من جديد، تتضارب المعلومات بين مصادر النظام السوري وقواته النظامية والمعارضة المتمركزة في تركيا حول حقيقة التطورات الميدانية في مدينة حلب وأحيائها الداخلية. ففي وقت يؤكد مصدر عسكري سوري أنّ الجيش وقواته الخاصة نجحا في فرض سيطرة مطلقة على حي صلاح الدين، بحيث بات الحي المذكور في حكم الساقط عسكريا، ولم يعد ينقص لاعلانه محررا سوى تطهير بعض المباني المحيطة بمركز قيادة "الجيش الحر" الذي سقط بدوره منذ ساعات المساء الاولى، يعتبر قيادي معارض مقيم في تركيا أنّ الوقت لم يحن بعد للتسليم بسقوط المدينة، لاسيما ان تطهير واحد من الاحياء المكتظة لا يعني ابدا الامساك بزمام الامور في المحافظة المتاخمة للحدود مع تركيا، فالمعارك الدائرة هناك تراوح بين كر وفر وان كانت مساراتها تهدد بوقوع مجازر بين المدنيين في ظل لجوء قوات النظام إلى سياسة الارض المحروقة من خلال تكثيف القصف المدفعي والصاروخي واستخدام المروحيات في معارك شوارع وازقة، ما يعزز امكانية نجاح النظام في فرض سيطرة مطلقة على المدينة، في حال لم يسارع الغرب إلى اتخاذ اجراءات ميدانية رادعة تحد من اندفاعة النظام واصراره على الحسم العسكري مهما كانت الاثمان.

وفي هذا السياق، تكشف الدبلوماسية الاوروبية عن اتجاه لاعتبار معركة حلب الفصل الاخير من الازمة السورية، فسقوط المدينة يعني سقوط مشروع المنطقة الآمنة  الملاصقة للحدود مع تركيا، واقفال الابواب امام تشكيل حكومة انتقالية، بما يعني اسقاط احلام الدول العربية والغربية المحركة للثورة التي لن تقف باي حال من الاحوال عند سوريا بل ستنتقل تباعا إلى الدول الخليجية والنفطية، خصوصا في حال نجح النظام المدعوم من ثلاثية روسيا الصين ايران في اعادة فرض سيطرته كاملة على البلاد برمتها.

ويلفت الدبلوماسي إلى أنّ الدول الاوروبية بدأت تتوجس منذ ان نجح النظام السوري في امتصاص صدمة اغتيال قادة خلية الازمة من جهة واستعادة السيطرة العسكرية على العاصمة السياسية، وبالتالي اعادة انتاج تركيبة امنية متينة اخذت على عاتقها ردة الفعل السريعة التي راهن عليها الغرب لاعلان منطقة عازلة في ظل انشغال الجيش بتطهير العاصمة، فاذا به ينجح في استعادة العاصمة بسرعة لم يتوقعها الغرب، والارتداد بسرعة مماثلة إلى حلب فاجأت المعارضة عسكريا واربكتها سياسيا، خصوصا ان اي تحرك دولي قد يأتي متأخرا للغاية في حال استمرت التركيبة الامنية في استيعاب الارتدادات الداخلية.

وليس بعيدا عن هذا الواقع، يعرب الدبلوماسي عن خشيته من أن تدفع تركيا والدول الخليجية أثمان الاخفاقات الغربية في سوريا بعدما تحولت الحرب السياسية الباردة بينها وبين دمشق إلى حرب أمنية بامتياز كشفت الاوراق برمتها، وبشكل دفعت معه النظام إلى لعب الورقة الكردية في وجه حكومة رجب طيب اردوغان التي تواجه الكثير من الاعتراضات الداخلية على خلفية سياساتها تجاه سوريا، ودخولها في مواجهة مباشرة مع النظام بعد عمليات حسابية تبين انها خاطئة او مبالغ في تقديراتها بحسب التعبير. وبالتالي فان الانكشاف التركي يزداد يوما بعد يوم، لاسيما ان حزب العمال الكردستاني الذي يسيطر على جزء لا بأس به من محافظة حلب ما كان ليدخل في المواجهة المباشرة لولا حصوله على ضمانات رفيعة المستوى من القيادة السورية الحالية بانه لن يكون كبش محرقة التسوية في حال حصولها، ولا في حال ربح النظام للمعركة الفاصلة.

ولا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة لبعض الدول العربية التي شاركت في الحرب على سوريا بحسب الدبلوماسي، فهي ستعاني من ارتدادات نجاح النظام في استعادة زمام المبادرة كاملة، لاسيما ان الرئيس الاسد نجح في ضرب عصفورين بحجر واحد من خلال استيلاد تركيبة امنية واستخباراتية قادرة على مواجهة الداخل والخارج، بحيث يثبت الاسد مرة جديدة انه واحد من خريجي مدرسة الرقص على حافة الهاوية

 

  • فريق ماسة
  • 2012-07-29
  • 10497
  • من الأرشيف

ما هي البدائل الغربية في حال نجح الاسد في حسم معركة حلب لصالحه؟

من جديد، تتضارب المعلومات بين مصادر النظام السوري وقواته النظامية والمعارضة المتمركزة في تركيا حول حقيقة التطورات الميدانية في مدينة حلب وأحيائها الداخلية. ففي وقت يؤكد مصدر عسكري سوري أنّ الجيش وقواته الخاصة نجحا في فرض سيطرة مطلقة على حي صلاح الدين، بحيث بات الحي المذكور في حكم الساقط عسكريا، ولم يعد ينقص لاعلانه محررا سوى تطهير بعض المباني المحيطة بمركز قيادة "الجيش الحر" الذي سقط بدوره منذ ساعات المساء الاولى، يعتبر قيادي معارض مقيم في تركيا أنّ الوقت لم يحن بعد للتسليم بسقوط المدينة، لاسيما ان تطهير واحد من الاحياء المكتظة لا يعني ابدا الامساك بزمام الامور في المحافظة المتاخمة للحدود مع تركيا، فالمعارك الدائرة هناك تراوح بين كر وفر وان كانت مساراتها تهدد بوقوع مجازر بين المدنيين في ظل لجوء قوات النظام إلى سياسة الارض المحروقة من خلال تكثيف القصف المدفعي والصاروخي واستخدام المروحيات في معارك شوارع وازقة، ما يعزز امكانية نجاح النظام في فرض سيطرة مطلقة على المدينة، في حال لم يسارع الغرب إلى اتخاذ اجراءات ميدانية رادعة تحد من اندفاعة النظام واصراره على الحسم العسكري مهما كانت الاثمان. وفي هذا السياق، تكشف الدبلوماسية الاوروبية عن اتجاه لاعتبار معركة حلب الفصل الاخير من الازمة السورية، فسقوط المدينة يعني سقوط مشروع المنطقة الآمنة  الملاصقة للحدود مع تركيا، واقفال الابواب امام تشكيل حكومة انتقالية، بما يعني اسقاط احلام الدول العربية والغربية المحركة للثورة التي لن تقف باي حال من الاحوال عند سوريا بل ستنتقل تباعا إلى الدول الخليجية والنفطية، خصوصا في حال نجح النظام المدعوم من ثلاثية روسيا الصين ايران في اعادة فرض سيطرته كاملة على البلاد برمتها. ويلفت الدبلوماسي إلى أنّ الدول الاوروبية بدأت تتوجس منذ ان نجح النظام السوري في امتصاص صدمة اغتيال قادة خلية الازمة من جهة واستعادة السيطرة العسكرية على العاصمة السياسية، وبالتالي اعادة انتاج تركيبة امنية متينة اخذت على عاتقها ردة الفعل السريعة التي راهن عليها الغرب لاعلان منطقة عازلة في ظل انشغال الجيش بتطهير العاصمة، فاذا به ينجح في استعادة العاصمة بسرعة لم يتوقعها الغرب، والارتداد بسرعة مماثلة إلى حلب فاجأت المعارضة عسكريا واربكتها سياسيا، خصوصا ان اي تحرك دولي قد يأتي متأخرا للغاية في حال استمرت التركيبة الامنية في استيعاب الارتدادات الداخلية. وليس بعيدا عن هذا الواقع، يعرب الدبلوماسي عن خشيته من أن تدفع تركيا والدول الخليجية أثمان الاخفاقات الغربية في سوريا بعدما تحولت الحرب السياسية الباردة بينها وبين دمشق إلى حرب أمنية بامتياز كشفت الاوراق برمتها، وبشكل دفعت معه النظام إلى لعب الورقة الكردية في وجه حكومة رجب طيب اردوغان التي تواجه الكثير من الاعتراضات الداخلية على خلفية سياساتها تجاه سوريا، ودخولها في مواجهة مباشرة مع النظام بعد عمليات حسابية تبين انها خاطئة او مبالغ في تقديراتها بحسب التعبير. وبالتالي فان الانكشاف التركي يزداد يوما بعد يوم، لاسيما ان حزب العمال الكردستاني الذي يسيطر على جزء لا بأس به من محافظة حلب ما كان ليدخل في المواجهة المباشرة لولا حصوله على ضمانات رفيعة المستوى من القيادة السورية الحالية بانه لن يكون كبش محرقة التسوية في حال حصولها، ولا في حال ربح النظام للمعركة الفاصلة. ولا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة لبعض الدول العربية التي شاركت في الحرب على سوريا بحسب الدبلوماسي، فهي ستعاني من ارتدادات نجاح النظام في استعادة زمام المبادرة كاملة، لاسيما ان الرئيس الاسد نجح في ضرب عصفورين بحجر واحد من خلال استيلاد تركيبة امنية واستخباراتية قادرة على مواجهة الداخل والخارج، بحيث يثبت الاسد مرة جديدة انه واحد من خريجي مدرسة الرقص على حافة الهاوية  

المصدر : أنطوان الحايك - مقالات النشرة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة