تحت عنوان/ امارات الخليج واليهودية.. من الخليج ستخرج توراة/  كتب الباحث الاسرائيلي آدم هوفمان:

في الوقت الذي يقابل فيه تقارب دول الخليج مع إسرائيل، بالشك والانتقادات في العالم العربي، واضح أن انفتاح إمارات الخليج على اليهودية تحول في السنوات الأخيرة إلى توجه واضح وأكثر قبولا. فعلى سبيل المثال، تحدثت أنباء بأن رجل الدين السعودي، رئيس رابطة العالم الإسلامي، الدكتور محمد العيسى، سيقوم في العام المقبل بزيارة نصب الكارثة، وسيكون بذلك اكبر زعيم إسلامي يقوم بهذه الخطوة. وسبق للدكتور العيسى أن نشر عدة مقالات وصف فيها الكارثة بأنها جريمة ضد الإنسانية، ودعا المسلمين إلى الاعتراف بها وعارض نفي الكارثة في العالم الإسلامي. وهذا التضامن العلني من قبل العيسى مع الكارثة، يعكس  توجها عاما لتوثيق العلاقة بين الدول الخليجية واليهودية.

وكانت البحرين الدولة الرائدة في هذه المسيرة حين أكدت التزامها بتعزيز دور الجالية اليهودية في الدولة، وأحيت على أراضيها أعيادا يهودية. وفي عام 2017، تم تسجيل سابقة إضافية حين قام وفد من رجال الدين البحرانيين بزيارة إسرائيل بهدف التشجيع على التسامح بين الأديان. وفي نفس السنة، تم افتتاح متحف اللوفر في الإمارات العربية المتحدة، وتم تقديم عروض يهودية، بينها نسخة من التوراة وشواهد قبور مع نقوش عبرية. وفي تطور لاحق، اعتُبر عام 2019، عام التسامح، واعترفت الإمارات رسميا بالجالية اليهودية في الدولة، وتم افتتاح كنيس يهودي في دبي.

هذا التوجه لم يتجاوز قطر، التي تتعاطف مع حركة الإخوان المسلمين، وينتظر أن تستضيف في العام 2022 كأس العالم لكرة القدم، حيث أكدت حرصها على السماح بتناول طعام "الكوشير" من قبل الزوار اليهود من إسرائيل والعالم. ومن المقرر أن يشرف على هذه الخطوة، الحاخام مارك شناير، الذي يتجول بين قصور زعماء الخليج، ويقوم بدور وسيط غير رسمي بينها وبين العالم اليهودي.

حتى السعودية بدأت التركيز على قضايا تتعلق باليهود والتقرب بشكل ظاهر مع جهات يهودية في العالم. ففي عام 2018، التقى ولي العهد محمد بن سلمان، ممثلي الجالية اليهودية في نيويورك، واتهم الفلسطينيين بتفويت فرص السلام. يضاف إلى ما تقدم، أن لقاءات دورية تعقد بين جهات رفيعة في دول الخليج وبين جهات يهودية أمريكية، كما يتوسع الحوار بين شخصيات يهودية وإسلامية عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وفي المقابل، بقيت الكويت الدولة الوحيدة التي تعارض التطبيع مع إسرائيل. والهدف الذي يقود خطوات دول الخليج هو دفع ما تصفه، بالإسلام المعتدل. ولتحقيق هذا الهدف، تقوم بعض هذه الدول، وخاصة السعودية والإمارات، بخطوات هدفها رسم حدود توضح الفرق بين الإسلام المتطرف والإسلام المعتدل.

للوهلة الأولى، يبدو الانفتاح على العالم اليهودي وإرثه، مريحا لدول الخليج لعدة أسباب: أولا، عدم وجود جالية يهودية مؤثرة في هذه الدول، ولأن هذا التقارب لا يشكل تهديدا لاستقرارها السياسي الداخلي، وليس مشروطا بتبني قيم خارجية، خلافا لمجموعات هامشية أخرى مثل الشيعية في السعودية ومؤيدي الإخوان المسلمين في الإمارات.

ثانيا: هذا التوجه لا يعني التعامل المباشر مع إسرائيل، وإنما يعبر عن انفتاح أمام اليهودية كدين وثقافة. لكن إسرائيل تستفيد، ولو جزئيا، من التقارب مع دول الخليج، رغم أن هذه الدول تفصل أمام رأيها العام بين العلاقة مع اليهودية وعلاقاتها مع اسرائيل.

في المحصلة، وعلى ضوء المزج بين كل هذه العوامل، سنرى في المستقبل القريب المزيد من الإشارات التي تعبر عن الرغبة بالانفتاح على اليهودية والحوار مع الزعماء الدينيين وزعماء الجاليات اليهودية. حتى وان لم تذكر فيها اسرائيل بشكل واضح.

- آدم هوفمان: دكتور في العلوم السياسية بالجامعة العبرية وباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط ومعهد موشيه ديان بجامعة تل أبيب.

  • فريق ماسة
  • 2019-05-13
  • 11942
  • من الأرشيف

باحث "إسرائيلي": دول الخليج تتجه نحو مزيد من الانفتاح على إسرائيل..

تحت عنوان/ امارات الخليج واليهودية.. من الخليج ستخرج توراة/  كتب الباحث الاسرائيلي آدم هوفمان: في الوقت الذي يقابل فيه تقارب دول الخليج مع إسرائيل، بالشك والانتقادات في العالم العربي، واضح أن انفتاح إمارات الخليج على اليهودية تحول في السنوات الأخيرة إلى توجه واضح وأكثر قبولا. فعلى سبيل المثال، تحدثت أنباء بأن رجل الدين السعودي، رئيس رابطة العالم الإسلامي، الدكتور محمد العيسى، سيقوم في العام المقبل بزيارة نصب الكارثة، وسيكون بذلك اكبر زعيم إسلامي يقوم بهذه الخطوة. وسبق للدكتور العيسى أن نشر عدة مقالات وصف فيها الكارثة بأنها جريمة ضد الإنسانية، ودعا المسلمين إلى الاعتراف بها وعارض نفي الكارثة في العالم الإسلامي. وهذا التضامن العلني من قبل العيسى مع الكارثة، يعكس  توجها عاما لتوثيق العلاقة بين الدول الخليجية واليهودية. وكانت البحرين الدولة الرائدة في هذه المسيرة حين أكدت التزامها بتعزيز دور الجالية اليهودية في الدولة، وأحيت على أراضيها أعيادا يهودية. وفي عام 2017، تم تسجيل سابقة إضافية حين قام وفد من رجال الدين البحرانيين بزيارة إسرائيل بهدف التشجيع على التسامح بين الأديان. وفي نفس السنة، تم افتتاح متحف اللوفر في الإمارات العربية المتحدة، وتم تقديم عروض يهودية، بينها نسخة من التوراة وشواهد قبور مع نقوش عبرية. وفي تطور لاحق، اعتُبر عام 2019، عام التسامح، واعترفت الإمارات رسميا بالجالية اليهودية في الدولة، وتم افتتاح كنيس يهودي في دبي. هذا التوجه لم يتجاوز قطر، التي تتعاطف مع حركة الإخوان المسلمين، وينتظر أن تستضيف في العام 2022 كأس العالم لكرة القدم، حيث أكدت حرصها على السماح بتناول طعام "الكوشير" من قبل الزوار اليهود من إسرائيل والعالم. ومن المقرر أن يشرف على هذه الخطوة، الحاخام مارك شناير، الذي يتجول بين قصور زعماء الخليج، ويقوم بدور وسيط غير رسمي بينها وبين العالم اليهودي. حتى السعودية بدأت التركيز على قضايا تتعلق باليهود والتقرب بشكل ظاهر مع جهات يهودية في العالم. ففي عام 2018، التقى ولي العهد محمد بن سلمان، ممثلي الجالية اليهودية في نيويورك، واتهم الفلسطينيين بتفويت فرص السلام. يضاف إلى ما تقدم، أن لقاءات دورية تعقد بين جهات رفيعة في دول الخليج وبين جهات يهودية أمريكية، كما يتوسع الحوار بين شخصيات يهودية وإسلامية عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وفي المقابل، بقيت الكويت الدولة الوحيدة التي تعارض التطبيع مع إسرائيل. والهدف الذي يقود خطوات دول الخليج هو دفع ما تصفه، بالإسلام المعتدل. ولتحقيق هذا الهدف، تقوم بعض هذه الدول، وخاصة السعودية والإمارات، بخطوات هدفها رسم حدود توضح الفرق بين الإسلام المتطرف والإسلام المعتدل. للوهلة الأولى، يبدو الانفتاح على العالم اليهودي وإرثه، مريحا لدول الخليج لعدة أسباب: أولا، عدم وجود جالية يهودية مؤثرة في هذه الدول، ولأن هذا التقارب لا يشكل تهديدا لاستقرارها السياسي الداخلي، وليس مشروطا بتبني قيم خارجية، خلافا لمجموعات هامشية أخرى مثل الشيعية في السعودية ومؤيدي الإخوان المسلمين في الإمارات. ثانيا: هذا التوجه لا يعني التعامل المباشر مع إسرائيل، وإنما يعبر عن انفتاح أمام اليهودية كدين وثقافة. لكن إسرائيل تستفيد، ولو جزئيا، من التقارب مع دول الخليج، رغم أن هذه الدول تفصل أمام رأيها العام بين العلاقة مع اليهودية وعلاقاتها مع اسرائيل. في المحصلة، وعلى ضوء المزج بين كل هذه العوامل، سنرى في المستقبل القريب المزيد من الإشارات التي تعبر عن الرغبة بالانفتاح على اليهودية والحوار مع الزعماء الدينيين وزعماء الجاليات اليهودية. حتى وان لم تذكر فيها اسرائيل بشكل واضح. - آدم هوفمان: دكتور في العلوم السياسية بالجامعة العبرية وباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط ومعهد موشيه ديان بجامعة تل أبيب.

المصدر : خاص الماسة السورية / غسان محمد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة