عاد وليد جنبلاط لأحاديثه المثيرة قبل سبعة أعوام عندما بدأ حملة تدريجية للانقلاب على الاتفاق الثلاثي عبر مهاجمة سورية والمقاومة ومن ثم إيران.

  ويبدو أنه هذه المرة اختار إيران قبل المقاومة وسلاحها على خلفية ترقبه لما يجري ميدانياً في سورية وليس عبر الموجات التلفزيونية والانشقاقات ذات الطابع الإستعراضي التي تقوم بها دولة قطر في السعي للتغطية على خسارة المعارضة لمعركة دمشق، ما يجعل النظام السوري في مأمن لعشر سنوات أخرى، خصوصا أن تفاصيل المعركة تؤدي إلى هذه النتيجة نظراً للاستعدادات والتحضيرات التي بدأت منذ عام تقريبا انتظاراً لهذا التوقيت الذي يحمل رمزية لدى الجانب القطري تحديداً المهووس بالأعمال الرمزية، فتاريخ معركة دمشق يوافق الذكرى الأولى لبدء معركة طرابلس الغرب، والعقل القطري ربما حمل اعتقادا بأن الرموز تكفي في دمشق لتفكيك لغز بقاء النظام صامداً رغم الحملة الكونية عليه منذ ما يقارب العامين.

 

وحسب ما يردده وليد جنبلاط والمقربون منه، فإن الرجل ينتظر في المختارة خبراً من السفير السعودي أو من سعد الحريري ينقل إليه دعوة للقاء ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز، ويبدو أن هناك من أخبره بأن عليه أن يقدم قرينة الولاء قبل الحديث عن زيارة للسعودية، وهذه القرينة هي شتم إيران والتطاول عليها والهجوم الكلامي القوي على رموزها كما تفعل مع سورية!.

غير أن المعضلة الأساس أمام جنبلاط هي إحساسه بأن السعوديين يريدون منه في نهاية المطاف الانقلاب على حزب الله، وليس من الواضح ما إذا كان هذا الانقلاب يعني إسقاط الحكومة أم بدء حملة إعلامية قاسية ضد المقاومة وسلاحها على غرار تلك التي شنها بين أعوام 2005 و2008 وهذا ما يريد جنبلاط تجنبه على الأقل في الوقت الحالي ريثما تتضح معالم معركة حلب على أقله بعد أن ابتعد الخطر عن النظام الذي سيطر على دمشق.

غير ان عودة بندر بن سلطان الى رئاسة المخابرات العامة في السعودية تشير بشكل لا يحتمل الشك إلى أن التصعيد هو الذي يحكم السياسة السعودية تجاه سورية والمنطقة في محاولة من العائلة المالكة للهروب الى الأمام استباقا لوصول الحراك الشعبي العربي الى السعودية، والذي بانت ملامح وصوله مع التحركات اليومية التي بدأت تنتشر في مناطق عديدة من المملكة السعودية، وهذا الهروب السعودي لا يمكن ترجمته في لبنان إلا عبر إسقاط الحكومة الحالية وذلك لسببين:

1 ـ الثأر من عملية إسقاط حكومة الحريري في منطق الحروب الرمزية الذي تحدثنا عنه.

2 ـ إلهاء حزب الله بأزمة حكومية في لبنان.

هذان الهدفان يحتاجان لوليد جنبلاط تحديداً الذي يملك العدد الفاصل بين بقاء الحكومة أو سقوطها، كما انه الوحيد الذي يمكنه شن حملات إعلامية هجومية تثير حالة توتر في البلد نظراً لشخصيته التي تجمع بين الهزل والجد.

من هنا يمكن فهم ما قاله الوزير وائل ابو فاعور قبل يومين وألمح فيه إلى إمكانية خروج وزراء جنبلاط من الحكومة، فهذا الكلام موجه للخارج وللسعودية بالتحديد وليس موجها للداخل بأية حال، خصوصا أن مواقف جنبلاط من الأحداث الجارية في سورية تتناغم وتتطابق مع مواقف السعودية وقطر في هذا المجال، غير أن ما حصل في دمشق من حسم سريع للمعركة واستمرار المعارك في حلب مع عدم وجود أية جدية غربية بالتدخل في سورية، يجعل جنبلاط متريثا قليلاً حتى تنجلي الصورة بوضوح، فهو وإن قطع الخطوط التي استجدى مدها في الماضي القريب من دمشق، إلا أنه يريد الحفاظ على شعرة التواصل مع المقاومة وحزب الله لأن تجارب الماضي ما زالت ماثلة أمامه.

  • فريق ماسة
  • 2012-08-08
  • 10641
  • من الأرشيف

جنبلاط يستجدي السعودية

عاد وليد جنبلاط لأحاديثه المثيرة قبل سبعة أعوام عندما بدأ حملة تدريجية للانقلاب على الاتفاق الثلاثي عبر مهاجمة سورية والمقاومة ومن ثم إيران.   ويبدو أنه هذه المرة اختار إيران قبل المقاومة وسلاحها على خلفية ترقبه لما يجري ميدانياً في سورية وليس عبر الموجات التلفزيونية والانشقاقات ذات الطابع الإستعراضي التي تقوم بها دولة قطر في السعي للتغطية على خسارة المعارضة لمعركة دمشق، ما يجعل النظام السوري في مأمن لعشر سنوات أخرى، خصوصا أن تفاصيل المعركة تؤدي إلى هذه النتيجة نظراً للاستعدادات والتحضيرات التي بدأت منذ عام تقريبا انتظاراً لهذا التوقيت الذي يحمل رمزية لدى الجانب القطري تحديداً المهووس بالأعمال الرمزية، فتاريخ معركة دمشق يوافق الذكرى الأولى لبدء معركة طرابلس الغرب، والعقل القطري ربما حمل اعتقادا بأن الرموز تكفي في دمشق لتفكيك لغز بقاء النظام صامداً رغم الحملة الكونية عليه منذ ما يقارب العامين.   وحسب ما يردده وليد جنبلاط والمقربون منه، فإن الرجل ينتظر في المختارة خبراً من السفير السعودي أو من سعد الحريري ينقل إليه دعوة للقاء ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز، ويبدو أن هناك من أخبره بأن عليه أن يقدم قرينة الولاء قبل الحديث عن زيارة للسعودية، وهذه القرينة هي شتم إيران والتطاول عليها والهجوم الكلامي القوي على رموزها كما تفعل مع سورية!. غير أن المعضلة الأساس أمام جنبلاط هي إحساسه بأن السعوديين يريدون منه في نهاية المطاف الانقلاب على حزب الله، وليس من الواضح ما إذا كان هذا الانقلاب يعني إسقاط الحكومة أم بدء حملة إعلامية قاسية ضد المقاومة وسلاحها على غرار تلك التي شنها بين أعوام 2005 و2008 وهذا ما يريد جنبلاط تجنبه على الأقل في الوقت الحالي ريثما تتضح معالم معركة حلب على أقله بعد أن ابتعد الخطر عن النظام الذي سيطر على دمشق. غير ان عودة بندر بن سلطان الى رئاسة المخابرات العامة في السعودية تشير بشكل لا يحتمل الشك إلى أن التصعيد هو الذي يحكم السياسة السعودية تجاه سورية والمنطقة في محاولة من العائلة المالكة للهروب الى الأمام استباقا لوصول الحراك الشعبي العربي الى السعودية، والذي بانت ملامح وصوله مع التحركات اليومية التي بدأت تنتشر في مناطق عديدة من المملكة السعودية، وهذا الهروب السعودي لا يمكن ترجمته في لبنان إلا عبر إسقاط الحكومة الحالية وذلك لسببين: 1 ـ الثأر من عملية إسقاط حكومة الحريري في منطق الحروب الرمزية الذي تحدثنا عنه. 2 ـ إلهاء حزب الله بأزمة حكومية في لبنان. هذان الهدفان يحتاجان لوليد جنبلاط تحديداً الذي يملك العدد الفاصل بين بقاء الحكومة أو سقوطها، كما انه الوحيد الذي يمكنه شن حملات إعلامية هجومية تثير حالة توتر في البلد نظراً لشخصيته التي تجمع بين الهزل والجد. من هنا يمكن فهم ما قاله الوزير وائل ابو فاعور قبل يومين وألمح فيه إلى إمكانية خروج وزراء جنبلاط من الحكومة، فهذا الكلام موجه للخارج وللسعودية بالتحديد وليس موجها للداخل بأية حال، خصوصا أن مواقف جنبلاط من الأحداث الجارية في سورية تتناغم وتتطابق مع مواقف السعودية وقطر في هذا المجال، غير أن ما حصل في دمشق من حسم سريع للمعركة واستمرار المعارك في حلب مع عدم وجود أية جدية غربية بالتدخل في سورية، يجعل جنبلاط متريثا قليلاً حتى تنجلي الصورة بوضوح، فهو وإن قطع الخطوط التي استجدى مدها في الماضي القريب من دمشق، إلا أنه يريد الحفاظ على شعرة التواصل مع المقاومة وحزب الله لأن تجارب الماضي ما زالت ماثلة أمامه.

المصدر : نضال حمادة \ الانتقاد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة