تعترض المجلس الوزاري العربي الذي سينعقد اليوم في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية أو من يمثلهم، عوائق كثيرة يبدو بعضها عصياً على الحل، لا سيما ما يرتبط منها بالملف السوري في ظل التعارض الكلي بين دفتر الشروط الخليجي الذي أعلنه وزير خارجية قطر حمد بن جاسم وبين الموقف السوري الرافض لأي تدخل في الشؤون الداخلية السورية، فيما كان الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي يحاول تسويق بعض الأفكار التوفيقية التي لا تؤدي الى استفزاز سورية وفي الوقت نفسه، تمنع فشل الاجتماع الوزاري العربي، خاصة أن بعض من يعترضون على جدول الأعمال الحالي سبق وأن وافقوا على عقد اجتماع وزاري عربي في وقت سابق، ناقش الأزمة الليبية وخرج بقرارات استدرجت التدخل الخارجي في ليبيا.

وفي ظل هذا الواقع، فإن لبنان الذي يعنيه الموضوع الليبي في جدول الأعمال الذي يفترض أن يبحث الأوضاع الحالية في بعض الدول العربية ولا سيما سورية وليبيا واليمن، فإنه يقارب المشاركة في الاجتماع من زاوية تأكيد التضامن العربي وفق ميثاق الجامعة العربية وستكون مشاركة وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، مناسبة للبحث مع ممثل المجلس الوطني الانتقالي الليبي في الاجتماع الوزاري العربي، في مواضيع ثنائية وفي مقدمها قضية اختطاف الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والزميل عباس بدر الدين على يد نظام معمر القذافي في الحادي والثلاثين من آب 1978.

وأشار المصدر إلى أن الوزير منصور سيناقش مع ممثل المجلس الانتقالي الليبي سبل توفير الحماية لأبناء الجالية اللبنانية في ليبيا، خاصة أنه تمّت في وقت سابق أكثر من عملية إجلاء لمئات اللبنانيين، وهناك عدد كبير منهم ما يزالون حتى الآن على الأراضي الليبية.

وفي حين أكدت مصادر في العاصمة السورية لـ«السفير» أن «وزير الخارجية السوري وليد المعلم لن يشارك في الاجتماع الوزاري وقد يتمثل برئيس البعثة السورية في الجامعة العربية السفير يوسف أحمد»، وهذا الموقف جاء بعد إعلان مصدر في الجامعة العربية «أن سورية وافقت على المشاركة في الاجتماع المذكور»، فإن مصدراً رسمياً لبنانياً اوضح لـ«السفير» «ان لبنان ينسق الموقف من الاجتماع مع سورية لاعتبارات كثيرة، وهناك تشاور مستمر بين وزيري خارجية البلدين، بشأن المواقف التي ستتخذ والتوجهات المستقبلية».

وقال المصدر الرسمي اللبناني إن الدعوة للاجتماع لم تحدد تفاصيل نقاط البحث إلا لجهة «بحث الاوضاع المتردية في بعض الدول العربية خاصة سورية وليبيا واليمن»، وبالتالي فان السقف الذي سيتم تحته الاجتماع غير واضح الملامح حتى الآن، وهناك خشية من أن يكون هذا السقف هو توصيات مكتب البرلمان العربي في القاهرة الذي عقد اجتماعاً للجنة الشؤون الخارجية والسياسية والامن القومي في مقر الجامعة بصفة طارئة وبحث في ملفات الدول الثلاث، علماً أن هناك توجهاً لدى بعض الدول العربية لاعتماد سقف في الشأن السوري شبيه بذلك الذي صدر بصيغة بيان رئاسي عن مجلس الأمن الدولي في مطلع الشهر الحال، وقرر لبنان، عبر القائمة بأعمال البعثة في نيويورك «النأي بنفسه» عنه، على قاعدة أنه «لا يساعد سورية على إنهاء الأزمة».

ويلفت المصدر الرسمي الانتباه إلى أن اللجنة البرلمانية العربية التي اجتمعت في القاهرة، اصدرت مجموعة توصيات تناولت الشؤون السورية والليبية واليمنية، وفي الشأن السوري حددت ستة أمور أولها «ضرورة الوقف الفوري والعاجل للعنف وأعمال القتل والتدمير وإيقاف نزيف الدم الذي يتعرض له الشعب السوري مع رفض الحل الأمني الذي يزيد الشعب السوري تشتيتاً»، وهذا البند لا يمكن أن يقبل به الجانب السوري كموضوع للبحث وهو نسخة طبق الأصل عن الموقف القطري وبالتالي الخليجي.

أما النقاط الباقية في البيان فتتضمّن الآتي: ثانياً، الاسراع في محاسبة المتسببين في إراقة الدماء وعدم الزج بالجيش العربي السوري في الصراع مع شعبه والبدء فوراً بمصالحات قبل فوات الاوان وعدم اعطاء الفرصة لأي تدخل اجنبي، ثالثاً، رفض اثارة النعرات الطائفية ومحاولة تقسيم الشعب السوري وترسيخ قيم الحوار الديموقراطي والتداول السلمي للسلطة، رابعاً، الدعوة الى تشكيل حكومة انقاذ وطني من قبل كل الأطياف السورية لتحقيق الاصلاحات والمحافظة على سورية بلداً وشعباً، خامساً، دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف تجاه ما يجري في سورية والطلب إلى النظام السوري السماح لمنظمات وهيئات انسانية وجمعيات حقوق الإنسان الدولية الدخول إلى سورية لكشف الحقائق على أرض الواقع وكذلك السماح لوسائل الإعلام العربية نقل ما يجري من أحداث على الأرض. سادساً، الاقتراح على مكتب البرلمان تشكيل وفد من لجنة الشؤون الخارجية والسياسية والأمن القومي لزيارة سورية والوقوف على الحقائق والإطلاع على طبيعتها ونقل الموقف إلى البرلمان العربي».

ويرى المصدر الرسمي اللبناني «أنه بالنظر إلى التوصيات الخمس الأولى فإنه يتبادر إلى الذهن سريعاً صعوبة قبول سورية بهذا السقف العالي من المطالب والتي تأخذ طابع الأمر والتحدّي والفرض، وبالتالي لا تفتح الطريق أمام مشاركة سورية إلا إذا كانت سورية تنظر من زاوية التأكيد على رفض أي تدخل أجنبي وضرورة التشاور ورفض اثارة النعرات الطائفية الخ...».

وأكد المصدر أن وزراء الخارجية العرب «لا يذهبون إلى القاهرة تحت سقف هذه التوصيات انما بناء لجو مدروس وحذر، إذ من المؤكد أن يطرح كل وزير في الاجتماع موقفه ولكن المهم النتيجة، فاذا كان التوافق على أن لا يتدخل أحد في الشؤون السورية يكون حينها الموقف شيء، وإذا كان بيان متوافق عليه مسبقاً يكون الموقف شيئاً آخر».

ويشير المصدر إلى أن «لبنان وسورية اذا رفضا المشاركة في الاجتماع الوزاري فانه لا ينعقد وإذا رفضا البيان بمضامينه لا يصدر حسب نظام الجامعة إلا إذا توافر الإجماع حوله، وهذا الأمر حتى الآن غير متوافر أقله على المستوى السوري واللبناني، خصوصاً أن ما يطرحه القطريون تحديداً هو تخيير سورية بين أمرين لا ثالث لهما إما ذهاب الملف السوري إلى التدويل أي إلى مجلس الأمن الدولي، أو القبول بلجنة متابعة عربية شبيهة بتلك التي تشكلت إبان الحرب اللبنانية ومهّدت الأجواء لمؤتمر الطائف الذي أنتج وثيقة الوفاق الوطني».

وقال مصدر دبلوماسي عربي في القاهرة لـ«السفير» إن الأمين العام للجامعة يسعى من خلال اتصالات مكثفة الى تمرير أول اختبار جدي لمهمته على رأس الجامعة العربية، منذ توليه مهامه الجديدة خلفاً للأمين العام السابق عمرو موسى، بأقل خسائر ممكنة، خاصة أن زيارة نبيل العربي إلى دمشق واجتماعه بالرئيس السوري بشار الأسد في منتصف تموز المنصرم والمواقف التي أطلقها من هناك قد أحرجته كلها في الشارع المصري، خاصة عندما استخدم عبارات فسّرت بدافع الانحياز للنظام السوري ولا سيما رده على وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ورفضه دعوتها للرئيس الأسد للتنحي وأنه «فقد شرعيته»، حيث قال إن «الجامعة العربية ترفض أي تدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، ولا يحق لأحد سحب الشرعية من زعيم، لأن الشعب هو الذي يقرر ذلك».

واشار المصدر الى أن العربي يبدو أكثر ميلاً لصدور بيان لا يتعارض مع روحية البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن.

  • فريق ماسة
  • 2011-08-26
  • 6971
  • من الأرشيف

لبنان وسورية ينسقان مواقفهما عشية الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة: البيان رهن الإجماع.. وقطر تجنح نحـو التدويل.. والعربي يواجه أول اختبار

تعترض المجلس الوزاري العربي الذي سينعقد اليوم في القاهرة على مستوى وزراء الخارجية أو من يمثلهم، عوائق كثيرة يبدو بعضها عصياً على الحل، لا سيما ما يرتبط منها بالملف السوري في ظل التعارض الكلي بين دفتر الشروط الخليجي الذي أعلنه وزير خارجية قطر حمد بن جاسم وبين الموقف السوري الرافض لأي تدخل في الشؤون الداخلية السورية، فيما كان الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي يحاول تسويق بعض الأفكار التوفيقية التي لا تؤدي الى استفزاز سورية وفي الوقت نفسه، تمنع فشل الاجتماع الوزاري العربي، خاصة أن بعض من يعترضون على جدول الأعمال الحالي سبق وأن وافقوا على عقد اجتماع وزاري عربي في وقت سابق، ناقش الأزمة الليبية وخرج بقرارات استدرجت التدخل الخارجي في ليبيا. وفي ظل هذا الواقع، فإن لبنان الذي يعنيه الموضوع الليبي في جدول الأعمال الذي يفترض أن يبحث الأوضاع الحالية في بعض الدول العربية ولا سيما سورية وليبيا واليمن، فإنه يقارب المشاركة في الاجتماع من زاوية تأكيد التضامن العربي وفق ميثاق الجامعة العربية وستكون مشاركة وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور، مناسبة للبحث مع ممثل المجلس الوطني الانتقالي الليبي في الاجتماع الوزاري العربي، في مواضيع ثنائية وفي مقدمها قضية اختطاف الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والزميل عباس بدر الدين على يد نظام معمر القذافي في الحادي والثلاثين من آب 1978. وأشار المصدر إلى أن الوزير منصور سيناقش مع ممثل المجلس الانتقالي الليبي سبل توفير الحماية لأبناء الجالية اللبنانية في ليبيا، خاصة أنه تمّت في وقت سابق أكثر من عملية إجلاء لمئات اللبنانيين، وهناك عدد كبير منهم ما يزالون حتى الآن على الأراضي الليبية. وفي حين أكدت مصادر في العاصمة السورية لـ«السفير» أن «وزير الخارجية السوري وليد المعلم لن يشارك في الاجتماع الوزاري وقد يتمثل برئيس البعثة السورية في الجامعة العربية السفير يوسف أحمد»، وهذا الموقف جاء بعد إعلان مصدر في الجامعة العربية «أن سورية وافقت على المشاركة في الاجتماع المذكور»، فإن مصدراً رسمياً لبنانياً اوضح لـ«السفير» «ان لبنان ينسق الموقف من الاجتماع مع سورية لاعتبارات كثيرة، وهناك تشاور مستمر بين وزيري خارجية البلدين، بشأن المواقف التي ستتخذ والتوجهات المستقبلية». وقال المصدر الرسمي اللبناني إن الدعوة للاجتماع لم تحدد تفاصيل نقاط البحث إلا لجهة «بحث الاوضاع المتردية في بعض الدول العربية خاصة سورية وليبيا واليمن»، وبالتالي فان السقف الذي سيتم تحته الاجتماع غير واضح الملامح حتى الآن، وهناك خشية من أن يكون هذا السقف هو توصيات مكتب البرلمان العربي في القاهرة الذي عقد اجتماعاً للجنة الشؤون الخارجية والسياسية والامن القومي في مقر الجامعة بصفة طارئة وبحث في ملفات الدول الثلاث، علماً أن هناك توجهاً لدى بعض الدول العربية لاعتماد سقف في الشأن السوري شبيه بذلك الذي صدر بصيغة بيان رئاسي عن مجلس الأمن الدولي في مطلع الشهر الحال، وقرر لبنان، عبر القائمة بأعمال البعثة في نيويورك «النأي بنفسه» عنه، على قاعدة أنه «لا يساعد سورية على إنهاء الأزمة». ويلفت المصدر الرسمي الانتباه إلى أن اللجنة البرلمانية العربية التي اجتمعت في القاهرة، اصدرت مجموعة توصيات تناولت الشؤون السورية والليبية واليمنية، وفي الشأن السوري حددت ستة أمور أولها «ضرورة الوقف الفوري والعاجل للعنف وأعمال القتل والتدمير وإيقاف نزيف الدم الذي يتعرض له الشعب السوري مع رفض الحل الأمني الذي يزيد الشعب السوري تشتيتاً»، وهذا البند لا يمكن أن يقبل به الجانب السوري كموضوع للبحث وهو نسخة طبق الأصل عن الموقف القطري وبالتالي الخليجي. أما النقاط الباقية في البيان فتتضمّن الآتي: ثانياً، الاسراع في محاسبة المتسببين في إراقة الدماء وعدم الزج بالجيش العربي السوري في الصراع مع شعبه والبدء فوراً بمصالحات قبل فوات الاوان وعدم اعطاء الفرصة لأي تدخل اجنبي، ثالثاً، رفض اثارة النعرات الطائفية ومحاولة تقسيم الشعب السوري وترسيخ قيم الحوار الديموقراطي والتداول السلمي للسلطة، رابعاً، الدعوة الى تشكيل حكومة انقاذ وطني من قبل كل الأطياف السورية لتحقيق الاصلاحات والمحافظة على سورية بلداً وشعباً، خامساً، دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف تجاه ما يجري في سورية والطلب إلى النظام السوري السماح لمنظمات وهيئات انسانية وجمعيات حقوق الإنسان الدولية الدخول إلى سورية لكشف الحقائق على أرض الواقع وكذلك السماح لوسائل الإعلام العربية نقل ما يجري من أحداث على الأرض. سادساً، الاقتراح على مكتب البرلمان تشكيل وفد من لجنة الشؤون الخارجية والسياسية والأمن القومي لزيارة سورية والوقوف على الحقائق والإطلاع على طبيعتها ونقل الموقف إلى البرلمان العربي». ويرى المصدر الرسمي اللبناني «أنه بالنظر إلى التوصيات الخمس الأولى فإنه يتبادر إلى الذهن سريعاً صعوبة قبول سورية بهذا السقف العالي من المطالب والتي تأخذ طابع الأمر والتحدّي والفرض، وبالتالي لا تفتح الطريق أمام مشاركة سورية إلا إذا كانت سورية تنظر من زاوية التأكيد على رفض أي تدخل أجنبي وضرورة التشاور ورفض اثارة النعرات الطائفية الخ...». وأكد المصدر أن وزراء الخارجية العرب «لا يذهبون إلى القاهرة تحت سقف هذه التوصيات انما بناء لجو مدروس وحذر، إذ من المؤكد أن يطرح كل وزير في الاجتماع موقفه ولكن المهم النتيجة، فاذا كان التوافق على أن لا يتدخل أحد في الشؤون السورية يكون حينها الموقف شيء، وإذا كان بيان متوافق عليه مسبقاً يكون الموقف شيئاً آخر». ويشير المصدر إلى أن «لبنان وسورية اذا رفضا المشاركة في الاجتماع الوزاري فانه لا ينعقد وإذا رفضا البيان بمضامينه لا يصدر حسب نظام الجامعة إلا إذا توافر الإجماع حوله، وهذا الأمر حتى الآن غير متوافر أقله على المستوى السوري واللبناني، خصوصاً أن ما يطرحه القطريون تحديداً هو تخيير سورية بين أمرين لا ثالث لهما إما ذهاب الملف السوري إلى التدويل أي إلى مجلس الأمن الدولي، أو القبول بلجنة متابعة عربية شبيهة بتلك التي تشكلت إبان الحرب اللبنانية ومهّدت الأجواء لمؤتمر الطائف الذي أنتج وثيقة الوفاق الوطني». وقال مصدر دبلوماسي عربي في القاهرة لـ«السفير» إن الأمين العام للجامعة يسعى من خلال اتصالات مكثفة الى تمرير أول اختبار جدي لمهمته على رأس الجامعة العربية، منذ توليه مهامه الجديدة خلفاً للأمين العام السابق عمرو موسى، بأقل خسائر ممكنة، خاصة أن زيارة نبيل العربي إلى دمشق واجتماعه بالرئيس السوري بشار الأسد في منتصف تموز المنصرم والمواقف التي أطلقها من هناك قد أحرجته كلها في الشارع المصري، خاصة عندما استخدم عبارات فسّرت بدافع الانحياز للنظام السوري ولا سيما رده على وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ورفضه دعوتها للرئيس الأسد للتنحي وأنه «فقد شرعيته»، حيث قال إن «الجامعة العربية ترفض أي تدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، ولا يحق لأحد سحب الشرعية من زعيم، لأن الشعب هو الذي يقرر ذلك». واشار المصدر الى أن العربي يبدو أكثر ميلاً لصدور بيان لا يتعارض مع روحية البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن.

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة