بعد تسع سنوات على حرب العراق، أقرّ الأميركيون بالهزيمة وبدأوا يستخلصون الدروس والعبر. ورغم محاولة معظم الإعلام تجاهل المناسبة وعدم التوقف عند الوجه القبيح الذي خلّفه الاحتلال، علت بعض الأصوات التي حمّلت كامل المسؤولية للجيش الاميركي ولـ... حكومة نوري المالكي

ما عاد العراق يحتل الصفحات الأولى في الإعلام الغربي، حتى بانفجاراته المستمرة وضحاياه المتزايدين. لا أحد يريد الحديث عمّا خلّفه الاحتلال، ولا عن الهزيمة، ولا عن الفلتان الأمني، ولا عن غياب الاستقرار ولا عن الديموقراطية التي لم تحلّ بعد، ولا عن الاحوال المعيشية السيئة ولا عن تقاسم النفط... ولتكن آخر صورة آتية من العراق هي لجندي أميركي مسرور بعودته الى الديار ولآخر يطوي العلم الأميركي بعناية، ولزميله الذي يودّع طفلاً عراقياً بلطف، ولتستمر الدعاية الأميركية البائسة حتى آخر لحظة.

لكن طعم الهزيمة فرض نفسه في الذكرى التاسعة على غزو العراق، بعد أشهر قليلة على انسحاب معظم القوات الأميركية من البلد. الإعلام الأميركي حاول جاهداً تجاهل المناسبة والانشغال عنها بأفغانستان وأحداث سوريا والنووي الإيراني. لا تحقيقات من بغداد أو من أربيل أو الفلوجة أو البصرة أو ديالى أو كركوك أو الموصل... غابت الصور وقلّ الكلام وندرت التحليلات وجردات الحساب، حتى شبّه البعض الاجواء القاتمة بتلك التي تلت حرب فييتنام... قبل ظهور «رامبو».

بعض المحللين، على ندرتهم، كتبوا عن الذكرى، ووصفوا الوضع المأساوي للعراق اليوم، والبعض الآخر ألقوا كل اللوم على الحكومة العراقية الحالية وحمّلوها مسؤولية كل مآسي البلاد بعد ٩ سنوات من الاحتلال والمعارك، فيما فضّل آخرون استنتاج الدروس واستخلاص العبر من «التجربة العراقية»، موجهين رسائل الى إدارة باراك أوباما الحالية والى الإدارة التالية.

أولاً في الدروس، كتب ستيفن والت، في مجلة «فورين بوليسي»، مقالاً عدّد فيه أول عشرة دروس يجب تعلّمها من الحرب على العراق، وهي حسب الكاتب: أولاً، أن الولايات المتحدة خسرت الحرب وهو «الدرس الأهم»، كما يقول، ويجب على الاميركيين الاعتراف به كي لا يكرّر. ثانياً، أنه ليس من الصعب اختطاف الولايات المتحدة نحو حرب. الكاتب يذكّر بأن مجموعة صغيرة من المحافظين الجدد هندست الحرب على العراق وسوّقت لها وجرّت البلاد إليها، بكل سهولة، ما يعني أن الولايات المتحدة لا تزال جاهزة لخوض حرب اختيارية أخرى. الدرس الثالث، الولايات المتحدة تدخل في مأزق كلما انهار «سوق الأفكار» فيها، وكلما غاب الحوار بين المواطنين والمسؤولين بشأن ما الذي يجب عمله. رابعاً، أن الكلام على العراق العلماني وقوة الطبقة الوسطى في البلد كان مبالغاً فيه.

خامساً، يجب عدم الاستماع الى ما يقوله بعض المنفيين الذين لديهم طموحات سياسية لتولي السلطة بعد الحرب. الدرس السادس، لا يمكن أن ترتجل احتلالاً، وهنا يذكّر الكاتب ببعض تقارير الجيش الاميركي التي تدلّ على الصعوبات التي واجهوها في تأقلمهم مع الاوضاع، وتوحيد قراراتهم وتنفيذها بطريقة صحيحة. ويقول «لدينا اعتقاد بأن الجيش الأميركي هو قوة قتالية حادّة الذكاء. لكن الأمثلة العراقية تثبت العكس». الدرس السابع، يجب ألا نُفاجأ إذا هبّ خصومنا للدفاع عن مصالحهم وبأساليب لن تعجبنا. ثامناً، حرب مكافحة التمرّد بشعة وتؤدي الى ارتكاب جرائم حرب وأعمال وحشية وأشكال أخرى من الاستغلال، وهنا يذكر الكاتب فظائع ما ارتكب في حديثة وسجن أبو غريب.

الدرس التاسع، كل هذا لا يعني أن «تخطيطاً» أفضل للحرب سيؤدي الى نتائج أفضل. الدرس العاشر والأخير هو أنه يجب إعادة التفكير في الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة وليس بالأساليب والتكتيك فقط، وهنا يخلص والت إلى أنه يجب عدم التركيز حالياً على كيفية خوض حرب أخرى بطريقة أفضل، بل على كيفية العمل بجهد للتقليل من خطر الاندفاع نحو خوض حرب جديدة من هذا النوع.

دروس أخرى عرضها بيل كيلير، في تعليق في صحيفة «نيويورك تايمز». كيلير، الذي يعترف بأنه ارتكب خطأً بتأييده الحرب على العراق عام ٢٠٠٣، يستخلص ويحذّر من أمرين: أولاً، الرأي العام إذ يقول إنه «لا يمكن خوض حرب بنتائج استطلاعات الرأي لأنها في أغلب الأحيان تكون على خطأ، وثانياً من تركيب الحقائق وفق الخيار السياسي، إذ يجب فعل العكس». «إن علّمتنا حرب العراق درساً فهو أنه يجب علينا إرسال كاشفي الحقائق الى الأرض قبل إرسال الجنود اليها»، يختم

كيلير.

ديفيد روثكوبف في «فورين بوليسي»، وجه انتقادات أيضاً للحرب على العراق، ملقياً بالمسؤولية على قيادات الجيش الأميركي. «في حروب الشرق الأوسط، خسرنا أكثر من أرواحنا وأكثر من أموالنا وأكثر من سمعتنا الوطنية الجيدة، لقد خسرنا أيضاً قدراتنا على تقييم أفعالنا والحكم عليها وعلى نتائجها بعين ناقدة»، يقول روثكوبف. ويضيف، «نعم، لقد جرت نقاشات بشأن وجوب شنّ الحرب أو لا، لكننا التزمنا الصمت ولم يطرح أحد مسألة جدارة قادتنا العسكريين ومهاراتهم، وتركيبة وميزة جيشنا بحدّ ذاته». الكاتب يقول «قد أتفهّم الصمت بشأن انتقاد العسكر»، مستذكراً ردّ الفعل السيّئ الذي ووجه بها الجنود الأميركيون بعد حرب فييتنام. لكن، يردف الكاتب، في السنوات العشر الاخيرة جمحت الأمور كثيراً وتخطّت الحدود. ويشرح أن الميزانية الدفاعية ازدادت بنسبة ٩٦٪ خلال السنوات العشر الماضية. ورغم الإنفاق الكبير، يشير روثكوبف، تركنا جنودنا في الميدان يواجهون خططاً عديمة وفظيعة النتائج، وقد لزمنا سنوات لندرك أنه حان الوقت لتغيير نمط المعركة. «لقد ألحقنا ضرراً كبيراً بتنظيم القاعدة بعد ١١ أيلول، لكن بسبب أخطائنا المتكررة أسهمنا في خلق منظمات إرهابية أخرى زادت الأمور سوءاً في الشرق الاوسط... لذا، لا يمكن القول اليوم إن المنطقة باتت أكثر استقراراً وأقلّ تهديداً لأمن الولايات المتحدة ممّا كانت عليه قبل إشعال معركتنا هناك، وإنفاق مليارات الدولارات عليها».

عن الجيش الأميركي وتهويل الادارة الاميركية من تداعيات انسحابه من العراق، كتب ديفيد سوانسن في موقع «أوب إيد نيوز». سوانسن عدد الأمور التي كان البعض يهوّل بحصولها إذا انسحب الجنود الاميركيون من العراق، والتي لم تحصل حتى الآن، ومنها: لم ينزلق العراق الى جهنم أسوأ من التي خلقناها نحن هناك، ولم يخرج العراقيون في تظاهرات مطالبين ببقاء القوات الاميركية على أراضيهم، وحكم القانون لم يصب بأي ضربة قاضية لأنه لم يكن قائماً أصلاً. سوانسن يشير الى أن من لم يخرج من العراق هم شركات «إيكسون موبيل» و«بريتيش بيتروليوم» و«شيل» النفطية، «وعلى الرغم من تنغيص الروس والصينيين عليهم رغبتهم في نيل كل الحصص، وقّعت تلك الشركات من العقود في العراق ما يكفي لزيادة أرباحها لفترة طويلة من الزمن».

من جهة أخرى، ألقى كل من نيد باركر، في مجلة «فورين أفيرز»، وإيرينا سارغيسيان في «ذي ناشيونال إنترست» ، المسؤولية كاملة على ظهر الحكومة العراقية الحالية. باركر تحدّث عن فساد حكومة المالكي والفوضى في النظام القائم والمحسوبيات والطائفية والقمع واستخدام القوة بحق المواطنين، والعنف... متّهماً «نوري المالكي ومنافسيه بجرّ العراق الى حالة الفوضى، إذ إنهم بقوا أسرى نظامهم السابق». الكاتب يخلص الى اعتبار العراق كـ«الدولة الساقطة التالية» في العالم. وعلى الموجة نفسها، ردّدت سارغيسيان كلام باركر في انتقاد حكومة المالكي وجعلها «مسؤولة عن البطالة والفساد وتأجيج المذهبية والنزاع على حصص النفط». الكاتبة تحذر الحكومة العراقية من أن «الوقت يمرّ بسرعة، وأنه يجب عليها أن تحلّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية قبل أن تتحوّل المطالب بالفدرالية الى انفصال».

 

بأقلام بوش وتشيني وكوندي ورومي

جورج والكر بوش، وديك تشيني وكوندوليزا رايس ودونالد رامسفيلد، «نجوم» غزو العراق، كتبوا جميعاً تجربتهم في الحكم بعد خروجهم منه، وبالطبع احتل العراق جزءاً أساسياً من فقرات كتبهم. مجلة «تايم» الأميركية نقلت تعليقات جندي أميركي خدم في العراق على ما كتبه هؤلاء المسؤولون في الكتب التي نشروها. وهو يقول عن كتاب بوش إنه «فريد في مقاربته للأمور، فهو لم يبن كتابه على ترتيب زمني للأحداث، بل دارت كل الأمور حول بعض القرارات الشخصية التي اتخذها في حياته، مثل التوقف عن شرب الكحول أو اتخاذ قرارات الحرب».

أما عن تشيني فيقول إن لديه «حسّاً روائياً مميزاً»، وعن رايس إنها «الأفضل بينهم»، وإن «سردت الأحداث من منظار شخصي من دون أن تدخل مشاعرها»، وعن رامسفيلد إنه «حاول كتابة الأحداث لمصلحته، لكونه يعدّ نفسه أنه إحدى الشخصيات التاريخية العملاقة».

  • فريق ماسة
  • 2012-03-23
  • 11751
  • من الأرشيف

ذكرى غزو العراق: طعم الهزيـمة... بانتظار «رامبو»

بعد تسع سنوات على حرب العراق، أقرّ الأميركيون بالهزيمة وبدأوا يستخلصون الدروس والعبر. ورغم محاولة معظم الإعلام تجاهل المناسبة وعدم التوقف عند الوجه القبيح الذي خلّفه الاحتلال، علت بعض الأصوات التي حمّلت كامل المسؤولية للجيش الاميركي ولـ... حكومة نوري المالكي ما عاد العراق يحتل الصفحات الأولى في الإعلام الغربي، حتى بانفجاراته المستمرة وضحاياه المتزايدين. لا أحد يريد الحديث عمّا خلّفه الاحتلال، ولا عن الهزيمة، ولا عن الفلتان الأمني، ولا عن غياب الاستقرار ولا عن الديموقراطية التي لم تحلّ بعد، ولا عن الاحوال المعيشية السيئة ولا عن تقاسم النفط... ولتكن آخر صورة آتية من العراق هي لجندي أميركي مسرور بعودته الى الديار ولآخر يطوي العلم الأميركي بعناية، ولزميله الذي يودّع طفلاً عراقياً بلطف، ولتستمر الدعاية الأميركية البائسة حتى آخر لحظة. لكن طعم الهزيمة فرض نفسه في الذكرى التاسعة على غزو العراق، بعد أشهر قليلة على انسحاب معظم القوات الأميركية من البلد. الإعلام الأميركي حاول جاهداً تجاهل المناسبة والانشغال عنها بأفغانستان وأحداث سوريا والنووي الإيراني. لا تحقيقات من بغداد أو من أربيل أو الفلوجة أو البصرة أو ديالى أو كركوك أو الموصل... غابت الصور وقلّ الكلام وندرت التحليلات وجردات الحساب، حتى شبّه البعض الاجواء القاتمة بتلك التي تلت حرب فييتنام... قبل ظهور «رامبو». بعض المحللين، على ندرتهم، كتبوا عن الذكرى، ووصفوا الوضع المأساوي للعراق اليوم، والبعض الآخر ألقوا كل اللوم على الحكومة العراقية الحالية وحمّلوها مسؤولية كل مآسي البلاد بعد ٩ سنوات من الاحتلال والمعارك، فيما فضّل آخرون استنتاج الدروس واستخلاص العبر من «التجربة العراقية»، موجهين رسائل الى إدارة باراك أوباما الحالية والى الإدارة التالية. أولاً في الدروس، كتب ستيفن والت، في مجلة «فورين بوليسي»، مقالاً عدّد فيه أول عشرة دروس يجب تعلّمها من الحرب على العراق، وهي حسب الكاتب: أولاً، أن الولايات المتحدة خسرت الحرب وهو «الدرس الأهم»، كما يقول، ويجب على الاميركيين الاعتراف به كي لا يكرّر. ثانياً، أنه ليس من الصعب اختطاف الولايات المتحدة نحو حرب. الكاتب يذكّر بأن مجموعة صغيرة من المحافظين الجدد هندست الحرب على العراق وسوّقت لها وجرّت البلاد إليها، بكل سهولة، ما يعني أن الولايات المتحدة لا تزال جاهزة لخوض حرب اختيارية أخرى. الدرس الثالث، الولايات المتحدة تدخل في مأزق كلما انهار «سوق الأفكار» فيها، وكلما غاب الحوار بين المواطنين والمسؤولين بشأن ما الذي يجب عمله. رابعاً، أن الكلام على العراق العلماني وقوة الطبقة الوسطى في البلد كان مبالغاً فيه. خامساً، يجب عدم الاستماع الى ما يقوله بعض المنفيين الذين لديهم طموحات سياسية لتولي السلطة بعد الحرب. الدرس السادس، لا يمكن أن ترتجل احتلالاً، وهنا يذكّر الكاتب ببعض تقارير الجيش الاميركي التي تدلّ على الصعوبات التي واجهوها في تأقلمهم مع الاوضاع، وتوحيد قراراتهم وتنفيذها بطريقة صحيحة. ويقول «لدينا اعتقاد بأن الجيش الأميركي هو قوة قتالية حادّة الذكاء. لكن الأمثلة العراقية تثبت العكس». الدرس السابع، يجب ألا نُفاجأ إذا هبّ خصومنا للدفاع عن مصالحهم وبأساليب لن تعجبنا. ثامناً، حرب مكافحة التمرّد بشعة وتؤدي الى ارتكاب جرائم حرب وأعمال وحشية وأشكال أخرى من الاستغلال، وهنا يذكر الكاتب فظائع ما ارتكب في حديثة وسجن أبو غريب. الدرس التاسع، كل هذا لا يعني أن «تخطيطاً» أفضل للحرب سيؤدي الى نتائج أفضل. الدرس العاشر والأخير هو أنه يجب إعادة التفكير في الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة وليس بالأساليب والتكتيك فقط، وهنا يخلص والت إلى أنه يجب عدم التركيز حالياً على كيفية خوض حرب أخرى بطريقة أفضل، بل على كيفية العمل بجهد للتقليل من خطر الاندفاع نحو خوض حرب جديدة من هذا النوع. دروس أخرى عرضها بيل كيلير، في تعليق في صحيفة «نيويورك تايمز». كيلير، الذي يعترف بأنه ارتكب خطأً بتأييده الحرب على العراق عام ٢٠٠٣، يستخلص ويحذّر من أمرين: أولاً، الرأي العام إذ يقول إنه «لا يمكن خوض حرب بنتائج استطلاعات الرأي لأنها في أغلب الأحيان تكون على خطأ، وثانياً من تركيب الحقائق وفق الخيار السياسي، إذ يجب فعل العكس». «إن علّمتنا حرب العراق درساً فهو أنه يجب علينا إرسال كاشفي الحقائق الى الأرض قبل إرسال الجنود اليها»، يختم كيلير. ديفيد روثكوبف في «فورين بوليسي»، وجه انتقادات أيضاً للحرب على العراق، ملقياً بالمسؤولية على قيادات الجيش الأميركي. «في حروب الشرق الأوسط، خسرنا أكثر من أرواحنا وأكثر من أموالنا وأكثر من سمعتنا الوطنية الجيدة، لقد خسرنا أيضاً قدراتنا على تقييم أفعالنا والحكم عليها وعلى نتائجها بعين ناقدة»، يقول روثكوبف. ويضيف، «نعم، لقد جرت نقاشات بشأن وجوب شنّ الحرب أو لا، لكننا التزمنا الصمت ولم يطرح أحد مسألة جدارة قادتنا العسكريين ومهاراتهم، وتركيبة وميزة جيشنا بحدّ ذاته». الكاتب يقول «قد أتفهّم الصمت بشأن انتقاد العسكر»، مستذكراً ردّ الفعل السيّئ الذي ووجه بها الجنود الأميركيون بعد حرب فييتنام. لكن، يردف الكاتب، في السنوات العشر الاخيرة جمحت الأمور كثيراً وتخطّت الحدود. ويشرح أن الميزانية الدفاعية ازدادت بنسبة ٩٦٪ خلال السنوات العشر الماضية. ورغم الإنفاق الكبير، يشير روثكوبف، تركنا جنودنا في الميدان يواجهون خططاً عديمة وفظيعة النتائج، وقد لزمنا سنوات لندرك أنه حان الوقت لتغيير نمط المعركة. «لقد ألحقنا ضرراً كبيراً بتنظيم القاعدة بعد ١١ أيلول، لكن بسبب أخطائنا المتكررة أسهمنا في خلق منظمات إرهابية أخرى زادت الأمور سوءاً في الشرق الاوسط... لذا، لا يمكن القول اليوم إن المنطقة باتت أكثر استقراراً وأقلّ تهديداً لأمن الولايات المتحدة ممّا كانت عليه قبل إشعال معركتنا هناك، وإنفاق مليارات الدولارات عليها». عن الجيش الأميركي وتهويل الادارة الاميركية من تداعيات انسحابه من العراق، كتب ديفيد سوانسن في موقع «أوب إيد نيوز». سوانسن عدد الأمور التي كان البعض يهوّل بحصولها إذا انسحب الجنود الاميركيون من العراق، والتي لم تحصل حتى الآن، ومنها: لم ينزلق العراق الى جهنم أسوأ من التي خلقناها نحن هناك، ولم يخرج العراقيون في تظاهرات مطالبين ببقاء القوات الاميركية على أراضيهم، وحكم القانون لم يصب بأي ضربة قاضية لأنه لم يكن قائماً أصلاً. سوانسن يشير الى أن من لم يخرج من العراق هم شركات «إيكسون موبيل» و«بريتيش بيتروليوم» و«شيل» النفطية، «وعلى الرغم من تنغيص الروس والصينيين عليهم رغبتهم في نيل كل الحصص، وقّعت تلك الشركات من العقود في العراق ما يكفي لزيادة أرباحها لفترة طويلة من الزمن». من جهة أخرى، ألقى كل من نيد باركر، في مجلة «فورين أفيرز»، وإيرينا سارغيسيان في «ذي ناشيونال إنترست» ، المسؤولية كاملة على ظهر الحكومة العراقية الحالية. باركر تحدّث عن فساد حكومة المالكي والفوضى في النظام القائم والمحسوبيات والطائفية والقمع واستخدام القوة بحق المواطنين، والعنف... متّهماً «نوري المالكي ومنافسيه بجرّ العراق الى حالة الفوضى، إذ إنهم بقوا أسرى نظامهم السابق». الكاتب يخلص الى اعتبار العراق كـ«الدولة الساقطة التالية» في العالم. وعلى الموجة نفسها، ردّدت سارغيسيان كلام باركر في انتقاد حكومة المالكي وجعلها «مسؤولة عن البطالة والفساد وتأجيج المذهبية والنزاع على حصص النفط». الكاتبة تحذر الحكومة العراقية من أن «الوقت يمرّ بسرعة، وأنه يجب عليها أن تحلّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية قبل أن تتحوّل المطالب بالفدرالية الى انفصال».   بأقلام بوش وتشيني وكوندي ورومي جورج والكر بوش، وديك تشيني وكوندوليزا رايس ودونالد رامسفيلد، «نجوم» غزو العراق، كتبوا جميعاً تجربتهم في الحكم بعد خروجهم منه، وبالطبع احتل العراق جزءاً أساسياً من فقرات كتبهم. مجلة «تايم» الأميركية نقلت تعليقات جندي أميركي خدم في العراق على ما كتبه هؤلاء المسؤولون في الكتب التي نشروها. وهو يقول عن كتاب بوش إنه «فريد في مقاربته للأمور، فهو لم يبن كتابه على ترتيب زمني للأحداث، بل دارت كل الأمور حول بعض القرارات الشخصية التي اتخذها في حياته، مثل التوقف عن شرب الكحول أو اتخاذ قرارات الحرب». أما عن تشيني فيقول إن لديه «حسّاً روائياً مميزاً»، وعن رايس إنها «الأفضل بينهم»، وإن «سردت الأحداث من منظار شخصي من دون أن تدخل مشاعرها»، وعن رامسفيلد إنه «حاول كتابة الأحداث لمصلحته، لكونه يعدّ نفسه أنه إحدى الشخصيات التاريخية العملاقة».

المصدر : الاخبار /صباح أيوب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة