أبرز الإعلام السوري الرسمي والخاص، أمس، الإدانات التي صدرت بعد التفجيرين الانتحاريين في دمشق أمس الأول، وتسببا بما يزيد عن 400 ضحية بين قتيل وجريح. وركز خاصة على إدانات الجانب الأميركي والأمم المتحدة، كما طبعا الجانب الروسي.

وبدا أمس وأمس الأول كما ولو أن سوريا وخصومها اتفقوا على وجود عدو مشترك بينهما، هو الإرهاب، رغم حالة الاستعداء التي تتسم بها سياسة العديد من الدول اتجاه دمشق، عربية كانت أم غربية.

لكن دمشق لا تنظر إلى الإدانات الدولية الواسعة لتفجيري دمشق الإرهابيين على أنها اختراقات سياسية، خلافا لما تروجه أوساط معارضة بأن العدد الضخم من الضحايا، من المدنيين وعناصر الأمن، حول السلطة في سوريا إلى «ضحية»، خصوصا أن التنديد صدر من ألد خصومها السياسيين وبينهم الدوحة وواشنطن، فيما بقيت الرياض صامتة. هذا الصمت في الواقع يثير استغراب دمشق، أكثر مما هي الإدانات، انطلاقا من القناعة بأن الإدانات ناتجة من موقف مبدئي من تنظيم القاعدة التي تحمل عملية دمشق الإرهابية الكثير من بصماتها وتقنية عملها.

ويبدي مصدر سوري واسع الاطلاع «اشمئزازه» من طرح بعض أطراف المعارضة أن «دمشق ستحقق مكاسب سياسية من وراء التفجيرين الإرهابيين».

«القاعدة موضوع محرّم بالنسبة للمجتمع الدولي» يقول المصدر لـ«السفير»، و«تحريمه ينطلق من المواجهة القائمة بينه وبين الولايات المتحدة». ويحلل المصدر، الذي طلب عدم كشف اسمه، أن هذا هو الأمر الذي يدفع الجميع للإدانة الواسعة، بغض النظر من الموقف القائم مع الحكومة السورية «لكن ليس ثمة تغيير في السياسات، ولا نشعر أن ثمة ما هو متجه نحو حوار سياسي عميق ومجد».

وتضع المصادر المختلفة في دمشق التصريحات في خانة «الخوف من القاعدة ونتيجة الموقف الأميركي التقليدي من التنظيم»، خصوصا بعد الاعترافات الأميركية المتتالية بوجود نشاط للتنظيم واسع الانتشار في سوريا، وبعد ظهور صور لمنتسبين له في تقارير إعلامية أعدت في مناطق سورية مختلفة، الأمر الذي يعني أن الأمور أخذت مستوى مواجهة آخر، يتمثل في تلك التي تقوم الآن بين الدولة والإرهاب، مضافا إلى المواجهة القائمة بين الدولة والاحتجاج بشكليه السلمي والعسكري داخليا، والمواجهة القائمة بينها وبين مجموعة دولية تصر على الضغط على النظام لأسباب مختلفة.

إلا أن دمشق ترى أنه «في المواجهة مع الإرهاب لا تهاون»، و«سوريا ملتزمة بخطة (المبعوث الدولي كوفي) أنان مئة في المئة»، وأن هذا الالتزام وفقا لتعبيره يلمسه المراقبون الدوليون طوال الوقت.

ويأمل المصدر أن يؤدي الانتباه إلى خطورة وجود تنظيم القاعدة إلى تحرك دولي ملموس بموضوع مكافحة الإرهاب، عبر تجفيف مصادره، التي ترى بعض أوساط دمشق أن السعودية وبعض مناطق لبنان الشمالية تمثل مصدره الأكبر. وهذا تعاون تطمح إليه دمشق، أيا كان شكله، وسبق أن أدت دوراً به حين كانت العلاقات الأميركية - السورية تتجه نحو التحسن مطلع القرن الحالي، كما تعاونت به مع الجانب الفرنسي والبريطاني، ناهيك عن السعودي والمصري.

وقد جاء ما هو بهذا المضمون في الرسالة التي أرسلتها وزارة الخارجية السورية إلى مجلس الأمن كما في تصريحات المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري.

ونصت رسالة الخارجية السورية على دعوة مجلس الأمن إلى «تحمل مسؤولياته في محاربة الإرهاب الذي تتعرض له سوريا، والتصدي لتلك الدول التي تشجع الإرهاب وتحرض عليه» مشيرة إلى أن «سفينة لطف الله 2 التي أوقفها الجيش اللبناني تظهر قيام ليبيا وتركيا بالتعاون مع دول أخرى بإرسال أسلحة فتاكة إلى المجموعات الإرهابية لممارسة القتل والدمار»، فيما أشار الجعفري صراحة إلى أن «لدى سوريا العديد من الوثائق والأدلة المسجلة بالصوت والصورة تؤكد تسلل عناصر من تنظيم القاعدة إلى سوريا لتنفيذ عمليات إرهابية، كما أن تصريحات صادرة عن قيادات أجهزة استخباراتية غربية تؤكد ذلك بتسهيل ودعم من دول عربية وإقليمية ودولية».

وفيما تستعد دمشق لاستقبال أنان قريبا (لم يحدد موعد رسمي لزيارته بعد) يجري التنسيق بين جانب بعثة المراقبين والحكومة السورية، ولا سيما وزارة الخارجية طوال الوقت. ومنذ فترة قصيرة سلمت بعثة المراقبين مجموعة من الملاحظات للخارجية السورية تتعلق بالنقطة الأولى من بنود الخطة، والمتعلقة بوجود آليات ثقيلة في المناطق السكنية. وقد أجابت الخارجية على بعضها وتنوي الإجابة على بعضها الآخر، في إطار التعاون والتفاهم القائم بين الجانبين، ولكن ضمن حدود «إرادة الدولة وواجباتها في حماية حسن سير المؤسسات الاستراتيجية في البلاد، كالمصافي والمطارات والموانئ والطرق الدولية».

 

  • فريق ماسة
  • 2012-05-11
  • 12131
  • من الأرشيف

دمشـق لا تبـني سـياسـيـاً على إدانـة خصومهـا للتفجيـرات

أبرز الإعلام السوري الرسمي والخاص، أمس، الإدانات التي صدرت بعد التفجيرين الانتحاريين في دمشق أمس الأول، وتسببا بما يزيد عن 400 ضحية بين قتيل وجريح. وركز خاصة على إدانات الجانب الأميركي والأمم المتحدة، كما طبعا الجانب الروسي. وبدا أمس وأمس الأول كما ولو أن سوريا وخصومها اتفقوا على وجود عدو مشترك بينهما، هو الإرهاب، رغم حالة الاستعداء التي تتسم بها سياسة العديد من الدول اتجاه دمشق، عربية كانت أم غربية. لكن دمشق لا تنظر إلى الإدانات الدولية الواسعة لتفجيري دمشق الإرهابيين على أنها اختراقات سياسية، خلافا لما تروجه أوساط معارضة بأن العدد الضخم من الضحايا، من المدنيين وعناصر الأمن، حول السلطة في سوريا إلى «ضحية»، خصوصا أن التنديد صدر من ألد خصومها السياسيين وبينهم الدوحة وواشنطن، فيما بقيت الرياض صامتة. هذا الصمت في الواقع يثير استغراب دمشق، أكثر مما هي الإدانات، انطلاقا من القناعة بأن الإدانات ناتجة من موقف مبدئي من تنظيم القاعدة التي تحمل عملية دمشق الإرهابية الكثير من بصماتها وتقنية عملها. ويبدي مصدر سوري واسع الاطلاع «اشمئزازه» من طرح بعض أطراف المعارضة أن «دمشق ستحقق مكاسب سياسية من وراء التفجيرين الإرهابيين». «القاعدة موضوع محرّم بالنسبة للمجتمع الدولي» يقول المصدر لـ«السفير»، و«تحريمه ينطلق من المواجهة القائمة بينه وبين الولايات المتحدة». ويحلل المصدر، الذي طلب عدم كشف اسمه، أن هذا هو الأمر الذي يدفع الجميع للإدانة الواسعة، بغض النظر من الموقف القائم مع الحكومة السورية «لكن ليس ثمة تغيير في السياسات، ولا نشعر أن ثمة ما هو متجه نحو حوار سياسي عميق ومجد». وتضع المصادر المختلفة في دمشق التصريحات في خانة «الخوف من القاعدة ونتيجة الموقف الأميركي التقليدي من التنظيم»، خصوصا بعد الاعترافات الأميركية المتتالية بوجود نشاط للتنظيم واسع الانتشار في سوريا، وبعد ظهور صور لمنتسبين له في تقارير إعلامية أعدت في مناطق سورية مختلفة، الأمر الذي يعني أن الأمور أخذت مستوى مواجهة آخر، يتمثل في تلك التي تقوم الآن بين الدولة والإرهاب، مضافا إلى المواجهة القائمة بين الدولة والاحتجاج بشكليه السلمي والعسكري داخليا، والمواجهة القائمة بينها وبين مجموعة دولية تصر على الضغط على النظام لأسباب مختلفة. إلا أن دمشق ترى أنه «في المواجهة مع الإرهاب لا تهاون»، و«سوريا ملتزمة بخطة (المبعوث الدولي كوفي) أنان مئة في المئة»، وأن هذا الالتزام وفقا لتعبيره يلمسه المراقبون الدوليون طوال الوقت. ويأمل المصدر أن يؤدي الانتباه إلى خطورة وجود تنظيم القاعدة إلى تحرك دولي ملموس بموضوع مكافحة الإرهاب، عبر تجفيف مصادره، التي ترى بعض أوساط دمشق أن السعودية وبعض مناطق لبنان الشمالية تمثل مصدره الأكبر. وهذا تعاون تطمح إليه دمشق، أيا كان شكله، وسبق أن أدت دوراً به حين كانت العلاقات الأميركية - السورية تتجه نحو التحسن مطلع القرن الحالي، كما تعاونت به مع الجانب الفرنسي والبريطاني، ناهيك عن السعودي والمصري. وقد جاء ما هو بهذا المضمون في الرسالة التي أرسلتها وزارة الخارجية السورية إلى مجلس الأمن كما في تصريحات المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري. ونصت رسالة الخارجية السورية على دعوة مجلس الأمن إلى «تحمل مسؤولياته في محاربة الإرهاب الذي تتعرض له سوريا، والتصدي لتلك الدول التي تشجع الإرهاب وتحرض عليه» مشيرة إلى أن «سفينة لطف الله 2 التي أوقفها الجيش اللبناني تظهر قيام ليبيا وتركيا بالتعاون مع دول أخرى بإرسال أسلحة فتاكة إلى المجموعات الإرهابية لممارسة القتل والدمار»، فيما أشار الجعفري صراحة إلى أن «لدى سوريا العديد من الوثائق والأدلة المسجلة بالصوت والصورة تؤكد تسلل عناصر من تنظيم القاعدة إلى سوريا لتنفيذ عمليات إرهابية، كما أن تصريحات صادرة عن قيادات أجهزة استخباراتية غربية تؤكد ذلك بتسهيل ودعم من دول عربية وإقليمية ودولية». وفيما تستعد دمشق لاستقبال أنان قريبا (لم يحدد موعد رسمي لزيارته بعد) يجري التنسيق بين جانب بعثة المراقبين والحكومة السورية، ولا سيما وزارة الخارجية طوال الوقت. ومنذ فترة قصيرة سلمت بعثة المراقبين مجموعة من الملاحظات للخارجية السورية تتعلق بالنقطة الأولى من بنود الخطة، والمتعلقة بوجود آليات ثقيلة في المناطق السكنية. وقد أجابت الخارجية على بعضها وتنوي الإجابة على بعضها الآخر، في إطار التعاون والتفاهم القائم بين الجانبين، ولكن ضمن حدود «إرادة الدولة وواجباتها في حماية حسن سير المؤسسات الاستراتيجية في البلاد، كالمصافي والمطارات والموانئ والطرق الدولية».  

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة