اعتبر تقرير نشرته «مجموعة الأزمات الدولية» أن كل يوم يمر على الأزمة السورية يزيد من خطر إجهاض فرص التوصل لحلّ سياسي من خلال التفاوض، محملاً المسؤولية للقوى الخارجية التي تصبّ الزيت على النار «نتيجة اختيارها النظر إلى المشكلة السورية من خلال حصصها الإستراتيجية والإقليمية، أي من يفوز ومن يخسر في حال انهيار النظام، فيما لم تقدّم أي باب للتغيير عن طريق التفاوض».

وأكد التقرير أن «تمسك اللاعبين الخارجيين، سواء من أعداء النظام أو حلفائه بالنهج نفسه في سياساتهم، يهدّد بتأزيم الأمور، فتزايد الاستقطاب الدولي على سوريا يعطي النظام الحجة والمساحة للحفاظ على سلوكه نفسه، كما يترك الباب أمام المعارضة للتسلح، ثم جرّ البلاد إلى حرب أهلية، ويفتح المجال أمام الدول الأخرى لتقوم بحروبها بالوكالة على الساحة السورية».

وفيما يرى التقرير، الذي ينشر قبل أيام على زيارة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان، أن «زيارة أنان بمثابة فرصة لإنقاذ آخر احتمالات حلّ الأزمة بالتفاوض السلمي لنقل السلطة»، يؤكد على وجوب وضع خطة تحظى بإجماع دولي وتتضمن: النقل المبكر للسلطة مع ضمان الحفاظ على المفاصل الرئيسية في المؤسسات الرسمية، إجراء إصلاح تدريجي لكن شامل للخدمات الأمنية، وضمان عملية انتقال عادلة في ظل عملية مصالحة وطنية تطمئن الدوائر السورية الخائفة من تصفية الحسابات في المرحلة المقبلة.

ويؤكد تقرير المجموعة أن هذه الاقتراحات ستلقى في الأغلب معارضة من النظام والمعارضة على السواء، لكنها «ستكون موضع ترحيب من السوريين الذين ينشدون خياراً بديلاً من الخيارين المخيفين اللذين يقدمان على أن لا ثالث لهما: إما بقاء النظام بأي ثمن وإما إسقاطه بأي ثمن».

مسؤولية «المراوحة القاتلة»، حسب التقرير، بات واضحاً أن الجميع يتحملها.. من حلفاء النظام الذين قدموا له دعما غير مشروط، إلى الدول العربية التي تفتقد الديموقراطية وتنادي بها، فيبدو واضحاً أن أولويتها إزالة نظام موال لإيران وليس التحول نحو آخر أكثر ديموقراطية، إلى الدول الغربية التي ترفع الصوت لإسقاط النظام لكنها غير متأكدة من كيفية تحقيق ذلك، وهي متهمة بازدواجية المعايير وعدم الفعالية...

وفي النهاية يتجلى «الأثر الصافي» لهذا التنافر في المصالح، وفق التقرير، في إحساس السلطة بعدم الحاجة لأن تغير في سياستها الحالية، «فالحلفاء أثبتوا أنهم جديرون بالثقة والأعداء لم يشكلوا خطراً حقيقياً». في المقابل، يتابع التقرير، ترتفع أصوات عديدة في العالمين العربي والغربي لتدافع عن خيار إسقاط النظام مهما كلّف الثمن، ولكن «هذه ليست الطريقة التي يتم التغلب فيها على المخاوف التي تسيطر في الداخل والخارج السوري نظراً لتداعيات سيناريو مماثل: انعدام الاستقرار والأمن لفترة طويلة»، مضيفاً «مناصرو الأسد باتوا يقرون بأنه لم يعد هناك الكثير أمام النظام ليقدمه، بينما يصرون على أن أي بديل سيكون أسوأ من الحالي. ولذلك هم مستعدون لقبول التغيير على ألا يكون تصفية للنظام بالجملة».

من هنا، يعيد التقرير التأكيد على أن «كل ذلك دليل على ضرورة ان تُدار المرحلة الانتقالية عن طريق التفاوض، لمحاولة التعامل مع هذه التحديات المذكورة آنفاً».

وعلى هامش زيارة أنان يطالب التقرير بمبادرة دولية، تتضمن إجماعاً دوليا حول نقاط مفصلة مع جداول زمنية محددة أهمها: إصلاح القطاع الأمني لضمان انخراط جميع القوى الامنية تحت سلطة وزارة الدفاع، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، تأليف حكومة وحدة وطنية تضم جميع مكونات المعارضة الداخلية والخارجية، حماية الجماعات الأكثر عرضة للأعمال الانتقامية بانتظار إنشاء نظام للعدالة الانتقالية وإنشاء آليات للمصالحة الوطنية الشاملة. («السفير»)

  • فريق ماسة
  • 2012-03-06
  • 7164
  • من الأرشيف

تقرير يحذر من «المراوحة القاتلة» في سورية ...القوى الخارجية تُفاقمها.. ولا حلّ إلا بالتفاوض

اعتبر تقرير نشرته «مجموعة الأزمات الدولية» أن كل يوم يمر على الأزمة السورية يزيد من خطر إجهاض فرص التوصل لحلّ سياسي من خلال التفاوض، محملاً المسؤولية للقوى الخارجية التي تصبّ الزيت على النار «نتيجة اختيارها النظر إلى المشكلة السورية من خلال حصصها الإستراتيجية والإقليمية، أي من يفوز ومن يخسر في حال انهيار النظام، فيما لم تقدّم أي باب للتغيير عن طريق التفاوض». وأكد التقرير أن «تمسك اللاعبين الخارجيين، سواء من أعداء النظام أو حلفائه بالنهج نفسه في سياساتهم، يهدّد بتأزيم الأمور، فتزايد الاستقطاب الدولي على سوريا يعطي النظام الحجة والمساحة للحفاظ على سلوكه نفسه، كما يترك الباب أمام المعارضة للتسلح، ثم جرّ البلاد إلى حرب أهلية، ويفتح المجال أمام الدول الأخرى لتقوم بحروبها بالوكالة على الساحة السورية». وفيما يرى التقرير، الذي ينشر قبل أيام على زيارة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان، أن «زيارة أنان بمثابة فرصة لإنقاذ آخر احتمالات حلّ الأزمة بالتفاوض السلمي لنقل السلطة»، يؤكد على وجوب وضع خطة تحظى بإجماع دولي وتتضمن: النقل المبكر للسلطة مع ضمان الحفاظ على المفاصل الرئيسية في المؤسسات الرسمية، إجراء إصلاح تدريجي لكن شامل للخدمات الأمنية، وضمان عملية انتقال عادلة في ظل عملية مصالحة وطنية تطمئن الدوائر السورية الخائفة من تصفية الحسابات في المرحلة المقبلة. ويؤكد تقرير المجموعة أن هذه الاقتراحات ستلقى في الأغلب معارضة من النظام والمعارضة على السواء، لكنها «ستكون موضع ترحيب من السوريين الذين ينشدون خياراً بديلاً من الخيارين المخيفين اللذين يقدمان على أن لا ثالث لهما: إما بقاء النظام بأي ثمن وإما إسقاطه بأي ثمن». مسؤولية «المراوحة القاتلة»، حسب التقرير، بات واضحاً أن الجميع يتحملها.. من حلفاء النظام الذين قدموا له دعما غير مشروط، إلى الدول العربية التي تفتقد الديموقراطية وتنادي بها، فيبدو واضحاً أن أولويتها إزالة نظام موال لإيران وليس التحول نحو آخر أكثر ديموقراطية، إلى الدول الغربية التي ترفع الصوت لإسقاط النظام لكنها غير متأكدة من كيفية تحقيق ذلك، وهي متهمة بازدواجية المعايير وعدم الفعالية... وفي النهاية يتجلى «الأثر الصافي» لهذا التنافر في المصالح، وفق التقرير، في إحساس السلطة بعدم الحاجة لأن تغير في سياستها الحالية، «فالحلفاء أثبتوا أنهم جديرون بالثقة والأعداء لم يشكلوا خطراً حقيقياً». في المقابل، يتابع التقرير، ترتفع أصوات عديدة في العالمين العربي والغربي لتدافع عن خيار إسقاط النظام مهما كلّف الثمن، ولكن «هذه ليست الطريقة التي يتم التغلب فيها على المخاوف التي تسيطر في الداخل والخارج السوري نظراً لتداعيات سيناريو مماثل: انعدام الاستقرار والأمن لفترة طويلة»، مضيفاً «مناصرو الأسد باتوا يقرون بأنه لم يعد هناك الكثير أمام النظام ليقدمه، بينما يصرون على أن أي بديل سيكون أسوأ من الحالي. ولذلك هم مستعدون لقبول التغيير على ألا يكون تصفية للنظام بالجملة». من هنا، يعيد التقرير التأكيد على أن «كل ذلك دليل على ضرورة ان تُدار المرحلة الانتقالية عن طريق التفاوض، لمحاولة التعامل مع هذه التحديات المذكورة آنفاً». وعلى هامش زيارة أنان يطالب التقرير بمبادرة دولية، تتضمن إجماعاً دوليا حول نقاط مفصلة مع جداول زمنية محددة أهمها: إصلاح القطاع الأمني لضمان انخراط جميع القوى الامنية تحت سلطة وزارة الدفاع، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، تأليف حكومة وحدة وطنية تضم جميع مكونات المعارضة الداخلية والخارجية، حماية الجماعات الأكثر عرضة للأعمال الانتقامية بانتظار إنشاء نظام للعدالة الانتقالية وإنشاء آليات للمصالحة الوطنية الشاملة. («السفير»)

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة