دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أقفل الأسبوع المنصرم على مشهد دبلوماسي حار توزعت فصوله بين طهران حيث انعقدت قمة عدم الانحياز ونيويورك التي شهدت اجتماعا لمجلس الامن الدولي وحمل عنوان الأزمة السورية بكل تداعياتها الاقليمية والدولية. وإذا كان اجتماع مجلس الأمن لم يخرج بجديد يذكر ما عدا التمنيات والنظريات، فإنّ اجتماع طهران خلص إلى ثابتتين اكيدتين أولهما أنّ نظام الرئيس السوري بشار الاسد غير آيل إلى السقوط مهما اشتدت الضغوط الدولية والاقليمية والعربية عليه، والثانية أنّ الأزمة السورية لن تنتهي عسكريا، اقله في المدى المنظور، وبالتالي فإنها طويلة الامد وتحمل الكثير من التداعيات والاخطار على المنطقة برمتها.
هذا الانطباع خرج به دبلوماسي عربي مخضرم تابع عن كثب فصول الاسبوع المنصرم بمحطاته كافة، خصوصا تلك المتعلقة بمسار الازمة السورية وتداعياتها على جيران سوريا الاقربين على غرار لبنان والاردن وصولا إلى تركيا، والابعدين مثل دول الخليج العربي الذي يشهد صراعات مكتومة من المتوقع لها أن تنفجر مع دخول الازمة السورية في مراحلها الاخيرة، أو مع الاتفاق على تسوية ما تحاول الدول الكبرى التوصل إليها بعد انتهاء الانتخابات الأميركية في شهر تشرين الثاني المقبل.
ويعرب الدبلوماسي عن اعتقاده بأنّ دول الجوار بدأت تشعر بالقلق الحقيقي إزاء نتائج الربيع العربي المحققة حتى الآن، كما من إطالة عمر الازمة في سوريا، خصوصا أنّ نارها وصلت إلى أبعد من حدود سوريا، وامتدت إلى لبنان الذي يشهد أمنه تدهورا خطيرا ازداد في الساعات القليلة الماضية مع تركيز القصف السوري على عدد من البلدات اللبنانية التي تشكل بنظر القيادة العسكرية السورية جزءا لا يتجزأ من الخاصرة السورية المطلوب حمايتها بأي ثمن. ولا يختلف الامر كثيرا بالنسبة للاردن الذي يشهد بدوره على حراك مكتوم أجبر الملك عبد الله بن الحسين على البقاء في بلاده وإيفاد ممثل عنه إلى اجتماع عدم الانحياز، ومن ثم إصدار أمر بتجميد الزيادات على أسعار النفط خوفا من الجمر الكامن تحت الرماد.
وانسحبت المعادلة نفسها على تركيا وحكومة رحب طيب أردوغان الساعية للخروج من مأزقها السوري، بعد أن تحوّلت إلى رأس حربة غير قادرة على مواجهة الواقع وحدها، وذلك في ظل امتناع الغرب عن التدخل العسكري المباشر، وعجزه عن فرض حظر جوي وإن كان جزئيا، ما ساعد في إسقاط مشروع تركيا بإقامة مناطق عازلة يمكن من خلالها العمل على تحقيق توازن عسكري وسياسي مع الجيش السوري النظامي، يسمح بالدخول في مرحلة جديدة بعيدة عن المراوحة التي تتحكم بمسار الازمة منذ أكثر من سنة.
وفي هذا السياق، يكشف الدبلوماسي عن اتصالات ناشطة بدأت على هامش قمة طهران واستمرت إلى ما بعدها، بين طهران وانقره، وهي تترافق مع اتصالات دبلوماسية مماثلة بين موسكو وواشنطن، متوقعا أن يجد هذا الحراك القديم – الجديد قواسما مشتركة تؤسس إلى تفاهمات بحدها الادنى، خصوصا أنّ اتساع رقعة التوتر وصلت إلى أبعد مداها، وباتت تهدد بحرب فعلية يتحاشاها الجميع.
غير أنّ الدبلوماسي يعود ليشير إلى صعوبة إيجاد المخرج الملائم في ظل تشبث ما يطلق عليه محور المقاومة ببقاء الاسد كشرط اساسي، في مقابل إصرار واشنطن والدول العربية على مرحلة انتقالية من دون الأسد ولا نظامه، بما يعني أنّ الازمة طويلة ولن تجد سبيلا إلى الحلحلة إلا بعد إعادة تشكيل الادارة الاميركية الجديدة وتحديد اتجاهات سياساتها الخارجية.
المصدر :
انطوان الحايك - مقالات النشرة
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة