مؤتمر دولي من اجل سوريا. روسيا طرحت الفكرة، وكوفي أنان سيبلور الاقتراحات الأولى في الساعات المقبلة في مجلس الأمن، متجاوزاً النقاط الست التي لم يستطع ان يطبق منها أكثر من نشر 291 مراقباً، يحصون المجازر وعمليات القتل، محاولاً اعادة الكرة إلى ملعب مجلس الأمن والقوى الاقليمية والدولية المحيطة بالنظام والمعارضة، ودفعها إلى توحيد صفوفها وتحمل مسؤولياتها في الدفاع عن خطة الفرصة الأخيرة لإنقاذ سوريا من الحرب الأهلية، وفتح الباب أمام تغيير سلمي للنظام السوري.

المؤتمر الدولي الذي كانت «السفير» قد أشارت اليه السبت الماضي، قد يتحوّل في الساعات المقبلة إلى إطار يجمع كل العاملين على خط الأزمة السورية للتوصل إلى طريقة لإدارتها في مرحلة اولى، قبل الدخول في تسوية لن تنضج شروطها قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية الخريف المقبل، في مرحلة ثانية. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد دعا إلى عقد «اجتماع يضم الدول ذات النفوذ الحقيقي على الجماعات السورية المختلفة»، ورشح لافروف إلى المشاركة في الاجتماع «تركيا وايران والسعودية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والإتحاد الأوروبي».

والهدف طبعاً هو تهميش «اصدقاء سوريا» التي ينظر اليها الروسي بأنها مجرد واجهة دبلوماسية لتسليح المعارضة السورية. وقال الوزير الروسي إن الهدف «هو التوصل إلى اتفاق بأمانة ودون ازدواجية في المعايير، لتطبيق خطة كوفي انان، لأننا نؤيدها جميعاً». وذكر الروسي بأن «الاجتماع هذا يختلف عن اجتماعات أصدقاء سوريا، المخصصة لتأييد المجلس الوطني ومطالبه الجذرية».

خطة انان التي لا يملك أحد بديلاً عنها، سوى القبول بحرب اهلية في سوريا، ستشهد توسعاً وتطويراً في نقاطها الست، بناءً على اقتراحات روسية. والأرجح أن الأمين العام للأمم المتحدة لا يزال يملك هامشاً واسعاً للمناورة وإنقاذ مهمته من الفشل، ليس بسبب عدم توفر بدائل عنها، بل لأن الدول الغربية التي تلوح بالبديل العسكري من وقت لآخر، تعرف انها غير قادرة على تكرار السابقة الليبية في سوريا. كما ان تدخلاً تحت البند السابع لم ينضج بعد، ليس بسبب الفيتو الروسي الصيني المتوقع، وانما لأن الدول المرشحة لقيادة عمليات عسكرية على الاراضي السورية، غير قادرة في الوقت الحاضر، وفي ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة غرباً، من بين اسباب أخرى، على فتح جبهة قتال جديدة في المشرق العربي.

الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، اعترف امام المجلس الوزاري العربي في الدوحة الأسبوع الماضي بأننا «أخفقنا في تحقيق الأهداف التي وضعناها لأنفسنا: وقف العنف واطلاق عملية انتقالية تستجيب لتطلعات الشعب السورية المشروعة». لكنه يعود مع ذلك وأمام مجلس الأمن اليوم لطرح مجموعة من الأفكار تلاقي الموقف الروسي في منتصف الطريق.

وتفضي افكار انان الجديدة إلى إقامة مجموعة اتصال، تنبثق عن الاجتماع الذي يدعو اليه الروس. لكن إشراك ايران في المجموعة لا يزال موضع اعتراض اميركي كي لا يفسر ذلك رضوخاً لمطلب طهران الاعتراف بها شريكاً في اي تسوية حول سوريا.

والمجموعة ستضم إلى جيران سوريا تركيا والعراق ولبنان والاردن، ايران وقطر والسعودية، والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن. وترتكز الخطة الجديدة على حل اقليمي مع رعاية دولية، اذا ما توصل انان إلى جذب السعوديين والقطريين والأميركيين إلى الجلوس مع الإيرانيين إلى طاولة واحدة.

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، قد علقت حول نقطة دعوة ايران إلى المؤتمر الدولي، وإلى اي مبادرة جماعية حول سوريا «بأنه من الصعب تصور دعوة بلد ينسق عمليات نظام الرئيس الأسد ضد شعبه».

ويذهب الاقتراح الذي سيعرضه الأمين العام السابق للأمم المتحدة على اعضاء مجلس الأمن إلى تكليف المجموعة بصياغة خطة سياسية انتقالية مقبولة من جميع الأطراف، تعرض على المعارضة والرئيس بشار الأسد. وقد تحقق الأفكار الجديدة تقارباً ما بين روسيا والأطراف الاقليمية كتركيا وقطر والسعودية، التي تدعو وتعمل على تطوير حل عسكري وتسليح المعارضة. ويحمل الروس إلى الأفكار ضمانة قدرتهم على الحصول على تأييد شريحة واسعة من ضباط الجيش السوري لعملية انتقالية، وسيطرته على الأوضاع ومنع انتشار الفوضى او سقوط الدولة السورية.

وهي ضمانة للروس أنفسهم الذين يعتبرون الجيش السوري، حيث يتمتعون في أوساطه بنفوذ مهم، عدواً غريزياً لـ«الإخوان المسلمين»، وحاجزاً أمام محاولتهم التقدم نحو السلطة. كما يقدم الروس عدم معارضتهم رحيل الرئيس الأسد عن السلطة. لكن المساومة على الأسد تبقى مفتوحة روسياً وغربياً. اذ لا يزال الروس يرون أن لحظة خروجه يجب الا تكون في بداية العملية السياسية الانتقالية او شرطاً لإطلاقها وإنما في مرحلة متقدمة أو في ختامها. ويصرّ الروس أكثر من الغربيين، لا على تسمية الشخصية البديلة عن الرئيس التي ستقود العملية الانتقالية حاملة الصلاحيات الرئاسية، وإنما على شراكة عسكرية مدنية واضحة في قيادتها.

وكان مصدر دبلوماسي غربي مقرب من كوفي أنان قد قال لـ«السفير» إن مجموعة الاتصال التي نعمل على تكوينها، قد تنطلق من دون مؤتمر دولي، إذا ما تبين أنه من الصعب الجمع بين الأطراف الإقليمية. وتهدف الاقتراحات الجديدة إلى إبقاء خطة انان على قيد الحياة إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، وهو الهدف الذي يعمل من اجله الروس. ومن المعتقد أن شروط تسوية روسية اميركية حول المنطقة قد لا تنضج قبل الانتخابات في تشرين الثاني المقبل، وأن مجموعة الاتصال ستكون اكثر فاعلية في ادارة الأزمة. وقال الدبلوماسي الغربي إنه على الرغم من الإعلانات الأميركية الكثيرة بشأن سوريا، إلا أن الإدارة الأميركية قررت ألا تفعل شيئاً حاسماً بصددها قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية، خوفاً من المردود السلبي على حملة باراك اوباما الانتخابية من أي ارتفاع في منسوب التدخل في الأوحال السورية.

 

  • فريق ماسة
  • 2012-06-06
  • 10614
  • من الأرشيف

أنان يقترح اليوم مجموعة اتصال دولية لإنقاذ خطته .. بانتظار التسـوية الروسـية الأميركية حول سـورية

مؤتمر دولي من اجل سوريا. روسيا طرحت الفكرة، وكوفي أنان سيبلور الاقتراحات الأولى في الساعات المقبلة في مجلس الأمن، متجاوزاً النقاط الست التي لم يستطع ان يطبق منها أكثر من نشر 291 مراقباً، يحصون المجازر وعمليات القتل، محاولاً اعادة الكرة إلى ملعب مجلس الأمن والقوى الاقليمية والدولية المحيطة بالنظام والمعارضة، ودفعها إلى توحيد صفوفها وتحمل مسؤولياتها في الدفاع عن خطة الفرصة الأخيرة لإنقاذ سوريا من الحرب الأهلية، وفتح الباب أمام تغيير سلمي للنظام السوري. المؤتمر الدولي الذي كانت «السفير» قد أشارت اليه السبت الماضي، قد يتحوّل في الساعات المقبلة إلى إطار يجمع كل العاملين على خط الأزمة السورية للتوصل إلى طريقة لإدارتها في مرحلة اولى، قبل الدخول في تسوية لن تنضج شروطها قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية الخريف المقبل، في مرحلة ثانية. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد دعا إلى عقد «اجتماع يضم الدول ذات النفوذ الحقيقي على الجماعات السورية المختلفة»، ورشح لافروف إلى المشاركة في الاجتماع «تركيا وايران والسعودية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والإتحاد الأوروبي». والهدف طبعاً هو تهميش «اصدقاء سوريا» التي ينظر اليها الروسي بأنها مجرد واجهة دبلوماسية لتسليح المعارضة السورية. وقال الوزير الروسي إن الهدف «هو التوصل إلى اتفاق بأمانة ودون ازدواجية في المعايير، لتطبيق خطة كوفي انان، لأننا نؤيدها جميعاً». وذكر الروسي بأن «الاجتماع هذا يختلف عن اجتماعات أصدقاء سوريا، المخصصة لتأييد المجلس الوطني ومطالبه الجذرية». خطة انان التي لا يملك أحد بديلاً عنها، سوى القبول بحرب اهلية في سوريا، ستشهد توسعاً وتطويراً في نقاطها الست، بناءً على اقتراحات روسية. والأرجح أن الأمين العام للأمم المتحدة لا يزال يملك هامشاً واسعاً للمناورة وإنقاذ مهمته من الفشل، ليس بسبب عدم توفر بدائل عنها، بل لأن الدول الغربية التي تلوح بالبديل العسكري من وقت لآخر، تعرف انها غير قادرة على تكرار السابقة الليبية في سوريا. كما ان تدخلاً تحت البند السابع لم ينضج بعد، ليس بسبب الفيتو الروسي الصيني المتوقع، وانما لأن الدول المرشحة لقيادة عمليات عسكرية على الاراضي السورية، غير قادرة في الوقت الحاضر، وفي ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة غرباً، من بين اسباب أخرى، على فتح جبهة قتال جديدة في المشرق العربي. الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، اعترف امام المجلس الوزاري العربي في الدوحة الأسبوع الماضي بأننا «أخفقنا في تحقيق الأهداف التي وضعناها لأنفسنا: وقف العنف واطلاق عملية انتقالية تستجيب لتطلعات الشعب السورية المشروعة». لكنه يعود مع ذلك وأمام مجلس الأمن اليوم لطرح مجموعة من الأفكار تلاقي الموقف الروسي في منتصف الطريق. وتفضي افكار انان الجديدة إلى إقامة مجموعة اتصال، تنبثق عن الاجتماع الذي يدعو اليه الروس. لكن إشراك ايران في المجموعة لا يزال موضع اعتراض اميركي كي لا يفسر ذلك رضوخاً لمطلب طهران الاعتراف بها شريكاً في اي تسوية حول سوريا. والمجموعة ستضم إلى جيران سوريا تركيا والعراق ولبنان والاردن، ايران وقطر والسعودية، والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن. وترتكز الخطة الجديدة على حل اقليمي مع رعاية دولية، اذا ما توصل انان إلى جذب السعوديين والقطريين والأميركيين إلى الجلوس مع الإيرانيين إلى طاولة واحدة. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، قد علقت حول نقطة دعوة ايران إلى المؤتمر الدولي، وإلى اي مبادرة جماعية حول سوريا «بأنه من الصعب تصور دعوة بلد ينسق عمليات نظام الرئيس الأسد ضد شعبه». ويذهب الاقتراح الذي سيعرضه الأمين العام السابق للأمم المتحدة على اعضاء مجلس الأمن إلى تكليف المجموعة بصياغة خطة سياسية انتقالية مقبولة من جميع الأطراف، تعرض على المعارضة والرئيس بشار الأسد. وقد تحقق الأفكار الجديدة تقارباً ما بين روسيا والأطراف الاقليمية كتركيا وقطر والسعودية، التي تدعو وتعمل على تطوير حل عسكري وتسليح المعارضة. ويحمل الروس إلى الأفكار ضمانة قدرتهم على الحصول على تأييد شريحة واسعة من ضباط الجيش السوري لعملية انتقالية، وسيطرته على الأوضاع ومنع انتشار الفوضى او سقوط الدولة السورية. وهي ضمانة للروس أنفسهم الذين يعتبرون الجيش السوري، حيث يتمتعون في أوساطه بنفوذ مهم، عدواً غريزياً لـ«الإخوان المسلمين»، وحاجزاً أمام محاولتهم التقدم نحو السلطة. كما يقدم الروس عدم معارضتهم رحيل الرئيس الأسد عن السلطة. لكن المساومة على الأسد تبقى مفتوحة روسياً وغربياً. اذ لا يزال الروس يرون أن لحظة خروجه يجب الا تكون في بداية العملية السياسية الانتقالية او شرطاً لإطلاقها وإنما في مرحلة متقدمة أو في ختامها. ويصرّ الروس أكثر من الغربيين، لا على تسمية الشخصية البديلة عن الرئيس التي ستقود العملية الانتقالية حاملة الصلاحيات الرئاسية، وإنما على شراكة عسكرية مدنية واضحة في قيادتها. وكان مصدر دبلوماسي غربي مقرب من كوفي أنان قد قال لـ«السفير» إن مجموعة الاتصال التي نعمل على تكوينها، قد تنطلق من دون مؤتمر دولي، إذا ما تبين أنه من الصعب الجمع بين الأطراف الإقليمية. وتهدف الاقتراحات الجديدة إلى إبقاء خطة انان على قيد الحياة إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، وهو الهدف الذي يعمل من اجله الروس. ومن المعتقد أن شروط تسوية روسية اميركية حول المنطقة قد لا تنضج قبل الانتخابات في تشرين الثاني المقبل، وأن مجموعة الاتصال ستكون اكثر فاعلية في ادارة الأزمة. وقال الدبلوماسي الغربي إنه على الرغم من الإعلانات الأميركية الكثيرة بشأن سوريا، إلا أن الإدارة الأميركية قررت ألا تفعل شيئاً حاسماً بصددها قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية، خوفاً من المردود السلبي على حملة باراك اوباما الانتخابية من أي ارتفاع في منسوب التدخل في الأوحال السورية.  

المصدر : محمد بلوط/ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة