يبدو بعد مرور أكثر من 18 شهراً من الحرب على سورية، أن المؤامرة انتقلت مع منتصف العام 2012 إلى مرحلة وأسلوب جديديْن، فمنذ شهر حزيران الماضي، يلاحَظ في كل شهرين تقريباً نمط جديد لاستهداف سورية، يُمهَّد له بسلسلة تفجيرات إرهابية تستهدف أحياء من دمشق أو حلب، بقصد دب الذعر والإرهاب في قلوب المواطنين، والذي بلغ ذروته في اغتيال القادة السوريين الأمنيين الأربعة في 17 تموز الماضي، حيث كانت توقعات حلف أعداء سورية أن يصاب قلب العروبة النابض بالارتباك، وأن تفقد السلطة زمام القيادة والسيطرة، في الوقت الذي تنطلق كل الخلايا الإرهابية النائمة والمحضرة منذ مدة طويلة في الداخل، لكن خبراً وصل "بالصدفة" يومها إلى جهات أمنية مختصة، يفيد بتغلغل مئات المسلحين (الواصلين من لبنان والأردن وتركيا) في منطقة داريا بريف دمشق، فتعاطى الجيش السوري مع هذه الزمر، قبل يوم واحد فقط من التفجير، كما يلزم، ملحقاً خسائر فادحة في صفوف المسلحين، الذين اتخذوا من سكان المنطقة دروعاً بشرية، وكل ذلك ترافق مع تشغيل الإعلام العربي المشارك في سفك الدم السوري، في سلسلة من "الأخبار العاجلة" التي فبركت أخباراً عن انهيار تام للنظام، وعن تواصل الانشقاقات عن الدولة الوطنية السورية، كانشقاق مناف طلاس؛ الذي حُضّر وجُهّز له بالتعاون التام مع المخابرات الفرنسية والأميركية، وباعترافه شخصياً، ثم انشقاق رئيس الحكومة السابق رياض حجاب، وكل ذلك وُظفت له إمكانيات مالية وإعلامية مذهلة، وفّرتها قطر والسعودية، لكن هذه الخطة وُئدت في مهدها، إذ تبين أن حركة طلاس لم تكن سوى مسرحية هوليودية فاشلة، فيما حجاب قبل أن يعلن خيانته وفراره كان قد أصبح رئيساً سابقاً للحكومة، خصوصاً أن القيادة الوطنية السورية كانت قد استوعبت الأمر بسرعة، فأذهلت الأقربين والأبعدين بعد عملية اغتيال القادة الأمنيين، لاسيما ببدئها الهجوم المعاكس الشامل، فكسب الجيش العربي السوري معركة دمشق وريفها، وأحكم السيطرة على معاقل المسلحين والإرهابيين، في الوقت الذي تقدم الجيش السوري في مواجهة وتصفية مراكز ومجموعات الإرهابيين في حلب وريفها، واقترابه من الحسم في مختلف المحافظات السورية، بما بدأ ينسج مناخاً سياسياً وشعبياً جديداً لمصلحة الدولة الوطنية السورية والجيش العربي السوري، ما جعل الحلف الدولي - العربي ضد سورية في حالة إرباك شديد، انعكس على المعارضات السورية انشقاقات وتبادل بيانات التخوين والفضائح والسرقات بالجملة والمفرق.

يلاحَظ أن هذه المرحلة الجديدة من المؤامرة على سورية ترافقت مع خطة جهنمية أطلسية مع دول الجوار السوري، فقد لوحظت حركة مكثفة لجماعة 14 آذار في لبنان، وتصعيد في إطار استهداف المقاومة وحلفائها، فكانت الخطة التي أُعدّت بالاتفاق مع الأميركيين والفرنسيين وتركيا بإشعال معارك الشمال، خصوصاً في طرابلس وعكار، سواء من خلال إشعال باب التبانة - جبل محسن، ثم "تطهير" طرابلس من حلفاء المقاومة وسورية، والتي وُضعت بالاتفاق بين "تيار المستقبل" والوهابيين المتطرفين، والمجموعات السورية المسلحة، فكانت سلسلة التهديدات للقوى الوطنية والإسلامية في عاصمة الشمال، لكن هذه القوى استطاعت، رغم كل التهديدات، أن تواجهها وتُجهضها، تزامناً مع تقدم الجيش السوري في الداخل، وتصفية الكثير من المسلحين، خصوصاً المتوغلين من الشمال.

كذلك كانت محاولات التوتير في عكار منذ حادثة الكويخات، ومحاولة النيل من الجيش اللبناني، تحديداً بعد إطلاق سراح الضباط، لكن محاولات التسعير فشلت، وإن كانت جماعة التحريض قد تذرعت بزيارة البابا إلى لبنان للكف عن اللعب بالنار، من دون أن ننسى أيضاً محاولات التوتير في البقاع، سواء في محاولات قطع طريق دمشق الدولية قرب المصنع من قبل ما يسمى "السلفيين" وجماعة "المستقبل"، أو محاولة التوتير في البقاع الشمالي، من خلال محاولات جماعة "المستقبل" في عرسال، والذين ما زالوا يجهدون لجعل عرسال التي قدمت مئات الشهداء في مواجهة العدو "الإسرائيلي" وعملائه في الداخل اللبناني، في حالة عداء مع محيطها، ومع سورية.

مع العلم أن هذه الخطة ترافقت مع خطة وضعتها قوى 14 آذار مع الأميركيين والفرنسيين لترحيل الحكومة الحالية، والعودة بفؤاد السنيورة رئيساً للحكومة، أو في أسوأ الاحتمالات ترؤّس محمد شطح للحكومة، لكن بشكل عام لم تفلح كل هذه المحاولات، رغم ما رافقها من تحريض سياسي وإعلامي وطائفي.

أما في دول الجوار الأخرى، فقد ترافقت الهجمة على سورية مع سلسلة من الأعمال والتفجيرات الإرهابية في العراق، وبمحاولات إدخال الأردن في أتون تسعير الإرهاب في الداخل السوري على حدودها، في الوقت الذي تكشّف في مخيمات النازحين في تركيا، أن معظمها مخيمات للمسلحين والإرهابيين الذين جاءوا من مختلف أنحاء العالم، ما جعل المعارضة التركية تتحرك وتفضح أهداف حكومة أردوغان.

الحرج والارتباك العربيان المشاركان في المؤامرة على سورية يتجليان أيضاً في اجتماع لجنة الاتصال الرباعية، والذي غابت عنه السعودية، التي توحي تصرفاتها برفضها لمهمة الأخضر الإبراهيمي، كما كانت قد أعلنت رفضها المسبق لمهمة كوفي أنان قبل أن يباشر مهمته.

وإذ تشعر الرياض بأن دورها يتقلص لحساب تركيا، في وقت تعاني من صراعات داخلية على الخلافة والسلطة بين أفراد الأسرة الحاكمة، تحاول ــ كما تفيد المعلومات من مصادر متابعة ــ أن تعقد طائفاً لسورية؛ على غرار الطائف اللبناني، ليكون لها دور مؤثر، لكن غاب عن بالها أن سورية غير لبنان، وأنه لولا دمشق لما نجح الطائف اللبناني.

بأي حال، لجنة الاتصال باشرت أعمالها، بمشاركة السعودية أو من دونها، وبصرف النظر عن النتائج التي يمكن أن تتوصل إليها، فإن حركتها بدأت، وبهذا الخصوص تحرّك وزير الخارجية الإيراني نحو دمشق، وإن كان الرئيس المصري محمد مرسي حاول أن يغري طهران لتتخلى عن سورية، لكن إيران لم تمر عليها مناورة مرسي، فعملت على تطوير اللجنة الرباعية إلى سداسية، بضم العراق وفنزويلا، وبإرسال لجنة مراقبين من هذا الدول إلى سورية.

يوماً بعد آخر يتضح أن مصير الفصل الجديد من المؤامرات على الدولة الوطنية السورية هو الفشل، ولهذا ثمة مرحلة جديدة بدأنا نرى إطلالتها الآن، كما نرى تلاويح فشلها، من خلال الفيلم الأميركي - الصهيوني الرديء الذي استهدف النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، حيث كان يُتوقع، كما يرى متابعون، موجة من الفوضى العارمة في الدول العربية والإسلامية، تُستغل فيه الأمور لإعادة إشعال دمشق وحلب وحمص ولبنان، وقد رأينا نموذجاً من ذلك في طرابلس، من خلال المظاهرة التي لم توجَّه لمصدر الأذى بحق الرسول الأكرم، أي واشنطن وتل أبيب، إنما ضد البابا بنيدكتوس السادس عشر، الذي كان يزور لبنان من أجل توقيع "الإرشاد الرسولي".

بشكل عام، ينطبق المثل المأثور على التصرف الأميركي بأن "طابخ السم آكله"، فالأميركي وعملاؤه في المنطقة، والذين أرادوا من هذا الفيلم "تعويم" الفوضى، بدأوا يحصدون شر أعمالهم، ولعل في الإطلالة الرائعة لسيد المقاومة على مئات الآلاف الذين احتشدوا نصرة لنبي الرحمة عليه الصلاة والسلام، الرد الحقيق والعملي.. أو بشكل أدق بداية الصحوة الحقيقة.

  • فريق ماسة
  • 2012-09-19
  • 13191
  • من الأرشيف

حلف أعداء دمشق يزداد إرباكاً وعدوانية المؤامرة على سورية.. من فشل إلى آخر

 يبدو بعد مرور أكثر من 18 شهراً من الحرب على سورية، أن المؤامرة انتقلت مع منتصف العام 2012 إلى مرحلة وأسلوب جديديْن، فمنذ شهر حزيران الماضي، يلاحَظ في كل شهرين تقريباً نمط جديد لاستهداف سورية، يُمهَّد له بسلسلة تفجيرات إرهابية تستهدف أحياء من دمشق أو حلب، بقصد دب الذعر والإرهاب في قلوب المواطنين، والذي بلغ ذروته في اغتيال القادة السوريين الأمنيين الأربعة في 17 تموز الماضي، حيث كانت توقعات حلف أعداء سورية أن يصاب قلب العروبة النابض بالارتباك، وأن تفقد السلطة زمام القيادة والسيطرة، في الوقت الذي تنطلق كل الخلايا الإرهابية النائمة والمحضرة منذ مدة طويلة في الداخل، لكن خبراً وصل "بالصدفة" يومها إلى جهات أمنية مختصة، يفيد بتغلغل مئات المسلحين (الواصلين من لبنان والأردن وتركيا) في منطقة داريا بريف دمشق، فتعاطى الجيش السوري مع هذه الزمر، قبل يوم واحد فقط من التفجير، كما يلزم، ملحقاً خسائر فادحة في صفوف المسلحين، الذين اتخذوا من سكان المنطقة دروعاً بشرية، وكل ذلك ترافق مع تشغيل الإعلام العربي المشارك في سفك الدم السوري، في سلسلة من "الأخبار العاجلة" التي فبركت أخباراً عن انهيار تام للنظام، وعن تواصل الانشقاقات عن الدولة الوطنية السورية، كانشقاق مناف طلاس؛ الذي حُضّر وجُهّز له بالتعاون التام مع المخابرات الفرنسية والأميركية، وباعترافه شخصياً، ثم انشقاق رئيس الحكومة السابق رياض حجاب، وكل ذلك وُظفت له إمكانيات مالية وإعلامية مذهلة، وفّرتها قطر والسعودية، لكن هذه الخطة وُئدت في مهدها، إذ تبين أن حركة طلاس لم تكن سوى مسرحية هوليودية فاشلة، فيما حجاب قبل أن يعلن خيانته وفراره كان قد أصبح رئيساً سابقاً للحكومة، خصوصاً أن القيادة الوطنية السورية كانت قد استوعبت الأمر بسرعة، فأذهلت الأقربين والأبعدين بعد عملية اغتيال القادة الأمنيين، لاسيما ببدئها الهجوم المعاكس الشامل، فكسب الجيش العربي السوري معركة دمشق وريفها، وأحكم السيطرة على معاقل المسلحين والإرهابيين، في الوقت الذي تقدم الجيش السوري في مواجهة وتصفية مراكز ومجموعات الإرهابيين في حلب وريفها، واقترابه من الحسم في مختلف المحافظات السورية، بما بدأ ينسج مناخاً سياسياً وشعبياً جديداً لمصلحة الدولة الوطنية السورية والجيش العربي السوري، ما جعل الحلف الدولي - العربي ضد سورية في حالة إرباك شديد، انعكس على المعارضات السورية انشقاقات وتبادل بيانات التخوين والفضائح والسرقات بالجملة والمفرق. يلاحَظ أن هذه المرحلة الجديدة من المؤامرة على سورية ترافقت مع خطة جهنمية أطلسية مع دول الجوار السوري، فقد لوحظت حركة مكثفة لجماعة 14 آذار في لبنان، وتصعيد في إطار استهداف المقاومة وحلفائها، فكانت الخطة التي أُعدّت بالاتفاق مع الأميركيين والفرنسيين وتركيا بإشعال معارك الشمال، خصوصاً في طرابلس وعكار، سواء من خلال إشعال باب التبانة - جبل محسن، ثم "تطهير" طرابلس من حلفاء المقاومة وسورية، والتي وُضعت بالاتفاق بين "تيار المستقبل" والوهابيين المتطرفين، والمجموعات السورية المسلحة، فكانت سلسلة التهديدات للقوى الوطنية والإسلامية في عاصمة الشمال، لكن هذه القوى استطاعت، رغم كل التهديدات، أن تواجهها وتُجهضها، تزامناً مع تقدم الجيش السوري في الداخل، وتصفية الكثير من المسلحين، خصوصاً المتوغلين من الشمال. كذلك كانت محاولات التوتير في عكار منذ حادثة الكويخات، ومحاولة النيل من الجيش اللبناني، تحديداً بعد إطلاق سراح الضباط، لكن محاولات التسعير فشلت، وإن كانت جماعة التحريض قد تذرعت بزيارة البابا إلى لبنان للكف عن اللعب بالنار، من دون أن ننسى أيضاً محاولات التوتير في البقاع، سواء في محاولات قطع طريق دمشق الدولية قرب المصنع من قبل ما يسمى "السلفيين" وجماعة "المستقبل"، أو محاولة التوتير في البقاع الشمالي، من خلال محاولات جماعة "المستقبل" في عرسال، والذين ما زالوا يجهدون لجعل عرسال التي قدمت مئات الشهداء في مواجهة العدو "الإسرائيلي" وعملائه في الداخل اللبناني، في حالة عداء مع محيطها، ومع سورية. مع العلم أن هذه الخطة ترافقت مع خطة وضعتها قوى 14 آذار مع الأميركيين والفرنسيين لترحيل الحكومة الحالية، والعودة بفؤاد السنيورة رئيساً للحكومة، أو في أسوأ الاحتمالات ترؤّس محمد شطح للحكومة، لكن بشكل عام لم تفلح كل هذه المحاولات، رغم ما رافقها من تحريض سياسي وإعلامي وطائفي. أما في دول الجوار الأخرى، فقد ترافقت الهجمة على سورية مع سلسلة من الأعمال والتفجيرات الإرهابية في العراق، وبمحاولات إدخال الأردن في أتون تسعير الإرهاب في الداخل السوري على حدودها، في الوقت الذي تكشّف في مخيمات النازحين في تركيا، أن معظمها مخيمات للمسلحين والإرهابيين الذين جاءوا من مختلف أنحاء العالم، ما جعل المعارضة التركية تتحرك وتفضح أهداف حكومة أردوغان. الحرج والارتباك العربيان المشاركان في المؤامرة على سورية يتجليان أيضاً في اجتماع لجنة الاتصال الرباعية، والذي غابت عنه السعودية، التي توحي تصرفاتها برفضها لمهمة الأخضر الإبراهيمي، كما كانت قد أعلنت رفضها المسبق لمهمة كوفي أنان قبل أن يباشر مهمته. وإذ تشعر الرياض بأن دورها يتقلص لحساب تركيا، في وقت تعاني من صراعات داخلية على الخلافة والسلطة بين أفراد الأسرة الحاكمة، تحاول ــ كما تفيد المعلومات من مصادر متابعة ــ أن تعقد طائفاً لسورية؛ على غرار الطائف اللبناني، ليكون لها دور مؤثر، لكن غاب عن بالها أن سورية غير لبنان، وأنه لولا دمشق لما نجح الطائف اللبناني. بأي حال، لجنة الاتصال باشرت أعمالها، بمشاركة السعودية أو من دونها، وبصرف النظر عن النتائج التي يمكن أن تتوصل إليها، فإن حركتها بدأت، وبهذا الخصوص تحرّك وزير الخارجية الإيراني نحو دمشق، وإن كان الرئيس المصري محمد مرسي حاول أن يغري طهران لتتخلى عن سورية، لكن إيران لم تمر عليها مناورة مرسي، فعملت على تطوير اللجنة الرباعية إلى سداسية، بضم العراق وفنزويلا، وبإرسال لجنة مراقبين من هذا الدول إلى سورية. يوماً بعد آخر يتضح أن مصير الفصل الجديد من المؤامرات على الدولة الوطنية السورية هو الفشل، ولهذا ثمة مرحلة جديدة بدأنا نرى إطلالتها الآن، كما نرى تلاويح فشلها، من خلال الفيلم الأميركي - الصهيوني الرديء الذي استهدف النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، حيث كان يُتوقع، كما يرى متابعون، موجة من الفوضى العارمة في الدول العربية والإسلامية، تُستغل فيه الأمور لإعادة إشعال دمشق وحلب وحمص ولبنان، وقد رأينا نموذجاً من ذلك في طرابلس، من خلال المظاهرة التي لم توجَّه لمصدر الأذى بحق الرسول الأكرم، أي واشنطن وتل أبيب، إنما ضد البابا بنيدكتوس السادس عشر، الذي كان يزور لبنان من أجل توقيع "الإرشاد الرسولي". بشكل عام، ينطبق المثل المأثور على التصرف الأميركي بأن "طابخ السم آكله"، فالأميركي وعملاؤه في المنطقة، والذين أرادوا من هذا الفيلم "تعويم" الفوضى، بدأوا يحصدون شر أعمالهم، ولعل في الإطلالة الرائعة لسيد المقاومة على مئات الآلاف الذين احتشدوا نصرة لنبي الرحمة عليه الصلاة والسلام، الرد الحقيق والعملي.. أو بشكل أدق بداية الصحوة الحقيقة.

المصدر : احمد زين الدين\ الثبات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة