أتى الاتفاق الروسي التركي حول الشمال السوري وتحديداً المناطق الواقعة شرقي نهر الفرات مليئاً بالغموض في الكثير من تفاصيله، كما أن هناك العديد من الأسئلة لا تجد جواباً يفسّرها. ويظهر هذا الغموض أن هناك بنوداً سرية في هذا الاتفاق لم يعلن عنها.

 ويمكن بعد قراءة بنود هذا الاتفاق الذي تمّ بين تركيّا وروسيا أنه اتفاق كارثيّ للمعارضات السورية تظهر فيه روسيا والدولة السورية المستفيد الأكبر من هذا الاتفاق لكونه حقق للدولتين أهدافاً عدة هي :

دخول قوات الجيش السوري مناطق جديدة وشاسعة في أرياف الرقة ودير الزور والحسكة ووصول الجنود السوريين الى الحدود التركية للمرة الأولى بعد سبع سنوات.

دخول الجيش السوري الى منطقة شرق الفرات التي تحوي منابع نفط وغاز وتعتبر سلة الحبوب والقطن لسورية.

تفرُّد روسيا بإدارة الملف السوري في شرق الفرات بعد تراجع أميركا عن دعم حلفائها الأكراد وتركهم لمصيرهم وجهاً لوجه مع تركيا..

 

بفصل عين العرب عن الحسكة انتهى مشروع الفدرالية الكردية في سورية.

 

بدخول الجيش السوري الى منبج حقق الجيش السوري تقدّماً استراتيجياً لكون المدينة تضمّ حوالي 700 الف نسمة فضلاً عن كون منبج بوابة المعارضة السورية الى حلب وإلى قلب البادية السورية في حال لو تمكنت المعارضة من دخولها. وبهذا الاتفاق يكون الجيش السوري قد حمى حلب والبادية بدخوله الى منبج..

 

بالنسبة لتركيا فقد حققت بعض المكاسب أهمها: انتهاء الحلم الكردي في سورية، ودخول قواتها مع مجاميع المعارضات السورية المسلحة مدن رأس العين وتل أبيض، توسيع مدى اتفاقية أضنة من 5 كلم الى 10 كلم.

 

أما بالنسبة للفصائل السورية المسلّحة فهي تبدو في أسوأ وأصعب ظروفها منذ انطلاقها، وتبدو خياراتها شبه معدومة بعد هذا الاتفاق وتكمن خسارتها في ما يلي:

 

تمكّن الجيش السوري مرة أخرى من تحرير أراضٍ جديدة على الحدود مع تركيا. وهذا ما يعني الموت السريري للمعارضة السورية.

 

تبخّر حلم المنطقة الآمنة التي حلمت هذه الفصائل أن تكون منطقة حكم ذاتي خاضعة لنفوذها بحماية تركيا، خصوصاً أنها تخشى أن تقوم سورية وروسيا بمطالبة تركيا بإخلاء المناطق التي دخلتها حتى لو بقيت فيها بعض الوقت.

 

في نهاية الأمر تبدو الدولة السورية في أفضل أوضاعها الميدانية منذ بدء الحرب في سورية، ولا يمكن التقليل من أهمية عودتها إلى الحدود الدولية مع تركيا. فالحرب على سورية بدأت من هنا، ومن هذه الحدود دخل آلاف المسلحين التكفيريين الأجانب لقتال الجيش السوري، والعارف بطبيعة الصراع السوري يدرك أن خروج تركيا منه يعني عملياً نهاية الحرب في سورية .

 

  • فريق ماسة
  • 2019-10-25
  • 15468
  • من الأرشيف

الرابح والخاسر في الاتفاق التركي الروسي حول شرقي الفرات

أتى الاتفاق الروسي التركي حول الشمال السوري وتحديداً المناطق الواقعة شرقي نهر الفرات مليئاً بالغموض في الكثير من تفاصيله، كما أن هناك العديد من الأسئلة لا تجد جواباً يفسّرها. ويظهر هذا الغموض أن هناك بنوداً سرية في هذا الاتفاق لم يعلن عنها.  ويمكن بعد قراءة بنود هذا الاتفاق الذي تمّ بين تركيّا وروسيا أنه اتفاق كارثيّ للمعارضات السورية تظهر فيه روسيا والدولة السورية المستفيد الأكبر من هذا الاتفاق لكونه حقق للدولتين أهدافاً عدة هي : دخول قوات الجيش السوري مناطق جديدة وشاسعة في أرياف الرقة ودير الزور والحسكة ووصول الجنود السوريين الى الحدود التركية للمرة الأولى بعد سبع سنوات. دخول الجيش السوري الى منطقة شرق الفرات التي تحوي منابع نفط وغاز وتعتبر سلة الحبوب والقطن لسورية. تفرُّد روسيا بإدارة الملف السوري في شرق الفرات بعد تراجع أميركا عن دعم حلفائها الأكراد وتركهم لمصيرهم وجهاً لوجه مع تركيا..   بفصل عين العرب عن الحسكة انتهى مشروع الفدرالية الكردية في سورية.   بدخول الجيش السوري الى منبج حقق الجيش السوري تقدّماً استراتيجياً لكون المدينة تضمّ حوالي 700 الف نسمة فضلاً عن كون منبج بوابة المعارضة السورية الى حلب وإلى قلب البادية السورية في حال لو تمكنت المعارضة من دخولها. وبهذا الاتفاق يكون الجيش السوري قد حمى حلب والبادية بدخوله الى منبج..   بالنسبة لتركيا فقد حققت بعض المكاسب أهمها: انتهاء الحلم الكردي في سورية، ودخول قواتها مع مجاميع المعارضات السورية المسلحة مدن رأس العين وتل أبيض، توسيع مدى اتفاقية أضنة من 5 كلم الى 10 كلم.   أما بالنسبة للفصائل السورية المسلّحة فهي تبدو في أسوأ وأصعب ظروفها منذ انطلاقها، وتبدو خياراتها شبه معدومة بعد هذا الاتفاق وتكمن خسارتها في ما يلي:   تمكّن الجيش السوري مرة أخرى من تحرير أراضٍ جديدة على الحدود مع تركيا. وهذا ما يعني الموت السريري للمعارضة السورية.   تبخّر حلم المنطقة الآمنة التي حلمت هذه الفصائل أن تكون منطقة حكم ذاتي خاضعة لنفوذها بحماية تركيا، خصوصاً أنها تخشى أن تقوم سورية وروسيا بمطالبة تركيا بإخلاء المناطق التي دخلتها حتى لو بقيت فيها بعض الوقت.   في نهاية الأمر تبدو الدولة السورية في أفضل أوضاعها الميدانية منذ بدء الحرب في سورية، ولا يمكن التقليل من أهمية عودتها إلى الحدود الدولية مع تركيا. فالحرب على سورية بدأت من هنا، ومن هذه الحدود دخل آلاف المسلحين التكفيريين الأجانب لقتال الجيش السوري، والعارف بطبيعة الصراع السوري يدرك أن خروج تركيا منه يعني عملياً نهاية الحرب في سورية .  

المصدر : البناء / نضال حمادة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة