دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كسابقاته من الاتفاقات، من المتوقع أن تعاني الأطراف الضامنة لاتفاق «مناطق تخفيف التوتر» على مسار نحت تفاصيله، وحلحلة العقد التي تراكمت من دون حلّ طوال سنوات الحرب. ويبدو أن العقدة الأولى التي ستكون مثار جدل واسع، هي «حظر الطيران» فوق تلك المناطق، الذي لقي «اعتراضاً» أميركياً سريعاً
دخل اتفاق «مناطق تخفيف التوتّر» الموقّع من ضامني محادثات أستانا، منذ منتصف ليل أمس، حيّز التنفيذ. سرعة إنفاذ مذكّرة الاتفاق على الأرض تتوافق مع سرعة إقراره بعد يوم واحد على الكشف رسميّاً عنه.
وبينما لا تزال آلية تطبيق بنوده الخاصة بتفاصيل المناطق ومتعلقاتها، بدأ العمل أصلاً بـ«حظر طيران» متفق عليه من قبل الموقّعين، وحظر «مفروض» على بقية الأطراف العاملة ضمن الأجواء السورية. إذ سارعت موسكو إلى التأكيد أن أجواء المناطق المعنيّة بالاتفاق ستكون مغلقة أمام طائرات «التحالف الدولي»، في خطوة تبدو كمحاولة لضبط أمان تلك المناطق من احتمال ضربات جوية «مجهولة المصدر» وغير متبنّاة، سبق أن شهدتها مواقع متعددة في سوريا. وقال رئيس الوفد الروسي إلى «أستانا» الكسندر لافرنتيف، إن «عمليات الطيران في مناطق تخفيف التصعيد، وخصوصاً طائرات قوات (التحالف) ليست واردة إطلاقاً، سواء بإنذار مسبق أو من دونه. هذه قضية محسومة». وهو ما أوضحت وزارة الدفاع الروسية أنها التزمته منذ مطلع أيار الجاري.
وفي المقابل، تركت روسيا الباب مفتوحاً للعمل فوق مناطق سيطرة تنظيم «داعش»، وهو ما قد يترجم بتصعيد على الأرض ضد التنظيم، على غرار ما شهدته الأيام التي تلت «هدنة أستانا» الماضية. وفي خلال ساعات قليلة، خرجت الولايات المتحدة لتؤكد أنها ستتابع عملياتها الجوية ضد تنظيمي «داعش» و«القاعدة» في سوريا «أينما وجدا».
لم تُحدَّد الدول التي سترسل مراقبيها إلى مناطق تخفيف التوتر
الاتفاق الذي ينتظر استكمال تفاصيله من خلال تشاور الموقّعين عليه، جاء وفق موسكو، عبر جهد كبير مسبق مع الدول المعنية في المنطقة، وعلى رأسها أنقرة وإسرائيل. وفي هذا السياق، أوضح نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين، أن بلاده قامت «بعمل كبير مع القيادة السورية وقادة فصائل المعارضة المسلحة لإقناعهم بضرورة اتخاذ إجراءات عملية لوقف التوتر»، مشيراً إلى أنه جرى التنسيق حول الاتفاق مع 27 من قادة الفصائل المسلحة.
وبدوره كشف لافرنتيف أن صياغة نظام الرقابة على وقف إطلاق النار «لم تكتمل بعد»، و«لم تُحدَّد بعد الدول التي سترسل مراقبيها إلى مناطق تخفيف التوتر»، موضحاً أن من المحتمل أن يشارك الأردن في عملية الرقابة «ولا سيما بوجود منطقة منضوية تحت الاتفاق على حدودها». ولفت إلى أن التفاصيل الأخرى ستدرس بحذر، خاصة مسألة مراقبة «الهدنة» ومعاقبة مرتكبيها. غير أن وزارة الدفاع، وعلى لسان نائب رئيس إدارة العمليات العامة في هيئة الأركان، الفريق ستانيسلاف حجي محمدوف، أوضحت أنه في حال حصول انتهاكات «سيُجرى تحقيق دقيق، ووفق نتائجه سيُتَّخَذ القرار، ومن غير المستبعد قمعها بالوسائل النارية». ولفتت إلى أن «الجهود الرئيسية ستركز على تشكيل فريق عمل مشترك معني بتخفيف التوتر، ووضع خرائط المناطق الآمنة والعازلة، وتنسيقها مع الشركاء».
وفي تفاصيل الاتفاق، فإن «مناطق تخفيف التوتر» ستشمل أراضي تابعة لثماني محافظات سوريّة، ولا تشمل المذكرة محافظتي دير الزور والرقة التي يوجد فيهما تنظيم «داعش». وكما تبيّن المذكرة فإن المناطق المضمّنة في الاتفاق هي، في إدلب وريف حماه وأجزاء من ريف اللاذقية، وفي ريف حمص الشمالي، وفي غوطة دمشق الشرقية، وفي المنطقة الجنوبية (درعا والقنيطرة). وبدا لافتاً أن منطقتي القابون وبرزة لا يشملها الاتفاق الأولي كجزء يتبع لمنطقة الغوطة الشرقية، غير أن من المحتمل أن تدخل ضمن الاتفاق في مراحل لاحقة، تسبق رسم الخرائط التفصيلية.
وتوضح المذكرة أن هذا الاتفاق والمناطق المقررة «إجراءات مؤقتة مدتها ستة أشهر»، وقابلة للتمديد بموافقة الضامنين. ويجب على الضامنين عقب أسبوعين على توقيع المذكرة، تشكيل «مجموعة عمل» تهدف إلى رسم حدود المناطق ومعالجة قضايا تقنية، والانتهاء من رسم الخرائط النهائية التي تحدد «فصل المعارضة عن الإرهابيين» بحلول الرابع من حزيران المقبل، على أن تُنشأ «مناطق أمنية» طول حدود «مناطق تخفيف التوتر»، تتضمن حواجز ونقاط مراقبة، بغية تجنب أي حوادث أو مواجهات بين الأطراف المتنازعة.
وفي معرض ردود الفعل على الاتفاق، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن حماسته إزاء الخطة الروسيّة، غير أنه أشار إلى أنه يجب أن يفضي إلى «تحسين حياة السوريين». ومن جانبه، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في أثناء زيارة لواشنطن إن «المملكة تؤيد إقامة مناطق آمنة» في سوريا، غير أنها ترغب في «الاطلاع على تفاصيل أوفى».
كذلك، رحّب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، معتبراً أن «جميع الخطوات لإعادة تأسيس وقف كامل وفعال للأعمال القتالية، برعاية روسيا وتركيا وإيران، مرحّب بها». أما باريس، فقد طالبت بـ«متابعة دولية» للاتفاق، موضحة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية أنها «تنتظر ترجمة هذه الالتزامات على أرض الواقع».
وعلى صعيد آخر، أشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أنها ستبحث في أقرب وقت مع عسكريين أميركيين، العودة إلى المشاركة الكاملة في مذكرة التفاهم حول ضمان سلامة التحليقات في أثناء العمليات العسكرية داخل أجواء سوريا.
المصدر :
الماسة السورية/ الأخبار
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة