دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
انتقلت إسرائيل إلى مرحلة جديدة في تهويدها القدس المحتلة أمس، بإعلانها عن خطة تهدف إلى نقل المسؤولية عن الأحياء العربية في القدس الشرقية الواقعة خلف الجدار الفاصل إلى الإدارة المدنية التابعة للجيش الاسرائيلي والتي تدير شؤون الضفة الغربية المحتلة، بما يمهد لسحب بطاقات الهوية المقدسية الزرقاء من سكان هذه الاحياء.
ويشمل هذا المخطط، الذي تجري دراسته بجانب مخططات اخرى، أحياء القدس الشرقية التي تقع على الجانب الآخر من جدار الفصل الاسرائيلي ولكنها تتبع إدارياً لبلدية المدينة المقدسة، وقد أدى بناء الجدار الى مشاكل لوجستية عديدة على صعيد الخدمات التي تقدمها البلدية، كما تؤكد الاخيرة. وقالت البلدية في بيان ان هدف رئيس البلدية نير بركات يتمثل في إيجاد طريقة لتبسيط وسائل تقديم الخدمات للاحياء الواقعة داخل الجدار وخارجه.
وبحسب البيان الاسرائيلي فإن «رئيس البلدية يدرس البدائل المختلفة للتعامل مع الصعوبات الناجمة عن عدم التوافق بين جدار الامن والحدود البلدية للقدس في ما يخص الخدمات المقدمة للسكان». واحتلت اسرائيل القدس الشرقية خلال حرب الايام الستة في العام 1967 وضمتها إليها وأعلنتها «عاصمتها الأبدية والموحدة»، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وتصر بلدية القدس على أن المخطط «لا يتضمن تغيير الحدود البلدية لمنطقة القدس»، مشيرة الى ان بركات «يرفض قطعاً» أي تعديل من شأنه التعدي على وحدة المدينة. وبحسب البلدية فإن «السبب المنطقي وراء الخطة هو انتقال تقني للمسؤولية بين البلدية والادارة المدنية من أجل تقديم الخدمات للسكان على جانبي الجدار». والادارة المدنية هي الجهاز الاسرائيلي الذي يتولى المهام البيروقراطية في الاراضي الفلسطينية.
ولطالما تعهد بركات بأنه لن «يقسم» المدينة. وكان بركات قد تحدث للمرة الاولى عن «الاستعانة بخدمات خارجية» للمناطق الواقعة خلف الجدار، في خطاب له الشهر الماضي. ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» الاسرائيلية اليمينية الناطقة بالانكليزية عن بركات قوله «يجب علينا التخلي عن المناطق البلدية الواقعة خلف الجدار». وأضاف «أوصي... بالتخلي عن أجزاء من البلدية موجودة على الجزء الآخر من الجدار وضم المناطق المحصورة في الجانب الاسرائيلي التي ليست تحت مسؤولية البلدية».
ومنذ إقامة الجدار قطعت الخدمات الرئيسية عن العديد من أحياء القدس الشرقية الواقعة خلف الجدار كجمع النفايات والخدمات الصحية والشرطة وحتى الخدمات البيطرية. ووفقا للمخطط الجديد ستقدّم الادارة المدنية هذه الخدمات.
ويتأثر سكان أحياء كفر عقب وضاحية البريد ورأس خميس ومخيم شعفاط للاجئين بهذه الإجراءات على الرغم من انهم يحملون الهوية المقدسية الزرقاء التي تسمح لهم بالتنقل بحرية في اسرائيل والضفة الغربية. ويقول ارييه دايان وهو باحث يعمل في منظمة عير عاميم غير الحكومية التي تعمل من أجل تقاسم القدس بشكل «عادل» بين الاسرائيليين والفلسطينيين ان «انعدام الخدمات البلدية هناك خطير للغاية». ويضيف «انطباعنا هو ان البلدية فقدت تماما اهتمامها في تلك المناطق: حيث لا تجمع القمامة ولا يتم إصلاح الطرق أو إنارة الشوارع بالاضافة الى الخدمات التعليمية السيئة وانعدام الخدمات الصحية تقريبا». وأشار بيان البلدية الى وجود «مشكلة أمنية في توفير الخدمات للسكان» حيث يمنع ذهاب ممثلي البلدية خلف الجدار دون مرافقة الجيش الاسرائيلي أو الشرطة.
ويوضح دايان انه من غير المرجح أن يؤدي نقل المسؤولية للادارة المدنية فورا الى سحب بطاقات الهوية الزرقاء من سكان هذه الأحياء، إلا انها قد تكون «خطوة كبيرة» في هذا الاتجاه. ويوضح دايان «نعرف أن السياسة الاسرائيلية تهدف «للحفاظ على التوازن الديموغرافي» في المدينة وقد يؤدي هذا القرار الى قرار آخر بسحب حق الاقامة من عشرات ألوف المقدسيين الفلسطينيين».
ويشير الخبير الفلسطيني المعروف في شؤون الخرائط والاستيطان خليل التفكجي الى ان الخطة «تقع ضمن السياسة الاسرائيلية للتخلص من سكان القدس الشرقية». ويضيف ان «الجدار في القدس الشرقية ليس مبنيا لأسباب أمنية بل ديموغرافية» في إشارة للقانون الاسرائيلي الذي يلزم بإثبات ان «مركز حياة» سكانها هو القدس حتى لا يتم سحب وضع الاقامة من سكانها. وأكد التفكجي ان أمام من يعيش في تلك المناطق خيارين «إما العودة الى القدس وهذه مشكلة فلا توجد مساكن، أو البقاء في الضفة الغربية وخسارة هويتهم وهذا المطلب الاسرائيلي».
من جهته رفض متحدث باسم البلدية التعليق على إمكانية سحب الهوية المقدسية الزرقاء من السكان في تلك المناطق. ويقيم 270 الف فلسطيني في القدس الشرقية ويتمتعون بوضع مقيم دائم فيها ولكن السياسات الاسرائيلية المتبعة في المدينة تجبر العديد منهم على مغادرتها.
واعتقلت قوات الاحتلال الشاب كايد الرازم من باحة باب العمود (أحد أشهر بوابات بالقدس القديمة) واقتادته إلى مركز تابع لشرطة وحرس حدود الاحتلال في شارع صلاح الدين وسط المدينة المقدسة. وانقض مستخدمو بلدية الاحتلال وعناصر الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود على الباعة المقدسيين وبسطاتهم واعتدوا عليهم بالضرب المبرح وأتلفوا قسما كبيرا منها أمام تجمهر المواطنين الذين شعروا باستياء كبير. ونشرت بلدية الاحتلال دورياتها جنبا إلى جنب سيارات تابعة للشرطة الإسرائيلية في المنطقة وتسببوا بإرباك الشارع وإحداث فوضى. كما داهمت قوات كبيرة ومعززة من جنود وشرطة واستخبارات الاحتلال حي بطن الهوى المعروف باسم الحارة الوسطى في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى.
في المقابل، قال بيان أصدره الجيش الاسرائيلي إن الشرطة «أصدرت أوامر إدارية» تمنع دخول 12 شخصا وصفوا بأنهم «يهود متطرفون» إلى الضفة الغربية. وأضاف البيان أن هؤلاء يشتبه في تورطهم في أحداث عنف استهدفت الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية ووصف الأوامر الصادرة بأنها «إجراء احترازي لتبديد الخطر الذي يمثله النشطاء في المنطقة». وقالت متحدثة باسم الجيش إن أحد الرجال منع من دخول المنطقة لمدة عام بينما منع الآخرون لفترات تتراوح بين ثلاثة وتسعة أشهر ورفضت ذكر المزيد من التفاصيل.
إلى ذلك، قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية ان مفاوضي السلام الاسرائيليين والفلسطينيين سيعقدون محادثاتهم المباشرة المقبلة في التاسع من كانون الثاني الحالي. وقالت المتحدثة فيكتوريا نولاند للصحافيين «تفاءلنا بجلوسهما الى المائدة.. انهم يتحدثون مباشرة». وعقد الجانبان يوم الثلاثاء الماضي اول محادثات عالية المستوى بينهما على مدى أكثر من عام في العاصمة الاردنية عمان.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة