دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أنهت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون فجر اليوم زيارتها لإسرائيل التي شكّلت ذروة الجهد الأميركي المستمر، لتنسيق المواقف بين واشنطن وتل ابيب في الشأن الإقليمي عموما، وإيران على وجه الخصوص. وحملت كلينتون معها إلى إسرائيل رسالة إيجابية واضحة من الرئاسة المصرية باستمرار التزام مصر بمعاهدة السلام والاتفاقيات المبرمة.
وجاءت مهمة كلينتون في اعقاب مغادرة مستشار الأمن القومي الأميركي توم دونيلون الذي زار إسرائيل سرا في مهمة عاجلة، كما سبقت وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الذي سيصل إلى إسرائيل قبل نهاية تموز الحالي.
وبدا للمراقبين أن كثافة الزيارات الأميركية لإسرائيل، تنبئ بوجود خلاف جدي حول الشأن الإيراني، وأن هناك مخاوف أميركية من احتمال توجيه إسرائيل ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية قبل الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني المقبل. وأشار التلفزيون الإسرائيلي إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مصمم على ما يبدو على توجيه ضربة عسكرية لإيران.
وأشار معلّقون إلى أن زيارة كلينتون اتسمت بجدية أكبر من المعهود، والدليل على ذلك جلب ويندي شيرمان، مسؤولة ملف المفاوضات مع إيران، معها إلى اللقاء مع نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك.
وبحسب ما أذيع في إسرائيل فإن الخلافات بين تل أبيب وواشنطن حول إيران تتمحور حول مسألتين أساسيتين: تقدير الوضع وتقدير الزمن. فإسرائيل ترى أن العقوبات المفروضة على إيران غير كافية وغير مجدية، وأميركا ترى العكس، وتقول إن آثار العقوبات الهائلة ستظهر قريبا. كما أن إسرائيل ترى أن تشرين الأول المقبل هو نهاية نافذة الفرص لضربة عسكرية إسرائيلية لإيران، وأن طهران بعد ذلك ستكون في مأمن، لأنها ستضع أجهزة الطرد المركزي في ملاجئ يصعب ضربها. وتعتقد القيادة الإسرائيلية أن خمسة أسابيع حاسمة تبدأ في نهاية آب وتنتهي في مطلع تشرين الأول أو نهاية أيلول هي ما يحسم أمر الخيار النووي الإيراني. لكن أميركا ترى أن بالامكان عرقلة المشروع النووي الإيراني وكبحه حتى بعد ذلك بكثير.
ويشير خبراء عسكريون إلى وجود خلاف جدي حتى من الناحية العملية حول المدى الزمني الذي يمكن لضربة إسرائيلية أن تعرقل فيه المشروع النووي الإيراني. فالبعض في إسرائيل يعتقد أن الضربة الإسرائيلية تعرقل إيران لأكثر من عامين، في حين أن أميركا تشير إلى أن العرقلة لا تزيد عن عام واحد، الأمر الذي يجعل الضربة الإسرائيلية في كل الأحوال غير مجدية وربما بالغة الضرر.
وأشار معلّقون إسرائيليون إلى أن كلينتون التي تزور إسرائيل للمرة الأولى منذ عامين حملت معها إلى إسرائيل رسالة حاسمة من الرئيس باراك أوباما، تتضمن من ناحية تعهدا بالإصرار على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، ودعوة لإسرائيل لأن تأخذ بالحسبان جدول الأعمال الأميركي.
وأشارت واشنطن في رسالتها، التي حملها دونيلون أولا وكلينتون ثانيا، إلى أن إدارة أوباما تعرف كل شيء عن المخططات الإسرائيلية لضرب إيران، وأنها لا توافق عليها.
ويشير معلقون إسرائيليون إلى أن إسرائيل لم تتخذ بعد قرارا بمهاجمة إيران ولكن، حسب المراسل العسكري للقناة العاشرة، إذا تقدم نتنياهو باقتراح للحكومة بالهجوم فسيحظى بالغالبية.
وخرجت كلينتون بوضوح لتلمح للصحافيين الى الخلاف، بقولها بعد لقائها الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، «إننا نعيش في مرحلة انعدام يقين، ولكن أمام فرص جديدة في المنطقة. هناك إمكانية لدفع أهدافنا المشتركة في الأمن والاستقرار والسلام والديموقراطية قدما».
وأضافت كلينتون، التي التقت نظيرها الإسرائيلي افيغدور ليبرمان، «في لحظات كهذه ينبغي لأصدقاء مثلنا أن يعملوا سويا بشكل حكيم، خلاق وشجاع». وأشارت الى انها ستناقش مع المسؤولين الإسرائيليين «مجموعة كبيرة من المواضيع، من بينها مصر وسوريا وجهود السلام وإيران وغيرها من القضايا الإقليمية والعالمية».
وشدد نتنياهو، خلال لقاء مع كلينتون، على ضرورة الحفاظ على «معاهدة السلام» مع مصر. وقال «لدينا مصلحة مشتركة في التأكد من عدم تطوير إيران أسلحة نووية».
وقالت كلينتون، خلال لقاء مع باراك، «إننا في لحظة تغيير تاريخية وعلينا العمل سويا لمواجهة التحديات، ونأمل أن نستفيد من بعض الفرص» التي يتيحها. ورد باراك بالقول إن «زيارتك تأتي في وقت مهم جدا»، مضيفا ان «إسهام الولايات المتحدة في السلام في المنطقة مهم جدا».
وفي ما يتعلق بإيران، قالت كلينتون إن المقترحات التي طرحتها طهران مؤخراً في محادثات مع القوى العالمية بشأن برنامجها النووي «لا تصلح»، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن واشنطن تفضل حلاً ديبلوماسياً لوضع نهاية للأزمة المتعلقة ببرنامج إيران النووي.
وحول الوضع السوري، أشارت كلينتون بعد لقائها بيريز إلى «أننا نعمل بشكل حثيث في مجلس الأمن للتوصل إلى قرار تحت الفصل السابع ضد سوريا، وكوفي أنان في موسكو ليومين ليوضح لهم أهمية التوصل إلى قرار مجلس أمن في هذا الاتجاه».
والتقت كلينتون على هامش الزيارة برئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض في القدس المحتلة، بعد أن عجزت عن التوجه إلى رام الله أو بيت لحم.
وفي كل الأحوال أشارت «هآرتس» إلى القطار الجوي للمسؤولين الأميركيين إلى تل أبيب، وخصوصا إلى زيارة دونيلون السرية التي لم يكشف عنها إلا بعد عودته إلى واشنطن. وقالت الصحيفة إن دونيلون التقى بكل من نتنياهو ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال يعقوب عاميدرور. وأبدت تقديرها أن الموضوع الإيراني احتل مركز النقاش، وأن سبب الزيارة هو ما انتاب الإسرائيليين جراء فشل المفاوضات مع إيران في جنيف. وأفادت «هآرتس» أن إدارة أوباما والقوى الأوروبية المشاركة في المفاوضات مع إيران تعتقد أن إسرائيل ترى أن المحادثات بين الغرب وطهران «لم تعد ذات صلة من ناحيتها»، وبالتالي فإنها تواصل الاستعداد لإمكانية عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وأوضحت «معاريف» أن زيارة دونيلون جاءت لفحص نوايا إسرائيل ومحاولة إحباط هجوم عسكري محتمل من جانبها. إضافة إلى ذلك، اهتم دونيلون في زيارته بمسائل إقليمية أخرى أيضا، مثل الوضع في سوريا ومصر.
وكانت زيارة دونيلون قد أعقبت زيارة نائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز الخميس الماضي إلى تل أبيب واجتماعه للغرض ذاته بالمسؤولين الإسرائيليين. وقد حضر بيرنز الحوار الاستراتيجي نصف السنوي مع إسرائيل. وفي بيان نشر في ختام اللقاء قيل إن هذا الحوار هو الأهم الذي يجري بين الدولتين في السنتين الأخيرتين.
ومن المقرر أن يزور إسرائيل نهاية الشهر الحالي وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا لمواصلة زخم الضغط على إسرائيل للحيلولة دون ضرب إيران قبل الانتخابات الأميركية. وأشارت «معاريف» إلى أن الموضوع الإيراني هو الموضوع المركزي في زيارة بانيتا المقبلة.
تجدر الإشارة أيضا إلى أن المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية ميت رومني سيصل الأسبوع المقبل إلى إسرائيل، الأمر الذي يشجع حكومة نتنياهو على مواصلة التحرش بإدارة أوباما ومحاولة انتزاع امتيازات منها.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة