في أسبوع واحد نفذت المنظومة الغربية الصهيونية وملحقاتها الاقليمية مناورات عسكرية كان بعضها مخططا في الخليج مقابل السواحل الايرانية و البعض الاخر اعلن عنه بشكل مفاجئ ونفذ في الجولان قريبا من خط وقف اطلاق النار بين اسرائيل وسورية،و قد حدد المنفذون لمناوراتهم اهدافاً اعلنوا عنها بشكل موارب او صريح مقتضب و تركوا لاعلامهم او لمن يدور في فلكهم البحث او الترويج لفكرة او رسالة تخدم اهداف المخطط.‏‏

وبدا ان الاهداف الحقيقية من تلك المناورات تقاطعت عند فكرة مركزية ارادتها المنظومة تلك و تمثلت في اظهار اليقظة والاستعداد لمواجهة اي متغير، ثم الارتقاء في الجهوزية لشن حرب على ايران لتمنعها من اغلاق مضيق هرمز على الاقل، والانطلاق في عمل عسكري ضد سورية يستغل فيه المهاجم الاوضاع التي تسببت بها اصلا الحرب الكونية الارهابية التي تدور رحاها على ارضها منذ نيف و 18 شهرا بقيادة اميركية واضحة. وعلى ضوء ذلك يطرح السؤال: هل ان ما تريده او توحي به الجبهة منفذة المناورات قابل للتحقيق؟ وهل ان المنطقة باتت على اعتاب حرب وشيكة تشن من اجل تغيير معادلات او تحقيق مصالح للغرب فاته تحقيقها عبرالعقدين الماضين في مواجهة محور المقاومة.؟‏‏

بداية وقبل الاجابة، نرى من المفيد التذكير بان مهاجماً عاقلا لا يمكن ان ينطلق في هجومه قبل ان يطمئن الى قدرته على تحقيق انجازه الميداني، وقدرته على تحمل ردة فعل المدافع، ثم قدرته على الاستثمار السياسي لنتائج الهجوم في حال انتصر مع ما يلزم هذا الاستثمار من وضع نهاية للحرب في التوقيت الذي يراه، واقتياد المدافع (المهزوم) الى طاولة توقيع استسلامه هذا اذا بقي موجودا وبقي لتوقيعه اهمية او دور في مسار الحدث مستقبلاً، والا يستغنى عن التوقيع اصلاً بفرض الامر الواقع.‏‏

وإعمالاً لهذه المبادئ نرى ان المنظومة الغربية الصهيونية اليوم في وضع لا يمكنها من تحقيق الانجاز الميداني في ايران، او في سورية. ومن البديهي القول بان تحرش الغرب بايران تحت عنوان فتح المضيق اذا اغلق، سيستدعي ردا ايرانيا بحرب قد يخطط لها الغرب من اجل تحقيق الهدف الرئيسي الذي يطارد ايران من اجله و هو تدمير المنشآت النووية الايرانية، و لكن هذا الامر و باعتراف الغرب نفسه، بات غير ممكن التحقيق عبر ضربة نارية واحدة بسيطة كانت او مركبة من عمل جوي او قصف صاروخي بعيد المدى حتى وانه مستحيل التحقيق في يوم او يومين، والامر يستلزم عملاً عسكريا متواصلا يكون عماده القصف المتعدد المصادر (من الجو والبحر والبر) و ذخائر خاصة تصل الى باطن الارض على عمق يتراوح بين 50 و150 متراً، ثم و مع توفر الوقت والسلاح و الذخيرة، لا يكون محل طمأنينة و ثقة القول بالقدرة على الوصول الى كل المنشآت التي يزعم الغرب ان بعضها ما زال خفياً عليه و من اجل ذلك راجت فكرة تقول ان الحرب على ايران جل ما توفره هو تأخير سعيها في المجال النووي لكنها من المستحيل ان تلغيه كما حصل عند تدمير المفاعل النووي العراقي قبل 3 عقود.‏‏

اما على صعيد القدرة على تحمل ردات الفعل، فاننا نرى بان منطقة الاهداف التي ستمطر بكتل النار الدفاعية التي سيطلقها محور المقاومة من مرابض تتوزع انطلاقا مدينة مشهد في شمال شرق ايران الى جنوبي لبنان مرورا بسورية،اي ان مساحة منطقة الاهداف وطبيعتها المركبة بين اهداف عسكرية واقتصادية وتجارية واجتماعية، هي مساحة واسعة ثم ان لهب نار الدفاع التي ستلتهمها قادرة على الوصول الى 80 % منها في الايام الاولى للرد ويكون من مفاعيل ذلك شل الحركة في اسرائيل، و تقييد الحركة في الممرات المائية حول شبه الجزيرة العربية والنيل من القواعد العسكرية الاميركية في المنطقة الى درجة يصدق معها قول بعض الاستراتيجيين الاميركيين بان «حرباً محتملة ضد ايران ستؤدي الى خسارة اميركا مكتسبات العقدين الماضيين في منطقة الشرق الاوسط وتضع مصير اسرائيل تحت علامة استفهام».‏‏

ويبقى موضوع مدة الحرب ونهايتها، هنا نرى بأنه بات يقيناً بان اميركا او اسرائيل لا تملكان القدرة على انهاء الحرب في توقيت يناسبهما خاصة و ان محور المقاومة اعتمد استراتيجية الحرب الشاملة المتعددة الجبهات والطويلة المدى، والمتفاوتة السقوف في السلاح المستعمل والقوات المقاتلة، وأقل ما يقال في الامرهنا ان اميركا واسرائيل ومنظومتهما الغربية كلها، لن تواجه جيشاً تقليديا فقط، كما لن تتوقف المسألة عند عمل الوحدات الخاصة، بل ان المواجهة ستتم مع شعب مقاوم تذوق حلاوة النصر ولا يرهبه الموت الذي يرى فيه شهادة و هو يسعى في ذلك الى احدى الحسنيين، وعليه لن تتوقف الحرب اذا اندلعت حتى ينتصر، وبهذا نفهم سبب اصرار قادة محور المقاومة على القول بان الحرب القادمة في يوم ما ستكون حرب ازالة اسرائيل.‏‏

على ضوء ما تقدم نرى ان فكرة حرب تشن على محور المقاومة لاي من الاهداف المعلنة، هي فكرة لا يمكننا التحليل العلمي والمنطقي والواقعي تقبلها، لا بل اننا نستبعدها الى حد اسقاطها من بيان الاحتمالات المنطقية، وقد يرد البعض على هذا الاستنتاج بما قاله قائد الحرس الثوري الايراني مؤخراً بأن «اسرائيل ستشن حربا على ايران تكون فيها نهاية اسرائيل» ونرى باننا نفهم هذا الموقف كما ذكرنا، بأن الحرب بين اسرائيل والرافضين لوجودها لا بد واقعة في يوم ما، فاسرائيل باعتقاد ايران و من يطابقها في الاعتقاد، لا بد زائلة وان زوالها لن يكون الا اثر حرب، وان هذه الحرب ستبادر هي الى انتاج بيئتها، اما قبل ذلك فانه لا يبدو حاليا في الافق احتمال لها، لكنها آتية في يوم ما.‏‏

واذا كان هذا هواستنتاجنا المستبعد للحرب في المنطقة الان، فان السؤال التالي الذي يطرح: لماذا المناورات و الضجيج التهويلي حولها اذاً؟‏‏

واجابة على ذلك نرى ما يلي:‏‏

1) ان المناورات البحرية التي جرت حول مضيق هرمز تحت قيادة اميركية والتي شاركت فيها 25 دولة غربية واقليمية بما فيها اسرائيل بحضور ضباط اتصال ومراقبة، تتكامل مع المناورات التي نفذت في الجولان من غير سابق انذار او تخطيط معلن، ان المناورتين تخدمان فكرة واحدة في الاهداف والمبتغى وهي اختبار وتعزيز القدرات القتالية للمنظومة الغربية برا و بحرا في مواجهة محور المقاومة الذي اعتمد استراتيجية الحرب الشاملة على جبهات متعددة.‏‏

2) اراد الاميركي من المناورات ان يؤكد لخصومه قوته و قدرته على التحرك العسكري الفعال خاصة، بعد اخفاقاته في الجبهات التي اغلقها او يستعد لاغلاقها في المنطقة، و ان يوحي بان فشله في تحقيق اهدافه في سورية، لن يدفعه الى الانسحاب من المنطقة، لا بل انه يزداد تمسكا بنفطها و يصر على السيطرة على ممراتها المائية ضمانا لنقل هذا النفط.‏‏

3) تريد الجبهة الغربية –الصهونية طمأنة اتباعها الخليجيين والاقليميين واشعارهم بانها جاهزة لحمايتهم ولن تتخلى عنهم في مواجهة الخطر الذي اخترعته لهم و الزمتهم بالاعتقاد بوجوده و الانخراط في مسيرة الصراع معه، وهو الخطر الايراني المنبعث من طموحات ايرانية مزعومة وتحالفات ايرانية اقليمية شوه الغرب اهدافها وحرفها عن مقاصدها الاساسية.‏‏

4) لكن الاهم من كل ما ذكر هو ما سجل حول طبيعة المناورتين، حيث كانت مناورات اسرائيل في الجولان اقرب الى العمل الدفاعي منه الى التحضير لعمل هجومي، و لذلك حرصت على الاعتماد على الامم المتحدة لنقل رسالة «منع توتر» على خط وقف اطلاق النار في الجولان والقول بأنه لا نوايا هجومية لديها. اما في الخليج فقد حرص المخطط على الاعلان بأن مهمة القوى المشاركة هي حصراً: «نزع الالغام و فتح المضيق» بعد اغلاق محتمل قد تقوم به ايران، و هنا ينبغي التذكير بان ايران لن تبادر الى الاغلاق الا كردة فعل على منع نفطها من عبوره ما يعني ان انتاج بيئة اغلاق المضيق ستكون قراراً اميركيا، و بما ان المواجهة مع ايران ستقود الى حرب شاملة طويلة المدى كما ذكرنا، فاننا على قناعة بان اميركا لن تنتج تلك البيئة ولن تكون بحاجة اذاً الى الخطوة الدفاعية تلك.‏‏

 

وفي الخلاصة نقول ان المناورات الغربية الصهيونية الاخيرة لا وظيفة لها تتعدى الحرب النفسية ذات الاتجاهين: رفع معنويات الحلفاء والاتباع وحفط التبعية ، ثم ترهيب العدو واظهار القوة وفي وجهه، وهي ليست تحضيرا أو تمهيداً لحرب تشن على ايران أو سورية والمقاومة في لبنان.وان الأهم في دلالاتها ما يسجل في الساحة السورية من ارباك للغرب وتخبط وتآكل معنويات الارهابيين التي تنهار يوما بعد يوم، المعنويات التي لزم لرفعها سابقا حجب فضائيات الاعلام السوري الوطني عن الاقمار الصناعية العربية، وجاءت المناورات كورقة دعم اخرى الحقت بها ما قيل عن نقل قيادة «مليشيا جيش الارهاب الحر» من تركيا الى سورية.‏‏

 

  • فريق ماسة
  • 2012-09-24
  • 9528
  • من الأرشيف

مناورات الغرب من الخليج إلى الجولان.. في الدوافع والدلالات؟

في أسبوع واحد نفذت المنظومة الغربية الصهيونية وملحقاتها الاقليمية مناورات عسكرية كان بعضها مخططا في الخليج مقابل السواحل الايرانية و البعض الاخر اعلن عنه بشكل مفاجئ ونفذ في الجولان قريبا من خط وقف اطلاق النار بين اسرائيل وسورية،و قد حدد المنفذون لمناوراتهم اهدافاً اعلنوا عنها بشكل موارب او صريح مقتضب و تركوا لاعلامهم او لمن يدور في فلكهم البحث او الترويج لفكرة او رسالة تخدم اهداف المخطط.‏‏ وبدا ان الاهداف الحقيقية من تلك المناورات تقاطعت عند فكرة مركزية ارادتها المنظومة تلك و تمثلت في اظهار اليقظة والاستعداد لمواجهة اي متغير، ثم الارتقاء في الجهوزية لشن حرب على ايران لتمنعها من اغلاق مضيق هرمز على الاقل، والانطلاق في عمل عسكري ضد سورية يستغل فيه المهاجم الاوضاع التي تسببت بها اصلا الحرب الكونية الارهابية التي تدور رحاها على ارضها منذ نيف و 18 شهرا بقيادة اميركية واضحة. وعلى ضوء ذلك يطرح السؤال: هل ان ما تريده او توحي به الجبهة منفذة المناورات قابل للتحقيق؟ وهل ان المنطقة باتت على اعتاب حرب وشيكة تشن من اجل تغيير معادلات او تحقيق مصالح للغرب فاته تحقيقها عبرالعقدين الماضين في مواجهة محور المقاومة.؟‏‏ بداية وقبل الاجابة، نرى من المفيد التذكير بان مهاجماً عاقلا لا يمكن ان ينطلق في هجومه قبل ان يطمئن الى قدرته على تحقيق انجازه الميداني، وقدرته على تحمل ردة فعل المدافع، ثم قدرته على الاستثمار السياسي لنتائج الهجوم في حال انتصر مع ما يلزم هذا الاستثمار من وضع نهاية للحرب في التوقيت الذي يراه، واقتياد المدافع (المهزوم) الى طاولة توقيع استسلامه هذا اذا بقي موجودا وبقي لتوقيعه اهمية او دور في مسار الحدث مستقبلاً، والا يستغنى عن التوقيع اصلاً بفرض الامر الواقع.‏‏ وإعمالاً لهذه المبادئ نرى ان المنظومة الغربية الصهيونية اليوم في وضع لا يمكنها من تحقيق الانجاز الميداني في ايران، او في سورية. ومن البديهي القول بان تحرش الغرب بايران تحت عنوان فتح المضيق اذا اغلق، سيستدعي ردا ايرانيا بحرب قد يخطط لها الغرب من اجل تحقيق الهدف الرئيسي الذي يطارد ايران من اجله و هو تدمير المنشآت النووية الايرانية، و لكن هذا الامر و باعتراف الغرب نفسه، بات غير ممكن التحقيق عبر ضربة نارية واحدة بسيطة كانت او مركبة من عمل جوي او قصف صاروخي بعيد المدى حتى وانه مستحيل التحقيق في يوم او يومين، والامر يستلزم عملاً عسكريا متواصلا يكون عماده القصف المتعدد المصادر (من الجو والبحر والبر) و ذخائر خاصة تصل الى باطن الارض على عمق يتراوح بين 50 و150 متراً، ثم و مع توفر الوقت والسلاح و الذخيرة، لا يكون محل طمأنينة و ثقة القول بالقدرة على الوصول الى كل المنشآت التي يزعم الغرب ان بعضها ما زال خفياً عليه و من اجل ذلك راجت فكرة تقول ان الحرب على ايران جل ما توفره هو تأخير سعيها في المجال النووي لكنها من المستحيل ان تلغيه كما حصل عند تدمير المفاعل النووي العراقي قبل 3 عقود.‏‏ اما على صعيد القدرة على تحمل ردات الفعل، فاننا نرى بان منطقة الاهداف التي ستمطر بكتل النار الدفاعية التي سيطلقها محور المقاومة من مرابض تتوزع انطلاقا مدينة مشهد في شمال شرق ايران الى جنوبي لبنان مرورا بسورية،اي ان مساحة منطقة الاهداف وطبيعتها المركبة بين اهداف عسكرية واقتصادية وتجارية واجتماعية، هي مساحة واسعة ثم ان لهب نار الدفاع التي ستلتهمها قادرة على الوصول الى 80 % منها في الايام الاولى للرد ويكون من مفاعيل ذلك شل الحركة في اسرائيل، و تقييد الحركة في الممرات المائية حول شبه الجزيرة العربية والنيل من القواعد العسكرية الاميركية في المنطقة الى درجة يصدق معها قول بعض الاستراتيجيين الاميركيين بان «حرباً محتملة ضد ايران ستؤدي الى خسارة اميركا مكتسبات العقدين الماضيين في منطقة الشرق الاوسط وتضع مصير اسرائيل تحت علامة استفهام».‏‏ ويبقى موضوع مدة الحرب ونهايتها، هنا نرى بأنه بات يقيناً بان اميركا او اسرائيل لا تملكان القدرة على انهاء الحرب في توقيت يناسبهما خاصة و ان محور المقاومة اعتمد استراتيجية الحرب الشاملة المتعددة الجبهات والطويلة المدى، والمتفاوتة السقوف في السلاح المستعمل والقوات المقاتلة، وأقل ما يقال في الامرهنا ان اميركا واسرائيل ومنظومتهما الغربية كلها، لن تواجه جيشاً تقليديا فقط، كما لن تتوقف المسألة عند عمل الوحدات الخاصة، بل ان المواجهة ستتم مع شعب مقاوم تذوق حلاوة النصر ولا يرهبه الموت الذي يرى فيه شهادة و هو يسعى في ذلك الى احدى الحسنيين، وعليه لن تتوقف الحرب اذا اندلعت حتى ينتصر، وبهذا نفهم سبب اصرار قادة محور المقاومة على القول بان الحرب القادمة في يوم ما ستكون حرب ازالة اسرائيل.‏‏ على ضوء ما تقدم نرى ان فكرة حرب تشن على محور المقاومة لاي من الاهداف المعلنة، هي فكرة لا يمكننا التحليل العلمي والمنطقي والواقعي تقبلها، لا بل اننا نستبعدها الى حد اسقاطها من بيان الاحتمالات المنطقية، وقد يرد البعض على هذا الاستنتاج بما قاله قائد الحرس الثوري الايراني مؤخراً بأن «اسرائيل ستشن حربا على ايران تكون فيها نهاية اسرائيل» ونرى باننا نفهم هذا الموقف كما ذكرنا، بأن الحرب بين اسرائيل والرافضين لوجودها لا بد واقعة في يوم ما، فاسرائيل باعتقاد ايران و من يطابقها في الاعتقاد، لا بد زائلة وان زوالها لن يكون الا اثر حرب، وان هذه الحرب ستبادر هي الى انتاج بيئتها، اما قبل ذلك فانه لا يبدو حاليا في الافق احتمال لها، لكنها آتية في يوم ما.‏‏ واذا كان هذا هواستنتاجنا المستبعد للحرب في المنطقة الان، فان السؤال التالي الذي يطرح: لماذا المناورات و الضجيج التهويلي حولها اذاً؟‏‏ واجابة على ذلك نرى ما يلي:‏‏ 1) ان المناورات البحرية التي جرت حول مضيق هرمز تحت قيادة اميركية والتي شاركت فيها 25 دولة غربية واقليمية بما فيها اسرائيل بحضور ضباط اتصال ومراقبة، تتكامل مع المناورات التي نفذت في الجولان من غير سابق انذار او تخطيط معلن، ان المناورتين تخدمان فكرة واحدة في الاهداف والمبتغى وهي اختبار وتعزيز القدرات القتالية للمنظومة الغربية برا و بحرا في مواجهة محور المقاومة الذي اعتمد استراتيجية الحرب الشاملة على جبهات متعددة.‏‏ 2) اراد الاميركي من المناورات ان يؤكد لخصومه قوته و قدرته على التحرك العسكري الفعال خاصة، بعد اخفاقاته في الجبهات التي اغلقها او يستعد لاغلاقها في المنطقة، و ان يوحي بان فشله في تحقيق اهدافه في سورية، لن يدفعه الى الانسحاب من المنطقة، لا بل انه يزداد تمسكا بنفطها و يصر على السيطرة على ممراتها المائية ضمانا لنقل هذا النفط.‏‏ 3) تريد الجبهة الغربية –الصهونية طمأنة اتباعها الخليجيين والاقليميين واشعارهم بانها جاهزة لحمايتهم ولن تتخلى عنهم في مواجهة الخطر الذي اخترعته لهم و الزمتهم بالاعتقاد بوجوده و الانخراط في مسيرة الصراع معه، وهو الخطر الايراني المنبعث من طموحات ايرانية مزعومة وتحالفات ايرانية اقليمية شوه الغرب اهدافها وحرفها عن مقاصدها الاساسية.‏‏ 4) لكن الاهم من كل ما ذكر هو ما سجل حول طبيعة المناورتين، حيث كانت مناورات اسرائيل في الجولان اقرب الى العمل الدفاعي منه الى التحضير لعمل هجومي، و لذلك حرصت على الاعتماد على الامم المتحدة لنقل رسالة «منع توتر» على خط وقف اطلاق النار في الجولان والقول بأنه لا نوايا هجومية لديها. اما في الخليج فقد حرص المخطط على الاعلان بأن مهمة القوى المشاركة هي حصراً: «نزع الالغام و فتح المضيق» بعد اغلاق محتمل قد تقوم به ايران، و هنا ينبغي التذكير بان ايران لن تبادر الى الاغلاق الا كردة فعل على منع نفطها من عبوره ما يعني ان انتاج بيئة اغلاق المضيق ستكون قراراً اميركيا، و بما ان المواجهة مع ايران ستقود الى حرب شاملة طويلة المدى كما ذكرنا، فاننا على قناعة بان اميركا لن تنتج تلك البيئة ولن تكون بحاجة اذاً الى الخطوة الدفاعية تلك.‏‏   وفي الخلاصة نقول ان المناورات الغربية الصهيونية الاخيرة لا وظيفة لها تتعدى الحرب النفسية ذات الاتجاهين: رفع معنويات الحلفاء والاتباع وحفط التبعية ، ثم ترهيب العدو واظهار القوة وفي وجهه، وهي ليست تحضيرا أو تمهيداً لحرب تشن على ايران أو سورية والمقاومة في لبنان.وان الأهم في دلالاتها ما يسجل في الساحة السورية من ارباك للغرب وتخبط وتآكل معنويات الارهابيين التي تنهار يوما بعد يوم، المعنويات التي لزم لرفعها سابقا حجب فضائيات الاعلام السوري الوطني عن الاقمار الصناعية العربية، وجاءت المناورات كورقة دعم اخرى الحقت بها ما قيل عن نقل قيادة «مليشيا جيش الارهاب الحر» من تركيا الى سورية.‏‏  

المصدر : الثورة \ أمين محمد حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة