كل عربي يريد العروبة ويحب العروبة، يشعر بنوع من الأسى العميق والحزن لما يجري في سورية، لأن الدماء السورية تشكل الدماء العربية الغالية سواء من القوات المسلحة في الجيش العربي السوري والقوى الأمنية أو من المتظاهرين وغيرهم.

هنالك مخطط واضح يستهدف سورية، ويريد إضعافها وضربها، وإشارات الريبة تأتي أول ما تأتي من مهمة المراقبين العرب. إذ كيف يطلب المراقبون من الجيش العربي السوري والقوى الأمنية الانسحاب، وفق طلب الجامعة العربية، من المدن السورية، ولا يطلبون من المتظاهرين وقف التظاهرات شهراً أو شهرين، إفساحاً في المجال من أجل إمكانية حصول الحوار.

إن سورية لا تستطيع ان تستمر بدون إصلاحات وإن مطلب النظام ومطلب المتظاهرين هو حصول الاصلاحات، لكن العنف لا يحل المشكلة، ولذلك فمهمة المراقبين العرب ملغومة وتفسح المجال أمام خراب إضافي في سوريا.

كان على الجامعة العربية أن تقدم مبادرة تطلب فيها سحب الجيش العربي السوري من المدن، وفي المقابل وقف التظاهرات في سوريا والدخول الى الحل السياسي بدلاً من الحل الأمني والعسكري. لكن المخطط يهدف إلى إظهار أن النظام السوري يقتل الشعب السوري، في حين أن الواقع هو لم يعد مجرد تظاهرات بل بات هنالك سلاح في أيدي الكثيرين الذين يطلقون النار على عناصر الجيش العربي السوري والأجهزة الأمنية، وفي ذات الوقت الجيش يرد بسلاحه ويضطر لاستعمال القوة لردع المتظاهرين المسلحين.

أنا من الحريصين على الشعب السوري وخصوصاً المدنيين وأستطيع أن أقول وأؤكد أن أوامر القيادة السورية هي بالحد الى أقصى الحدود من إطلاق الرصاص على المدنيين. لكن هنالك خط يقف عنده الجيش العربي السوري والاجهزة الأمنية وعندما يخرج المتظاهرون وينطلقون في مظاهراتهم باتجاه خط الجيش يتراجع قليلاً الى الوراء، ثم يبدأ إطلاق النار ويقع الشهداء من الطرفين، وبات واضحاً أن الجيش العربي السوري القادر على الحسم عسكرياً لم يستعمل هذه الطاقة بل اكتفى بالرد ومحاولة ضبط المتظاهرين الذين يريدون احتلال الساحات والسيطرة على الطرقات الدولية وعلى كل شيء.

إن الشهداء، وهذا ما يفسر ما أقوله، قد أصبحوا 2500 شهيد من الجيش العربي السوري والقوى الأمنية وفي ذات الوقت الشهداء من المتظاهرين اصبحوا بحدود 7000 شهيد وكلهم شهداء الوطن العربي السوري، لكن المخطط هو ان يضع المراقبون اللوم على الجيش السوري دون ان يذكروا أن هناك عصابات مسلحة باتت في سوريا، وان منشقين يدّعون أنهم منشقون ولكنهم يستخدمون السلاح والمتفجرات ضد المؤسسات.

أي حوار وإصلاح وديموقراطية يريدها الذين ينسفون خطوط سكة الحديد والقطار الذي ينقل مواد الفيول للمحطات الكهربائية وللمدن؟

أي إصلاح وديموقراطية تكون من خلال نسف محطات كهربائية تغذي قرى ومدناً بالطاقة الكهربائية؟

أي حوار وديموقراطية وإصلاح يريدها من يقوم بتظاهر يشكل أقله الشغب واطلاق النار على المؤسسات والعناصر التابعة لها؟

إن سوريا، نظاماً وشعباً، يخسرون كثيراً نتيجة هذا الوضع، وتتحمل الجامعة العربية مسؤولية كبيرة لأنها لم تقدم مبادرة متوازنة تقضي بسحب الجيش العربي السوري مقابل وقف التظاهر وضبط العصابات المسلحة التي تستعمل السلاح ضد الدولة السورية وعناصرها.

كلنا خاسرون في معركة سوريا! الجميع يخسرون، وبدل ان تنهض سوريا وتتقدم اقتصادياً فإن ما يجري يضرب الاقتصاد والازدهار ويجعل الناس فقراء. ولماذا نسير في طريق حيث ندفن تحت التراب آلاف وآلاف الشهداء، من الجيش العربي السوري والشعب وكل الفئات؟

إن المطلوب الوعي والحكمة خاصة لدى الشعب السوري، والشعب السوري يجب ان يعلم ان وحدته الوطنية هي الاساس وان يكون بعيداً كل البعد عن الطائفية ويجب ان يعرف الشعب السوري كما النظام ان الحل السياسي والاصلاحات هي الحل الوحيد الذي يعطي فائدة وخيراً لسوريا، وأما الاشتباكات والتظاهرات وإنشاء عصابات مسلحة والقيام بأعمال القصف من كل الجهات لا تقدم خيراً لسوريا وتزيد الخسائر.

هنا نحن كلنا خاسرون، والرابح الوحيد هو اسرائيل التي ترى أن الدولة الممانعة والمقاومة في سوريا يصيبها الضعف الاقتصادي ويصيبها مشاكل وعدم استقرار وسقوط الشهداء بالآلاف. ان اسرائيل تريد سوريا أرضاً محروقة كي ترتاح في احتلالها لفلسطين والجولان وتبقى مسيطرة على منطقة المشرق العربي كله.

ماذا أعطى التدخل الاميركي في العراق من اجل الديموقراطية؟ لقد تم تدمير العراق وتقسيمه الى دويلات كردية وشيعية وسنية وافتقر الشعب العراقي والانفجارات تحصل كل يوم، ويسقط المئات من الشهداء يومياً.

كل تدخل خارجي سيؤدي الى دمار سوريا، والجامعة العربية التي تحضّر للتدويل انما تحضر لخسارة ذاتها، فسوريا هي قلب العروبة، ويكفي ما حل بالعالم العربي من دمار وخراب كي نتوقف ونفكر قليلاً بالحكمة والعقل ونحاول حل المشاكل بالحل السياسي والاصلاحات الحقيقية الهادئة.

إن شعار إسقاط النظام هو شعار انتحاري، كما ان الحل العسكري هو خراب لسوريا، لذلك على الجامعة العربية ان تمد يد العون الى سوريا وان يكون لها مبادرة عقلانية واقعية توقف فيها العمليات العسكرية من قبل الجيش، وفي ذات الوقت توقف فيها المتظاهرين الذين بات يسيطر عليهم عصابات مسلحة وتكون هذه المبادرة على الاقل لثلاثة أشهر على ان تكون فسحة من الوقت لحصول الاصلاحات، فإن حصلت الاصلاحات تكون سوريا خرجت الى الخير والعافية والتقدم وان لم تحصل الاصلاحات عندها يكون كل واحد مسؤولاً عن اعماله ومواقفه.

لكن الامور كما تسير هي حقل ألغام تضعه الجامعة العربية لينفجر بالشعب السوري والدولة السورية، وهنا سؤال للجامعة العربية: هل هي جامعة عربية أو جامعة غربية تأتمر بالمخطط الاميركي - الاسرائيلي؟، ولماذا لا يرى المسؤولون في الجامعة العربية والدول العربية ضرورة التوازن في سحب الجيش السوري من المدن مقابل وقف التظاهرات لمدة زمنية كافية لاجراء الاصلاحات؟

الجواب هو ان الجامعة العربية هي الآن لا تقوم بمسؤولياتها وتفسح المجال أمام دخول أطراف عديدة على خط الازمة السورية لتدويلها مما يزيد الخراب في سوريا كما يحصل الآن.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2012-01-16
  • 8898
  • من الأرشيف

فكرة التدويل خراب للشعب السوري

  كل عربي يريد العروبة ويحب العروبة، يشعر بنوع من الأسى العميق والحزن لما يجري في سورية، لأن الدماء السورية تشكل الدماء العربية الغالية سواء من القوات المسلحة في الجيش العربي السوري والقوى الأمنية أو من المتظاهرين وغيرهم. هنالك مخطط واضح يستهدف سورية، ويريد إضعافها وضربها، وإشارات الريبة تأتي أول ما تأتي من مهمة المراقبين العرب. إذ كيف يطلب المراقبون من الجيش العربي السوري والقوى الأمنية الانسحاب، وفق طلب الجامعة العربية، من المدن السورية، ولا يطلبون من المتظاهرين وقف التظاهرات شهراً أو شهرين، إفساحاً في المجال من أجل إمكانية حصول الحوار. إن سورية لا تستطيع ان تستمر بدون إصلاحات وإن مطلب النظام ومطلب المتظاهرين هو حصول الاصلاحات، لكن العنف لا يحل المشكلة، ولذلك فمهمة المراقبين العرب ملغومة وتفسح المجال أمام خراب إضافي في سوريا. كان على الجامعة العربية أن تقدم مبادرة تطلب فيها سحب الجيش العربي السوري من المدن، وفي المقابل وقف التظاهرات في سوريا والدخول الى الحل السياسي بدلاً من الحل الأمني والعسكري. لكن المخطط يهدف إلى إظهار أن النظام السوري يقتل الشعب السوري، في حين أن الواقع هو لم يعد مجرد تظاهرات بل بات هنالك سلاح في أيدي الكثيرين الذين يطلقون النار على عناصر الجيش العربي السوري والأجهزة الأمنية، وفي ذات الوقت الجيش يرد بسلاحه ويضطر لاستعمال القوة لردع المتظاهرين المسلحين. أنا من الحريصين على الشعب السوري وخصوصاً المدنيين وأستطيع أن أقول وأؤكد أن أوامر القيادة السورية هي بالحد الى أقصى الحدود من إطلاق الرصاص على المدنيين. لكن هنالك خط يقف عنده الجيش العربي السوري والاجهزة الأمنية وعندما يخرج المتظاهرون وينطلقون في مظاهراتهم باتجاه خط الجيش يتراجع قليلاً الى الوراء، ثم يبدأ إطلاق النار ويقع الشهداء من الطرفين، وبات واضحاً أن الجيش العربي السوري القادر على الحسم عسكرياً لم يستعمل هذه الطاقة بل اكتفى بالرد ومحاولة ضبط المتظاهرين الذين يريدون احتلال الساحات والسيطرة على الطرقات الدولية وعلى كل شيء. إن الشهداء، وهذا ما يفسر ما أقوله، قد أصبحوا 2500 شهيد من الجيش العربي السوري والقوى الأمنية وفي ذات الوقت الشهداء من المتظاهرين اصبحوا بحدود 7000 شهيد وكلهم شهداء الوطن العربي السوري، لكن المخطط هو ان يضع المراقبون اللوم على الجيش السوري دون ان يذكروا أن هناك عصابات مسلحة باتت في سوريا، وان منشقين يدّعون أنهم منشقون ولكنهم يستخدمون السلاح والمتفجرات ضد المؤسسات. أي حوار وإصلاح وديموقراطية يريدها الذين ينسفون خطوط سكة الحديد والقطار الذي ينقل مواد الفيول للمحطات الكهربائية وللمدن؟ أي إصلاح وديموقراطية تكون من خلال نسف محطات كهربائية تغذي قرى ومدناً بالطاقة الكهربائية؟ أي حوار وديموقراطية وإصلاح يريدها من يقوم بتظاهر يشكل أقله الشغب واطلاق النار على المؤسسات والعناصر التابعة لها؟ إن سوريا، نظاماً وشعباً، يخسرون كثيراً نتيجة هذا الوضع، وتتحمل الجامعة العربية مسؤولية كبيرة لأنها لم تقدم مبادرة متوازنة تقضي بسحب الجيش العربي السوري مقابل وقف التظاهر وضبط العصابات المسلحة التي تستعمل السلاح ضد الدولة السورية وعناصرها. كلنا خاسرون في معركة سوريا! الجميع يخسرون، وبدل ان تنهض سوريا وتتقدم اقتصادياً فإن ما يجري يضرب الاقتصاد والازدهار ويجعل الناس فقراء. ولماذا نسير في طريق حيث ندفن تحت التراب آلاف وآلاف الشهداء، من الجيش العربي السوري والشعب وكل الفئات؟ إن المطلوب الوعي والحكمة خاصة لدى الشعب السوري، والشعب السوري يجب ان يعلم ان وحدته الوطنية هي الاساس وان يكون بعيداً كل البعد عن الطائفية ويجب ان يعرف الشعب السوري كما النظام ان الحل السياسي والاصلاحات هي الحل الوحيد الذي يعطي فائدة وخيراً لسوريا، وأما الاشتباكات والتظاهرات وإنشاء عصابات مسلحة والقيام بأعمال القصف من كل الجهات لا تقدم خيراً لسوريا وتزيد الخسائر. هنا نحن كلنا خاسرون، والرابح الوحيد هو اسرائيل التي ترى أن الدولة الممانعة والمقاومة في سوريا يصيبها الضعف الاقتصادي ويصيبها مشاكل وعدم استقرار وسقوط الشهداء بالآلاف. ان اسرائيل تريد سوريا أرضاً محروقة كي ترتاح في احتلالها لفلسطين والجولان وتبقى مسيطرة على منطقة المشرق العربي كله. ماذا أعطى التدخل الاميركي في العراق من اجل الديموقراطية؟ لقد تم تدمير العراق وتقسيمه الى دويلات كردية وشيعية وسنية وافتقر الشعب العراقي والانفجارات تحصل كل يوم، ويسقط المئات من الشهداء يومياً. كل تدخل خارجي سيؤدي الى دمار سوريا، والجامعة العربية التي تحضّر للتدويل انما تحضر لخسارة ذاتها، فسوريا هي قلب العروبة، ويكفي ما حل بالعالم العربي من دمار وخراب كي نتوقف ونفكر قليلاً بالحكمة والعقل ونحاول حل المشاكل بالحل السياسي والاصلاحات الحقيقية الهادئة. إن شعار إسقاط النظام هو شعار انتحاري، كما ان الحل العسكري هو خراب لسوريا، لذلك على الجامعة العربية ان تمد يد العون الى سوريا وان يكون لها مبادرة عقلانية واقعية توقف فيها العمليات العسكرية من قبل الجيش، وفي ذات الوقت توقف فيها المتظاهرين الذين بات يسيطر عليهم عصابات مسلحة وتكون هذه المبادرة على الاقل لثلاثة أشهر على ان تكون فسحة من الوقت لحصول الاصلاحات، فإن حصلت الاصلاحات تكون سوريا خرجت الى الخير والعافية والتقدم وان لم تحصل الاصلاحات عندها يكون كل واحد مسؤولاً عن اعماله ومواقفه. لكن الامور كما تسير هي حقل ألغام تضعه الجامعة العربية لينفجر بالشعب السوري والدولة السورية، وهنا سؤال للجامعة العربية: هل هي جامعة عربية أو جامعة غربية تأتمر بالمخطط الاميركي - الاسرائيلي؟، ولماذا لا يرى المسؤولون في الجامعة العربية والدول العربية ضرورة التوازن في سحب الجيش السوري من المدن مقابل وقف التظاهرات لمدة زمنية كافية لاجراء الاصلاحات؟ الجواب هو ان الجامعة العربية هي الآن لا تقوم بمسؤولياتها وتفسح المجال أمام دخول أطراف عديدة على خط الازمة السورية لتدويلها مما يزيد الخراب في سوريا كما يحصل الآن.    

المصدر : الديار /شارل ايوب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة