دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
من الواضح أن أدوات المشروع الأميركي ـ "الإسرائيلي" في الجامعة العربية، بدءاً من الأمين العام للجامعة نبيل العربي، المعروف بتاريخه أنه كان مع اتفاقيات كامب ديفيد و"الصلح" المزعوم مع "إسرائيل"، إلى حكام الخليج، لم يتعظوا من الهزيمة التي تعرضوا لها في مجلس الأمن عبر إسقاط مشروعهم بالضربة القاضية، وقبل ذلك انكشاف دورهم التآمري من خلال الانقلاب على تقرير فريق المراقبين العرب حيث حاولوا في اجتماع القاهرة أول من أمس إطلاق "سيناريو" تآمري جديد، سعياً وراء إحراج كل من روسيا والصين، في مجلس الأمن.
وتظهر بنود البيان الذي صدر عن اجتماع القاهرة، وأعده وأخرجه عرب أميركا، أن هناك محاولة خبيثة أراد هؤلاء تمريرها تحت غطاء الجامعة العربية، لاستدراج تدخل أجنبي إلى سورية، تحت عباءة ما سمي "قوة حفظ سلام" دولية ـ عربية لأنه لو كان هناك حد أدنى من الحرص على سورية، وتالياً الوصول إلى حلول للأزمة فيها، لكان المتآمرون من العرب قد ضمنوا بيانهم خطوات تعبر عن هذا الحرص ـ من خلال ما تلاحظه مصادر متابعة ـ بالآتي:
1 ـ أن يصار بالحد الأدنى تناول المجموعات الإرهابية المسلحة التي تعمد إلى تخريب الأمن في سورية والاعتداء على المواطنين والأملاك الخاصة والعامة ـ حتى أن البيان لم يتطرق إلى التفجيرات الإرهابية التي طاولت حلب قبل ثلاثة أيام ودمشق قبل فترة ـ بل بالعكس، ذهب المجتمعون بتحريض من العربي ووزيري خارجية السعودية وقطر إلى تبرير ما يسمى اجتماع "أصدقاء الشعب السوري" وفتح أبواب تونس أمامه في 24 الحالي ما يعني مزيداً من الدعم للمجموعات الإرهابية المسلحة، وهو ما أشار إليه الوزير السعودي سعود الفيصل، بدعوته الى دعم ما يسمى المعارضة "بأقصى ما يمكن من الدعم".
2 ـ اللجوء إلى التصعيد في وجه الدولة السورية على مستويات مختلفة، بدءاً من طرد السفراء من دول الخليج، والطلب إلى عدم التعاطي مع ممثلي سورية، ما يفتح الطريق أمام التبني الكامل والمكشوف لعمل المجموعات المسلحة، وما تقوم به من إرهاب واعتداءات في موقف يتلاقى صراحة مع قائد تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري.
3 ـ السعي مجدداً لاستدراج تدخل أجنبي بشؤون سورية، بعد سقوط المحاولة الأولى، بفضل "الفيتو" الروسي ـ الصيني، لأن عرب أميركا يدركون تماماً، أن دمشق لن تقبل بفرض أي قرارات عليها، وهذا يعني أن طلب تشكيل "قوات دولية ـ عربية" للإشراف على ما وصفوه بـ"وقف إطلاق النار" سيتحول تلقائياً إلى قوات تدخل أجنبية بغطاء عربي، في حال موافقة مجلس الأمن على ذلك، أي محاولة الالتفاف على الاعتراض الروسي والصيني، على أي قرار من مجلس الأمن، يجيز التدخل الأجنبي.
ماذا تعني هذه القرارات التي أخرجها عرب أميركا وأصدروها تحت لافتة الجامعة العربية؟
من الملاحظ ـ وفق أوساط دبلوماسية ـ أن أطراف الحلف الأميركي ـ الغربي ـ العربي لا يمانعون حتى أن يسيطر أصحاب الفكر التكفيري من "القاعدة" وأخواتها على سورية. لأن المهم بالنسبة لهؤلاء ضرب ما تمثله سورية اليوم من حاضنة للمقاومة، ليس فقط ضد الاحتلال "الإسرائيلي" بل أيضاً لوقوفها في مقدمة المواجهين للمشروع الأميركي في المنطقة، وإلا كيف يمكن تفسير ليس تلاقي زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري مع ما صدر عن اجتماع القاهرة، في السعي لضرب سورية وما تمثله، بل أيضاً كيف يمكن تفسير احتضان حكام الخليج وأنظمتهم للمجموعات المتطرفة، التي يتم إرسالها إلى سورية، بل دعمها بالمال والسلاح، علّهم بذلك يسقطون سورية، أو يدفعونها نحو فتنة وحرب داخلية. وما تشير إليه حتى تقارير بعض أجهزة الاستخبارات الغربية نفسها، ومعها وسائل إعلام غربية وعربية عن تدفق المسلحين من دول الخليج عبر حدود تركيا والأردن والعراق ولبنان، باتجاه سورية، لهو أكبر دليل على مدى الحلف الذي يجمع الغرب وحكام الخليج مع المجموعات التكفيرية لضرب سورية.
لكن، رغم كل هذا الحشد الجهنمي، تبدو الأوساط الدبلوماسية واثقة من قدرة سورية على مواجهة "السيناريو" التآمري الجديد الذي أخرجه اجتماع القاهرة، كما سقطت "السيناريوهات" التي سبقته بفضل تماسك سورية شعباً وجيشاً وقيادة، وبفضل الدعم اللامحدود الذي تقدمه كل من إيران وروسيا ومعهما قوى المقاومة على طول الساحة العربية، وتكفي الإشارة في هذا السياق إلى ما يحصل على أرض الواقع داخل سورية من تطهير لبعض المناطق من المجموعات الإرهابية، تزامناً مع الخطوات الإصلاحية التي ستتسارع في الأسابيع القليلة المقبلة، بدءاً من الاستفتاء على الدستور وصولاً إلى انتخابات مجلس الشعب.
المصدر :
حسن سلامه\ البناء
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة