أصداء ترشيح جماعة الاخوان المسلمين خيرت الشاطر للرئاسة المصرية لا تزال تتردد بقوة داخل أروقة الجماعة وخارجها. وبين ارتباك قيادات وقواعد الجماعة وقلق القوى السياسية الأخرى، يلوذ المجلس العسكري بالصمت، مثيراً التساؤلات حول دوافع ترقبه

 الارتباك والقلق والترقب. هكذا يمكن اختصار وصف أجواء المشهد العام في مصر عقب إعلان جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة قرار ترشيح خيرت الشاطر، نائب المرشد وعضو مكتب الإرشاد لمنصب رئيس الجمهورية. فجماعة الإخوان المسلمين، التي أكدت في تصريحات للشاطر نفسه، أنه لن يكون لها مرشح رئاسي، باتت في مأزق بسبب تراجعها عن هذا القرار، الذي أربكها بطريقة لم تتعرض لها من قبل. فقد أصبحت بين مطرقة فقدان صدقيتها واهتزاز شعبيتها وبين سندان المجلس العسكري، الذي لم يبد حتى اللحظة أي رد فعل على قرار الجماعة، الذي وصفه مراقبون بأنه سيشكل حالة «استفزاز» للمجلس.

الارتباك

ارتباك جماعة الاخوان المسلمين بدا واضحاً في التصريحات المتتالية لبعض القيادات الإخوانية كحلمي الجزار، عضو مجلس شورى الإخوان، الذي صرح بإمكانية التراجع عن هذا القرار إذا ما استجاب المجلس العسكري لطلبات الجماعة بعزل حكومة كمال الجنزوري وترك الإخوان يشكلون الحكومة بوصفهم حزب الغالبية في البرلمان. من جهته، رأى الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، محمد البلتاجي، في قرار الإخوان «وقوعاً في فخ نُصب لهم، سيضر الدعوة وربما بالبلاد». هذه التصريحات دفعت المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين، محمود غزلان، إلى الرد على قيادات الاخوان قائلاً «اتخاذ مجلس شورى الإخوان المسلمين قراره بترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، للتنفيذ وليس للمناورة أو المساومة، وليس من حق أي فرد أن يصرِّح تصريحاً يتعارض مع هذا القرار ولا مع أهدافه».

إلاّ أن الارتباك ليس حكراً على قيادات الجماعة بل امتد ليطال بعض القواعد، التي طالبت قيادتها بتقديم تفسيرات مقنعة تجيب بها عن أسئلة الشارع، الأمر الذي دفع المكتب الإداري لإخوان الإسكندرية، على سبيل المثال، إلى تنظيم عدد من اللقاءات الجماهيرية، كان أولها مساء أول من أمس في الإسكندرية، لشرح المبررات التي دفعت الجماعة إلى اتخاذ هذا القرار وملابساته. كذلك، قام بعض شباب الإخوان بتدشين حملات إعلامية مبكرة لدعم الشاطر واتخاذ الجماعة من صورته واجهة لموقعها الرسمي على الانترنت، وعقدها لمؤتمر صحافي خصيصاً لإعلان عبد الله الأشعل، المرشح الرئاسي المحتمل، انسحابه لصالح الشاطر، على الرغم من ضآلة فرص الأشعل وصغر وزنه النسبي بين مرشحي الرئاسة.

القلق

القلق كان النصيب الأكبر منه للقوى السياسية ومرشحي الرئاسة الآخرين، الذين بنى الكثير منهم حساباتهم على أن الجماعة ستكون داعمة على الأكثر لأحد المرشحين ولن تكون فصيلاً رئيسيّاً في سباق الرئاسة. وهو ما ظهر بوضوح في رفض ترشح الشاطر إما تصريحاً أو تلميحاً من قبل المرشحين، في موقف يتعارض مع ما كان يحدث عند دخول مرشح جديد لحلبة التنافس.

القوى السياسية عبرت عن قلقها عبر تصريحات انتقدت ما اعتبرته «سيطرة للجماعة على مؤسسات الدولة الناشئة»، حيث لم تظهر أي قوى ليبرالية أو يسارية ترحيباً بقرار الجماعة، بل نظرت إليه على أنه «نكث بالعهد». لكن عضو مجلس شورى الجماعة، محمد طاهر، رد بالقول إن ترشيح الشاطر «ليس له علاقة بصدقية الجماعة لأننا أخذنا قرارنا الأول في ظل ظروف سياسية محددة، لكن بعد تغير الظروف وسد جميع المنافذ أمامنا كان من المحتم أن نتقدم لحمل الأمانة، وجاء بعد حصولنا على معلومات تفيد بأن ضغوطاً هائلة تمارس على المجلس العسكري من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل لعدم تولي الإخوان أي سلطة تنفيذية».

الشارع المصري كان له نصيب من القلق لرؤيته مؤشراً على «صدام وشيك مع العسكر بعدما وصل صراع النفوذ بينهم في دولة ما بعد مبارك إلى مداه»، وفقاً للباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية بوحدة الدراسات المستقبلية في مكتبة الإسكندرية، محمد العربي. أما منة محمد، وهي ربة منزل، فعبرت عن قلقها لـ«الأخبار» بالقول «شكل الإخوان والعسكر حيقلبوا على بعض وإحنا اللي في النص حنضيع».

لكن عضو مجلس شورى الجماعة، مدحت الحداد، قلل من هذا القلق، مؤكداً أن «الصدام مع المجلس العسكري غير وارد، فمنهج الجماعة ليس فيه صدام، والأمور المعقدة يتم حلها بكافة الطرق السلمية». كذلك أكد في مؤتمر عُقد أول من أمس في الإسكندرية للرد على تساؤلات أعضاء الجماعة حول ترشح الشاطر «أن التاريخ يقول الظروف ليست كعام 1954، فالأمر تغير تماماً»، في إشارة منه إلى أول صدام مع نظام الرئيس جمال عبد الناصر الذي كان على رأسه قادة الجيش المصري آنذاك.

وهو ما أيده الباحث محمد العربي، الذي أكد أن الجماعة «ستصل إلى صيغة تفاهم مع المجلس العسكري، فهي جماعة إصلاحية وليست ثورية وستكون المواءمة هي سيد الموقف مستقبلاً».

الترقب

أما الترقب فهو الفعل الأقرب لسلوك المجلس العسكري حتى الآن. فبعد التوتر الذي ساد العلاقة بين المجلس والإخوان أوائل الأسبوع الماضي نتيجة تبادل البيانات بين الطرفين، لم يُصدر المجلس أي رد فعل، لا من قريب أو بعيد، يمكن استخدامه كمقياس للعلاقة بين الطرفين. فقرار ترشح الشاطر جاء بعد أسبوع على وجه التحديد من هذا التوتر الذي لم يأت خلاله على ذكر الانتخابات الرئاسية إلّا عبر عبارة واحدة في بيان المجلس العسكري رفض فيه التشكيك في نزاهتها.

وأبدى القيادي الإخواني، مدحت الحداد، قلقه من هذه النزاهة بقوله لـ«الأخبار»: «المادة 28 في الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري في 30 أيار عام 2011 هي مكمن الخطر ونحن نتحسب لها من الآن». لكن السيناريوهات التي يرجح المراقبون لجوء المجلس العسكري إليها تتخطى هذه المادة لتصل إلى الموقف القانوني للشاطر من الحكم الذي صدر عليه من القضاء العسكري في 2008 على خلفية ما عرف عام 2006 بقضية ميليشيات الأزهر والتي حبس على خلفيتها الشاطر وآخرون في الجماعة. لكن الحداد قال إن اثنين من زملاء الشاطر في القضية قد أخذوا أحكاماً بالبراءة وألغيت كافة الأحكام الواقعة عليهم، وبالتالي ينطبق الأمر على الشاطر بما يعني أنه غير مدان وليس لديه ما يمنعه من ممارسة حقوقه السياسية.

ويذهب البعض إلى تفسير صمت المجلس حتى اللحظة، بأن الشاطر قد يتحول إلى مرشح توافقي بين العسكر والاخوان في ظل عدم الاعتراض الأميركي على ترشحه، وتسريب معلومات تفيد بأن الشاطر أرسل رسالة تهدئة إلى إسرائيل من خلال وفد أعضاء الكونغرس الأميركي الذى التقاه أول من أمس.

وأوضحت اذاعة الجيش الإسرائيلي أن وفد الكونغرس سمع من الشاطر قوله إنه ملتزم باتفاقية السلام مع إسرائيل، من منطلق الحفاظ على أمن واستقرار مصر، مشيرةً إلى أن عضو الكونغرس ديفيد بيرس نقل الرسالة إلى قيادات إسرائيلية رفيعة المستوى.

  • فريق ماسة
  • 2012-04-03
  • 10588
  • من الأرشيف

الشاطر يطمئن إسرائيل: ملتزمون بمعاهدة السلام!

  أصداء ترشيح جماعة الاخوان المسلمين خيرت الشاطر للرئاسة المصرية لا تزال تتردد بقوة داخل أروقة الجماعة وخارجها. وبين ارتباك قيادات وقواعد الجماعة وقلق القوى السياسية الأخرى، يلوذ المجلس العسكري بالصمت، مثيراً التساؤلات حول دوافع ترقبه  الارتباك والقلق والترقب. هكذا يمكن اختصار وصف أجواء المشهد العام في مصر عقب إعلان جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة قرار ترشيح خيرت الشاطر، نائب المرشد وعضو مكتب الإرشاد لمنصب رئيس الجمهورية. فجماعة الإخوان المسلمين، التي أكدت في تصريحات للشاطر نفسه، أنه لن يكون لها مرشح رئاسي، باتت في مأزق بسبب تراجعها عن هذا القرار، الذي أربكها بطريقة لم تتعرض لها من قبل. فقد أصبحت بين مطرقة فقدان صدقيتها واهتزاز شعبيتها وبين سندان المجلس العسكري، الذي لم يبد حتى اللحظة أي رد فعل على قرار الجماعة، الذي وصفه مراقبون بأنه سيشكل حالة «استفزاز» للمجلس. الارتباك ارتباك جماعة الاخوان المسلمين بدا واضحاً في التصريحات المتتالية لبعض القيادات الإخوانية كحلمي الجزار، عضو مجلس شورى الإخوان، الذي صرح بإمكانية التراجع عن هذا القرار إذا ما استجاب المجلس العسكري لطلبات الجماعة بعزل حكومة كمال الجنزوري وترك الإخوان يشكلون الحكومة بوصفهم حزب الغالبية في البرلمان. من جهته، رأى الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، محمد البلتاجي، في قرار الإخوان «وقوعاً في فخ نُصب لهم، سيضر الدعوة وربما بالبلاد». هذه التصريحات دفعت المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين، محمود غزلان، إلى الرد على قيادات الاخوان قائلاً «اتخاذ مجلس شورى الإخوان المسلمين قراره بترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، للتنفيذ وليس للمناورة أو المساومة، وليس من حق أي فرد أن يصرِّح تصريحاً يتعارض مع هذا القرار ولا مع أهدافه». إلاّ أن الارتباك ليس حكراً على قيادات الجماعة بل امتد ليطال بعض القواعد، التي طالبت قيادتها بتقديم تفسيرات مقنعة تجيب بها عن أسئلة الشارع، الأمر الذي دفع المكتب الإداري لإخوان الإسكندرية، على سبيل المثال، إلى تنظيم عدد من اللقاءات الجماهيرية، كان أولها مساء أول من أمس في الإسكندرية، لشرح المبررات التي دفعت الجماعة إلى اتخاذ هذا القرار وملابساته. كذلك، قام بعض شباب الإخوان بتدشين حملات إعلامية مبكرة لدعم الشاطر واتخاذ الجماعة من صورته واجهة لموقعها الرسمي على الانترنت، وعقدها لمؤتمر صحافي خصيصاً لإعلان عبد الله الأشعل، المرشح الرئاسي المحتمل، انسحابه لصالح الشاطر، على الرغم من ضآلة فرص الأشعل وصغر وزنه النسبي بين مرشحي الرئاسة. القلق القلق كان النصيب الأكبر منه للقوى السياسية ومرشحي الرئاسة الآخرين، الذين بنى الكثير منهم حساباتهم على أن الجماعة ستكون داعمة على الأكثر لأحد المرشحين ولن تكون فصيلاً رئيسيّاً في سباق الرئاسة. وهو ما ظهر بوضوح في رفض ترشح الشاطر إما تصريحاً أو تلميحاً من قبل المرشحين، في موقف يتعارض مع ما كان يحدث عند دخول مرشح جديد لحلبة التنافس. القوى السياسية عبرت عن قلقها عبر تصريحات انتقدت ما اعتبرته «سيطرة للجماعة على مؤسسات الدولة الناشئة»، حيث لم تظهر أي قوى ليبرالية أو يسارية ترحيباً بقرار الجماعة، بل نظرت إليه على أنه «نكث بالعهد». لكن عضو مجلس شورى الجماعة، محمد طاهر، رد بالقول إن ترشيح الشاطر «ليس له علاقة بصدقية الجماعة لأننا أخذنا قرارنا الأول في ظل ظروف سياسية محددة، لكن بعد تغير الظروف وسد جميع المنافذ أمامنا كان من المحتم أن نتقدم لحمل الأمانة، وجاء بعد حصولنا على معلومات تفيد بأن ضغوطاً هائلة تمارس على المجلس العسكري من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل لعدم تولي الإخوان أي سلطة تنفيذية». الشارع المصري كان له نصيب من القلق لرؤيته مؤشراً على «صدام وشيك مع العسكر بعدما وصل صراع النفوذ بينهم في دولة ما بعد مبارك إلى مداه»، وفقاً للباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية بوحدة الدراسات المستقبلية في مكتبة الإسكندرية، محمد العربي. أما منة محمد، وهي ربة منزل، فعبرت عن قلقها لـ«الأخبار» بالقول «شكل الإخوان والعسكر حيقلبوا على بعض وإحنا اللي في النص حنضيع». لكن عضو مجلس شورى الجماعة، مدحت الحداد، قلل من هذا القلق، مؤكداً أن «الصدام مع المجلس العسكري غير وارد، فمنهج الجماعة ليس فيه صدام، والأمور المعقدة يتم حلها بكافة الطرق السلمية». كذلك أكد في مؤتمر عُقد أول من أمس في الإسكندرية للرد على تساؤلات أعضاء الجماعة حول ترشح الشاطر «أن التاريخ يقول الظروف ليست كعام 1954، فالأمر تغير تماماً»، في إشارة منه إلى أول صدام مع نظام الرئيس جمال عبد الناصر الذي كان على رأسه قادة الجيش المصري آنذاك. وهو ما أيده الباحث محمد العربي، الذي أكد أن الجماعة «ستصل إلى صيغة تفاهم مع المجلس العسكري، فهي جماعة إصلاحية وليست ثورية وستكون المواءمة هي سيد الموقف مستقبلاً». الترقب أما الترقب فهو الفعل الأقرب لسلوك المجلس العسكري حتى الآن. فبعد التوتر الذي ساد العلاقة بين المجلس والإخوان أوائل الأسبوع الماضي نتيجة تبادل البيانات بين الطرفين، لم يُصدر المجلس أي رد فعل، لا من قريب أو بعيد، يمكن استخدامه كمقياس للعلاقة بين الطرفين. فقرار ترشح الشاطر جاء بعد أسبوع على وجه التحديد من هذا التوتر الذي لم يأت خلاله على ذكر الانتخابات الرئاسية إلّا عبر عبارة واحدة في بيان المجلس العسكري رفض فيه التشكيك في نزاهتها. وأبدى القيادي الإخواني، مدحت الحداد، قلقه من هذه النزاهة بقوله لـ«الأخبار»: «المادة 28 في الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري في 30 أيار عام 2011 هي مكمن الخطر ونحن نتحسب لها من الآن». لكن السيناريوهات التي يرجح المراقبون لجوء المجلس العسكري إليها تتخطى هذه المادة لتصل إلى الموقف القانوني للشاطر من الحكم الذي صدر عليه من القضاء العسكري في 2008 على خلفية ما عرف عام 2006 بقضية ميليشيات الأزهر والتي حبس على خلفيتها الشاطر وآخرون في الجماعة. لكن الحداد قال إن اثنين من زملاء الشاطر في القضية قد أخذوا أحكاماً بالبراءة وألغيت كافة الأحكام الواقعة عليهم، وبالتالي ينطبق الأمر على الشاطر بما يعني أنه غير مدان وليس لديه ما يمنعه من ممارسة حقوقه السياسية. ويذهب البعض إلى تفسير صمت المجلس حتى اللحظة، بأن الشاطر قد يتحول إلى مرشح توافقي بين العسكر والاخوان في ظل عدم الاعتراض الأميركي على ترشحه، وتسريب معلومات تفيد بأن الشاطر أرسل رسالة تهدئة إلى إسرائيل من خلال وفد أعضاء الكونغرس الأميركي الذى التقاه أول من أمس. وأوضحت اذاعة الجيش الإسرائيلي أن وفد الكونغرس سمع من الشاطر قوله إنه ملتزم باتفاقية السلام مع إسرائيل، من منطلق الحفاظ على أمن واستقرار مصر، مشيرةً إلى أن عضو الكونغرس ديفيد بيرس نقل الرسالة إلى قيادات إسرائيلية رفيعة المستوى.

المصدر : الاخبار /عبد الرحمن يوسف


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة