فيما يلي مداخلة النائب (Nicolas Dhuicq)، في الجمعية الوطنية الفرنسية، عن اقتراح قرار "الاعتراف وملاحقة جرائم الإرهابيين في سوريا والعراق":

سيدي الرئيس، السيد وزير الدولة، والسادة الزملاء الأعزاء:

كم من دموع يجب أن تذرفها نساء سوريا وكم من دماء يجب عليهن إهراقهاا؟ ست سنوات حرب، ست سنوات مرعبة. الصراع السوري يتغطى بثلاث طبقات من الواقع. أولاً حرب أهلية، بالطبع، حيث، بالبداية، تصاعد الاحتجاج في الطبقات الشعبية في المناطق الريفية والحضرية، لكنه منذ ذلك الوقت وجد نفسه عرضة للتلاعب من قبل أداة البروباغاندا الرهيبة "الجزيرة".

بوجود الإخوان المسلمين وقوى الخليج، والتي اعتاد رؤساؤنا الانحناء بل حتى السجود أمامهم. بالمناسبة هم يبيعونهم الأسلحة الضرورية لقيام حرب رهيبة في اليمن، لايتكلم أحد عنها، طالما أن استياء الحكومة والأغلبية انتقائي.

نعم، تنسون رؤية واقع بلد، مهد الحضارة، وكذلك بلد، وأمة ووطن اسمه سوريا، لأن سوريا هي أمة حقيقية ووطن حقيقي؛ لا يَعرَّفُ السوريون عن أنفسهم بانتمائهم الديني أو الاثني بل بوطنيتهم.

نعم إنه لمن مصلحتنا أن يربح الجيش العربي السوري الحرب.

إنه لمن مصلحتنا ألا ننسى شهداء سوريا: نتكلم عن ثلاثمائة إلى أربعمائة ألف شخص ماتوا، لكننا نسى أن من بينهم 30 إلى أربعين ألف جندي من الجيش العربي السوري اللذين يحاربون في هذه اللحظة من أجل حريتنا ومن أجل بلدهم. ننسى أيضاً الثمانية عشر ألف شخص اللذين ماتوا في عمليات القصف التي استهدفت غرب حلب انطلاقاً من الأحياء الشرقية.

أقرأ في عرض أسباب اقتراحكم للقانون بأن النظام الصحي أصبح بحالة من الفوضى لكن، في هذه الحالة، لماذا عمل الهلال الأحمر في حلب، وعالج جميع المقاتلين بدون استثناء؟ لماذا اضطر زملائي في المشفى الجامعي بحلب أن يجروا عمليات ضمن ظروف غير معقولة، والاعتناء بأكثر من اربعة آلاف جريح في ثلاثة الأشهر الأخيرة من الصراع؟

من سيتكلم عن الإسلاميين اللذين يسممون الماء في دمشق؟ من سيتكلم عن النساء السوريات اللائي يصارعن من أجل حريتهن لتتمكن بناتهن من الذهاب إلى المدرسة؟ من سيتكلم عن المدرسة الفرنسية التي تركتها الحكومة(الفرنسية) والتي لاتقدم لها أي نوع من المساعدة؟

من سيتكلم عن مستشفى القديس لويس (المستشفى الفرنسي) في دمشق، الذي أصيب بقصف من قبل الإسلاميين منذ سنتين وحيث لم يكن لدى زملائي والممرضات هناك مايكفي من الكحول لمعالجة الجروح؟ من سيتكلم عن أولئك الأطفال اللذين بسبب من يسمون "معارضين معتدلين" فقدوا قدماً أو عيناً وجزءاً كبيراً من حياتهم؟ هذا هو "العمل الجيد" للنصرة. لقد رأيناه أيضاً في قرية معلولا حيث كانت كل الطوائف تذهب لتصلي وحيث تم ذبح المسيحيين من قبل عناصر جبهة النصرة، هؤلاء أنفسهم اللذين كانوا يقومون بعمل جيد بنظر وزير الخارجية السابق.

من سيتكلم عن مصالح قطر والسعودية في سوريا؟ من سيتكلم عن خط نقل الغاز؟ من سيتكلم عن الأسباب الحقيقية لهذه الحرب؟ من سيتكلم هنا عن مستقبل الحضارة، وعن تدمر التي دمرها الهمج والرعاع واللذين تريدون إجراء الفرز بين متمردين جيدين ومتمردين سيئين، بين إسلاميين جيدين و إسلاميين سيئين؟ بين النصرة والقاعدة نفس القتال و نفس الظلامية ونفس إرادة إفناء الإنسان والثقافة.

في الحقيقة أكرر القول إن الجيش العربي السوري يقاتل هناك من أجل الثقافة والحضارة، و لدينا مصلحة أن يربح هذه الحرب. لماذا لم يعد باستطاعة الصحفيين الذهاب إلى إدلب؟ ماذا يحدث فيها الآن؟ من سيذهب إليها ليقول الحقيقة حول هؤلاء "المتمردين المعتدلين" المفترضين؟ الجيش السوري الحر يطبق الشريعة أيضاً حيثما حلّ.

أما عن استعمال الغاز فيكفي امتلاك معرفة قليلة بالتاريخ الحربي لنفهم بأن عدوه الأول هو الريح. من سيحدثكم أيضاً عن صواريخ ميلان الخفيفة المضادة للدروع التي تستعملها جبهة النصرة؟ من سيتكلم لكم عن قذائف الهاون الفرنسية الصنع تلك، وعن صواريخ الهيليوكوبتر الفرنسية؟ في حين أننا كنا من بين من تلقى صواريخ المعتدلين من النصرة في حلب؟

أشعر بالخزي من بلدي لأن فرنسا تركت سوريا. فرنسا تركت هذا الشعب العظيم. تركت فرنسا الحرية. مع ذلك كان يكفي القيام بأشياء بسيطة. تتكلمون عن الفوضى التي تعم النظام الصحي، لكن لماذا لا ترفعون هذا الحظر العبثي والذي بسببه لا يتمكن الأطباء من إجراء الصيانة على أجهزة السكانر، والحاضنات وأجهزة الأشعة والمشارط الكهربائية والتي تقود الشعب السوري إلى البؤس وهو العدو الأول؟ هذا أول شيئ كان يتوجب عليكم فعله!

يجب على سوريا أيضاً أن تستعيد وحدة أراضيها وسيادتها؛ يجب ألا يتم تحويلها إلى فيدرالية ! لدينا مصلحة جميعاً أن تعود سوريا حرة وسيدة. وإني آمل، من تلك الناحية، أن تسترجع فرنسا صوتاً حقيقياً وديبلوماسية حقيقية و حضوراً حقيقياً.

وفيما يلي مداخلة النائب فيرونيك بيس (Véronique Besse)، في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، عن اقتراح قرار "الاعتراف وملاحقة جرائم الإرهابيين في سوريا والعراق" :

سيدي الرئيس، السيد وزير الدولة، والسادة الزملاء الأعزاء النائب فيرونيك

نعم لايمكننا إلا أن نكون موافقين مع الهدف من مشروع قراركم. نعم، يجب على الدولة(الفرنسية) "استعمال كل الطرق القانونية للاعتراف بالجرائم المرتكبة في سوريا والعراق" ولتسهيل القبض على مرتكبيها ومحاكمتهم. نعم، يجب على فرنسا أن تتعهد بأن "تصل المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في سوريا" والعراق. نعم، يجب على فرنسا أن تلتزم دائماً أكثر كي يتمكن أبناء الأقليات المسيحية واليزيدية والشيعية والكردية من أن تعيش بسلام في بلدها، على الأرض التي شهدت ولادتهم. بصفتي رئيسة مشاركة لمجموعة الدراسات عن "مسيحيي الشرق" في جمعيتنا(الجمعية الوطنية الفرنسية أي البرلمان) لايسعني سوى إقرار هذه الأهداف. على الورق، أو على الأقل في عنوانه، يستجيب اقتراح المشروع هذا لواجب الحقيقة الذي ندين به لآلاف الأموات ولآلاف اللاجئين وآلاف الرجال والنساء اللذين مازالوا يعانون في الشرق.

للأسف، واجب الحقيقة هذا نفسه يدفعني أن أقول لكم على حد سواء بأنه، منذ خمس سنوات، قمتم تماماً بعمل عكس ماكان يجب عمله. لن أبيّن سوى خطأين رئيسيين.

الأول هو الخطأ باختيار المخبرين. برفض إعادة افتتاح سفارة فرنسا في دمشق والمغلقة منذ 2012، حرمنا بلدنا ليس فقط من تمثيل ديبلوماسي، بل أيضاً من مصادر مهمة للمعلومات والاستخبارات. النتيجة المباشرة لهذا الرفض كانت، لإعلام الفرنسيين عما كان يجري في سوريا، اكتفت كافة وسائل الإعلام تقريباً، منذ خمس سنوات، ببث معلومات "المرصد السوري لحقوق الإنسان" المشهور وهو مركز مريب ومثير للجدل بشكل كبير، ممول من قبل القطريين وموضوع بخدمة الإخوان المسلمين. معلومات باتجاه وحيد، مسيسة وموجهة بنظرة باتجاه واحد لهذا الصراع البالغ التعقيد.

الخطأ المفصلي الثاني يتمثل في رفضكم(الحكومة الفرنسية) للتحدث مع الحكومة السورية، مما جعلكم تخطؤون باختيار المحاورين. شلل نصفي موجع، قادكم إلى منح تفويض رسمي لأي كان.

هنا أيضاً أود أن أبين قصدي من خلال مثالين. في تشرين الأول الماضي، استقبلتم هنا في هذا المكان عينه، في الجمعية الوطنية، "القبعات البيض" الشهيرين. مع أنهم منظمة إسلامية وقد مُنِعَ رئيسها من الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية قبل وقت طويل من انتخاب دونالد ترامب.

في بداية شهر ديسمبر كانون الأول الماضي، أعدتم الكرة بمنحكم أسبوعاً رسمياً وإعلامياً لعمدة وهمي حقيقي لحلب، الذي هو ممثل، أو دمية، للإسلاميين المحتلين لشرق حلب لا أكثر ولا أقل.

النتيجة الرئيسية لهذين الخطأين المأساويين هو أنه منذ خمسة أعوام سياستكم الشرق أوسطية غير واضحة، وغير مفهومة وكما قلت منذ لحظة مشلولة.

بسبب هذا الشلل، في ديسمبر كانون الأول الماضي، لم تهتموا سوى بالمصير المأساوي لشرق حلب بدون أن تذكروا مرة واحدة آلام غرب حلب الرازحة تحت قنابل الجهاديين منذ 5 سنوات.

هذا الاستياء نفسه بأبعاد متغيرة، هو الذي منعكم من أن تبتهجوا مع الحلبيين والشعب السوري بتحرير هذه المدينة الشهيدة.

هذا الشلل نفسه هو دائماً مايدفعكم اليوم، في العراق، لمساندة الحكومة ضد الإسلاميين وفي سوريا لمساندة هؤلاء الإسلاميين أنفسهم ضد الحكومة.

أيضاً هذا الاستياء الانتقائي هو مايمنعكم من أن تدينوا الجهاديين المتعمدين حرمان مجموع سكان دمشق من المياه.

دائماً هذا الشلل نفسه هو أصل اقتراح قراركم. نتيجة هذه السياسة أن فرنسا تجد نفسها فاقدة للمصداقية بشكل كامل في الشرق وليس لديها أي وزن على الإطلاق في اللعبة الدبلوماسية الدولية.

حان الوقت إذاً لقلب الصفحة وإيجاد سياسة خارجية جديرة بهذا الاسم، واضحة، فريدة، مستقلة و متوقعة بهدف إظهار وقوفنا إلى جانب الشعبين السوري والعراقي والتخلص من الإرهاب الإسلامي وبناء السلام في تلك المنطقة من الشرق الأوسط.

كان يمكن وكان يجب على اقتراح القرار هذا أن يرسل إشارة إلى هذين الشعبين. للأسف، يبقى هذا النص على صورة السياسة المتبعة منذ 5 سنين؛ لذلك أجدني غير قادرة على التصويت عليه بصيغته الحالية .

  • فريق ماسة
  • 2017-10-30
  • 16092
  • من الأرشيف

برلمانيون فرنسيون يطلبون تصحيح سياسة بلادهم تجاه الدولة السورية

فيما يلي مداخلة النائب (Nicolas Dhuicq)، في الجمعية الوطنية الفرنسية، عن اقتراح قرار "الاعتراف وملاحقة جرائم الإرهابيين في سوريا والعراق": سيدي الرئيس، السيد وزير الدولة، والسادة الزملاء الأعزاء: كم من دموع يجب أن تذرفها نساء سوريا وكم من دماء يجب عليهن إهراقهاا؟ ست سنوات حرب، ست سنوات مرعبة. الصراع السوري يتغطى بثلاث طبقات من الواقع. أولاً حرب أهلية، بالطبع، حيث، بالبداية، تصاعد الاحتجاج في الطبقات الشعبية في المناطق الريفية والحضرية، لكنه منذ ذلك الوقت وجد نفسه عرضة للتلاعب من قبل أداة البروباغاندا الرهيبة "الجزيرة". بوجود الإخوان المسلمين وقوى الخليج، والتي اعتاد رؤساؤنا الانحناء بل حتى السجود أمامهم. بالمناسبة هم يبيعونهم الأسلحة الضرورية لقيام حرب رهيبة في اليمن، لايتكلم أحد عنها، طالما أن استياء الحكومة والأغلبية انتقائي. نعم، تنسون رؤية واقع بلد، مهد الحضارة، وكذلك بلد، وأمة ووطن اسمه سوريا، لأن سوريا هي أمة حقيقية ووطن حقيقي؛ لا يَعرَّفُ السوريون عن أنفسهم بانتمائهم الديني أو الاثني بل بوطنيتهم. نعم إنه لمن مصلحتنا أن يربح الجيش العربي السوري الحرب. إنه لمن مصلحتنا ألا ننسى شهداء سوريا: نتكلم عن ثلاثمائة إلى أربعمائة ألف شخص ماتوا، لكننا نسى أن من بينهم 30 إلى أربعين ألف جندي من الجيش العربي السوري اللذين يحاربون في هذه اللحظة من أجل حريتنا ومن أجل بلدهم. ننسى أيضاً الثمانية عشر ألف شخص اللذين ماتوا في عمليات القصف التي استهدفت غرب حلب انطلاقاً من الأحياء الشرقية. أقرأ في عرض أسباب اقتراحكم للقانون بأن النظام الصحي أصبح بحالة من الفوضى لكن، في هذه الحالة، لماذا عمل الهلال الأحمر في حلب، وعالج جميع المقاتلين بدون استثناء؟ لماذا اضطر زملائي في المشفى الجامعي بحلب أن يجروا عمليات ضمن ظروف غير معقولة، والاعتناء بأكثر من اربعة آلاف جريح في ثلاثة الأشهر الأخيرة من الصراع؟ من سيتكلم عن الإسلاميين اللذين يسممون الماء في دمشق؟ من سيتكلم عن النساء السوريات اللائي يصارعن من أجل حريتهن لتتمكن بناتهن من الذهاب إلى المدرسة؟ من سيتكلم عن المدرسة الفرنسية التي تركتها الحكومة(الفرنسية) والتي لاتقدم لها أي نوع من المساعدة؟ من سيتكلم عن مستشفى القديس لويس (المستشفى الفرنسي) في دمشق، الذي أصيب بقصف من قبل الإسلاميين منذ سنتين وحيث لم يكن لدى زملائي والممرضات هناك مايكفي من الكحول لمعالجة الجروح؟ من سيتكلم عن أولئك الأطفال اللذين بسبب من يسمون "معارضين معتدلين" فقدوا قدماً أو عيناً وجزءاً كبيراً من حياتهم؟ هذا هو "العمل الجيد" للنصرة. لقد رأيناه أيضاً في قرية معلولا حيث كانت كل الطوائف تذهب لتصلي وحيث تم ذبح المسيحيين من قبل عناصر جبهة النصرة، هؤلاء أنفسهم اللذين كانوا يقومون بعمل جيد بنظر وزير الخارجية السابق. من سيتكلم عن مصالح قطر والسعودية في سوريا؟ من سيتكلم عن خط نقل الغاز؟ من سيتكلم عن الأسباب الحقيقية لهذه الحرب؟ من سيتكلم هنا عن مستقبل الحضارة، وعن تدمر التي دمرها الهمج والرعاع واللذين تريدون إجراء الفرز بين متمردين جيدين ومتمردين سيئين، بين إسلاميين جيدين و إسلاميين سيئين؟ بين النصرة والقاعدة نفس القتال و نفس الظلامية ونفس إرادة إفناء الإنسان والثقافة. في الحقيقة أكرر القول إن الجيش العربي السوري يقاتل هناك من أجل الثقافة والحضارة، و لدينا مصلحة أن يربح هذه الحرب. لماذا لم يعد باستطاعة الصحفيين الذهاب إلى إدلب؟ ماذا يحدث فيها الآن؟ من سيذهب إليها ليقول الحقيقة حول هؤلاء "المتمردين المعتدلين" المفترضين؟ الجيش السوري الحر يطبق الشريعة أيضاً حيثما حلّ. أما عن استعمال الغاز فيكفي امتلاك معرفة قليلة بالتاريخ الحربي لنفهم بأن عدوه الأول هو الريح. من سيحدثكم أيضاً عن صواريخ ميلان الخفيفة المضادة للدروع التي تستعملها جبهة النصرة؟ من سيتكلم لكم عن قذائف الهاون الفرنسية الصنع تلك، وعن صواريخ الهيليوكوبتر الفرنسية؟ في حين أننا كنا من بين من تلقى صواريخ المعتدلين من النصرة في حلب؟ أشعر بالخزي من بلدي لأن فرنسا تركت سوريا. فرنسا تركت هذا الشعب العظيم. تركت فرنسا الحرية. مع ذلك كان يكفي القيام بأشياء بسيطة. تتكلمون عن الفوضى التي تعم النظام الصحي، لكن لماذا لا ترفعون هذا الحظر العبثي والذي بسببه لا يتمكن الأطباء من إجراء الصيانة على أجهزة السكانر، والحاضنات وأجهزة الأشعة والمشارط الكهربائية والتي تقود الشعب السوري إلى البؤس وهو العدو الأول؟ هذا أول شيئ كان يتوجب عليكم فعله! يجب على سوريا أيضاً أن تستعيد وحدة أراضيها وسيادتها؛ يجب ألا يتم تحويلها إلى فيدرالية ! لدينا مصلحة جميعاً أن تعود سوريا حرة وسيدة. وإني آمل، من تلك الناحية، أن تسترجع فرنسا صوتاً حقيقياً وديبلوماسية حقيقية و حضوراً حقيقياً. وفيما يلي مداخلة النائب فيرونيك بيس (Véronique Besse)، في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، عن اقتراح قرار "الاعتراف وملاحقة جرائم الإرهابيين في سوريا والعراق" : سيدي الرئيس، السيد وزير الدولة، والسادة الزملاء الأعزاء النائب فيرونيك نعم لايمكننا إلا أن نكون موافقين مع الهدف من مشروع قراركم. نعم، يجب على الدولة(الفرنسية) "استعمال كل الطرق القانونية للاعتراف بالجرائم المرتكبة في سوريا والعراق" ولتسهيل القبض على مرتكبيها ومحاكمتهم. نعم، يجب على فرنسا أن تتعهد بأن "تصل المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في سوريا" والعراق. نعم، يجب على فرنسا أن تلتزم دائماً أكثر كي يتمكن أبناء الأقليات المسيحية واليزيدية والشيعية والكردية من أن تعيش بسلام في بلدها، على الأرض التي شهدت ولادتهم. بصفتي رئيسة مشاركة لمجموعة الدراسات عن "مسيحيي الشرق" في جمعيتنا(الجمعية الوطنية الفرنسية أي البرلمان) لايسعني سوى إقرار هذه الأهداف. على الورق، أو على الأقل في عنوانه، يستجيب اقتراح المشروع هذا لواجب الحقيقة الذي ندين به لآلاف الأموات ولآلاف اللاجئين وآلاف الرجال والنساء اللذين مازالوا يعانون في الشرق. للأسف، واجب الحقيقة هذا نفسه يدفعني أن أقول لكم على حد سواء بأنه، منذ خمس سنوات، قمتم تماماً بعمل عكس ماكان يجب عمله. لن أبيّن سوى خطأين رئيسيين. الأول هو الخطأ باختيار المخبرين. برفض إعادة افتتاح سفارة فرنسا في دمشق والمغلقة منذ 2012، حرمنا بلدنا ليس فقط من تمثيل ديبلوماسي، بل أيضاً من مصادر مهمة للمعلومات والاستخبارات. النتيجة المباشرة لهذا الرفض كانت، لإعلام الفرنسيين عما كان يجري في سوريا، اكتفت كافة وسائل الإعلام تقريباً، منذ خمس سنوات، ببث معلومات "المرصد السوري لحقوق الإنسان" المشهور وهو مركز مريب ومثير للجدل بشكل كبير، ممول من قبل القطريين وموضوع بخدمة الإخوان المسلمين. معلومات باتجاه وحيد، مسيسة وموجهة بنظرة باتجاه واحد لهذا الصراع البالغ التعقيد. الخطأ المفصلي الثاني يتمثل في رفضكم(الحكومة الفرنسية) للتحدث مع الحكومة السورية، مما جعلكم تخطؤون باختيار المحاورين. شلل نصفي موجع، قادكم إلى منح تفويض رسمي لأي كان. هنا أيضاً أود أن أبين قصدي من خلال مثالين. في تشرين الأول الماضي، استقبلتم هنا في هذا المكان عينه، في الجمعية الوطنية، "القبعات البيض" الشهيرين. مع أنهم منظمة إسلامية وقد مُنِعَ رئيسها من الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية قبل وقت طويل من انتخاب دونالد ترامب. في بداية شهر ديسمبر كانون الأول الماضي، أعدتم الكرة بمنحكم أسبوعاً رسمياً وإعلامياً لعمدة وهمي حقيقي لحلب، الذي هو ممثل، أو دمية، للإسلاميين المحتلين لشرق حلب لا أكثر ولا أقل. النتيجة الرئيسية لهذين الخطأين المأساويين هو أنه منذ خمسة أعوام سياستكم الشرق أوسطية غير واضحة، وغير مفهومة وكما قلت منذ لحظة مشلولة. بسبب هذا الشلل، في ديسمبر كانون الأول الماضي، لم تهتموا سوى بالمصير المأساوي لشرق حلب بدون أن تذكروا مرة واحدة آلام غرب حلب الرازحة تحت قنابل الجهاديين منذ 5 سنوات. هذا الاستياء نفسه بأبعاد متغيرة، هو الذي منعكم من أن تبتهجوا مع الحلبيين والشعب السوري بتحرير هذه المدينة الشهيدة. هذا الشلل نفسه هو دائماً مايدفعكم اليوم، في العراق، لمساندة الحكومة ضد الإسلاميين وفي سوريا لمساندة هؤلاء الإسلاميين أنفسهم ضد الحكومة. أيضاً هذا الاستياء الانتقائي هو مايمنعكم من أن تدينوا الجهاديين المتعمدين حرمان مجموع سكان دمشق من المياه. دائماً هذا الشلل نفسه هو أصل اقتراح قراركم. نتيجة هذه السياسة أن فرنسا تجد نفسها فاقدة للمصداقية بشكل كامل في الشرق وليس لديها أي وزن على الإطلاق في اللعبة الدبلوماسية الدولية. حان الوقت إذاً لقلب الصفحة وإيجاد سياسة خارجية جديرة بهذا الاسم، واضحة، فريدة، مستقلة و متوقعة بهدف إظهار وقوفنا إلى جانب الشعبين السوري والعراقي والتخلص من الإرهاب الإسلامي وبناء السلام في تلك المنطقة من الشرق الأوسط. كان يمكن وكان يجب على اقتراح القرار هذا أن يرسل إشارة إلى هذين الشعبين. للأسف، يبقى هذا النص على صورة السياسة المتبعة منذ 5 سنين؛ لذلك أجدني غير قادرة على التصويت عليه بصيغته الحالية .

المصدر : الماسة السورية/ الجمل


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة