منذ موجة احتجاجات "الربيع العربي" التي ابتدأت العام المنصرم، بدت نظرية “الإستثنائية العربية”، المُروَّج لها من الحكومات الغربية لتبرير دعم الديكتاتوريات، تضعف كثيرًا.

كان النقاش يومها بارتياح يدور حول أنه لم يكن هنالك تقريبًا أي مطلب ديمقراطي في الدول العربية الغنية الحليفة للغرب، أو ذات القيمة الإستراتيجية. المصطلح المتداول اليوم هو “استثنائية الأنظمة الملكية”. رغم ذلك، تبدو الأنظمة الملكية العربية الثمانية بوضوح ، باستثناء اثنين منها في منطقة الخليج، أفضل كثيرًا من الجمهوريات في صد الضغط الشعبي المطالب بالديمقراطية. كان ذلك على أية حال موضوع النقاش.

الأنظمة الملكية لا تتظاهر بأنها أنظمة ديمقراطية وتتبنى توريث الحكم بصراحة وصدق، ... وأكثر من ذلك، فإن الملوك العرب، كما يُقال، كانوا أكثر حذقًا من نظرائهم الجمهوريين. البعض، كملك المغرب والأردن، اثنان من الناجين خارج الخليج، قدموا تنازلات سياسية دون أن يخسروا كرامتهم، أو سلطتهم المطلقة، فالمغربي، على سبيل المثال، يدعم سلطته بالتبجح بالميراث العريق لسلالته الحاكمة. على أية حال، يقول الداعمون الغربيون للممالك العربية، إن الناس المحكومين من الأنظمة الملكية الخيّرة سعداء لرؤية المنشقين الشاذين والمثيرين للمشاكل في السجن. وتعتبر المفاهم الغربية عن حقوق الإنسان شاذة وغير مرغوب فيها هناك، هكذا تتردد الفكرة.

الأنظمة الملكية الثمانية الناجية تتقوى بعوامل اقتصادية واستراتيجية. ستة منها تُصدّر محيطاتٍ من البترول. والجميع حلفاء مقرّبون من الولايات المتحدة. في 2011، السنة القياسية لمبيعات السلاح الأمريكية للخارج والتي شكلت ما إجمالي قيمته 66 مليار دولار، ذهب أكثر من نصف هذه المبيعات للسعودية، المَلَكيّة المطلقة التي لا تتظاهر بالديمقراطية. وقبلت أكاديمية ساندهرست العسكرية، حيث يتمُّ تدريب الضبّاط البريطانيين والأجانب، تبرّعًا بقيمة 3 مليون دولار من ملك البحرين.

رغم ذلك لم تعد الممالك الخليجية محصّنةً ضدَّ التظاهرات. قطر فقط التي لم يمسسها شيءٌ تقريبًا. في البحرين أيدت المحكمة مؤخّرًا أحكامًا بالسجن ضد 13 من من قادة المعارضة المدانين بجرائم تتراوح بين التخطيط لقلب نظام الحكم وإهانة الجيش. وفي السعودية، حيث تستمر أزمة الخلافة في الحكم، وبخروج الملك السعودي ذي الثمانية والثمانين عامًأ للخارج لتلقي العلاج، قُدّم اثنان من نشطاء حقوق الإنسان للمحاكمة هذا الشهر بتهمة إنشاء منظّمات غير مصرحة، وتحريض المنظمات العالمية على المملكة، بالإضافة إلى جرائم أخرى. آلاف من المعارضين السياسيين السعوديين، وبعضهم عنيف، يقبعون وراء القضبان فعليًا.

 

حتى الإمارات العربية المتحدّة، والتي ظلت لوقتٍ طويل تعتبر منارةً للاستقرار، تبدو محفوفةً بالقلق. فقد تم اعتقال 6 إماراتيين مؤخرًا، مما يزيد عدد النشطاء المعتقلين منذ شهر رمضان، والذي ابتدأ في 20 يوليو/تموز، إلى 56. وقالت وكالة أنباء الإمارات إن المعتقلين الخمسين الأوائل كانوا قد خططوا لزعزعة استقرار البلاد و “شوهوا صورتها المشرقة أمام العالم”. وقد تم طرد أستاذ الصحافة الأمريكي “مات دافي” من الإمارات مؤخّرًا بعدما شجع طلابه على مناقشة قضايا مثل حرية الصحافة.

تصرف كل ممالك الخليج ثرواتٍ على شركات العلاقات العامة. وبحسب (بحرين ووتش)، وهو (لوبي) مؤيد للديمقراطية، فإن المملكة قد دفعت لما لا يقل عن خمس عشرة شركة من هذا النوع في الولايات المتحدة مبلغ 33 مليون دولار منذ بداية الانتفاضة قبل أكثر من عام. وليس من المستغرب غضب هذه الممالك عندما ينشر أفراد المعارضة انتهاكات حقوق الإنسان بفضل (تويتر) و (يوتيوب) بدون مقابل.

  • فريق ماسة
  • 2012-09-15
  • 10284
  • من الأرشيف

«ذي إيكونومست» : حتى الأنظمة الملكية الخليجية لن تكون استثناءً من التغيير

منذ موجة احتجاجات "الربيع العربي" التي ابتدأت العام المنصرم، بدت نظرية “الإستثنائية العربية”، المُروَّج لها من الحكومات الغربية لتبرير دعم الديكتاتوريات، تضعف كثيرًا. كان النقاش يومها بارتياح يدور حول أنه لم يكن هنالك تقريبًا أي مطلب ديمقراطي في الدول العربية الغنية الحليفة للغرب، أو ذات القيمة الإستراتيجية. المصطلح المتداول اليوم هو “استثنائية الأنظمة الملكية”. رغم ذلك، تبدو الأنظمة الملكية العربية الثمانية بوضوح ، باستثناء اثنين منها في منطقة الخليج، أفضل كثيرًا من الجمهوريات في صد الضغط الشعبي المطالب بالديمقراطية. كان ذلك على أية حال موضوع النقاش. الأنظمة الملكية لا تتظاهر بأنها أنظمة ديمقراطية وتتبنى توريث الحكم بصراحة وصدق، ... وأكثر من ذلك، فإن الملوك العرب، كما يُقال، كانوا أكثر حذقًا من نظرائهم الجمهوريين. البعض، كملك المغرب والأردن، اثنان من الناجين خارج الخليج، قدموا تنازلات سياسية دون أن يخسروا كرامتهم، أو سلطتهم المطلقة، فالمغربي، على سبيل المثال، يدعم سلطته بالتبجح بالميراث العريق لسلالته الحاكمة. على أية حال، يقول الداعمون الغربيون للممالك العربية، إن الناس المحكومين من الأنظمة الملكية الخيّرة سعداء لرؤية المنشقين الشاذين والمثيرين للمشاكل في السجن. وتعتبر المفاهم الغربية عن حقوق الإنسان شاذة وغير مرغوب فيها هناك، هكذا تتردد الفكرة. الأنظمة الملكية الثمانية الناجية تتقوى بعوامل اقتصادية واستراتيجية. ستة منها تُصدّر محيطاتٍ من البترول. والجميع حلفاء مقرّبون من الولايات المتحدة. في 2011، السنة القياسية لمبيعات السلاح الأمريكية للخارج والتي شكلت ما إجمالي قيمته 66 مليار دولار، ذهب أكثر من نصف هذه المبيعات للسعودية، المَلَكيّة المطلقة التي لا تتظاهر بالديمقراطية. وقبلت أكاديمية ساندهرست العسكرية، حيث يتمُّ تدريب الضبّاط البريطانيين والأجانب، تبرّعًا بقيمة 3 مليون دولار من ملك البحرين. رغم ذلك لم تعد الممالك الخليجية محصّنةً ضدَّ التظاهرات. قطر فقط التي لم يمسسها شيءٌ تقريبًا. في البحرين أيدت المحكمة مؤخّرًا أحكامًا بالسجن ضد 13 من من قادة المعارضة المدانين بجرائم تتراوح بين التخطيط لقلب نظام الحكم وإهانة الجيش. وفي السعودية، حيث تستمر أزمة الخلافة في الحكم، وبخروج الملك السعودي ذي الثمانية والثمانين عامًأ للخارج لتلقي العلاج، قُدّم اثنان من نشطاء حقوق الإنسان للمحاكمة هذا الشهر بتهمة إنشاء منظّمات غير مصرحة، وتحريض المنظمات العالمية على المملكة، بالإضافة إلى جرائم أخرى. آلاف من المعارضين السياسيين السعوديين، وبعضهم عنيف، يقبعون وراء القضبان فعليًا.   حتى الإمارات العربية المتحدّة، والتي ظلت لوقتٍ طويل تعتبر منارةً للاستقرار، تبدو محفوفةً بالقلق. فقد تم اعتقال 6 إماراتيين مؤخرًا، مما يزيد عدد النشطاء المعتقلين منذ شهر رمضان، والذي ابتدأ في 20 يوليو/تموز، إلى 56. وقالت وكالة أنباء الإمارات إن المعتقلين الخمسين الأوائل كانوا قد خططوا لزعزعة استقرار البلاد و “شوهوا صورتها المشرقة أمام العالم”. وقد تم طرد أستاذ الصحافة الأمريكي “مات دافي” من الإمارات مؤخّرًا بعدما شجع طلابه على مناقشة قضايا مثل حرية الصحافة. تصرف كل ممالك الخليج ثرواتٍ على شركات العلاقات العامة. وبحسب (بحرين ووتش)، وهو (لوبي) مؤيد للديمقراطية، فإن المملكة قد دفعت لما لا يقل عن خمس عشرة شركة من هذا النوع في الولايات المتحدة مبلغ 33 مليون دولار منذ بداية الانتفاضة قبل أكثر من عام. وليس من المستغرب غضب هذه الممالك عندما ينشر أفراد المعارضة انتهاكات حقوق الإنسان بفضل (تويتر) و (يوتيوب) بدون مقابل.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة