ما يدور هذه الأيام من حديثٍ وتكهنات حول طبيعة العلاقة المستقبلية بين موسكو -القاهرة ، مازال يدور بإطار التحليلات والتكهنات، فالمرحلة المقبلة، ستشهد على ألاغلب تطورات كبيرة ،ستعيشها علاقات العاصمتين اللتين تشتركان بظروف اقتصادية صعبة، واستهدافٍ خارجي بشكلٍ كبير،فموسكو اليوم، تعيش تحت وطأة الضغوطات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تفرضها عليها دولٌ، تحالفت في الشرق والغرب» واشنطن وحلفائها « بهدف اخضاع الروس ..والقاهرة كذلك، تعيش نفس الظروف مع اختلاف التوصيفات العملية للمشتركات بين موسكو والقاهرة،فالقاهرة اليوم لديها أزمة اقتصادية خانقة، كما إنها تعاني من أزمة أمنية بشكلٍ غير مسبوق، بسب استهداف الارهاب المدعوم خارجياً وداخلياً للدولة المصرية .

 ومن هنا فإنّهُ في ظل هذه التطورات «الخطيرة» التي تعيشها كل من موسكو – القاهرة ، وفي ظل ظروف وأزمات متلاحقة تعيشها الساحتين الدولية والاقليمية، شرقاً وغرباً والمنطقة العربية والاقليم ككل، وفي ظل واقع سياسي وأمني ساخن، يفرض وجوده بقوّة  في المنطقة العربية والاقليم تحديداً، ومن منطلق إن السياسة هي من تحرّك مصالح القوى الاقليمية والدولية ،ومع اتساع رقعة هذه التطورات بمجموعها، ومتغيرات الظروف الدولية والاقليمية ،فمن الطبيعي أن نسمع عن نشوء تقاربٍ بالرؤى والاراء بين بعض القوى الفاعلة على الساحة الدولية والاقليمية ، والهدف هذه المره، هو تفادي السقوط العميق بجحيم هذه الأزمات التي تمر بها الساحة الدولية والاقليمية  ،مما يعني بالضرورة، مساعدة هذه الدول على اجتياز بعض الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الداخلية التي تمر بها بعض تلك الدول ، وهذه العوامل بدورها هي من أسست لتبلور معالم تقارب جديد بين كلٍ من موسكو  - القاهرة .

ومع هذا التقارب «المرحلي» الذي بدأت تتضح معالمه حالياً في زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاهرة ، وهنا  فمن الطبيعي أن نرى كنتيجة أولية لهذا التقارب، نوعاً من التماهي والانسجام برؤية العاصمتين لمختلف الحلول المطروحة لأزمات المنطقة العربية تحديداً ،وهذا ما كان قد ظهر مؤخراً، بين الحين والآخر في مواقف العاصمتين اتجاه  ملفات اقليمية ودولية وداخلية،سواءٌ كانت اقتصادية أم أمنية أم سياسية، والسبب بذلك هو تجاوز مرحلة الخلافات التي تركها النظام الأخواني المصري المعزول، بين موسكو والقاهرة ،بعد حلفٍ تاريخي ومنذ عقود طويلة مضت من التحالف بين موسكو والقاهرة، ومع سقوط أسباب الخلاف، فهذا بدوره سيمنح كلا الجانبين، مزيداً من الحصانه والقوة، وتحديداً فيما يخص تقاطع المصالح بين الاستراتيجية الإقليمية للنظام المصري الذي يسعى الى الصعود بقوّة الى مصاف القوى الفاعلة بالاقليم، والنظام الروسي الذي  يسعى جاهداً  لتجاوز المرحلة الحالية والصعبة التي تمر بها الدولة الروسية، وبالطبع هنا تجدر الأشاره الى ان هذا التقارب بين موسكو –القاهرة  سيكون عنواناً لمرحلة جديدة لكل أحداث المنطقة، وسيخلط أوراق الاقليم ككل من جديد، وسيؤثربشكلٍ بنّاء على مسار وضع الحلول لفوضى الاقليم بشكلٍ عام، وبالطبع سيعطي قوة دفع لكلا النظامين والدولتين المأزومتين داخلياً وخارجياً.

المتوقع أن تركز نقاط التقارب بين موسكو والقاهرة على الشق الداخلي لكلا البلدين، وسيأخذ هذا الشق الجزء الأكبر من عنوان التقارب بين موسكو والقاهرة ،كما سيحضر الملف الأمني وبقوّة على طاولة هذا التقارب، خصوصاً الارهاب الذي يستهدف مصر ،لإيجاد نقاط التقاء روسية مصرية أمنية، تساعد مصر في حربها على الارهاب.موسكو كذلك لها اهدافها من وراء تقاربها مع القاهرة فهي تريد أن تثبت لواشنطن وحلفائها ، إنها مازالت موجودة بالساحة الدولية، وتعمل على توسيع رقعة نفوذها، وتوسيع قاعدة تحالفاتها الاقليمية والدولية شرقاً وغرباً ،فزيارة بوتين للقاهرة، تحملُ عدّة رسائل لاعدائه ولحلفائه، أمّا اقليمياً ودولياً، فالمتوقع  أن تفرز زيارة بوتين لمصر ،زخماً جديداً للمواقف الاقليمية والدولية ، بخصوص  فوضى الاقليم العربي ، وهذا بدوره  سيفرز شكلاً من التقارب بالاراء نوعاً ما ، بخصوص الملفات الساخنة بالاقليم ككل، فملف «سورية «بشكلٍ خاص ، وضع «كلا الدولتين» في خانة التناقض بالفتره الماضية ، ولكن بالمرحلة الحالية ونظراً لصعوبتها ، وتغير نهج وطريقة وطبيعة ورموز نظام الحكم بمصر، وتطور وتلاحق الاحداث بالمنطقة، هي من ستجمع بالتأكيد كلا «النظامين « بأن يكون هناك حالة من التقارب بالاراء والرؤى بين البلدين، ولو» مرحلياً « لحين أكتمال معالم المشهد الاقليمي والدولي .

 

ختاماً ، هناك اليوم حقيقة لايمكن انكارها، وهي إن موسكو -القاهرة ، قد دفعتا الثمن ألاكبر، أكثر من غيرهم، بسبب فوضى الربيع العربي.. على اعتبار إنهما، قد خسرتا الكثير من أوراق القوة لهما بالاقليم، ومع إن المراقبين يعتبرون أن موسكو -القاهرة تمتلكان من الأوراق ما يجعلنهما قادرتين على أنقاذ المنطقة ككل من جحيم الفوضى، إلّا إنّ  حجم  طموح  ونفوذ واشنطن وحلفائها على الساحتين  الاقليمية  والدولية ، قد يضع الكثير من العقد بحبل التقارب  بين موسكو – القاهرة، فمسار الحرب المتعددة الوجوة والاشكال  التي تفرضها واشنطن وحلفائها على موسكو وحلفائها، وتطورات الاوضاع الأمنية والسياسية في العالم ككل،ومسار  الملف السوري السوري المستمر إلى الآن، ومع حجم التوقعات الإيجابية لدور مصر الاقليمي المستقبلي، وتغيرات الوضع باليمن، وفرضيات التطورات المتوقعة بالوضع العراقي، هي بمجملها من ستكشف، حسب المراقبين، مدى ثقل كل من واشنطن وحلفائها وموسكو وحلفائها، الطامحين لكسب الورقة المصرية.

 

  • فريق ماسة
  • 2017-12-13
  • 11272
  • من الأرشيف

"القاهرة وموسكو ... حلف يتجذر ولكن

ما يدور هذه الأيام من حديثٍ وتكهنات حول طبيعة العلاقة المستقبلية بين موسكو -القاهرة ، مازال يدور بإطار التحليلات والتكهنات، فالمرحلة المقبلة، ستشهد على ألاغلب تطورات كبيرة ،ستعيشها علاقات العاصمتين اللتين تشتركان بظروف اقتصادية صعبة، واستهدافٍ خارجي بشكلٍ كبير،فموسكو اليوم، تعيش تحت وطأة الضغوطات الاقتصادية والأمنية والسياسية التي تفرضها عليها دولٌ، تحالفت في الشرق والغرب» واشنطن وحلفائها « بهدف اخضاع الروس ..والقاهرة كذلك، تعيش نفس الظروف مع اختلاف التوصيفات العملية للمشتركات بين موسكو والقاهرة،فالقاهرة اليوم لديها أزمة اقتصادية خانقة، كما إنها تعاني من أزمة أمنية بشكلٍ غير مسبوق، بسب استهداف الارهاب المدعوم خارجياً وداخلياً للدولة المصرية .  ومن هنا فإنّهُ في ظل هذه التطورات «الخطيرة» التي تعيشها كل من موسكو – القاهرة ، وفي ظل ظروف وأزمات متلاحقة تعيشها الساحتين الدولية والاقليمية، شرقاً وغرباً والمنطقة العربية والاقليم ككل، وفي ظل واقع سياسي وأمني ساخن، يفرض وجوده بقوّة  في المنطقة العربية والاقليم تحديداً، ومن منطلق إن السياسة هي من تحرّك مصالح القوى الاقليمية والدولية ،ومع اتساع رقعة هذه التطورات بمجموعها، ومتغيرات الظروف الدولية والاقليمية ،فمن الطبيعي أن نسمع عن نشوء تقاربٍ بالرؤى والاراء بين بعض القوى الفاعلة على الساحة الدولية والاقليمية ، والهدف هذه المره، هو تفادي السقوط العميق بجحيم هذه الأزمات التي تمر بها الساحة الدولية والاقليمية  ،مما يعني بالضرورة، مساعدة هذه الدول على اجتياز بعض الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الداخلية التي تمر بها بعض تلك الدول ، وهذه العوامل بدورها هي من أسست لتبلور معالم تقارب جديد بين كلٍ من موسكو  - القاهرة . ومع هذا التقارب «المرحلي» الذي بدأت تتضح معالمه حالياً في زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاهرة ، وهنا  فمن الطبيعي أن نرى كنتيجة أولية لهذا التقارب، نوعاً من التماهي والانسجام برؤية العاصمتين لمختلف الحلول المطروحة لأزمات المنطقة العربية تحديداً ،وهذا ما كان قد ظهر مؤخراً، بين الحين والآخر في مواقف العاصمتين اتجاه  ملفات اقليمية ودولية وداخلية،سواءٌ كانت اقتصادية أم أمنية أم سياسية، والسبب بذلك هو تجاوز مرحلة الخلافات التي تركها النظام الأخواني المصري المعزول، بين موسكو والقاهرة ،بعد حلفٍ تاريخي ومنذ عقود طويلة مضت من التحالف بين موسكو والقاهرة، ومع سقوط أسباب الخلاف، فهذا بدوره سيمنح كلا الجانبين، مزيداً من الحصانه والقوة، وتحديداً فيما يخص تقاطع المصالح بين الاستراتيجية الإقليمية للنظام المصري الذي يسعى الى الصعود بقوّة الى مصاف القوى الفاعلة بالاقليم، والنظام الروسي الذي  يسعى جاهداً  لتجاوز المرحلة الحالية والصعبة التي تمر بها الدولة الروسية، وبالطبع هنا تجدر الأشاره الى ان هذا التقارب بين موسكو –القاهرة  سيكون عنواناً لمرحلة جديدة لكل أحداث المنطقة، وسيخلط أوراق الاقليم ككل من جديد، وسيؤثربشكلٍ بنّاء على مسار وضع الحلول لفوضى الاقليم بشكلٍ عام، وبالطبع سيعطي قوة دفع لكلا النظامين والدولتين المأزومتين داخلياً وخارجياً. المتوقع أن تركز نقاط التقارب بين موسكو والقاهرة على الشق الداخلي لكلا البلدين، وسيأخذ هذا الشق الجزء الأكبر من عنوان التقارب بين موسكو والقاهرة ،كما سيحضر الملف الأمني وبقوّة على طاولة هذا التقارب، خصوصاً الارهاب الذي يستهدف مصر ،لإيجاد نقاط التقاء روسية مصرية أمنية، تساعد مصر في حربها على الارهاب.موسكو كذلك لها اهدافها من وراء تقاربها مع القاهرة فهي تريد أن تثبت لواشنطن وحلفائها ، إنها مازالت موجودة بالساحة الدولية، وتعمل على توسيع رقعة نفوذها، وتوسيع قاعدة تحالفاتها الاقليمية والدولية شرقاً وغرباً ،فزيارة بوتين للقاهرة، تحملُ عدّة رسائل لاعدائه ولحلفائه، أمّا اقليمياً ودولياً، فالمتوقع  أن تفرز زيارة بوتين لمصر ،زخماً جديداً للمواقف الاقليمية والدولية ، بخصوص  فوضى الاقليم العربي ، وهذا بدوره  سيفرز شكلاً من التقارب بالاراء نوعاً ما ، بخصوص الملفات الساخنة بالاقليم ككل، فملف «سورية «بشكلٍ خاص ، وضع «كلا الدولتين» في خانة التناقض بالفتره الماضية ، ولكن بالمرحلة الحالية ونظراً لصعوبتها ، وتغير نهج وطريقة وطبيعة ورموز نظام الحكم بمصر، وتطور وتلاحق الاحداث بالمنطقة، هي من ستجمع بالتأكيد كلا «النظامين « بأن يكون هناك حالة من التقارب بالاراء والرؤى بين البلدين، ولو» مرحلياً « لحين أكتمال معالم المشهد الاقليمي والدولي .   ختاماً ، هناك اليوم حقيقة لايمكن انكارها، وهي إن موسكو -القاهرة ، قد دفعتا الثمن ألاكبر، أكثر من غيرهم، بسبب فوضى الربيع العربي.. على اعتبار إنهما، قد خسرتا الكثير من أوراق القوة لهما بالاقليم، ومع إن المراقبين يعتبرون أن موسكو -القاهرة تمتلكان من الأوراق ما يجعلنهما قادرتين على أنقاذ المنطقة ككل من جحيم الفوضى، إلّا إنّ  حجم  طموح  ونفوذ واشنطن وحلفائها على الساحتين  الاقليمية  والدولية ، قد يضع الكثير من العقد بحبل التقارب  بين موسكو – القاهرة، فمسار الحرب المتعددة الوجوة والاشكال  التي تفرضها واشنطن وحلفائها على موسكو وحلفائها، وتطورات الاوضاع الأمنية والسياسية في العالم ككل،ومسار  الملف السوري السوري المستمر إلى الآن، ومع حجم التوقعات الإيجابية لدور مصر الاقليمي المستقبلي، وتغيرات الوضع باليمن، وفرضيات التطورات المتوقعة بالوضع العراقي، هي بمجملها من ستكشف، حسب المراقبين، مدى ثقل كل من واشنطن وحلفائها وموسكو وحلفائها، الطامحين لكسب الورقة المصرية.  

المصدر : الماسة السورية / هشام الهبيشان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة