إذا تأكد النبأ الذي جاء في صحيفة «سيدني مورنينغ هيرالد» الأسترالية بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنها سوف تعمل على «كبح» مجموعات السوريين الأكراد من الاستمرار في مشروعها بهدف إرضاء تركيا، فإن ذلك يعني أن ترامب يوظف كلاً من أردوغان، وقادة المجموعات الكردية في شمال شرق سورية ضمن خطة لا يتوقف فيها عن استهداف السيادة السورية لمصلحة تفتيت قدراتها والتمهيد لتقسيمها من تلك المنطقة.

ما سبق أشار إليه مسؤول تركي بموجب ما جاء في الصحيفة الأسترالية حين قال: إن المطلوب من واشنطن هو أن تطلب من «المجموعات الكردية الانسحاب من منبج وإعادة انتشارها شرق نهر الفرات»، وقد يدل ذلك على احتمالات أن تشهد منطقة شمال سورية تصعيداً عسكرياً تركياً وليس تهدئة كما تحاول واشنطن الإيحاء به، فأردوغان بدأ منذ أيام «يدب الصوت ويصرخ» مطالباً حلف الأطلسي بالمشاركة العسكرية معه في مخططه العدواني الواضح على سورية كما بدأ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بالحديث عن رغبة تركية في اختراق الحدود العراقية لتحقيق الأغراض ذاتها في شمال العراق وخصوصاً أن الوحدات العسكرية التركية لا تزال تتخذ لها مواقع قرب «بعشيقة» باسم محاربة داعش ومساعدة أكراد العراق في الحرب على داعش.

وهذا يعني أن «المخطط الأردوغاني» للتوسع على حساب الجوار السوري والعراقي ما زال على جدول عمل أنقرة بقوة التدخل العسكري، ولا شك أن الجميع يلاحظ أن أردوغان يعمل على توسيع وجوده العسكري في بعض الدول العربية باسم العلاقات «الأخوية» التي يستخدمها لبسط مشروعه «كسلطان عثماني» جديد لخدمة المصالح الأميركية، فقد ذكرت صحيفة «الخليج الجديد» الإلكترونية في 18 كانون الثاني الماضي أن أردوغان أعد خطة لنشر 60 ألفاً من الجنود الأتراك في عدد من دول المنطقة حتى عام 2022 باسم حماية التجارة ودعم الدول الصغيرة الحليفة.

فقد نشرت تركيا 3000 جندي قرب البحر الأحمر وفي الصومال، وأصبح لديها قاعدة عسكرية في جزيرة سواكين السودانية ستنشر فيها خلال 5 سنوات 20 ألفاً من الجنود، ونشرت مئات الجنود في قطر ومن المقرر أن يزداد هذا العدد حتى عام 2022، ومن الملاحظ أن أردوغان يؤسس هذا النفوذ باسم «العلاقات بين المسلمين» أو «مع دول تميل إلى النظم الإسلامية وليس الوطنية»، وكأنه يريد تشكيل قاعدة لمحاصرة الدول القومية أو الوطنية، فمن السودان إلى الصومال إلى قطر وربما عدن على البحر الأحمر، ستشكل هذه السياسة خطراً على مصر وخصوصاً بعد تزايد العلاقات التجارية والسياسية بين قطر المتحالفة مع أردوغان وبين السودان جارة مصر في البر وفي البحر الأحمر، ويحاول أردوغان الآن زيادة نفوذه بين بعض القوى الإسلامية في ليبيا بمشاركة قطر وموافقة واشنطن ولندن.

لكن أكبر الأخطار التي تحملها سياسة أردوغان في المنطقة والعالم العربي تكمن في تدخله العسكري في شمال سورية وفي شمال العراق ومضاعفات هذا التدخل على إيران وعلاقاتها الإقليمية والدولية.

محاولات روسيا وإيران للجم خروقات أردوغان ضد جواره السوري والعراقي، بدأت تقل في جدواها بعد تهديده بنشر المزيد من القوات في العراق وبعد استنجاده بتدخل عسكري إلى جانبه من الحلف الأطلسي وبعد تهديده باحتلال منبج، وكان أردوغان قد اعترف في 31 كانون الأول 2017 أي قبل أشهر بأن «تركيا لن يكون بمقدورها ضمان مستقبلها من دون حل المشكلات في المنطقة، وهذا يتطلب المزيد من الفعالية والاقتحام حتى لو دعت الضرورة إلى سياسة خارجية تنطوي على المخاطرة» بحسب ما نشرته صيحفة «حريات» التركية، وهذا تماماً ما قام به منذ بداية عام 2018 وما زال مستمراً في تنفيذه، فهو يقر بأن مشكلاته الداخلية كبيرة وشائكة ولا حل لها إلا بسياسة مغامرات التدخل العسكري في الجوار وتهديد الدول الأخرى البعيدة مثل مصر، لكن هذه السياسة محتومة الفشل لأن تزايد الدول المجاورة والمتضررة من سياسة أردوغان واعتداءاته سيدفع هذه الدول إلى التحالف المشروع والقانوني للدفاع عن أراضيها ومصالحها الوطنية، ولذلك ربما يشهد عام 2018 تمتين تحالف قوى ودول محور المقاومة بدور عراقي بدأ يظهر بشكل قوي ضد انتهاك أردوغان لأراضي العراق، وبدور روسي يحقق مهمة لجم أردوغان وإعادته إلى حجمه داخل تركيا بكل الوسائل المتاحة والممكنة.

  • فريق ماسة
  • 2018-03-17
  • 13431
  • من الأرشيف

أردوغان بين لعبة السلطان وتزايد الجبهات

إذا تأكد النبأ الذي جاء في صحيفة «سيدني مورنينغ هيرالد» الأسترالية بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنها سوف تعمل على «كبح» مجموعات السوريين الأكراد من الاستمرار في مشروعها بهدف إرضاء تركيا، فإن ذلك يعني أن ترامب يوظف كلاً من أردوغان، وقادة المجموعات الكردية في شمال شرق سورية ضمن خطة لا يتوقف فيها عن استهداف السيادة السورية لمصلحة تفتيت قدراتها والتمهيد لتقسيمها من تلك المنطقة. ما سبق أشار إليه مسؤول تركي بموجب ما جاء في الصحيفة الأسترالية حين قال: إن المطلوب من واشنطن هو أن تطلب من «المجموعات الكردية الانسحاب من منبج وإعادة انتشارها شرق نهر الفرات»، وقد يدل ذلك على احتمالات أن تشهد منطقة شمال سورية تصعيداً عسكرياً تركياً وليس تهدئة كما تحاول واشنطن الإيحاء به، فأردوغان بدأ منذ أيام «يدب الصوت ويصرخ» مطالباً حلف الأطلسي بالمشاركة العسكرية معه في مخططه العدواني الواضح على سورية كما بدأ وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بالحديث عن رغبة تركية في اختراق الحدود العراقية لتحقيق الأغراض ذاتها في شمال العراق وخصوصاً أن الوحدات العسكرية التركية لا تزال تتخذ لها مواقع قرب «بعشيقة» باسم محاربة داعش ومساعدة أكراد العراق في الحرب على داعش. وهذا يعني أن «المخطط الأردوغاني» للتوسع على حساب الجوار السوري والعراقي ما زال على جدول عمل أنقرة بقوة التدخل العسكري، ولا شك أن الجميع يلاحظ أن أردوغان يعمل على توسيع وجوده العسكري في بعض الدول العربية باسم العلاقات «الأخوية» التي يستخدمها لبسط مشروعه «كسلطان عثماني» جديد لخدمة المصالح الأميركية، فقد ذكرت صحيفة «الخليج الجديد» الإلكترونية في 18 كانون الثاني الماضي أن أردوغان أعد خطة لنشر 60 ألفاً من الجنود الأتراك في عدد من دول المنطقة حتى عام 2022 باسم حماية التجارة ودعم الدول الصغيرة الحليفة. فقد نشرت تركيا 3000 جندي قرب البحر الأحمر وفي الصومال، وأصبح لديها قاعدة عسكرية في جزيرة سواكين السودانية ستنشر فيها خلال 5 سنوات 20 ألفاً من الجنود، ونشرت مئات الجنود في قطر ومن المقرر أن يزداد هذا العدد حتى عام 2022، ومن الملاحظ أن أردوغان يؤسس هذا النفوذ باسم «العلاقات بين المسلمين» أو «مع دول تميل إلى النظم الإسلامية وليس الوطنية»، وكأنه يريد تشكيل قاعدة لمحاصرة الدول القومية أو الوطنية، فمن السودان إلى الصومال إلى قطر وربما عدن على البحر الأحمر، ستشكل هذه السياسة خطراً على مصر وخصوصاً بعد تزايد العلاقات التجارية والسياسية بين قطر المتحالفة مع أردوغان وبين السودان جارة مصر في البر وفي البحر الأحمر، ويحاول أردوغان الآن زيادة نفوذه بين بعض القوى الإسلامية في ليبيا بمشاركة قطر وموافقة واشنطن ولندن. لكن أكبر الأخطار التي تحملها سياسة أردوغان في المنطقة والعالم العربي تكمن في تدخله العسكري في شمال سورية وفي شمال العراق ومضاعفات هذا التدخل على إيران وعلاقاتها الإقليمية والدولية. محاولات روسيا وإيران للجم خروقات أردوغان ضد جواره السوري والعراقي، بدأت تقل في جدواها بعد تهديده بنشر المزيد من القوات في العراق وبعد استنجاده بتدخل عسكري إلى جانبه من الحلف الأطلسي وبعد تهديده باحتلال منبج، وكان أردوغان قد اعترف في 31 كانون الأول 2017 أي قبل أشهر بأن «تركيا لن يكون بمقدورها ضمان مستقبلها من دون حل المشكلات في المنطقة، وهذا يتطلب المزيد من الفعالية والاقتحام حتى لو دعت الضرورة إلى سياسة خارجية تنطوي على المخاطرة» بحسب ما نشرته صيحفة «حريات» التركية، وهذا تماماً ما قام به منذ بداية عام 2018 وما زال مستمراً في تنفيذه، فهو يقر بأن مشكلاته الداخلية كبيرة وشائكة ولا حل لها إلا بسياسة مغامرات التدخل العسكري في الجوار وتهديد الدول الأخرى البعيدة مثل مصر، لكن هذه السياسة محتومة الفشل لأن تزايد الدول المجاورة والمتضررة من سياسة أردوغان واعتداءاته سيدفع هذه الدول إلى التحالف المشروع والقانوني للدفاع عن أراضيها ومصالحها الوطنية، ولذلك ربما يشهد عام 2018 تمتين تحالف قوى ودول محور المقاومة بدور عراقي بدأ يظهر بشكل قوي ضد انتهاك أردوغان لأراضي العراق، وبدور روسي يحقق مهمة لجم أردوغان وإعادته إلى حجمه داخل تركيا بكل الوسائل المتاحة والممكنة.

المصدر : الماسة السورية/ الوطن


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة