دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
اختتم الرئيس المصري محمد مرسي زيارته للسعودية امس، وسط جدال وانتقادات واسعة، بعد ان فشل في احراز تقدم على ما يبدو بشأن ملف المعتقلين المصريين في السعودية دون محاكمة، والذين تقدرهم بعض الاحصائيات بعدة آلاف، كما ان العاهل السعودي لم يكن في استقباله بمطار جدة، رغم انها زيارة رسمية، واكتفى بإرسال ولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز لاستقباله. اما في الوداع فلم يحضر للمطار امس سوى الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة ومدير شرطة المنطقة اللواء سعود الأحمدي (...)، ما اثار انتقادات اعلامية في مصر باعتبار ان مرسي لم يلق المعاملة البروتوكولية اللائقة برئيس. واعتبرت مصادر ان السعودية لم تقصد الاساءة الى مصر او رئيسها، وعزت غياب الملك عن الاستقبال في المطار الى اسباب صحية، واشارت الى ان الملك لا يستقبل احدا في المطار للاسباب نفسها، ويجد صعوبة في القيام في العديد من الانشطة ومن بينها رئاسة مجلس الوزراء السعودي.
وعلى المستوى الاقليمي، ادت زيارة مرسي للسعودية، بعد ان نفت الرئاسة المصرية انباء حول عزم مرسي زيارة ايران قريبا، الى تكريس الشكوك بشأن امكانية حدوث تغيير وشيك في تحالفات مصر الاقليمية، وهو ما سيؤدي الى شعور واسع بالاحباط لدى الايرانيين وقيادات حركة حماس في الداخل والخارج الذين كانوا تحمسوا لترشيح مرسي، واحتفلوا بنجاحه ليفاجأوا بعد ايام قليلة من توليه منصبه، انه لايملك الكثيرمن خيوط السياسة الخارجية، وان المؤسسة العسكرية لا تنوي التخلي عن الملفات الحساسة وعلى رأسها العلاقات مع الولايات المتحدة واسرائيل وايران. واعلنت الرئاسة المصرية مؤخرا عزمها مقاضاة وكالة (فارس) الايرانية بعد ان كذبت ما قالت انه حديث مفتعل اجرته مع مرسي، واعلن فيه عزمه استئناف العلاقات مع ايران.
وكانت جماعة 'الاخوان' تدعو قبل وصول مرشحها للرئاسة الى احداث توازن في علاقات مصر الاقليمية باستئناف العلاقات مع ايران.
واعتبر مراقبون ان زيارة السعودية كان يجب ان تسبقها مؤشرات واضحة الى عزم (مصر الثورة) على اعتماد سياسة اكثر توازنا اقليميا، مع الاقرار بأهمية المساعدات والاستثمارات السعودية في مساعدة الرئيس على تحقيق وعوده الانتخابية، وان يبقى السؤال ان كان من مصلحة السعودية حقا ان يحقق النموذج الديمقراطي الوليد في مصر نجاحا اقتصاديا، ما قد يعزز من فرص انتشار الربيع العربي؟.
وقالت الوكالة الرسمية السعودية ان الملك عبد الله ومرسي بحثا مساء امس الاول 'آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات (...) ومجمل الاوضاع والتطورات التي تشهدها الساحتان الاقليمية والدولية وموقف البلدين' حيالها. وأكد مرسي أن استقرار المنطقة 'يستلزم استقرار مصر واستقرار الخليج، وعلى رأس دول الخليج المملكة العربية السعودية'.
وقال مرسي في تصريحات للصحافيين في وقت متأخر الأربعاء عقب لقائه مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في جدة 'ندعم استقرار المنطقة ونمضي عليه تحت ظل الأخوة والمحبة والمستقبل بمشيئة الله تعالى بين البلدين (..) ما دار بيني وبين الملك عبد الله من حديث وجرى بيننا من حواركله لصالح المنطقة واستقرارها ولصالح الشعبين، ورأيت فيه الحكمة والعقل والمعرفة والحب لأهل مصر'.
وأوضح 'أنه كان حريصا على أن تكون أول زيارة له خارج مصر للمملكة العربية السعودية مهبط الوحي وجامعة القلوب لما تتمتع به العلاقات المشتركة بين البلدين من عمق تاريخي ممتد الجذور'.
وحول اجتماعه بالأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، قال الرئيس المصري ان 'الاجتماع يأتي استكمالا لبعض النقاط الكثيرة الطيبة التي كانت مستمرة والتي نريد لها تقوية أكثر في المستقبل'. من جانبه، قال الأمير سلمان بن عبد العزيز ردا على سؤال عن مستقبل العلاقات السعودية- المصرية: 'أقول إن ما قاله فخامة الرئيس محمد مرسي يعبر عن رأي خادم الحرمين الشريفين والمملكة وشعب المملكة'.
وكان السفير السعودي لدى القاهرة احمد قطان قال السبت الماضي ان الزيارة 'ستسهم في تدعيم العلاقات بين البلدين'.
وتابع ان 'الاستثمارات السعودية زادت في مصر ولم تقل في مرحلة ما بعد الثورة وكذلك التبادل التجاري. وقد ارتفع عدد العاملين المصريين في المملكة من مليون ونصف المليون قبل الثورة إلى مليون و650 الفا حاليا'.
الا ان مسؤولين مصريين بينهم وزيرة التعاون الدولي فايزة ابوالنجا اشتكت من ان السعودية ودول الخليج لم تف الا بنذر يسير من الوعود بمساعدة مصر، وقال وزير المالية ان اغلب المساعدات الاقتصادية الخليجية موجودة في عناوين الصحف فقط. واعتبر مراقبون ان زيارة مرسي للسعودية تأتي في مرحلة حرجة بتاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين، وتكتنفها تعقيدات ومصاعب وهواجس عديدة، من بينها خوف السعودية من انتقال رياح الربيع العربي الى اراضيها، وخاصة في المنطقة الشرقية ذات الاغلبية الشيعية، واتهامات من قوى سياسية مصرية للرياض بربط المساعدات الاقتصادية بصدور عفوعن الرئيس السابق حسني مبارك، وهو ما تنفيه المملكة. وبالاضافة الى ذلك ادت قضية اعتقال الناشط السياسي احمد الجيزاوي لدى وصوله السعودية مع زوجته لأداء العمرة الى زيادة الاستياء الشعبي من السعودية، وتصاعدت المطالبات بفتح ملف الاف المعتقلين المصريين في السجون السعودية دون محاكمة. وقامت السلطات السعودية، صباح الخميس، بترحيل 38 مصريا من أراضيها، لإقامتهم في المملكة بطريقة غير شرعية. وأكد مصدر أمني بمطار القاهرة أن المرحلين وصلوا على متن الطيران السعودي القادم من جدة.
المصدر :
القدس العربي/من خالد الشامي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة