوصول بعدد « المجاهدين» من الخارج الى عشرين ألفاً، والبعض يقول الى خمسين الفاً، وعلى اساس انه كما تم تفكيك الاتحاد السوفياتي في افغانستان يتم تفكيك الاتحاد الروسي في سوريا.

 

هذه هي المعادلة الآن، حتى ليقال ان اردوغان لا يخوض حربه ضد بشار الاسد وانما ضد فلاديمير بوتين، حتى اذا ما انهار الرجل، وانهارت معه الامبراطورية الروسية، كان للعالم التركي ان يمتد الى الشيشان وداغستان وتتارستان بل والى العمق الروسي مادام هناك عشرات ملايين مسلم في روسيا يفضلون ( من قال ذلك؟) السلطان العثماني على القيصر الروسي

 

ما يكتب في موسكو يشير الى ان هناك داخل المؤسسة التركية من يخوض المعركة المفتوحة في سوريا ليس فقط من اجل وضع اليد على هذا البلد التي يعتبره احمد داود اوغلو ( ومع سوريا لبنان) امتداداً جيوبوليتيكياً لاسطنبول لا للقاهرة ولا للرياض ولا لاي عاصمة عربية اخرى، حتى ان دمشق التي طالما كانت وتبقى مدينة ما تبقى من الحلم العربي، ودون ان يكون ذلك مرتبطا بشكل النظام الذي فيها، لن تكون اكثر من ولاية وبإمرة والٍ عثماني

 

ألا يقول المعلقون والديبلوماسيون الروس ان اردوغان لم يستشعر حتى الآن، وهذا يبعث على الذهول، مدى الهشاشة الداخلية في بلاده التي تمضي اتنياً ومذهبياً في التصدع، حتى ان البعض لا يستبعد ابدا ان تستتبع تجزئة سوريا تجزئة تركيا بالنظر للتشابه في الوضع الفسيفسائي للدولتين..

 

ولكن هناك في تركيا من يدرك هذه الحقيقة بدقة، ويذكّر اردوغان الذي يتردد انه بدأ يعيد النظر بسياساته بأن افغانستان الجديدة هي على حدود بلاده لا على حدود روسيا، ودون ان يصبح وضع تركيا مثل وضع باكستان فقط. اتراك ويسألون ما اذا كانت تركيا تبقى تركيا إن اصبحت سوريا بيد النسخة العربية من… بوكوحرام!

 

الديار

 

  • فريق ماسة
  • 2012-10-02
  • 11264
  • من الأرشيف

تفكيك روسيا من … سورية !

نتمنى لو ان اسامة بن لادن يبعث حياً. هذه امنية، لكنها عند الآخرين، لا سيما في وزيرستان، حقيقة حتمية، فهم يعتقدون ان مؤسس تنظيم القاعدة سيبعث حياً،ولكن ليس في قندهار او في جلال اباد، بل في مكة، وانه هو المهدي المنتظر الذي سينقذ الامة من الضلال، وبطبيعة الحال من قيصر الروم ومن امبراطور الفرس. وهذه الدعوة تجد لها انصارا في بعض مناطق آسيا الوسطى، حيث يذهب الخيال ( الثأري) بعيدا اذ ان « الشيخ» سيبسط جناحيه على موسكو وواشنطن، اي ان الاميركيين والروس الذين يستعبدون المسلمين حاليا سيتحولون الى عبيد لدى المسلمين..   ما ينشر على الشبكة العنكبوتية يظهر كيف ان ثقافة تورا بورا تنتشر في الارجاء الاسلامية، فالامة تصحو، وعندما تستيقظ دمشق لا بد ان تستيقظ كل المدن العربية الاخرى. وثمة نازحون سوريون لا يمكن ان يكونوا مع النظام، لا بل ان الكثيرين منهم تظاهروا في وجهه وتعرضوا للاعتقال وللتعذيب، يلقون الضوء على ما يحدث في المناطق السورية المختلفة، وحيث يظهر «امراء» لا يمكن في حال من الاحوال ان يكونوا على صلة بالقيم السورية او بالتراث الاسلامي.   هؤلاء الامراء الذي يتمتعون بالملاءة المالية، فضلا عن الملاءة اللغوية، يطبقون الآن في سوريا السياسة نفسها التي طبقت في افغانستان، اي استقطاب الفتيان الذين يتم اغواؤهم بطرق شيطانية. اضافة الى المال، هناك الفتيات القاصرات اللواتي اذ يتعرضن للاغتصاب من قبل الامراء، وعلى غرار ما كان يحدث في المناطق الجزائرية التي كانت تحت سيطرة الاسلاميين المتشددين الذين يأتمرون فقهيا بتعليمات ابي قتادة، ليصبحن وبـ «عقود شرعية» بل بعقود بربرية زوجات لاولئك الفتيان…   حدث هذا في افغانستان، وفي الجزائر، وان كان المال، اضافة الى السلاح، هو الذي يستخدم لاغواء الاجيال الجديدة للقتال ( او للجهاد) من اجل اعلاء كلمة الله…   حالات غريبة، بل وشاذة، تشهدها سوريا التائهة .. ولنتصور ان «انصار الشريعة» الذين فتح رجب طيب اردوغان ابواب تركيا امامهم لينقلوا تجربتهم الحضارية في ليبيا الى «الشقيقة سوريا»، هم من سيتولى، وتبعا للمفهوم الغربي لـ «الربيع العربي» صناعة الديمقراطية والحرية في سوريا. …   «مجاهدون» من كل الاقطار، وحتى من بنغلادش، يقاتلون، افغانيا، من اجل الديمقراطية، حتى لتحسب «الجيش السوري الحر» عبارة عن شظايا متناثرة. منهم من هم سوريون حقيقيون وعانوا الامرين ، ولكن هناك اكثر و اكثر المرتزقة الذين تم اغراؤهم ماليا او مذهبيا، فيما ظهرت العصابات على اشكالها ودون ان يقتصر التشبيح على طرف دون آخر…   ثمة ما هو اكثر تجهما من المشهد الحالي، فالخطة تلحظ، ولاسقاط النظام، الوصول بعدد « المجاهدين» من الخارج الى عشرين ألفاً، والبعض يقول الى خمسين الفاً، وعلى اساس انه كما تم تفكيك الاتحاد السوفياتي في افغانستان يتم تفكيك الاتحاد الروسي في سوريا.   هذه هي المعادلة الآن، حتى ليقال ان اردوغان لا يخوض حربه ضد بشار الاسد وانما ضد فلاديمير بوتين، حتى اذا ما انهار الرجل، وانهارت معه الامبراطورية الروسية، كان للعالم التركي ان يمتد الى الشيشان وداغستان وتتارستان بل والى العمق الروسي مادام هناك عشرات ملايين مسلم في روسيا يفضلون ( من قال ذلك؟) السلطان العثماني على القيصر الروسي…   ما يكتب في موسكو يشير الى ان هناك داخل المؤسسة التركية من يخوض المعركة المفتوحة في سوريا ليس فقط من اجل وضع اليد على هذا البلد التي يعتبره احمد داود اوغلو ( ومع سوريا لبنان) امتداداً جيوبوليتيكياً لاسطنبول لا للقاهرة ولا للرياض ولا لاي عاصمة عربية اخرى، حتى ان دمشق التي طالما كانت وتبقى مدينة ما تبقى من الحلم العربي، ودون ان يكون ذلك مرتبطا بشكل النظام الذي فيها، لن تكون اكثر من ولاية وبإمرة والٍ عثماني…   ألا يقول المعلقون والديبلوماسيون الروس ان اردوغان لم يستشعر حتى الآن، وهذا يبعث على الذهول، مدى الهشاشة الداخلية في بلاده التي تمضي اتنياً ومذهبياً في التصدع، حتى ان البعض لا يستبعد ابدا ان تستتبع تجزئة سوريا تجزئة تركيا بالنظر للتشابه في الوضع الفسيفسائي للدولتين..   ولكن هناك في تركيا من يدرك هذه الحقيقة بدقة، ويذكّر اردوغان الذي يتردد انه بدأ يعيد النظر بسياساته بأن افغانستان الجديدة هي على حدود بلاده لا على حدود روسيا، ودون ان يصبح وضع تركيا مثل وضع باكستان فقط. اتراك ويسألون ما اذا كانت تركيا تبقى تركيا إن اصبحت سوريا بيد النسخة العربية من… بوكوحرام!   الديار  

المصدر : نبيه برجي\ الديار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة