دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أظهرت القمة التي جمعت بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان في العاصمة الكورية الجنوبية سيول، أول أمس، تبايناً واضحاً في المسألة السورية، وفي معظم القضايا التي طرحت في المباحثات، فيما حذّر وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو من انه «إذا استمر التدهور في سوريا، كما هو عليه من دون التوصل إلى حل، فإن سوريا ستتقسم».
وقد اعترف اردوغان بنفسه بأن الإدارة الأميركية تعارض التدخل العسكري في سوريا. وكرر أن أنقرة لن تقف متفرجة على ما يجري في سوريا والبقاء من دون تدخل. وصبّ اردوغان جام غضبه على بغداد لدعمها النظام السوري.
واكتفت القمة باتفاق الطرفين على تقديم مساعدات طبية ولوجستية غير عسكرية إلى المعارضين السوريين. ولم يقف عدم التفاهم على المسألة السورية، بل تعداه إلى المسألتين القبرصية والارمنية.
وقد اختصر أردوغان نفسه نتائج القمة إلى الصحافيين الأتراك المرافقين له على الشكل الآتي:
1- سوريا: كانت مباحثاتنا حول سوريا مطولة ومثمرة. وامتدت على مدى ساعتين و15 دقيقة، إذا احتسبنا أيضا المؤتمر الصحافي. لقد كانت سوريا جوهر المباحثات. إن الولايات المتحدة لا تنظر بحرارة في المرحلة الأولى إلى التدخل العسكري، وهي مستعدة لتقديم مساعدات طبية وغذائية إلى المعارضة والى الشعب السوري. لقد بدأت تقديم الدعم الجزئي. وترى الإدارة الأميركية انه من المفيد إجراء لقاءات مع روسيا والصين وإيران. وهم لا يقاربون المسألة السورية مثلما قاربوا الموضوع الليبي، بينما نحن موقفنا مختلف. لنا حدود 910 كيلومترات مع سوريا. كذلك هناك خطر يواجهنا. في الأيام الأخيرة حدث قصف جوي على حلب واعزاز. النازحون تجاوزوا حتى الآن 17 ألفا، وعندنا قلق من تجاوز هذا الرقم بصورة كبيرة، وتوقعاتنا انها ستصل الى مئة ألف لاجئ. وفي ما يتعلق بالجيش السوري الحر لدينا الآن 10 جنرالات و19 برتبة عقيد. وهناك فرار بصورة تدريجية. وسيفتح المجلس الوطني السوري الانتقالي مكتبا في اسطنبول وسيشارك فيه ممثلون عن النصيريين (العلويين) والمسيحيين والأكراد. ويعاني (الرئيس) بشار الأسد مشكلات مالية على الصعيد الشخصي والصعيد الوطني. سوف يرحل عاجلا أم آجلا. لا عودة عن ذلك. في الأول من نيسان سينعقد مؤتمر أصدقاء سوريا في اسطنبول، وننتظر مشاركة (الأمين العام للأمم المتحدة) بان كي مون و(مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا) كوفي انان في المؤتمر. والبيان الختامي سيكون مهماً، لأن بعده ستتحدد خريطة طريق المرحلة المقبلة.
وقال أردوغان إن السفارة التركية في دمشق علقت أعمالها، وعاد السفير التركي هناك عمر اونهون الى تركيا برا عبر بلد ثالث. وستبقى فقط قنصلية حلب فيما ستتحول المعاملات في دمشق إلى السفارة التركية في بيروت.
2- إيران: للموضوع بعدان. الأول يتصل بسوريا والثاني ببدء لقاءات مجموعة «5+ 1». الولايات المتحدة تتحدث عن السلاح النووي ونحن عن الطاقة النووية. أما الوكالة الدولية للطاقة الذرية فبدأت من جديد تتحدث عن السلاح النووي. وقد قلنا لأوباما إننا حاضرون لاجتماع اسطنبول. وآمل أن ينعقد هذا الاجتماع. إيران قالت نعم للاجتماع وإذا قلتم نعم فسيكون الاجتماع مثمرا. الطرف الأميركي سيقيّم الموضوع.
3- العراق: الأميركيون لا ينظرون بحماسة إلى التدخل الخارجي في العراق. وقد ذكّرناهم بانتقادات المعارضة لـ(رئيس الحكومة) نوري المالكي. يجب أن نصل في العراق بسرعة إلى النتيجة المرجوة، والتوتر المذهبي قد يفضي إلى نتائج تقلقنا. كل يوم تحدث تفجيرات انتحارية، ويسقط 20 إلى 30 قتيلا. نحن لن نقف ساكتين. وفضلا عن كل ذلك فإن العراق هو أحد العناصر التي تقدم الدعم إلى الأسد.
4- حزب العمال الكردستاني: قالوا (الأميركيون) إنهم سيواصلون التنسيق في المعركة ضد المنظمة الإرهابية. وسيواصلون الدعم عبر طائرات بريدايتور (طائرات من دون طيار). كان عندنا واحدة ثم صارت اثنتين. والآن سيستخدمون كل ما عندهم من طائرات.
5- قبرص: قالوا إنهم يتابعون الوضع هناك، وقلنا لهم انه لم تعد عندنا ثقة بـ(الرئيس القبرصي ديمتري) خريستوفياس، وهو يلعب بالوقت لينجح في الانتخابات. لا آمال لدينا، ولكن سنواصل المعركة بصبر هذا العام. إن لصبرنا نهاية.
6- القضية الأرمنية: لقد قلت لهم إن لجنة مينسك الثلاثية لم تؤد إلى أية نتيجة منذ 20 عاما. ومن أجل الحل فإنه يمكن أن تقوم بما عليها تجاه أذربيجان. وقلت له «ابذلوا جهودا لدى أرمينيا أنتم وروسيا وفرنسا». وقلنا لهم ألا يضع السياسيون والكونغرس ومجلس النواب أنفسهم بدل المؤرخين، ويجب ألا يثار هذا الموضوع كل عام في نيسان من جانب الجمهوريين والديموقراطيين. ولقد شكر (أوباما) المواقف التي نظهرها بشأن حرية المعتقد، كما انه قدم لنا التعازي بشهدائنا في أفغانستان.
وأعلن نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بن رودس ان اوباما واردوغان اتفقا على ان اجتماع «أصدقاء سوريا» يجب ان يسعى الى تزويد المعارضة «بالمساعدات غير القاتلة والامدادات الطبية». وكررا دعوتهما ايضا الى «عملية» انتقالية نحو «حكومة شرعية» في سوريا.
وقال أوباما، بعد لقائه أردوغان، «بحثنا جدول أعمال موحداً في ما يتعلق بكيفية تقديم مساعدات إنسانية، وجهود كوفي انان لتحقيق المزيد من التغيير اللازم» في سوريا.
داود أوغلو
وحذّر داود اوغلو من انه «إذا استمر التدهور في سوريا، كما هو عليه من دون التوصل إلى حل، فإن سوريا ستتقسم».
وقال داود اوغلو، للصحافيين في طريقه إلى سيول، إن «الوضع في سوريا يشبه العراق أيام صدام حسين». وأضاف «لو لم يرتكب صدام المجازر ويمارس القمع لما تقسم العراق»، مضيفا انه «بقدر ما تكون المرحلة الحالية قصيرة بقدر ما يتراجع خطر التقسيم».
واعتبر داود اوغلو انه «إذا حصل التقسيم فهو نتيجة ممارسات نظام الأسد القمعية». وقال إن «أخطاء صدام منذ احتلال الكويت كانت سبباً للتدخلات الخارجية، ونحن نعمل على عدم تكرار ذلك في سوريا. نحن لا نريد تقسيم سوريا. لو أن صدام لم يحتل الكويت ولو أصغى للنصائح لما كان تقسيم العراق. الأمر نفسه ينسحب على سوريا. بقدر ما يتم تقصير المرحلة الحالية يتراجع خطر التقسيم».
واعتبر داود اوغلو أن ما يجري في الساحة العربية سيؤثر على التطورات لقرن كامل بل أكثر. وقال «لو حصل التحول في سوريا من دون دماء لكانت نجمة في سماء المنطقة اليوم». وأضاف ان «الموقف الروسي لن يستمر إلى ما لا نهاية. إنها موجة مؤقتة».
المصدر :
السفير /محمد نور الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة