دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم تكن الساحة السياسية الكويتية بحاجة إلى استجواب النائب السيد حسين القلاف لوزير الإعلام الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، في مجلس الأمة (البرلمان) أمس الأول، لتكتشف أن ما تعيشه من أزمات سابقة وراهنة ومقبلة لا تعدو كونها غطاءً لصراع قوى ونفوذ وأجنحة داخل «الأسرة الحاكمة».
النائب القلاف، أحد النواب الشيعة في الأقلية البرلمانية، والمدرك مسبقاً للاتهام الموجه ضده من قبل الغالبية بأن استجوابه وزير الإعلام، ما كان ليقدم، إلا بـ«إيعاز من المحور المؤيد لرئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد، ما لم يكن بإيعاز من المحمد نفسه»، رد على «التحية» بأخرى... اتهم القلاف الوزير بالخضوع لرغبات الغالبية والاستجابة لتهديداتها عبر إحالة قنوات فضائية مثل «سكوب» وصحيفة «الدار» إلى النيابة العامة بتهمة مخالفة القانون، و«غض الطرف» عن قنوات أخرى مثل «قناة اليوم»، كما قال القلاف، الذي طالب بإحالتها للنيابة العامة لارتكابها مخالفات وإساءات، راسماً علامة استفهام حول ملكية هذه القناة وتمويلها إلى حد اتهامها مواربة بـ«تبييض الأموال»!
وتابع القلاف طالباً من وزير الإعلام التحلي «بالجرأة» وكشف هوية مالك «قناة اليوم»، سائلا عن سبب خوفه منها: «الشيخ أحمد الفهد صاحب القناة .. ويريد رئاسة الوزراء .. عطوه الرئاسة .. لا يحرق البلد» . بهذه «التحية»، وضع القلاف وزير الإعلام ومعظم نواب الغالبية ضمن المحور المؤيد لنائب رئيس الوزراء السابق أحمد الفهد الذي شغل أكثر من حقيبة وزارية في حكومات «خصمه اللدود» ناصر المحمد، قبل أن يستقيل تجنباً لصعوده منصة الاستجواب قبيل خروج المحمد من السلطة بأشهر قليلة.
تظهير الصراع إلى العلن
لم يكن ينقص «تفجير» الحديث مجدداً عن صراع القوى والنفوذ داخل الأسرة الحاكمة، سوى تظهيره بين محوري المحمد والفهد، من قبل النائب القلاف الذي قال عشية جلسة الاستجواب، إنه يجهز استجواباً لرئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك .. «لأثير دوره في صراع أبناء الأسرة»، بحسب قوله.
وفي تفاصيل «الصراع»، هاجم رئيس تحرير صحيفة «الشاهد» اليومية الشيخ صباح المحمد أحد «محوري الصراع» بقوله «ماذا يريد الشيخ سالم العلي (عميد الأسرة) والشيخ ناصر صباح الاحمد (النجل الأكبر للأمير وزير الديوان الأميري)، والشيخ أحمد الفهد، صاحب مقولة: أنا اللي أولعها.. وأنا اللي أطفيها.. الذي تبنى المعارضة (السابقة) التي كانت تقول عنه ما لم يقله العرب عن الصهاينة!؟»... وأضاف «ماذا يريد الزعلان الساكت الشيخ محمد الصباح (وزير الخارجية السابق)، وماذا دار في الاجتماع بينه وبين الشيخ ناصر في لندن، وماذا حصل أيضا في الاجتماع الذي عقده مع أحمد الفهد في شقته الجديدة التي اشتراها في لندن بعد خروجه من الوزارة، وعلى ماذا اتفقوا وما المعلومات التي سيقدمها للجنة التحويلات (التي استمعت إليه)، وما هي التهم التي سيدين فيها القيادة الكويتية؟»...
وتابع رئيس تحرير الصحيفة «الأسئلة كثيرة ومحيرة، من يرأس من؟ ومن يقود من؟ ولحساب من هذه التحالفات والتكتيكات والضرب تحت الحزام في الدولة والنظام والقيادة بحجة الانتقام من سمو الشيخ ناصر المحمد»، متسائلا «ما سالفة عبد الله النفيسي؟ وكيف طلع من القبر؟ وما علاقته بـ«حدس» (الحركة الدستورية - الاسم البديل لجماعة الإخوان المسلمين في الكويت)؟ ومن هؤلاء الشيوخ الذين ينسقون مع «حدس» والتابعين لها؟ ومن الذي اخرج النائب مشاري العصيمي من القمقم، وطلب منه خوض الانتخابات بعد سباته.. وتوكيلاته ابتداءً بأكبر موكليه الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر؟».
من يمول «السلفيين» و«الإخوان»؟
وأضاف صباح المحمد «نقولها بصوت عال.. من الممول المادي والداعم المعنوي لـ«حدس»؟ مَنْ مِنْ هؤلاء الشيوخ المؤيدين والداعمين للسلفية .. وما أدراك ما السلفية؟»، داعياً «هؤلاء وحلفاءهم إلى قراءة التاريخ، وما آلت إليها الأمور في الدول العربية وصولاً إلى مصر حسني مبارك التي ضاعت فيها الدولة، ليأتي بعدها الإخوان ويأخذونها مقشرة لأنهم الأكثر حنكة والأفضل تكتيكاً والأقوى التزاماً فيسيطرون على الحكم في مصر كما في تونس وليبيا - وكما يسعون الى فعله في سوريا - والله يستر الكويت من هؤلاء الماسونيين الذين يتسترون بعباءة الدين».
وفي سياق متصل، نشرت صحيفة «حديث المدينة الالكترونية» من مقرها في لندن والناطقة بلسان «ممولها» ناصر المحمد، تقريراً حمل اتهامات لاذعة، لأحمد الفهد، جاء فيه «ماذا استفدتَ يا أحمد الفهد اليوم مما فعلت؟ تتآمر على أبناء عمك، وتهرول لمن يسبهم ويهز اركان اسرتك؟ هل تعتقد أن هؤلاء يحترمونك؟ لا، إنهم يحتقرونك، فمن لا يحترم أهله ويسترخصهم، حتماً يسترخص نفسه، ويهينها، ويعرضها لـفقدان الكرامة .. وأنت غدوت اليوم، بلا كرامة، لأنك أمعنت في بيع عزتك، والتنازل عن كل معاني الأخلاق الكويتية الاصيلة .. فخسرت ذاتك وأهلك .. كنت تعتقد انك ستكون بينهم ذا حظوة وشعبية».
كذلك، قال تقرير آخر لـ«حديث المدينة» إن «الشعور العام لدى كبار الأسرة الحاكمة هو أن محمد الصباح (وزير الخارجية السابق) لم يكن موفقاً في مهماته ... وليس سراً أن تغييره بوزير آخر للخارجية كان مطروحاً بقوة قبل استقالته (18 تشرين الأول الماضي) .. أما ما جعله باقياً في منصبه طوال عشرة أعوام فهي ترتيبات داخل الأسرة».
«الصف الثاني»
قد يكون ما تناوله رئيس تحرير»الشاهد»، وهو من أبناء الأسرة، من تفاصيل، وتقارير «حديث المدينة» الاتهامية للشيخين أحمد الفهد ومحمد الصباح ولرموز المعارضة السابقة، أي الغالبية البرلمانية الحالية، كالنائب مسلم البراك ورئيس المجلس أحمد السعدون والنائبين محمد هايف ووليد الطبطبائي ... الأكثر تظهيراً للصراع بين أبناء الأسرة الحاكمة، وربما بين نهجين لكل منهما مظاهره المحلية التي تتماهى مع الخارج.
لذا، لم يغب الحديث عن هذا «الصراع» عن الإعلام الكويتي الذي يتعامل معه تحت عنوان «خلافات داخل الأسرة» فيظهره في أكثر من افتتاحية ومقال . وآخر ما تردد في هذا السياق ما كتبه ناشر صحيفة «الرأي» جاسم بودي (في 16 آذار الماضي) متسائلاً: «هل هناك صف ثانٍ في أسرة الصباح.. قادر على أداء المهمات المنوطة به مستقبلا؟ وهل أرباب هذا الصف يملكون الكفاءة المطلوبة والتقديرات السليمة والخبرة المجربة والحكمة المكتسبة لإدارة الامور بالشكل المطلوب؟»، ذلك لأن «الصف الثاني» كما يرى بودي، «مطلوب منه ان ينسى قليلا نظرية «السيف والمنسف» في العام 2012 ... مطلوب منه ان يرفع سيف القانون والدستور على نفسه أولا وأن يكون قدوة في السلوك والممارسة... يؤمن بالعمل الجماعي والحريات والديموقراطية، بعيداً عن الشبهات المالية والتجارية من اي نوع كانت».
ويختم بودي «شيخ الصف الثاني لا يمكنه ان يلبس عباءة العناصر التي ذكرناها إذا بقي النظام السياسي على حاله، فهو لا مكان له بين حروب حزبي الحكومة والمجلس، ولا بين حروب «المحبة» بين الاقارب، ولا بين حروب الطائفة والمذهب والقبيلة.. لذلك نتمنى العبور من الدولة الحالية المتراجعة الى الدولة المدنية الحديثة، على ان تكون نوعية شيوخ الصف الثاني بمستوى هذا العبور».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة