ينطوي اعتراف وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا بوجود القاعدة في سورية وبكون التفجيرات الانتحارية تحمل بصمتها، على كمية كبيرة من النفاق والدجل السياسي، فهذا الاعتراف ليس الأول من نوعه ، بل جاء إثر سلسلة من التصريحات التي أدلى بها قادة عسكريون وأمنيون كبار في الولايات المتحدة ، حملت التعابير ذاتها وساهمت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في تظهير هذا الخطاب الأميركي أكثر من مرة، من غير أن يخضع المسؤولون الأميركيون سلوكهم إزاء الوضع السوري للمراجعة ، بل هم يزدادون تصميما على تصعيد الضغوط ضد الدولة الوطنية السورية والشعب السوري ، اللذين يقاومان الإرهاب والتكفير المدعومين دوليا وإقليميا من تحالف تقوده الولايات المتحدة مباشرة.

 

أولا: يقول بانيتا إن جماعات القاعدة تستفيد من الفوضى التي تعيشها بعض المناطق السورية وهذه الفوضى هي نتيجة وجود عصابات مسلحة تحتضنها المخابرات الأميركية والغربية وتقيم الحكومة التركية لها قواعد على أراضيها بالقرب من الحدود السورية في حين تجاهر حكومتا السعودية وقطر بتمويلها وتسليحها منذ مطلع العام 2011.

إن كان من فوضى على بعض الجغرافيا السورية فهي حصيلة المخطط الأميركي لتدمير قوة سورية وهي نتاج للحضانة الأميركية والغربية التي تحظى بها عصابات مسلحة و واجهات سياسية عميلة تحركها المخابرات الأميركية ، ويحتضنها القادة الأتراك والسعوديون والقطريون وفلول القاعدة تمثل جزءا من هذا الخليط الذي يستهدف حياة السوريين واستقرارهم تحت الرعاية الأميركية.

ثانيا: أن أحدا في العالم لا يمكن أن يقبل فكرة أو فرضية أن السعودية تجرؤ على أخذ قرار أو موقف خارج الرضا الأميركي بل خارج الأوامر الأميركية ويصح القياس بالتأكيد على حكومة قطر وعلى حكومة الوهم العثماني التي أقامت غرفة عمليات مشتركة مع المخابرات الأميركية والفرنسية في قاعدة انجرليك لقيادة الإرهاب في سورية.

وبكل تأكيد فان أحدا في العالم لا يمكن أن يقبل أكذوبة التنصل الأميركي من رعاية إرسال السلاح إلى سورية لصالح العصابات الإرهابية التي تنفذ التفجيرات الانتحارية وأعمال القتل وتسعى لنشر الفوضى والدليل البسيط في الباخرة “لطف الله 2″ التي صادرها الجيش اللبناني والتي انطلقت من ليبيا حيث يسيطر عملاء أميركيون على الأرض قاموا قبلها بشحن العديد من إرساليات السلاح والمتفجرات إلى الشمال اللبناني لتهريبها إلى سورية بالتعاون مع قوى 14 آذار التي يقودها جيفري فيلتمان وبندر بن سلطان ، و يشارك في تمويل سعيها إلى جعل لبنان منصة لخطة تخريب سورية حكام قطر ويرعاها جميع أطراف الحلف المتورط في الحرب على سورية.

 

ثالثا: الدولة السورية أعلنت منذ بداية الأحداث عن وجود إرهابيين وعن نشاط جماعات التكفير وعن إرسال فلول القاعدة وتجميعها داخل سورية ، وبالقرب من حدودها مع دول الجوار وخصوصا في الأردن ولبنان وتركيا ، وكان الأميركي المنافق يتنكر لهذه الحقائق بينما جوقة عملائه في سورية وفي المنطقة يتصدرها حمد بن جاسم أقامت خطة العدوان على سورية ، انطلاقا من إنكار الحقائق التي أعلنتها الدولة الوطنية السورية ، عن وجود جماعات تكفيرية وإرهابية وقاعدية على الأرض عملت تحت ظل ما يسمونه حتى اليوم بالاحتجاجات السلمية.

المنطق السياسي يفترض توقع دعم دولي للدولة السورية في مكافحة الإرهاب بناء على الاعترافات المتلاحقة من قبل الحكومة الأميركية التي زعمت طيلة السنوات الماضية أنها تخوض حربا ضد الإرهاب والحقيقة الساطعة هي أنها حشدت ودعمت عصابات الإرهاب لاستخدامها في محاولة تقويض الدولة السورية.

يخاف الأميركيون وعملاؤهم من هنهوض القوة السورية في المنطقة بعد انتصارها ، كما يخشون من تثبيت المعادلة الدولية الجديدة التي أتاحها صمود السوريين في وجه الإرهاب والتخريب وتماسكهم خلف الدولة والجيش ومشروع الإصلاح الذي يقوده الرئيس بشار الأسد، وخطة أنان هي ميدان هذا الصراع بينما السابقة التي أسستها الدينامكية الروسية في مجلس الأمن بعد الفيتو المزدوج وبين التصميم الأميركي على عرقلة تبلور معادلات دولية جديدة من البوابة السورية.

 

رابعا: التقدم الذي حققته الدولة السورية في طريق الإصلاحات والذي توج بالانتخابات التشريعية الناجحة التي جرت مؤخرا، يترافق مع التقدم في تطبيق البنود التي نص عليها بروتوكول التعاون بين الخارجية السورية وبعثة المراقبين الدوليين.

وبالمقابل فإن التصميم على تصعيد عمليات القتل والإرهاب والتفجيرات الانتحارية لا يقتصر فقط على فلول القاعدة ، بل هو أمر مصرح به من قبل الجماعات المسلحة التي يرعاها الأميركيون والتي أكدت التزامها بالانتقال إلى عمليات الاغتيال والتفجير وقد استهدفت المراقبين أنفسهم في درعا قبل يوم من التفجير الانتحاري المروع الذي هز دمشق.

روسيا تبدو اليوم مقبلة على خوض معركة في وجه العربدة الأميركية عبر التصميم على منع تهريب الأسلحة إلى سورية وهي تملك القدرة على ذلك بواسطة أسطولها في حوض المتوسط وأقمارها الصناعية القادرة على المراقبة والمتابعة ، و عبر شبكة مخابراتها الموجودة على مساحة المنطقة ، كما أن روسيا انتقلت إلى الهجوم الدبلوماسي عبر الدعوة إلى فرض عقوبات على الدول المتورطة في تصدير السلاح والإرهاب إلى سورية ، و في تمويل العصابات الإرهابية على الأرض السورية ، وهذا ما سيكون مضمون الصراع السياسي الدولي في المرحلة المقبلة لأن تلك العقوبات ستطال الحكومات والجماعات المتورطة في ليبيا ومصر والسعودية وقطر وتركيا.

 

خامسا: ما يخشاه الأميركيون من سير خطة أنان في مناخ التعاون مع الدولة السورية ، ليس فقط صدور تقرير متوازن ينصف الدولة السورية ومؤسساتها الوطنية العسكرية والأمنية بل لأن بروتوكول عمل المراقبين الذي يجري تنفيذه يقترب في تقدمه من بند أساسي اعترف به كوفي أنان في الإحاطة التي قدمها لمجلس الأمن وهو ينص على دعوة مسلحي المعارضات المتناحرة إلى إلقاء السلاح بالتزامن مع انطلاق الحوار ، بينما تواجه الدولة الوطنية السورية مطالبة شعبية ملحة باستكمال تصفية تلك العصابات وتجريدها من السلاح بالقوة للتخلص من حالة الاضطراب والقلق التي تعيشها بعض الأرياف السورية بينما يزداد قوة لدى السوريين الشعور الحار بأهمية التضامن الوطني والالتفاف حلو الدولة والجيش في مقاومة الإرهاب والتكفير اللذين يهددان حياتهم.

خسارة العصابات المسلحة على الأرض تعني إسقاط أوراق الضغط الأميركية داخل سورية ولذلك يختار الأميركيون وعملاؤهم الالتفاف على مهمة المراقبين ، و مبادرة أنان وروسيا في المرصاد داخل مجلس الأمن وخارجه ، لهذا السلوك المنافق والتآمري الذي تتبعه الإدارة الأميركية إزاء فشلها في النيل من سورية وهي تريد أن تمرر اعترافها بالقوة الإيرانية في مفاوضات بغداد والسعي إلى ترتيب مشروع نظام إقليمي بين تركيا والسعودية وإيران لشطب الدور السوري ، الذي يمثل العروبة المقاومة للهيمنة الاستعمارية والإسرائيلية ، وهو ما لن تقبل به إيران ، وما لن يمر إطلاقا في ظل النهضة الروسية من الشباك السوري ، وفي ظل تحفز الدولة الوطنية السورية للانتقال إلى الهجوم المعاكس مع تقدمها في طريق التعافي السياسي والأمني الداخلي ، وفي ظل الصمود الاقتصادي أمام الحصار والعقوبات والضغوط ، فمشروعية الدور السوري في المنطقة ، أقوى من أن يخنقها الدجل والتآمر الملازمين للسياسة الأميركية.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2012-05-12
  • 12980
  • من الأرشيف

نفاق الأميركيين حول القاعدة و مأزقهم في سورية ..

ينطوي اعتراف وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا بوجود القاعدة في سورية وبكون التفجيرات الانتحارية تحمل بصمتها، على كمية كبيرة من النفاق والدجل السياسي، فهذا الاعتراف ليس الأول من نوعه ، بل جاء إثر سلسلة من التصريحات التي أدلى بها قادة عسكريون وأمنيون كبار في الولايات المتحدة ، حملت التعابير ذاتها وساهمت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في تظهير هذا الخطاب الأميركي أكثر من مرة، من غير أن يخضع المسؤولون الأميركيون سلوكهم إزاء الوضع السوري للمراجعة ، بل هم يزدادون تصميما على تصعيد الضغوط ضد الدولة الوطنية السورية والشعب السوري ، اللذين يقاومان الإرهاب والتكفير المدعومين دوليا وإقليميا من تحالف تقوده الولايات المتحدة مباشرة.   أولا: يقول بانيتا إن جماعات القاعدة تستفيد من الفوضى التي تعيشها بعض المناطق السورية وهذه الفوضى هي نتيجة وجود عصابات مسلحة تحتضنها المخابرات الأميركية والغربية وتقيم الحكومة التركية لها قواعد على أراضيها بالقرب من الحدود السورية في حين تجاهر حكومتا السعودية وقطر بتمويلها وتسليحها منذ مطلع العام 2011. إن كان من فوضى على بعض الجغرافيا السورية فهي حصيلة المخطط الأميركي لتدمير قوة سورية وهي نتاج للحضانة الأميركية والغربية التي تحظى بها عصابات مسلحة و واجهات سياسية عميلة تحركها المخابرات الأميركية ، ويحتضنها القادة الأتراك والسعوديون والقطريون وفلول القاعدة تمثل جزءا من هذا الخليط الذي يستهدف حياة السوريين واستقرارهم تحت الرعاية الأميركية. ثانيا: أن أحدا في العالم لا يمكن أن يقبل فكرة أو فرضية أن السعودية تجرؤ على أخذ قرار أو موقف خارج الرضا الأميركي بل خارج الأوامر الأميركية ويصح القياس بالتأكيد على حكومة قطر وعلى حكومة الوهم العثماني التي أقامت غرفة عمليات مشتركة مع المخابرات الأميركية والفرنسية في قاعدة انجرليك لقيادة الإرهاب في سورية. وبكل تأكيد فان أحدا في العالم لا يمكن أن يقبل أكذوبة التنصل الأميركي من رعاية إرسال السلاح إلى سورية لصالح العصابات الإرهابية التي تنفذ التفجيرات الانتحارية وأعمال القتل وتسعى لنشر الفوضى والدليل البسيط في الباخرة “لطف الله 2″ التي صادرها الجيش اللبناني والتي انطلقت من ليبيا حيث يسيطر عملاء أميركيون على الأرض قاموا قبلها بشحن العديد من إرساليات السلاح والمتفجرات إلى الشمال اللبناني لتهريبها إلى سورية بالتعاون مع قوى 14 آذار التي يقودها جيفري فيلتمان وبندر بن سلطان ، و يشارك في تمويل سعيها إلى جعل لبنان منصة لخطة تخريب سورية حكام قطر ويرعاها جميع أطراف الحلف المتورط في الحرب على سورية.   ثالثا: الدولة السورية أعلنت منذ بداية الأحداث عن وجود إرهابيين وعن نشاط جماعات التكفير وعن إرسال فلول القاعدة وتجميعها داخل سورية ، وبالقرب من حدودها مع دول الجوار وخصوصا في الأردن ولبنان وتركيا ، وكان الأميركي المنافق يتنكر لهذه الحقائق بينما جوقة عملائه في سورية وفي المنطقة يتصدرها حمد بن جاسم أقامت خطة العدوان على سورية ، انطلاقا من إنكار الحقائق التي أعلنتها الدولة الوطنية السورية ، عن وجود جماعات تكفيرية وإرهابية وقاعدية على الأرض عملت تحت ظل ما يسمونه حتى اليوم بالاحتجاجات السلمية. المنطق السياسي يفترض توقع دعم دولي للدولة السورية في مكافحة الإرهاب بناء على الاعترافات المتلاحقة من قبل الحكومة الأميركية التي زعمت طيلة السنوات الماضية أنها تخوض حربا ضد الإرهاب والحقيقة الساطعة هي أنها حشدت ودعمت عصابات الإرهاب لاستخدامها في محاولة تقويض الدولة السورية. يخاف الأميركيون وعملاؤهم من هنهوض القوة السورية في المنطقة بعد انتصارها ، كما يخشون من تثبيت المعادلة الدولية الجديدة التي أتاحها صمود السوريين في وجه الإرهاب والتخريب وتماسكهم خلف الدولة والجيش ومشروع الإصلاح الذي يقوده الرئيس بشار الأسد، وخطة أنان هي ميدان هذا الصراع بينما السابقة التي أسستها الدينامكية الروسية في مجلس الأمن بعد الفيتو المزدوج وبين التصميم الأميركي على عرقلة تبلور معادلات دولية جديدة من البوابة السورية.   رابعا: التقدم الذي حققته الدولة السورية في طريق الإصلاحات والذي توج بالانتخابات التشريعية الناجحة التي جرت مؤخرا، يترافق مع التقدم في تطبيق البنود التي نص عليها بروتوكول التعاون بين الخارجية السورية وبعثة المراقبين الدوليين. وبالمقابل فإن التصميم على تصعيد عمليات القتل والإرهاب والتفجيرات الانتحارية لا يقتصر فقط على فلول القاعدة ، بل هو أمر مصرح به من قبل الجماعات المسلحة التي يرعاها الأميركيون والتي أكدت التزامها بالانتقال إلى عمليات الاغتيال والتفجير وقد استهدفت المراقبين أنفسهم في درعا قبل يوم من التفجير الانتحاري المروع الذي هز دمشق. روسيا تبدو اليوم مقبلة على خوض معركة في وجه العربدة الأميركية عبر التصميم على منع تهريب الأسلحة إلى سورية وهي تملك القدرة على ذلك بواسطة أسطولها في حوض المتوسط وأقمارها الصناعية القادرة على المراقبة والمتابعة ، و عبر شبكة مخابراتها الموجودة على مساحة المنطقة ، كما أن روسيا انتقلت إلى الهجوم الدبلوماسي عبر الدعوة إلى فرض عقوبات على الدول المتورطة في تصدير السلاح والإرهاب إلى سورية ، و في تمويل العصابات الإرهابية على الأرض السورية ، وهذا ما سيكون مضمون الصراع السياسي الدولي في المرحلة المقبلة لأن تلك العقوبات ستطال الحكومات والجماعات المتورطة في ليبيا ومصر والسعودية وقطر وتركيا.   خامسا: ما يخشاه الأميركيون من سير خطة أنان في مناخ التعاون مع الدولة السورية ، ليس فقط صدور تقرير متوازن ينصف الدولة السورية ومؤسساتها الوطنية العسكرية والأمنية بل لأن بروتوكول عمل المراقبين الذي يجري تنفيذه يقترب في تقدمه من بند أساسي اعترف به كوفي أنان في الإحاطة التي قدمها لمجلس الأمن وهو ينص على دعوة مسلحي المعارضات المتناحرة إلى إلقاء السلاح بالتزامن مع انطلاق الحوار ، بينما تواجه الدولة الوطنية السورية مطالبة شعبية ملحة باستكمال تصفية تلك العصابات وتجريدها من السلاح بالقوة للتخلص من حالة الاضطراب والقلق التي تعيشها بعض الأرياف السورية بينما يزداد قوة لدى السوريين الشعور الحار بأهمية التضامن الوطني والالتفاف حلو الدولة والجيش في مقاومة الإرهاب والتكفير اللذين يهددان حياتهم. خسارة العصابات المسلحة على الأرض تعني إسقاط أوراق الضغط الأميركية داخل سورية ولذلك يختار الأميركيون وعملاؤهم الالتفاف على مهمة المراقبين ، و مبادرة أنان وروسيا في المرصاد داخل مجلس الأمن وخارجه ، لهذا السلوك المنافق والتآمري الذي تتبعه الإدارة الأميركية إزاء فشلها في النيل من سورية وهي تريد أن تمرر اعترافها بالقوة الإيرانية في مفاوضات بغداد والسعي إلى ترتيب مشروع نظام إقليمي بين تركيا والسعودية وإيران لشطب الدور السوري ، الذي يمثل العروبة المقاومة للهيمنة الاستعمارية والإسرائيلية ، وهو ما لن تقبل به إيران ، وما لن يمر إطلاقا في ظل النهضة الروسية من الشباك السوري ، وفي ظل تحفز الدولة الوطنية السورية للانتقال إلى الهجوم المعاكس مع تقدمها في طريق التعافي السياسي والأمني الداخلي ، وفي ظل الصمود الاقتصادي أمام الحصار والعقوبات والضغوط ، فمشروعية الدور السوري في المنطقة ، أقوى من أن يخنقها الدجل والتآمر الملازمين للسياسة الأميركية.    

المصدر : غالب قنديل\ الشرق الجديد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة