لم ينتظر رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، تسلم رسالة العتب السورية التي حملها السفير علي عبد الكريم علي، لكي يعلم بأمر الجفاء السوري، فقد "استُنفر" بريده السياسي قبل ذلك بأيام،ٍ مباشرة أو عبر الوسطاء، من أجل تبيان حقيقة موقف "الشقيقة الكبرى".

عندما هاجم الوزير السابق وئام وهّاب رئيس الحكومة، لَعِب "الفأر" في عب الأخير: "هل يكون وهاب ولي أمر كلامه، أم أن بين السطور رسالة سورية؟". أكملت الرسائل طريقها إليه. كان "لِعب الفأر" في مكانه، وتحوّل الشكّ إلى يقين، خصوصاً عندما باح السفير السوري خلال زيارته إلى السرايا بالمستور: هناك عتب على لبنان". وفق المتوافر من معلومات، فان ملاحظات الجانب السوري بحسب صحيفة السفير  تتمحور حول الآتي:

1- عدم الجديّة في ضبط تهريب السلاح على الحدود وخصوصاً الشمالية، وتعتبر سورية أن الحكومة لم تقم بملاحقة تجّار السلاح ومهربيها، لاسيما من يقومون بذلك جهراً في لبنان.

2- عدم وجود قرار سياسي يغطّي إجراءات الجيش اللبناني الحازمة على الحدود.

3- تعاطي الحكومة اللبنانية مع اللاجئين السوريين، في الشمال خصوصاً، وصرف الأموال لهم عبر "الهيئة العليا للإغاثة"، هو عبارة عن تشجّيع لنزوح هؤلاء ولمن يريد أن يقتدي بهم.

4- في ما يتعلّق باللاجئين أيضاً، يهمس النظام السوري في آذان حلفائه: "كيف تسمحون بأن تهبط طائرة إيطالية محمّلة بالأدوية في مطار بيروت، وتوزّع حمولتها على هؤلاء اللاجئين؟"، لافتاً الانتباه إلى أن ذلك يعزّز شكوكه في شأن تشجيع النازحين بدخول لبنان.

5- لم تبلع دمشق مشهد الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون يقف على منبرٍ في وسط العاصمة اللبنانية مهاجماً وبـ"قلبٍ باردٍ" النظام السوري. وهي كانت ترى أنه كان على لبنان استدراج الأمين العام للمنظمة الدولية إلى سياسة النأي بالنفس طالما أنه يقف على "أرض الأرز"، بدلاً من أن يحصل العكس، ويقحم بان بيروت في "عين العاصفة الاقليمية".

6- "فركت" سورية عيونها جيداً، وعدّت مراراً وتكراراً عديد الوفد المرافق لبان كي مون، وكرّرت على مسمعها أسماءهم، لتكتشف بأنها لم تكن على خطأ، هو نفسه ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن "يتنزّه" بين المقرّات الرسمية اللبنانية، ويجتمع مع المسؤولين اللبنانيين. مشهد تمنّى السوريون عدم رؤيته، إذ أنهم توّجسوا شرّاً واشتمّوا من وجه لارسن "رائحة المؤامرة" ضدّها، معتبرين أن مباحثاته مع المسؤولين اللبنانيين جاءت لضخّ الدم في شرايين الـ 1559 ودبّ الحياة فيه، وتأليب الجانب اللبناني ضد النظام السوري عبر مجموعة من الإجراءات التي تسرّع سماع صوت ألمه في رحلة "عض الأصابع" بين سورية والإدارة الأميركية.

7- يحاول السوريون تخيّل بنود جدول أعمال ميقاتي خلال زيارته الى العاصمة الفرنسية مطلع الشهر المقبل، ولقائه المرتقب بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهم أصلاً غير راضين عن الزيارة، مرددين في مجالسهم الخاصة: "ماذا سيفعل رئيس حكومة لبنان في باريس وفي هذا التوقيت بالتحديد؟ نحن نعرف أن فرنسا تقود الهجوم ضدنا وهي رأس الحربة داخل «الإتحاد الأوروبي" الذي "يعليّ سقوف" تهديداته وعقوباته ضد سورية؟ وبالتالي، يعتبر الجانب السوري أن سياسة النأي بالنفس التي يتّبعها ميقاتي لا تمرّ، بكلّ بساطة، عبر باريس بل بتفادي هكذا محطات.

8- هناك في دمشق من سأل عن أسباب وأهداف زيارة قائد المنطقة الوسطى الأميركي الجنرال جيمس ماتيس إلى بيروت. لم يقتنع السوريون بالبيانات التي وزعتها السفارة الأميركية بشأنها، مستغربين "تعذيب" ماتيس نفسه بتحمّل مشقة السفر من واشنطن حتى بيروت ليبلغ المسؤولين اللبنانيين دعم بلاده للجيش اللبناني، ويشيرون إلى أن أميركا تريد الضغط على لبنان، لتحوّل "الخاصرة السورية الرخوة" إلى "ورمٍ سرطاني".

خلال توجّهه إلى السرايا الحكومي، لم يحمل السفير السوري معه كلّ تلك الملاحظات، بل أوجزها واختار أبرزها، أما ميقاتي فحاول امتصاص الانزعاج السوري، وأذابه في كلامٍ صريح، واضعاً يدي السوريين في "مياهٍ باردة"، بإعلانه صراحةً قناعته برفض استخدام لبنان في أية معركةٍ ضد سورية، وهو لم يتوان عن مصارحة بان خلال زيارته إلى بيروت بهذا التوجّه.

قبل أسابيع كان رئيس الحكومة أوعز إلى الأجهزة الأمنية التشدّد في ضبط الحدود ومنع تهريب السلاح وتوقيف المخلّين بالأمن. ولكن ملاحظات السفير السوري دفعته لتجديد هذه التعليمات، لأنه مقتنع بأن ذلك يصب لمصلحة لبنان وسياسة النأي بالنفس التي يتّبعها من خلال فكّ لبنان عمّا يجري في سورية.

أما في موضوع اللاجئين السوريين، فإن الحكومة اللبنانية لا تستطيع التصرّف عكس ذلك، إذ أنها لا تشّجع النازحين، بل تحاول إلغاء فكرة إقامة مخيّمات خاصة باللاجئين على الحدود اللبنانية. أما المساعدات الإنسانية التي يتلقّاها هؤلاء "فتكبح جموح البعض للمطالبة بالمخيّمات، وتنتزع من يدهم استثمار ورقة اللاجئين سياسيا وانسانيا".

برأي المتابعين الميقاتيين "أن الملاحظات السورية لم تكن تعبّر بدقة عن قناعة النظام السوري، بقدر ما كانت نتيجة حملة قام بها بعض حلفائه في لبنان لتحريضه على ميقاتي الذي لم يلبّ مطالبهم الكثيرة بـ"غنائم" السلطة، فأراد بعض هؤلاء ضخّ الأخبار الكاذبة والمضللة وذلك لابتزاز ميقاتي سعيا الى تلبية مطالبهم إن من خلال التعيينات أو الأجور أو غيرها من الملفات ".

  • فريق ماسة
  • 2012-01-19
  • 12227
  • من الأرشيف

صحيفة السفير : هذه هي ملاحظات سورية على الحكومة.. وهذه أجوبة ميقاتي

لم ينتظر رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، تسلم رسالة العتب السورية التي حملها السفير علي عبد الكريم علي، لكي يعلم بأمر الجفاء السوري، فقد "استُنفر" بريده السياسي قبل ذلك بأيام،ٍ مباشرة أو عبر الوسطاء، من أجل تبيان حقيقة موقف "الشقيقة الكبرى". عندما هاجم الوزير السابق وئام وهّاب رئيس الحكومة، لَعِب "الفأر" في عب الأخير: "هل يكون وهاب ولي أمر كلامه، أم أن بين السطور رسالة سورية؟". أكملت الرسائل طريقها إليه. كان "لِعب الفأر" في مكانه، وتحوّل الشكّ إلى يقين، خصوصاً عندما باح السفير السوري خلال زيارته إلى السرايا بالمستور: هناك عتب على لبنان". وفق المتوافر من معلومات، فان ملاحظات الجانب السوري بحسب صحيفة السفير  تتمحور حول الآتي: 1- عدم الجديّة في ضبط تهريب السلاح على الحدود وخصوصاً الشمالية، وتعتبر سورية أن الحكومة لم تقم بملاحقة تجّار السلاح ومهربيها، لاسيما من يقومون بذلك جهراً في لبنان. 2- عدم وجود قرار سياسي يغطّي إجراءات الجيش اللبناني الحازمة على الحدود. 3- تعاطي الحكومة اللبنانية مع اللاجئين السوريين، في الشمال خصوصاً، وصرف الأموال لهم عبر "الهيئة العليا للإغاثة"، هو عبارة عن تشجّيع لنزوح هؤلاء ولمن يريد أن يقتدي بهم. 4- في ما يتعلّق باللاجئين أيضاً، يهمس النظام السوري في آذان حلفائه: "كيف تسمحون بأن تهبط طائرة إيطالية محمّلة بالأدوية في مطار بيروت، وتوزّع حمولتها على هؤلاء اللاجئين؟"، لافتاً الانتباه إلى أن ذلك يعزّز شكوكه في شأن تشجيع النازحين بدخول لبنان. 5- لم تبلع دمشق مشهد الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون يقف على منبرٍ في وسط العاصمة اللبنانية مهاجماً وبـ"قلبٍ باردٍ" النظام السوري. وهي كانت ترى أنه كان على لبنان استدراج الأمين العام للمنظمة الدولية إلى سياسة النأي بالنفس طالما أنه يقف على "أرض الأرز"، بدلاً من أن يحصل العكس، ويقحم بان بيروت في "عين العاصفة الاقليمية". 6- "فركت" سورية عيونها جيداً، وعدّت مراراً وتكراراً عديد الوفد المرافق لبان كي مون، وكرّرت على مسمعها أسماءهم، لتكتشف بأنها لم تكن على خطأ، هو نفسه ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن "يتنزّه" بين المقرّات الرسمية اللبنانية، ويجتمع مع المسؤولين اللبنانيين. مشهد تمنّى السوريون عدم رؤيته، إذ أنهم توّجسوا شرّاً واشتمّوا من وجه لارسن "رائحة المؤامرة" ضدّها، معتبرين أن مباحثاته مع المسؤولين اللبنانيين جاءت لضخّ الدم في شرايين الـ 1559 ودبّ الحياة فيه، وتأليب الجانب اللبناني ضد النظام السوري عبر مجموعة من الإجراءات التي تسرّع سماع صوت ألمه في رحلة "عض الأصابع" بين سورية والإدارة الأميركية. 7- يحاول السوريون تخيّل بنود جدول أعمال ميقاتي خلال زيارته الى العاصمة الفرنسية مطلع الشهر المقبل، ولقائه المرتقب بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وهم أصلاً غير راضين عن الزيارة، مرددين في مجالسهم الخاصة: "ماذا سيفعل رئيس حكومة لبنان في باريس وفي هذا التوقيت بالتحديد؟ نحن نعرف أن فرنسا تقود الهجوم ضدنا وهي رأس الحربة داخل «الإتحاد الأوروبي" الذي "يعليّ سقوف" تهديداته وعقوباته ضد سورية؟ وبالتالي، يعتبر الجانب السوري أن سياسة النأي بالنفس التي يتّبعها ميقاتي لا تمرّ، بكلّ بساطة، عبر باريس بل بتفادي هكذا محطات. 8- هناك في دمشق من سأل عن أسباب وأهداف زيارة قائد المنطقة الوسطى الأميركي الجنرال جيمس ماتيس إلى بيروت. لم يقتنع السوريون بالبيانات التي وزعتها السفارة الأميركية بشأنها، مستغربين "تعذيب" ماتيس نفسه بتحمّل مشقة السفر من واشنطن حتى بيروت ليبلغ المسؤولين اللبنانيين دعم بلاده للجيش اللبناني، ويشيرون إلى أن أميركا تريد الضغط على لبنان، لتحوّل "الخاصرة السورية الرخوة" إلى "ورمٍ سرطاني". خلال توجّهه إلى السرايا الحكومي، لم يحمل السفير السوري معه كلّ تلك الملاحظات، بل أوجزها واختار أبرزها، أما ميقاتي فحاول امتصاص الانزعاج السوري، وأذابه في كلامٍ صريح، واضعاً يدي السوريين في "مياهٍ باردة"، بإعلانه صراحةً قناعته برفض استخدام لبنان في أية معركةٍ ضد سورية، وهو لم يتوان عن مصارحة بان خلال زيارته إلى بيروت بهذا التوجّه. قبل أسابيع كان رئيس الحكومة أوعز إلى الأجهزة الأمنية التشدّد في ضبط الحدود ومنع تهريب السلاح وتوقيف المخلّين بالأمن. ولكن ملاحظات السفير السوري دفعته لتجديد هذه التعليمات، لأنه مقتنع بأن ذلك يصب لمصلحة لبنان وسياسة النأي بالنفس التي يتّبعها من خلال فكّ لبنان عمّا يجري في سورية. أما في موضوع اللاجئين السوريين، فإن الحكومة اللبنانية لا تستطيع التصرّف عكس ذلك، إذ أنها لا تشّجع النازحين، بل تحاول إلغاء فكرة إقامة مخيّمات خاصة باللاجئين على الحدود اللبنانية. أما المساعدات الإنسانية التي يتلقّاها هؤلاء "فتكبح جموح البعض للمطالبة بالمخيّمات، وتنتزع من يدهم استثمار ورقة اللاجئين سياسيا وانسانيا". برأي المتابعين الميقاتيين "أن الملاحظات السورية لم تكن تعبّر بدقة عن قناعة النظام السوري، بقدر ما كانت نتيجة حملة قام بها بعض حلفائه في لبنان لتحريضه على ميقاتي الذي لم يلبّ مطالبهم الكثيرة بـ"غنائم" السلطة، فأراد بعض هؤلاء ضخّ الأخبار الكاذبة والمضللة وذلك لابتزاز ميقاتي سعيا الى تلبية مطالبهم إن من خلال التعيينات أو الأجور أو غيرها من الملفات ".

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة