هل تبقى العلاقات القطرية الفرنسية على حالها في ظل الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند؟

قطريا أولا: حمد بن جاسم، رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطرية، يجيب في اول لقاء مع الرئيس الفرنسي في الاليزيه بنعم المصالح، كما قال الزائر القطري للرئيس هولاند بالأمس، "هي اساس هذه العلاقات، وهي ليست علاقات خاصة وانما علاقات دولة بدولة، تقوم على تفاهم مشترك".

فرنسيا: اشارات لا تخطئ بدأت تتكاثر وتشير بوضوح إلى مراجعة فرنسية للعلاقات مع الإمارة الثرية، التي كانت اقوى حلفاء الإدارة الساركوزية السابقة.

الرئيس فرنسوا هولاند لن يلبي دعوة وجهت اليه لزيارة الدوحة. ولم يكن حمد بن خليفة امير قطر، اول من يصعد درج الاليزيه، بمجرد انتخاب الرئيس هولاند، كما فعل عند انتخاب سلفه ساركوزي قبل خمسة اعوام. التغيير في التعامل مع الإمارة الثرية قد يكون بدأ، وتطبيع العلاقات لتصبح فعلا علاقات ما بين دول وليس بين الأمير القطري والصديق الرئيس الفرنسي، على مستوى الشكل. اللقاء القطري الفرنسي الرئاسي الاول انتظر 20 يوما بعد تولي هولاند مقاليد الرئاسة، وبإلحاح الملف السوري، رسميا.

خلال اعوام الرئاسة السابقة، دخلت قطر في دوائر السياسة الفرنسية الاستراتيجية.

فاقتصاديا، تحولت قطر إلى شريك مهم في المجموعات الفرنسية الكبرى: 2 في المئة والقوة الثالثة في "توتال"، 22,7 في المئة في شركات "كازينو كان"، 1 في المئة في شركة "سويز"، 5 في المئة في مجموعة "فيوليا" (نقل، خدمات، بيئة وطاقة)، 5 في المئة في مجموعة "فينسي"، اكبر شركات العالم في ميدان البنى التحتية، 12 في المئة في مجموعة "لاغاردير" الصناعية، وتملك قطر عبرها حصة مهمة في "الصناعات الأوروبية للتسلح والفضائيات". واللائحة طويلة من استثمارات العائلة الأميرية بمئات الملايين من اليورو في العقارات، إلى حد دفع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى استصدار قانون من مجلس النواب، يعفي هذه الاستثمارات من الضرائب على الارباح، مكافأة لها على الدور الذي لعبته في تحرير الممرضات البلغاريات من سجون معمر القذافي، ودفع فدية قدرت بـ 400 مليون دولار، وانجاح مبادرة انسانية عادت فوائدها الدعائية على الرئيس ساركوزي.

ودبلوماسيا، شكلت قطر حليفا استراتيجيا للتدخل في ملفات دارفور ولبنان، واستئناف العلاقات مع دمشق. واستخدم الحليفان احدهما الآخر، للتدخل عسكريا في ليبيا. فحملت الطائرات القطرية الأسلحة والمساعدات إلى الثوار في جبل نفوسة وبنغازي وطبرق، لإسقاط نظام معمر القذافي، وقدمت الدبلوماسية القطرية نفوذها في الجامعة العربية لتقديم مظلة العرب لعملية فجر الاوديسا الفرنسية الأميركية، ضد ارتال دبابات القذافي على مشارف بنغازي، قبل ان يتحول التحالف بدفع فرنسي قطري إلى تدخل اطلسي يستند إلى قرار مجلس الأمن 1973. ووفر القطريون بسيطرتهم على مجلس الجامعة العربية، العام الماضي، شرعية عربية لتشكيل محور غربي عربي ضد النظام السوري، ودعم الثورة السورية.

ويناقش مقرب من الاليزيه العلاقة المستجدة مع قطر برفض وصفها بالحليف: "هي شريك طبيعي لفرنسا". مستشار رئاسي آخر يعتقد ان هولاند "لن يعيد النظر جذريا في العلاقة الثنائية مع قطر، لكن الرئيس لن يبالغ بطريقة مصطنعة بأهمية هذه العلاقات ولن يجامل. لن يلجأ إلى الشبكات القطرية الموازية لحل الملفات العالقة، ستكون علاقات شقاقة ومبنية على المصالح المشتركة ".

حمد بن جاسم يشعر بأن العلاقات ستدخل طور التطبيع "العلاقات الفرنسية القطرية لم تبدأ مع الرئيس ساركوزي، وهي انطلقت مع ميتران، وتواصلت مع الرئيس شيراك، وسوف تتواصل مع الرئيس هولاند". لكن العلاقات التي انطبعت بتشابك شخصي لساركوزي مع العائلة الأميرية ستطوى ايضا، تعبيرا عن ضيق اشتراكي بالموقع النافذ الذي احتله بن جاسم نفسه لدى ساركوزي واستحق عليه تلقيبه "بحريري ساركوزي"، على ما تمتع به رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري من نفوذ لدى الرئيس الأسبق جاك شيراك. وهناك توقعات بان يغادر السفير القطري محمد الكواري منصبه في باريس قريبا، دلالة على الرغبة بطي صفحة لعب فيها دورا بارزا ببناء لوبي قطري قريب من الساركوزية، وشبكة من العلاقات في دوائر النفوذ تمتد عبر الأحزاب يمينا ويسارا، والمؤسسات والشخصيات الفرنسية، بما فيها الاشتراكية التي تتردد على الدوحة، كرئيس بلدية باريس براتراند دولا نوييه وسيغولين رويال، ووزير الثقافة السابق جاك لانغ .

لكن من مستشار هولاند (الجزائري الأصل) فوزي لمداوي، إلى عضو مجلس الشيوخ بزيرة حياري، فوزير المحاربين القدامى قادر عارف، لا يعدم خصوم النفوذ القطري حجة للدفع باتجاه وضع حد للدالة القطرية على السياسة الفرنسية. وعلى رأس الحجج ما يقوله من أن القطريين، يعملون لحسابهم في ليبيا في ما يتجاوز المصالح الفرنسية، حيث يقومون بتمويل الجماعات الاسلامية في المنطقة، ويتوقع هؤلاء أن يفضل الرئيس هولاند العمل على تقوية محور مغاربي سعودي على المحور القطري.

ويأتي تقرير الاستخبارات الفرنسية الأخير عن صعود تنظيم "القاعدة" في افريقيا، وتمركزه في قلب الصحراء، ومالي، ليصب الماء في طاحونة المطالبين "بتطبيع العلاقات مع قطر". ونسبت صحيفة الـ"كنار انشينه" إلى الاستخبارات الفرنسية، تقارير ارسلت إلى الاليزيه تحذر من النشاط العالمي المتزايد للإمارة الصغيرة.

وتقول الصحيفة ان ضباط الاستخبارات العسكرية الفرنسية حصلوا على معلومات تؤكد المخاوف من تحول شمالي مالي ومنطقة الساحل الصحراوي إلى "افغانستان جديدة تهدد المصالح الفرنسية، في هذه المنطقة التي يحتجز فيها اسلاميون مجموعة من الرهائن الفرنسيين". ويتهم هؤلاء الضباط، بحسب الصحيفة، قطر "بتقديم مساعدات مالية للثوار الطوارق في مالي، وجماعة انصار الدين حليفة القاعدة في المغرب الإسلامي، وجماعة الجهاد في غرب افريقيا".

  • فريق ماسة
  • 2012-06-07
  • 8421
  • من الأرشيف

أول لقاء بين حمد بن جاسم وفرنسوا هولاند: نحو طيّ صفحة الصداقة الساركوزية ـ القطرية .. بقلم : محمد بلوط

هل تبقى العلاقات القطرية الفرنسية على حالها في ظل الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند؟ قطريا أولا: حمد بن جاسم، رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطرية، يجيب في اول لقاء مع الرئيس الفرنسي في الاليزيه بنعم المصالح، كما قال الزائر القطري للرئيس هولاند بالأمس، "هي اساس هذه العلاقات، وهي ليست علاقات خاصة وانما علاقات دولة بدولة، تقوم على تفاهم مشترك". فرنسيا: اشارات لا تخطئ بدأت تتكاثر وتشير بوضوح إلى مراجعة فرنسية للعلاقات مع الإمارة الثرية، التي كانت اقوى حلفاء الإدارة الساركوزية السابقة. الرئيس فرنسوا هولاند لن يلبي دعوة وجهت اليه لزيارة الدوحة. ولم يكن حمد بن خليفة امير قطر، اول من يصعد درج الاليزيه، بمجرد انتخاب الرئيس هولاند، كما فعل عند انتخاب سلفه ساركوزي قبل خمسة اعوام. التغيير في التعامل مع الإمارة الثرية قد يكون بدأ، وتطبيع العلاقات لتصبح فعلا علاقات ما بين دول وليس بين الأمير القطري والصديق الرئيس الفرنسي، على مستوى الشكل. اللقاء القطري الفرنسي الرئاسي الاول انتظر 20 يوما بعد تولي هولاند مقاليد الرئاسة، وبإلحاح الملف السوري، رسميا. خلال اعوام الرئاسة السابقة، دخلت قطر في دوائر السياسة الفرنسية الاستراتيجية. فاقتصاديا، تحولت قطر إلى شريك مهم في المجموعات الفرنسية الكبرى: 2 في المئة والقوة الثالثة في "توتال"، 22,7 في المئة في شركات "كازينو كان"، 1 في المئة في شركة "سويز"، 5 في المئة في مجموعة "فيوليا" (نقل، خدمات، بيئة وطاقة)، 5 في المئة في مجموعة "فينسي"، اكبر شركات العالم في ميدان البنى التحتية، 12 في المئة في مجموعة "لاغاردير" الصناعية، وتملك قطر عبرها حصة مهمة في "الصناعات الأوروبية للتسلح والفضائيات". واللائحة طويلة من استثمارات العائلة الأميرية بمئات الملايين من اليورو في العقارات، إلى حد دفع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى استصدار قانون من مجلس النواب، يعفي هذه الاستثمارات من الضرائب على الارباح، مكافأة لها على الدور الذي لعبته في تحرير الممرضات البلغاريات من سجون معمر القذافي، ودفع فدية قدرت بـ 400 مليون دولار، وانجاح مبادرة انسانية عادت فوائدها الدعائية على الرئيس ساركوزي. ودبلوماسيا، شكلت قطر حليفا استراتيجيا للتدخل في ملفات دارفور ولبنان، واستئناف العلاقات مع دمشق. واستخدم الحليفان احدهما الآخر، للتدخل عسكريا في ليبيا. فحملت الطائرات القطرية الأسلحة والمساعدات إلى الثوار في جبل نفوسة وبنغازي وطبرق، لإسقاط نظام معمر القذافي، وقدمت الدبلوماسية القطرية نفوذها في الجامعة العربية لتقديم مظلة العرب لعملية فجر الاوديسا الفرنسية الأميركية، ضد ارتال دبابات القذافي على مشارف بنغازي، قبل ان يتحول التحالف بدفع فرنسي قطري إلى تدخل اطلسي يستند إلى قرار مجلس الأمن 1973. ووفر القطريون بسيطرتهم على مجلس الجامعة العربية، العام الماضي، شرعية عربية لتشكيل محور غربي عربي ضد النظام السوري، ودعم الثورة السورية. ويناقش مقرب من الاليزيه العلاقة المستجدة مع قطر برفض وصفها بالحليف: "هي شريك طبيعي لفرنسا". مستشار رئاسي آخر يعتقد ان هولاند "لن يعيد النظر جذريا في العلاقة الثنائية مع قطر، لكن الرئيس لن يبالغ بطريقة مصطنعة بأهمية هذه العلاقات ولن يجامل. لن يلجأ إلى الشبكات القطرية الموازية لحل الملفات العالقة، ستكون علاقات شقاقة ومبنية على المصالح المشتركة ". حمد بن جاسم يشعر بأن العلاقات ستدخل طور التطبيع "العلاقات الفرنسية القطرية لم تبدأ مع الرئيس ساركوزي، وهي انطلقت مع ميتران، وتواصلت مع الرئيس شيراك، وسوف تتواصل مع الرئيس هولاند". لكن العلاقات التي انطبعت بتشابك شخصي لساركوزي مع العائلة الأميرية ستطوى ايضا، تعبيرا عن ضيق اشتراكي بالموقع النافذ الذي احتله بن جاسم نفسه لدى ساركوزي واستحق عليه تلقيبه "بحريري ساركوزي"، على ما تمتع به رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري من نفوذ لدى الرئيس الأسبق جاك شيراك. وهناك توقعات بان يغادر السفير القطري محمد الكواري منصبه في باريس قريبا، دلالة على الرغبة بطي صفحة لعب فيها دورا بارزا ببناء لوبي قطري قريب من الساركوزية، وشبكة من العلاقات في دوائر النفوذ تمتد عبر الأحزاب يمينا ويسارا، والمؤسسات والشخصيات الفرنسية، بما فيها الاشتراكية التي تتردد على الدوحة، كرئيس بلدية باريس براتراند دولا نوييه وسيغولين رويال، ووزير الثقافة السابق جاك لانغ . لكن من مستشار هولاند (الجزائري الأصل) فوزي لمداوي، إلى عضو مجلس الشيوخ بزيرة حياري، فوزير المحاربين القدامى قادر عارف، لا يعدم خصوم النفوذ القطري حجة للدفع باتجاه وضع حد للدالة القطرية على السياسة الفرنسية. وعلى رأس الحجج ما يقوله من أن القطريين، يعملون لحسابهم في ليبيا في ما يتجاوز المصالح الفرنسية، حيث يقومون بتمويل الجماعات الاسلامية في المنطقة، ويتوقع هؤلاء أن يفضل الرئيس هولاند العمل على تقوية محور مغاربي سعودي على المحور القطري. ويأتي تقرير الاستخبارات الفرنسية الأخير عن صعود تنظيم "القاعدة" في افريقيا، وتمركزه في قلب الصحراء، ومالي، ليصب الماء في طاحونة المطالبين "بتطبيع العلاقات مع قطر". ونسبت صحيفة الـ"كنار انشينه" إلى الاستخبارات الفرنسية، تقارير ارسلت إلى الاليزيه تحذر من النشاط العالمي المتزايد للإمارة الصغيرة. وتقول الصحيفة ان ضباط الاستخبارات العسكرية الفرنسية حصلوا على معلومات تؤكد المخاوف من تحول شمالي مالي ومنطقة الساحل الصحراوي إلى "افغانستان جديدة تهدد المصالح الفرنسية، في هذه المنطقة التي يحتجز فيها اسلاميون مجموعة من الرهائن الفرنسيين". ويتهم هؤلاء الضباط، بحسب الصحيفة، قطر "بتقديم مساعدات مالية للثوار الطوارق في مالي، وجماعة انصار الدين حليفة القاعدة في المغرب الإسلامي، وجماعة الجهاد في غرب افريقيا".

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة