بعد الإعلان الروسي عن سحب القوات الجزئي، وجدت واشنطن نفسها مضطرة إلى تأكيد أهمية وضرورة وجودها على الأراضي السورية، الأمر الذي يبدو أنه سيتحول إلى جدل علني طويل بين البلدين، خلال الفترة المقبلة

تتواصل المعارك على الأرض في عدد من الجبهات، بالتوازي مع المحادثات الجارية في جنيف بين الوفدين الحكومي والمعارض والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا. وخلال الأسبوع الماضي، اشتدت حدة العمليات في ريف حماة الشمالي الشرقي، والتي يخوضها الجيش وحلفاؤه ضد «هيئة تحرير الشام» وعدد من الفصائل المسلحة.

وكانت لافتة أمس عودة الاشتباكات إلى محيط أحياء العاصمة دمشق الجنوبية، بعد محاولة من «داعش» للتقدم داخل حي التضامن انطلاقاً من مناطق سيطرته داخل مخيم اليرموك. ويأتي تحرك التنظيم، الذي يهدف إلى تحقيق «إنجاز إعلامي» مهم عبر تحريك جبهات العاصمة، بعد انحسار سيطرته في الشرق السوري.

وتمكن «داعش» في الساعات الأولى للهجوم من السيطرة على عدد من الأبنية السكنية الواقعة على خط الدفاع الأول، وترافق ذلك مع إطلاقه عدداً من القذائف الصاروخية باتجاه الحي الدمشقي، ما دفع العديد من المدنيين إلى المغادرة. وفي المقابل، دفع الجيش بتعزيزات عسكرية باتجاه خطوط الجبهة بين التضامن والمخيم، وعمل على تنفيذ هجوم معاكس بدل الاكتفاء بالدفاع.

 

 

وتمكن بعد ساعات من استعادة السيطرة على الأبنية التي دخلها مسلحو التنظيم. وانتهى الخرق بشكل سريع نسبياً، بعد أن تسبب في سقوط عدة شهداء عسكريين وجرح آخرين، إلى جانب شهيد مدني وعدد من الجرحى. ولم يقتصر تصعيد «داعش» على أطراف دمشق، إذ شهدت مواقع الجيش الممتدة بين مدينتي الميادين والبوكمال، أمس، هجمات منسّقة من قبل مسلحي التنظيم، في محاولة لقطع الطريق واستعادة السيطرة على عدد من المناطق السكنية على ضفة الفرات الجنوبية.

وبالتوازي، تابع الجيش وحلفاؤه عملياتهم العسكرية في ريف حماة الشمالي، وتمكنوا من السيطرة بشكل كامل على قرية الظافرية وتلة البرميل المحاذية لريف إدلب الجنوبي الشرقي. ووصلت نيران الجيش على تلك الجبهة إلى قريتي الزهراء وتل خنزير، في وقت تقدمت فيه الوحدات باتجاه طريق المشيرفة ــ أبو دالي. وترافقت التطورات الميدانية على الأرض مع عقد اجتماعات محادثات جنيف وفق الجدول المقرر، إذ اجتمع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وفريقه، مع كلا الوفدين، الحكومي والمعارض. وكان لافتاً خلال اليومين الماضيين أن الوفد الحكومي تعمد ألا يدلي بتصريحات لوسائل الإعلام قبل أو بعد الجلسات مع دي ميستورا، التي ركزت وفق الأخير على موضوعي الانتخابات والدستور.

ومجدداً عادت واشنطن لتؤكد بقاء قواتها في سوريا لفترة طويلة، وأعلنت وزارة الخارجية أن مهمة «التحالف الدولي» لم تنته بعد، مشيرة إلى أن بقاء القوات هناك ليس مرتبطاً ببقاء القوات الروسية أو انسحابها. وقالت المتحدثة باسم الوزارة، هيذر نورت: «قد تعتقد روسيا أن عملها في سوريا قد انتهى، لكن مهمتنا في سوريا لم تنته بعد»، مضيفة أنه «لا تزال هناك جيوب لـ(داعش)، وما زال البلد (سوريا) في حاجة إلى الاستقرار، ولقد تحدثنا قبل قليل عن إزالة الأنقاض والألغام». وحول تقرير مجلة «ذا نيويوركر» الذي قال إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستقبل ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم حتى نهاية ولايته في عام 2021، قالت نورت: «نحن لم نقبل بأي شيء من هذا القبيل، فهذا الأمر لا تقرره الولايات المتحدة، بل الشعب السوري»، مشددة على التزام بلادها بمحادثات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة. وفي سياق متصل، رأى السيناتور الأميركي جون ماكين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، أن التقارير التي تفيد بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سوف تقبل بأربع سنوات أخرى من حكم الرئيس بشار الأسد فى سوريا «مقلقة للغاية». ورأى أن «زيارة (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين إلى سوريا هذا الأسبوع، كانت رمزاً آخر لغياب القيادة الأميركية، ما سمح لروسيا بالتدخل لملء هذا الفراغ، على حساب مصالحنا وقيمنا».

وفي موازاة ذلك، قدم الرئيس الروسي إلى مجلس الدوما، أمس، مشروع الاتفاقية المبرمة بين بلاده وسوريا، بشأن توسيع القاعدة البحرية الروسية في ميناء مدينة طرطوس. ووفق الوثيقة التي نشرها مجلس الدوما على الإنترنت (وفق ترجمة وكالة «الأناضول»)، يقضي مشروع الاتفاق الموقّع لمدة 49 عاماً بخروج القاعدة البحرية من مسؤولية سوريا المدنية والإدارية، على ألا تخضع لأي عمليات تفتيش أو حجز للممتلكات الروسية المنقولة وغير المنقولة، ويكون العقد قابلاً للتمديد لمدة 25 عاماً بموافقة الطرفين. كذلك يحق لروسيا إرسال العدد الذي تراه كافياً من الجنود، من أجل حماية القاعدة.

وفي سياق متصل، أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، أنه لن تجري إعادة جميع العسكريين العاملين في سوريا، مشيراً إلى بقاء قاعدتي حميميم وطرطوس. ورداً على المزاعم الأميركية بأن النصر ضد «داعش» لم يكن بفضل روسيا، قال بيسكوف إنه «يمكن تطبيق المثل الروسي القائل: الهزيمة يتيمة أما النصر فهو متعدد الآباء». بدورها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زاخاروفا، رفض بلادها لحجج واشنطن بشأن إبقاء قواتها في سوريا.

  • فريق ماسة
  • 2017-12-13
  • 12377
  • من الأرشيف

جدل روسي ــ أميركي حول الوجود العسكري...و «داعش» يفشل في خرق جنوبي دمشق

بعد الإعلان الروسي عن سحب القوات الجزئي، وجدت واشنطن نفسها مضطرة إلى تأكيد أهمية وضرورة وجودها على الأراضي السورية، الأمر الذي يبدو أنه سيتحول إلى جدل علني طويل بين البلدين، خلال الفترة المقبلة تتواصل المعارك على الأرض في عدد من الجبهات، بالتوازي مع المحادثات الجارية في جنيف بين الوفدين الحكومي والمعارض والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا. وخلال الأسبوع الماضي، اشتدت حدة العمليات في ريف حماة الشمالي الشرقي، والتي يخوضها الجيش وحلفاؤه ضد «هيئة تحرير الشام» وعدد من الفصائل المسلحة. وكانت لافتة أمس عودة الاشتباكات إلى محيط أحياء العاصمة دمشق الجنوبية، بعد محاولة من «داعش» للتقدم داخل حي التضامن انطلاقاً من مناطق سيطرته داخل مخيم اليرموك. ويأتي تحرك التنظيم، الذي يهدف إلى تحقيق «إنجاز إعلامي» مهم عبر تحريك جبهات العاصمة، بعد انحسار سيطرته في الشرق السوري. وتمكن «داعش» في الساعات الأولى للهجوم من السيطرة على عدد من الأبنية السكنية الواقعة على خط الدفاع الأول، وترافق ذلك مع إطلاقه عدداً من القذائف الصاروخية باتجاه الحي الدمشقي، ما دفع العديد من المدنيين إلى المغادرة. وفي المقابل، دفع الجيش بتعزيزات عسكرية باتجاه خطوط الجبهة بين التضامن والمخيم، وعمل على تنفيذ هجوم معاكس بدل الاكتفاء بالدفاع.     وتمكن بعد ساعات من استعادة السيطرة على الأبنية التي دخلها مسلحو التنظيم. وانتهى الخرق بشكل سريع نسبياً، بعد أن تسبب في سقوط عدة شهداء عسكريين وجرح آخرين، إلى جانب شهيد مدني وعدد من الجرحى. ولم يقتصر تصعيد «داعش» على أطراف دمشق، إذ شهدت مواقع الجيش الممتدة بين مدينتي الميادين والبوكمال، أمس، هجمات منسّقة من قبل مسلحي التنظيم، في محاولة لقطع الطريق واستعادة السيطرة على عدد من المناطق السكنية على ضفة الفرات الجنوبية. وبالتوازي، تابع الجيش وحلفاؤه عملياتهم العسكرية في ريف حماة الشمالي، وتمكنوا من السيطرة بشكل كامل على قرية الظافرية وتلة البرميل المحاذية لريف إدلب الجنوبي الشرقي. ووصلت نيران الجيش على تلك الجبهة إلى قريتي الزهراء وتل خنزير، في وقت تقدمت فيه الوحدات باتجاه طريق المشيرفة ــ أبو دالي. وترافقت التطورات الميدانية على الأرض مع عقد اجتماعات محادثات جنيف وفق الجدول المقرر، إذ اجتمع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، وفريقه، مع كلا الوفدين، الحكومي والمعارض. وكان لافتاً خلال اليومين الماضيين أن الوفد الحكومي تعمد ألا يدلي بتصريحات لوسائل الإعلام قبل أو بعد الجلسات مع دي ميستورا، التي ركزت وفق الأخير على موضوعي الانتخابات والدستور. ومجدداً عادت واشنطن لتؤكد بقاء قواتها في سوريا لفترة طويلة، وأعلنت وزارة الخارجية أن مهمة «التحالف الدولي» لم تنته بعد، مشيرة إلى أن بقاء القوات هناك ليس مرتبطاً ببقاء القوات الروسية أو انسحابها. وقالت المتحدثة باسم الوزارة، هيذر نورت: «قد تعتقد روسيا أن عملها في سوريا قد انتهى، لكن مهمتنا في سوريا لم تنته بعد»، مضيفة أنه «لا تزال هناك جيوب لـ(داعش)، وما زال البلد (سوريا) في حاجة إلى الاستقرار، ولقد تحدثنا قبل قليل عن إزالة الأنقاض والألغام». وحول تقرير مجلة «ذا نيويوركر» الذي قال إن إدارة الرئيس دونالد ترامب ستقبل ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم حتى نهاية ولايته في عام 2021، قالت نورت: «نحن لم نقبل بأي شيء من هذا القبيل، فهذا الأمر لا تقرره الولايات المتحدة، بل الشعب السوري»، مشددة على التزام بلادها بمحادثات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة. وفي سياق متصل، رأى السيناتور الأميركي جون ماكين، رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، أن التقارير التي تفيد بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سوف تقبل بأربع سنوات أخرى من حكم الرئيس بشار الأسد فى سوريا «مقلقة للغاية». ورأى أن «زيارة (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين إلى سوريا هذا الأسبوع، كانت رمزاً آخر لغياب القيادة الأميركية، ما سمح لروسيا بالتدخل لملء هذا الفراغ، على حساب مصالحنا وقيمنا». وفي موازاة ذلك، قدم الرئيس الروسي إلى مجلس الدوما، أمس، مشروع الاتفاقية المبرمة بين بلاده وسوريا، بشأن توسيع القاعدة البحرية الروسية في ميناء مدينة طرطوس. ووفق الوثيقة التي نشرها مجلس الدوما على الإنترنت (وفق ترجمة وكالة «الأناضول»)، يقضي مشروع الاتفاق الموقّع لمدة 49 عاماً بخروج القاعدة البحرية من مسؤولية سوريا المدنية والإدارية، على ألا تخضع لأي عمليات تفتيش أو حجز للممتلكات الروسية المنقولة وغير المنقولة، ويكون العقد قابلاً للتمديد لمدة 25 عاماً بموافقة الطرفين. كذلك يحق لروسيا إرسال العدد الذي تراه كافياً من الجنود، من أجل حماية القاعدة. وفي سياق متصل، أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، أنه لن تجري إعادة جميع العسكريين العاملين في سوريا، مشيراً إلى بقاء قاعدتي حميميم وطرطوس. ورداً على المزاعم الأميركية بأن النصر ضد «داعش» لم يكن بفضل روسيا، قال بيسكوف إنه «يمكن تطبيق المثل الروسي القائل: الهزيمة يتيمة أما النصر فهو متعدد الآباء». بدورها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زاخاروفا، رفض بلادها لحجج واشنطن بشأن إبقاء قواتها في سوريا.

المصدر : الماسة السورية/ الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة