لا أحد غير الرئيس الأسبق بيل كلينتون قادر على إيقاظ المشاعر والأفكار الليبرالية عند الديموقراطيين بلغة «السهل الممتنع»، التي تحاكي كل الأميركيين وتقرع أبواب فئات شعبية في الوسط الأميركي، ليس بوسع الرئيس باراك أوباما الوصول إليها عادة.

بيل كلينتون قدم المرافعة السياسية الأقوى في «ميدان تايم وارنر كابل»، وقال كل ما لا يمكن لأوباما قوله خلال خطابه المنتظر في الليلة الأخيرة من مؤتمر الديموقراطيين في مدينة تشارلوت في ولاية كارولينا الشمالية. وسيوافق أوباما، فجر اليوم، على ترشيح الديموقراطيين له للانتخابات الرئاسية في 6 تشرين الثاني المقبل.

وقال كلينتون، في بداية كلمته، «أريد ترشيح رجل هادئ من الخارج، لكنه يحترق لأجل أميركا من الداخل»، مضيفاً «أرشحه بفخر ليكون حامل لواء الحزب الديموقراطي». ودافع عن ولاية أوباما الأولى، قائلا «ليس هناك رئيس، لا أنا ولا أي من أسلافي كنا قادرين على إصلاح الضرر في أربع سنوات فقط. لكن الظروف تتحسّن، وإذا جددتم عقد الرئيس فستشعرون بهذا الأمر. اعتقد بذلك من كل قلبي».

وتابع كلينتون، في خطاب مطوّل دام 48 دقيقة، إن الحزب الجمهوري «يرى دائما أن الحكومة هي العدو، وان التسوية علامة ضعف»، مضيفاً «أحد الأسباب الرئيسية لماذا علينا إعادة انتخاب أوباما انه لا يزال ملتزماً بالتعاون البناء». وقال «افهم التحدي الذي نواجهه. اعلم ان الاميركيين لا يزالوا غاضبين ومحبطين من الاقتصاد»، مشيراً الى ان رسالة الجمهوريين ضد أوباما في مؤتمرهم، الأسبوع الماضي، كانت «لقد تركنا له فوضى تامة ولم يقم بتنظيفها بسرعة كافية، لهذا اطردوه من عمله وضعونا مكانه».

وأكد كلينتون أن اختيار أوباما لمنافسته داخل الحزب الديموقراطي في العام 2008 هيلاري كلينتون كوزيرة للخارجية «كان مؤشراً إلى سائر العالم أنه ليس على الديموقراطية أن تكون رياضة دامية، بل مؤسسة شريفة تقدّم المصلحة العامة».

في نهاية الكلمة، فاجأ أوباما المشاركين في المؤتمر وخرج لمعانقة كلينتون في صورة كانت ضرورية للإستراتيجية الانتخابية قبيل تصويت المندوبين بالإجماع على ترشيح أوباما.

رد الجمهوريين كان سريعاً بعزل كلينتون عن الانتقادات وتركيز السهام على اوباما، حيث قال المتحدث باسم حملة المرشح الجمهوري ميت رومني، ريان وليامز، في بيان، «رسم كلينتون تناقضا صارخا بينه وبين اوباما. بيل كلينتون عمل مع الجمهوريين واوجد ميزانية متوازنة، وبعد أربع سنوات كان يمكنه القول نحن بحال أفضل».

وعلى هامش مؤتمر الديموقراطيين الذي حضره 55 مندوبا من العرب الأميركيين، كان هناك بلبلة أمام المدخل 107 لميدان«تايم وارنر كابل» حيث يقع الثقل العربي الأميركي لولاية ميتشيغن. مشاورات جانبية بين المندوبين وقيادات الجالية، هناك من يدعو إلى الرد الإجرائي على إضافة عبارة «القدس عاصمة إسرائيل» على برنامج الحزب الانتخابي، مقابل من يدعو إلى التريث في ردة الفعل والتواصل مع البيت الأبيض كي لا تنعكس أي خطوة سلبا على الجالية.

بحسب رواية المندوبين، كان كل شيء عادياً خلال اليوم الثاني حتى قام رئيس المؤتمر عمدة مدينة لوس أنجلس انطونيو فيلارايغوسا بطرح التعديل من خارج جدول الأعمال بناء على اقتراح من ولاية أوهايو، لكن النصاب القانوني لم يكن مؤمناً لمثل هذا التعديل. وبالتالي كرر رئيس المؤتمر التصويت شفهيا ثلاث مرات، ولم يلجأ بعدها إلى تعداد الأصوات.

ورغم الاعتراضات تم إقرار التعديل الذي جاء فيه «القدس كانت وستبقى عاصمة إسرائيل. لقد توافق الطرفان أن القدس مسألة لمفاوضات الوضع النهائي. يجب أن تبقى مدينة غير مقسمة في متناول الناس من كل الأديان».

وقال مسؤول أميركي لـمجلة «فورين بوليسي» إن أوباما «تدخل شخصياً» لإدراج هذا التعديل، والقيادات الديموقراطية دافعت ايضا عن هذه الخطوة في تصريحات اعلامية، بحيث رأى فيلارايغوسا ان على عكس المرشح الجمهوري ميت رومني، وقف اوباما ضد ارادة حزبه. وحاولت الادارة ان توحي ان هذا التعديل يعكس رأي اوباما الشخصي، لكن السياسة الاميركية ثابتة تاريخياً ولم تتغير في هذا الخصوص.

النائبة الاميركية من اصل فلسطيني في المجلس التشريعي لولاية ميتشيغن رشيدة طليب، وهي مندوبة عن ولايتها الى المؤتمر، تقول لـ«السفير» ان اللغة في النسخة الأولية من البرنامج الانتخابي كانت تعبّر عن كل الأميركيين، بما في ذلك اليهود الأميركيين «لكن أقلية صاخبة نافذة سياسياً قررت تعليق الحكم». واعتبرت ان هذه التعديل «لم يكن فيه احترام، لكن انا فخورة انه تطلب الامر التصويت ثلاث مرات». واكدت ان المندوبين العرب الاميركيين يراجعون قانون الحزب لمعرفة ما إذا يمكن إقرار التعديل بهذه الطريقة، من دون ان يكون النصاب القانوني قائماً.

النائب الاميركي في الكونغرس كيث اليسون تحدث لـ«السفير» ايضاً عن هذه القضية، مشيراً الى انه لم يكن يعلم بأنها ستطرح، مستغرباً ان يهدر الحزب الديموقراطي الوقت والموارد على هذه النقطة في البرنامج الانتخابي. واضاف «لا اعتقد ان مكان عاصمة اجنبية هو الموضوع المناسب في اي برنامج انتخابي، سواء كان ديموقراطيا او جمهوريا. نحن لا نعبّر عن رأينا حول اين يجب ان تكون عاصمة البيرو او الاكوادور». واكد انه يجب معالجة مصير القدس في مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لأن «الموهبة الفلسطينية تُهدر، وحان وقت انهاء هذا النزاع».

رئيس المعهد العربي الاميركي جيمس زغبي يقول لـ«السفير» إن اعتراض الجالية ليس على اللغة التي تم اعتمادها بل على الطريقة التي حصلت بعد الانتهاء من تبني برنامج الحزب، موضحاً انه على كل حال فإن التعديل فيه «لغة مشوّشة، ولا يأخذ موقفا محددا»، مشيرا الى انه يتابع القضية مع الادارة ولم يحصل على رد بعد، لكن «لن أتخلى» عن هذا الموضوع.

المندوبون العرب الأميركيون عن ولاية واشنطن كان لهم موقف ايضاً. الناشطة في الحريات المدنية ديفون عبدالله تقول «لقد تفاجأنا بما حصل، كان هناك الكثير من الضجيج في القاعة، وهذه الاصوات لم تُسمع، والعملية كانت غير صحيحة، الامر لا يتعلق بالتعديل بل بطرحه بهذه الطريقة».

غاس منصور، من اصل لبناني ويحمل صورة كبيرة لأوباما كتب عليها «نحن نحب الرئيس»، كان الاكثر حماساً بين زملائه. ويقول لـ«السفير» في هذا السياق «لقد تم التنمير علينا» لإقرار هذا التعديل، «لكن الرئيس قلبه في المكان الصحيح حول حل الدولتين. على اللوبي اليهودي التوقف عن هذا الامر لانه يضر باسرائيل».

ويقول زميله من اصل عراقي ماجد البهادلي «كان نصف المندوبين خارج القاعة، لا يمكنهم القيام بهذا الأمر».

وعما اذا كان سيؤثر هذا الامر على موقفهم من اوباما، فيؤكد المندوبون الثلاثة بالإجماع «لا، على الاطلاق، الامر لا يتعلق باوباما، هذه مسألة إجرائية في الحزب».

  • فريق ماسة
  • 2012-09-06
  • 10789
  • من الأرشيف

بعد بلبلة في مؤتمر الديموقراطيين: «القدس عاصمة إسرائيل»!

لا أحد غير الرئيس الأسبق بيل كلينتون قادر على إيقاظ المشاعر والأفكار الليبرالية عند الديموقراطيين بلغة «السهل الممتنع»، التي تحاكي كل الأميركيين وتقرع أبواب فئات شعبية في الوسط الأميركي، ليس بوسع الرئيس باراك أوباما الوصول إليها عادة. بيل كلينتون قدم المرافعة السياسية الأقوى في «ميدان تايم وارنر كابل»، وقال كل ما لا يمكن لأوباما قوله خلال خطابه المنتظر في الليلة الأخيرة من مؤتمر الديموقراطيين في مدينة تشارلوت في ولاية كارولينا الشمالية. وسيوافق أوباما، فجر اليوم، على ترشيح الديموقراطيين له للانتخابات الرئاسية في 6 تشرين الثاني المقبل. وقال كلينتون، في بداية كلمته، «أريد ترشيح رجل هادئ من الخارج، لكنه يحترق لأجل أميركا من الداخل»، مضيفاً «أرشحه بفخر ليكون حامل لواء الحزب الديموقراطي». ودافع عن ولاية أوباما الأولى، قائلا «ليس هناك رئيس، لا أنا ولا أي من أسلافي كنا قادرين على إصلاح الضرر في أربع سنوات فقط. لكن الظروف تتحسّن، وإذا جددتم عقد الرئيس فستشعرون بهذا الأمر. اعتقد بذلك من كل قلبي». وتابع كلينتون، في خطاب مطوّل دام 48 دقيقة، إن الحزب الجمهوري «يرى دائما أن الحكومة هي العدو، وان التسوية علامة ضعف»، مضيفاً «أحد الأسباب الرئيسية لماذا علينا إعادة انتخاب أوباما انه لا يزال ملتزماً بالتعاون البناء». وقال «افهم التحدي الذي نواجهه. اعلم ان الاميركيين لا يزالوا غاضبين ومحبطين من الاقتصاد»، مشيراً الى ان رسالة الجمهوريين ضد أوباما في مؤتمرهم، الأسبوع الماضي، كانت «لقد تركنا له فوضى تامة ولم يقم بتنظيفها بسرعة كافية، لهذا اطردوه من عمله وضعونا مكانه». وأكد كلينتون أن اختيار أوباما لمنافسته داخل الحزب الديموقراطي في العام 2008 هيلاري كلينتون كوزيرة للخارجية «كان مؤشراً إلى سائر العالم أنه ليس على الديموقراطية أن تكون رياضة دامية، بل مؤسسة شريفة تقدّم المصلحة العامة». في نهاية الكلمة، فاجأ أوباما المشاركين في المؤتمر وخرج لمعانقة كلينتون في صورة كانت ضرورية للإستراتيجية الانتخابية قبيل تصويت المندوبين بالإجماع على ترشيح أوباما. رد الجمهوريين كان سريعاً بعزل كلينتون عن الانتقادات وتركيز السهام على اوباما، حيث قال المتحدث باسم حملة المرشح الجمهوري ميت رومني، ريان وليامز، في بيان، «رسم كلينتون تناقضا صارخا بينه وبين اوباما. بيل كلينتون عمل مع الجمهوريين واوجد ميزانية متوازنة، وبعد أربع سنوات كان يمكنه القول نحن بحال أفضل». وعلى هامش مؤتمر الديموقراطيين الذي حضره 55 مندوبا من العرب الأميركيين، كان هناك بلبلة أمام المدخل 107 لميدان«تايم وارنر كابل» حيث يقع الثقل العربي الأميركي لولاية ميتشيغن. مشاورات جانبية بين المندوبين وقيادات الجالية، هناك من يدعو إلى الرد الإجرائي على إضافة عبارة «القدس عاصمة إسرائيل» على برنامج الحزب الانتخابي، مقابل من يدعو إلى التريث في ردة الفعل والتواصل مع البيت الأبيض كي لا تنعكس أي خطوة سلبا على الجالية. بحسب رواية المندوبين، كان كل شيء عادياً خلال اليوم الثاني حتى قام رئيس المؤتمر عمدة مدينة لوس أنجلس انطونيو فيلارايغوسا بطرح التعديل من خارج جدول الأعمال بناء على اقتراح من ولاية أوهايو، لكن النصاب القانوني لم يكن مؤمناً لمثل هذا التعديل. وبالتالي كرر رئيس المؤتمر التصويت شفهيا ثلاث مرات، ولم يلجأ بعدها إلى تعداد الأصوات. ورغم الاعتراضات تم إقرار التعديل الذي جاء فيه «القدس كانت وستبقى عاصمة إسرائيل. لقد توافق الطرفان أن القدس مسألة لمفاوضات الوضع النهائي. يجب أن تبقى مدينة غير مقسمة في متناول الناس من كل الأديان». وقال مسؤول أميركي لـمجلة «فورين بوليسي» إن أوباما «تدخل شخصياً» لإدراج هذا التعديل، والقيادات الديموقراطية دافعت ايضا عن هذه الخطوة في تصريحات اعلامية، بحيث رأى فيلارايغوسا ان على عكس المرشح الجمهوري ميت رومني، وقف اوباما ضد ارادة حزبه. وحاولت الادارة ان توحي ان هذا التعديل يعكس رأي اوباما الشخصي، لكن السياسة الاميركية ثابتة تاريخياً ولم تتغير في هذا الخصوص. النائبة الاميركية من اصل فلسطيني في المجلس التشريعي لولاية ميتشيغن رشيدة طليب، وهي مندوبة عن ولايتها الى المؤتمر، تقول لـ«السفير» ان اللغة في النسخة الأولية من البرنامج الانتخابي كانت تعبّر عن كل الأميركيين، بما في ذلك اليهود الأميركيين «لكن أقلية صاخبة نافذة سياسياً قررت تعليق الحكم». واعتبرت ان هذه التعديل «لم يكن فيه احترام، لكن انا فخورة انه تطلب الامر التصويت ثلاث مرات». واكدت ان المندوبين العرب الاميركيين يراجعون قانون الحزب لمعرفة ما إذا يمكن إقرار التعديل بهذه الطريقة، من دون ان يكون النصاب القانوني قائماً. النائب الاميركي في الكونغرس كيث اليسون تحدث لـ«السفير» ايضاً عن هذه القضية، مشيراً الى انه لم يكن يعلم بأنها ستطرح، مستغرباً ان يهدر الحزب الديموقراطي الوقت والموارد على هذه النقطة في البرنامج الانتخابي. واضاف «لا اعتقد ان مكان عاصمة اجنبية هو الموضوع المناسب في اي برنامج انتخابي، سواء كان ديموقراطيا او جمهوريا. نحن لا نعبّر عن رأينا حول اين يجب ان تكون عاصمة البيرو او الاكوادور». واكد انه يجب معالجة مصير القدس في مفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لأن «الموهبة الفلسطينية تُهدر، وحان وقت انهاء هذا النزاع». رئيس المعهد العربي الاميركي جيمس زغبي يقول لـ«السفير» إن اعتراض الجالية ليس على اللغة التي تم اعتمادها بل على الطريقة التي حصلت بعد الانتهاء من تبني برنامج الحزب، موضحاً انه على كل حال فإن التعديل فيه «لغة مشوّشة، ولا يأخذ موقفا محددا»، مشيرا الى انه يتابع القضية مع الادارة ولم يحصل على رد بعد، لكن «لن أتخلى» عن هذا الموضوع. المندوبون العرب الأميركيون عن ولاية واشنطن كان لهم موقف ايضاً. الناشطة في الحريات المدنية ديفون عبدالله تقول «لقد تفاجأنا بما حصل، كان هناك الكثير من الضجيج في القاعة، وهذه الاصوات لم تُسمع، والعملية كانت غير صحيحة، الامر لا يتعلق بالتعديل بل بطرحه بهذه الطريقة». غاس منصور، من اصل لبناني ويحمل صورة كبيرة لأوباما كتب عليها «نحن نحب الرئيس»، كان الاكثر حماساً بين زملائه. ويقول لـ«السفير» في هذا السياق «لقد تم التنمير علينا» لإقرار هذا التعديل، «لكن الرئيس قلبه في المكان الصحيح حول حل الدولتين. على اللوبي اليهودي التوقف عن هذا الامر لانه يضر باسرائيل». ويقول زميله من اصل عراقي ماجد البهادلي «كان نصف المندوبين خارج القاعة، لا يمكنهم القيام بهذا الأمر». وعما اذا كان سيؤثر هذا الامر على موقفهم من اوباما، فيؤكد المندوبون الثلاثة بالإجماع «لا، على الاطلاق، الامر لا يتعلق باوباما، هذه مسألة إجرائية في الحزب».

المصدر : الماسة السورية/ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة